هل حقاً هناك ثلاثة أبعاد فقط؟
بقلم: ستيوارت كلارك
ترجمة: همام بيطار
عى العديد من نظريات الفيزياء إلى إيجاد فضاء بأبعاد أكثر من ثلاثة. وإذا كانت موجودة، فلا بد حينها من أننا ندركها على هيئة شيء آخر.
نعم، إنها أربعة أبعاد، فالزمن يُعتبر بعداً بصرف النظر عن اتجاهه الوحيد فقط (انظر: ارتياب كوني: هل يجري الزمن في كلا الاتجاهين؟). لكن طالما اعتقدنا باحتمال وجود أبعاد مكانية، غير تلك التي تعوّدنا عليها: أعلى-أسفل ويمين-يسار ونحو الداخل-ونحو الخارج، عند المقاييس الكبيرة.
في القرن التاسع عشر، اقترح عالم الرياضيات البريطاني تشارلز هوارد هينتون Charles Howard Hinton أنّ ما نُدركه على أنها أجسام مختلفة تتحرك بالنسبة إلى بعضها البعض يُمكن التفكير فيها على أنها أجسام صلبة ووحيدة موجودة داخل فضاء من أربعة أبعاد تعبر داخل كوننا ثلاثي الأبعاد.
ولفهم ما يقوله، تخيل كيف ستبدو الكرة عند رصدها أثناء مرورها عبر صفيحة ثنائية الأبعاد -ستظهر حينها على شكل دائرة بنصف قطر يتمدد ومن ثمَّ يتقلص بمرور الزمن (انظر: المشاهدة من أرض مسطحة).
إنّ إضافة أبعاد إضافية إلى الكون هي أمر بسيط -على الورق على الأقل، فكل ما أنت بحاجة إليه هو حدود إضافية لنظام الإحداثيات الخاص بك. وحينها يصبح السؤال: كيف نُدرك تلك الأبعاد؟
استخدم آينشتاين فكرة بعد إضافي شبيه بالمكان في معادلات النسبية العامة لتفسير كيفية حني الكتلة للزمكان Space-time. نحن لا نُدرك هذا البعد بشكلٍ مباشر، وإنما نشعر به على شكل تسارع، ونُفسره على أنه قوة الجاذبية.
يرفض بعض علماء الفيزياء وبشدة وجوب وجود أبعاد فيزيائية إضافية غير تلك التي بإمكاننا رؤيتها؛ ففي نظرية الأوتار String theory التي لا تزال تُمثل الطريقة الأكثر شعبية التي اختارها الفيزيائيون لتمهد الطريق نحو نظرية موحدة تجمع بين الجاذبية وقوى العالم الكمي، يبلغ عدد الأبعاد المكانية 10 على الأقل. وهذا الأمر يُقدم للفيزيائيين مجالا كافيا للتحرك بما يسمح لهم بمحاولة تفسير كل القوى الموجودة في الطبيعة معاً، لكنه لا يشرح مكان وجود هذه الأبعاد الإضافية.
وللأبعاد الإضافية بعض النتائج الغريبة أيضاً، فهي تؤدي -على سبيل المثال-إلى تأكيد فكرة وجود كون متعدد Multiverse مؤلف من أكوان منفصلة وموجودة بجوار بعضها البعض. ولا يحب الجميع هذه الفكرة، إذ يقول عالم الفيزياء إيريك فيرلايند Erik Verlinde من جامعة أمستردام University of Amsterdam بهولندا: «لست من معجبي صورة الكون المتعدد؛ فالأكوان التي ليس بإمكاننا التواصل معها ليست بهذه الأهمية للحديث عنها. أعتقد أننا سنكون سعداء فيما لو تمكنا من شرح الكون الذي نحيا فيه.»
يعمل فيرلايند على تطوير وصف كمّي للفضاء والجاذبية بهدف استبدال زمكان آينشتاين السلس والمستمر. ووفقاً لتصوره، فإنّ لبنات البناء الأساسية والمصنوعة من المعلومات الكمية تصبح متشابكة كمياً بشكلٍ متزايد، وتؤدي إلى خلق ما يظهر لنا على أنه فضاء مستمرمكون من أبعاد ثلاثة .
لكن لماذا هي ثلاثة؟ يبقى هذا السؤال مفتوحا؛ ويُضيف فيرلايند: «يُمكن دمج الكثير من تلك الأفكار في فضاء مكون من بعدين أو ثلاثة أو أربعة، أو حتى أكثر، ولذلك ليس لدي سبب مباشر يفسر سبب وجود ثلاثة أبعاد فقط؛» وإلى أن يأتي شخص ما يُخبرنا بذلك، فإن الحكايات عن أبعاد أخرى غير تلك التي نراها ربما لا تكون حمقاء في نهاية المطاف.