متأهلو نهائيات جائزة إكس ينظرون في نقل حمولات إلى القمر
التجارب العلميّة تحتلّ مكانة ثانويّة بالنسبة إلى الأهداف التجارية لخمس فرق تخطط للإقلاع إلى القمر
بقلم: دانيال كليري
ترجمة: إبراهيم عبد الله
قبل ثلاث سنوات، قابل أوديد أهرانسون Oded Aharonson-اختصاصي علوم الكواكب في مؤسسة وايزمان للعلوم Weizmann Institute of Science- ثلاثة مهندسين مهووسين بالفضاء يصممون مهمة للذهاب إلى القمر بميزانية مُخفّضة. وبدعم مالي من مجموعة من الشركات والمؤسسات والجامعات، هذا كان الثلاثي ينافس على جائزة غوغل إكس القمريّة Google Lunar XPrize الكبرى بقيمة 20 مليون دولار، والتي تطرح تحديا موجها إلى الفرق الممولة تمويلا خاصا في أن تكون أول من يهبط على القمر، وتتحرك مسافة 500 متر، وترسل صورا ومقطع فيديو. عدا ذلك، لم يتعدِّ طموح المهندسين حدودَ حفلة في ميدان مركزي في العاصمة.
لكن، بالنسبة إلى أهرانسون، كانت هذه فرصة لا تُفوّت، فقال لهم: “يجب عليكم بذل المزيد. ويجب أن يتحول هذا إلى إرث فكري.” ويقول أيضا إنهم “اقتنعوا” بعد عدّة محادثات كهذه. فمخططات الحفلة لا زالت قائمة، لكن الفريق SpaceIL لديه الآن عالِم مهمة -أهرانسون- ومركبته ستحمل جهاز استشعار خفيف الوزن لرسم خريطة المجال المغناطيسي للقمر.
لم يكن العلم قطِّ الدافع الأساسي للجائزة XPrize، التي ستصل إلى مرحلة رئيسية في نهاية هذا الشهر. فقط تلك الفرق التي لديها عقود موقعة لإطلاق مركباتهم الفضائية قبل نهاية 2017 سيُسمح لها بالبقاء في المنافسة. ومن بين الفرق التجارية الست عشرة المشاركة، أكد مسؤولو الجائزة XPrize على إقلاع أربعة منها فقط، بما فيها الفريق SpaceIL. أما الفريق الخامس -فريق علماء بدوام جزئي Part-Time Scientists، وهو فريق ألماني أسسه باحثون دخلوا المنافسة بداية إضافة إلى عملهم الصباحي، فلا يزال ينتظر تأكيد حصوله على عقد لحجز إقلاع مركبته.
الهندسة هي التي ستحدد الفائز النهائي بالجائزة، المُصممة على غرار جائزة أنصاري إكس Ansari Xprize التي مُنحت في عام 2004 لدعم رحلات الفضاء المأهولة رخيصة الثمن. فالهدف من سباق الوصول إلى القمر والتجول على سطحه وإرسال بيانات إلى الأرض هو تبنّي الوصول إلى القمر بتكلفة رخيصة، بحيث تتمكن الوكالات الصناعية والحكومية من البحث عن المعادن أو بناء منتجعات لسيّاح الفضاء. مع ذلك، ومن خلال فعل هذا، سيستفيد العلم، كما يقول أندرو بارتون Andrew Barton مدير الجائزة ومسؤول العمليات التقنيّة في كولفر سيتي بكاليفورنيا. فالتحرّك على السطح، والتواصل مع الأرض، هي تقنيات أساسية للعديد من المهمات العلمية في المستقبل. ويشير أيضا إلى أن المسابقة تُقدم جائزتين إضافيتين هما علميتان جزئيا على الأقل. وتتطلّب الجائزةُ الإضافية لاكتشاف الماء (4 ملايين دولار) من الفرق اكتشافَ الماء على السطح بشكل واضح، ونشر ورقة بحثية تخضع لمراجعة الأقران لإثبات ذلك. فكما يقول بارتون: “رُصد وجود الماء من المدار، لكن لم يقم أحد بقياس مادي على السطح حتى الآن.” أما بالنسبة إلى جائرة أبولو هيراتيج الإضافيّة Apollo Heritage Bonus Prize ـ(ـ4 مليون دولار)، فيتعين على الفريق أن يبث مقطع فيديو وصورا من أحد مواقع هبوط مركبة أبولو الفضائية، ويقول بارتون إن بيانات حول التعرية التي تعرضت لها مركبات مركبة أبولو على سطح القمر قد تكون لها قيمة علميّة.
ولم يعلن أحد من المتأهليّن المحتملين عن نيّته البحث عن ماء. وقد يعود ذلك إلى أنهم سيعثرون عليه غالبا في فوهات البراكين القابعة في الظل بشكل دائم في القطبين، وهي مناطق يصعب على المركبات الفضائية العاملة بالطاقة الشمسيّة الوصول إليها. وليس من السهل كذلك فحص آثار أبولو. والهبوط على القمر غير دقيق؛ لذا فإن أقرب موقع لمركبة أبولو قد يكون أبعد بكثير من مجال المركبات المتواضعة للفرق المتنافسة. وتخاطر عمليات الهبوط القريبة بإلحاق الضرر بمواقع ذات أهميّة تاريخيّة، بفعل نفثات الصاروخ الكابح أو التصادم المباشر.
