موجات الجاذبية قد تُلمّح إلى وجود أبعاد إضافية
بقلم: ليا كرين
ترجمة: بي أوبن ميديا
يمكن أن تظهر علامات على وجود الأبعاد الإضافية – التي لا تؤثر عادة في أبعادنا الأربعة المرصودة ـ في الطريقة التي تطوي بها التموجات في الزمكان.
يمكن للأبعاد الخفية أن تسبب تموجات في الواقع عن طريق تعديل موجات الجاذبية -وقد يساعد اكتشاف آثار هذه الأبعاد الإضافية على حل بعض من أهم ألغاز الكون.
لطالما تساءل الفيزيائيون عن سبب ضعف قوة الجاذبية إلى هذه الدرجة مقارنةً بالقوى الأساسية الأخرى. و قد يرجع هذا إلى تسرب جزء منها إلى أبعاد إضافية تتجاوز الأبعاد المكانية الثلاثة التي نخبرها.
بعض النظريات الساعية إلى شرح كيفية تداخل تأثيرات الجاذبية والتأثيرات الكمومية، مثل نظرية الأوتار String theory، تتطلب وجود أبعاد إضافية عادة ما تنتشر الجاذبية خلالها. ومن ثمَّ، فإن العثور على أدلة تؤكد وجود هذه الأبعاد الخارجية يمكن أن يساعد في توصيف الجاذبية بدقة أكبر، أو إيجاد وسيلة تُوحِّد الجاذبية وميكانيكا الكم-ويمكن أيضاً أن تُلمِّح إلى تفسير لتسارع تمدد الكون.
لكن اكتشاف أبعاد إضافية يمثل تحديا. فأي بعدٍ موجود سيكون حتماً شديد الصغر لتجنب إحداث تأثيرات واضحة في حياتنا اليومية. فقد كانت الآمال – وما زالت – معقودة على ظهورها داخل معجَل (مسرع) الهدرونات الكبير Large Hadron Collider، إلا أنه لم تُسجل بعدُ أي علامة على ظواهر فيزيائية تتجاوز أبعادنا الأربعة.
لكن أملاً جديداً برز في العامين الأخيرين. ففي عام 2015، رصد العلماء للمرة الأولى موجات الجاذبية، وهي تموجات في الزمكان تنشأ عن حركة الأجسام هائلة الحجم. ولأن الجاذبية من المرجَّح انتشارها خلال كل الأبعاد الموجودة، فإن موجاتها وسيلة واعدة بصورة خاصة للكشف عن أي أبعاد تتجاوز تلك المعروفة لنا.
ويقول غوستافو لوسينا غوميز Gustavo Lucena Gómez، من معهد ماكس بلانك لفيزياء الجاذبيةMax Planck Institute for Gravitational Physics في بوتسدام بألمانيا: “إذا كانت هناك أبعاد إضافية في الكون، فإن موجات الجاذبية يمكنها أن تنتقل خلال أي بعد، حتى الأبعاد الإضافية.”
حاول لوسينا غوميز وزميله ديفيد أندريو David Andriot حساب الكيفية التي يمكن أن تؤثر بها الأبعاد الإضافية المحتملة في موجات الجاذبية المُشاهَدة، وتوصلا إلى تحديد تأثيرين غريبين: موجات إضافية بترددات عالية، وتعديل في الكيفية التي تبسط بها هذه الموجات الفضاء.
لقد وجد الفريق أن انتشار موجات الجاذبية خلال بعد إضافي صغير ينبغي أن يولد “برجاً” Tower من موجات الجاذبية الإضافية بترددات عالية تتبع توزيعاً منتظماً.
غير أن المراصد الحالية لا يمكنها رصد ترددات عالية إلى هذه الدرجة، وأغلب المراصد المخطط لها تركز على رصد الترددات المنخفضة.
لذا، فإنه في الوقت الذي قد تنتشر فيه هذه الموجات الإضافية في كل مكان، إلا أنه من الصعب اكتشافها.
ربما يكون التأثير الثاني للأبعاد الإضافية أكثر قابلية للرصد، نظراً لأنه يعدِّل موجات الجاذبية “العادية” المُشاهدة، بدلا من إضافة إشارة زائدة.
ويقول غوميز: “إذا وُجدت أبعاد إضافية حقا في كوننا، فإن ذلك قد يمط أو يقلص نسيج الزمكان بطريقة مختلفة لا يمكن لموجات الجاذبية العادية أن تقوم بها أبداً.”
بينما تتموج موجات الجاذبية عبر الكون، فإنها تبسط الفضاء وتقبضه بطريقة محددة جداً، الأمر الذي يشبه شدِّ شريط مطاطي: يطول القطع الناقص الذي يكوِّنه الشريط في اتجاهٍ ويقصر في الآخر، ثم يعود إلى شكله الأصلي عند تحريره.
لكن الأبعاد الإضافية تضيف طريقة أخرى تغيِّر بها موجات الجاذبية شكل الفضاء، ويطلق عليها “وضع التنفس” Breathing mode، فمثلما يحدث للرئتين أثناء التنفس، يتمدد الفضاء ويتقلص عند مرور موجات الجاذبية عبره، إضافة إلى انبساطه وانقباضه. ويقول غوميز: “باستخدام المزيد من أجهزة الرصد، سنتمكن من معرفة ما إذا كان وضع التنفس يحدث فعلاً أم لا.”
ويقول إميليان دوداس Emilian Dudas، من مدرسة البوليتكنيك École Polytechnique في فرنسا: “الأبعاد الإضافية موضوع يخضع للمناقشة منذ مدة طويلة ومن وجهات نظر مختلفة، وقد تكون موجات الجاذبية منعطفاً جديداً في البحث عن الأبعاد الإضافية.” ففي حين أن كشف “برج” موجات الجاذبية عالية التردد، سيشير بوضوح إلى وجود أبعاد إضافية، إلا إنه من الممكن في المقابل تفسير “وضع التنفس” باستخدام نظريات جاذبية أخرى غير قياسية.
يقول دوداس: “هي على الأرجح ليست علامة فريدة، لكن الأمر سيكون مثيراً جداً.”