لكن، يخطط فريق علماء بدوام جزئي لمحاولة القيام بذلك. إذ يعتقد الفريق أن مركبته -المطوّرة بالاشتراك مع شركة أودي للسيارات- تمتلك المدى الضروري للقيام بذلك. فيقول كارستين بيكر Karsten Becker -المسؤول التقني الرئيس للإلكترونيات في الفريق- إنهم يريدون الاقتراب من مركبة أبولو 17 القمرية، المصنوعة من مواد، من ضمنها الألمنيوم والفايبرغلاس والنايلون والشريط اللاصق. ويتساءل: “ما الذي جرى عليها بعد 45 عاما في البيئة الفضائية؟ هل هي كالجديدة أم تقطعت إربا بفعل النيازك الدقيقة؟” وقد يسعى الفريق إندوس Team Indus من الهند خلف جائزة مالية أقل، مليون دولار، من خلال زيارة موقع هبوط مركبة تشاينا تشانغ 3 China’s Chang’e 3 -مركبة غير مأهولة ومركبة يوتو روفر Yutu rover، التي ظلت عاملة مابين عامي 2013 و2014.
وعلى الرغم من أن الجوائز الإضافية لم تقدح حماسا جماعيا للاشتغال بالعلم، إلا أن أغلب المتأهلين النهائيين قد أجروا تجربة أو عدّة تجارب. فيهدف مقياس المغناطيسية للفريق SpaceIL إلى الإجابة عن سؤال من أين يتولد المجال المغناطيسي للقمر. فهل هو بقايا مجال قديم كوّنه لب الحديد المصهور كما في المجال المغناطيسي الأرضي، الذي حُبس في صخور سطحه عندما تجمّد اللب؟ أم إنه نابع من كويكبات غنية بالحديد تُنتج مجالات مغناطيسية من طاقة تصادمها؟ حالما تجوب مركبة الفريق SpaceIL القمر وتتحرك عبر سطحه، سيبحث المقياس المغناطيسي عن روابط بين تغيّرات المجال المغناطيسي ومواقع الاصطدام. ويقول أهرانسون: “قد لا تحسم المهمة الإجابة عن السؤال بصورة نهائية، لكننا سنُحرز تقدّما.”
ويقيم فريق مُتأهّل آخر، الفريق Team Indus، منافسة للشباب اليافعين -25 سنة وأقل- لابتكار تجارب قد تشير إلى طريقة لإقامة مستوطنات مستدامة على القمر. فقد انبهر الفريق من 3000 مشاركة من كل أنحاء العالم، بما فيها تجارب حول نمو النبات والنمو الميكروبي، ومقترحات لبناء مباني قمريّة ودروع إشعاعيّة، وحتى محاولة صنع البيرة على القمر. وقد قلّص الفريق المجال مؤخرا إلى قائمة قصيرة من 25 مجموعة، وعلى هذه المجموعات الآن تصميم نموذج أوليّ يجب أن يكون بحجم علبة صودا ويزن أقل من 250 جراما. وفي مارس 2017، سيتم اختيار عدد يصل إلى ثماني تجارب لتطبيقها.
أما الفريق Moon Express فسينقل بضع حمولات: عواكس ليزر رجعيّة من مجموعة من جامعة أمريكية-إيطالية لقياس المسافة بالضبط بين الأرض والقمر لدراسات الجاذبية، وتليسكوب بصري بقطر 7 سنتميترات للجميعة الدولية للمَرْصَد القمري International Lunar Observatory Association، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى إظهار قوة الرصد في السماوات الصافية دوما والخالية من الهواء. وسيكون التليسكوب مُتاحا لـ”العلماء المواطنين” Citizen scientists.
ويهدف الفريق Synergy Moon -فريق عالمي مقره في كاليفورنيا بسان فرانسيسكو- إلى مزج العلوم بالفنون، ربما باستخدام آلة عرض هولوغرافي ستعرض لوحات فنيّة على القمر. ويقول الفريق إنه سيدرس العرية على سطح القمر، وطبيعة الغلاف الجوّي الرقيق فوق سطح القمر، باستخدام روبوتات بالغة الصغر مستقلّة بذاتها سمّوها العناكب والفراشات القمريّة. وقد تكون هذه لوحات فنيّة أكثر منها أدوات، كم تقول تدوينة في مدونة الفريق: “ستُبرمج كذلك على أن تسلك سلوك السرب، لتكوين أشكال هندسية عشوائية وأنماط مُلونة.”
عموما، من الأفضل عدم توقّع نتائج مهمة للعلم، كما يقول مايك رافين Mike Ravine، مدير مشروع لدى شركة أنظمة مالين لعلوم الفضاء Malin Space Science Systems في سان دييغو بكاليفورنيا، التي تُصنِّع الأدوات لمهمات ناسا المريخيّة. ففي عام 2000، حاول رافين الحصول على تمويل مهمة إقلاع خاصة إلى القمر من شركة بلاست أوف! Blast- Off! Corporation. فقد فشل المسعى، لكن ذلك علّمه صعوبة محاولة الاشتغال بالعلوم ضمن إطار مهمة ذات سعر مخفّض. ويقول إنه لو نجحت فرق مسابقة الجائزة XPrize “لكان استخراج قيمة علميّة ما منها أمرا عظيما. إلا أن هذا مطمح عالٍ جدا.”
The ©2016 American Association for the advancement of Sciences. All right reserved.