وقت عصيب لبيتكوين أثناء فرصتها الأخيرة للانتشار
بقلم: تيموثي ريفيل
ترجمة: روان دشتي
تقف بيتكوين على مفترق طرق. أحدهما يجعل استخدام بيتكوين بسهولة استخدام بطاقة الائتمان، والآخر مستقبله غامض. فهل يمكن لمستخدميها الاتفاق على مستقبلها؟
لمدة تقترب لعقد من الزمن سُوِّقت بيتكوين Bitcoin كعملة المستقبل، لكن بالنسبة إلى معظم الناس فإنها بقيت كذلك- عملة مستقبلية وليست عملة حالية. وعرقلت المشكلات التقنية تبنّيها في التيار العام.
ولكن الآن، إصلاح بسيط لإحدى مشكلات بيتكوين الأكثر تعقيدا قد يُمهّد الطريق أمام هذا التبني، مما يجعل استخدام البيتكوين اليوم بسهولة بطاقة الائتمان في محفظتك.
هذا إذا وافقت الشبكة اللامركزية لمستخدمي البيتكوين على هذه الفكرة ووجدوها جيدة. لكن مجتمع بيتكوين يعيش حالة صراع مع نفسه. فالبعض يريد إبقاء خصوصية العملة لتستخدم فقط لإرسال الأموال عبر الحدود أو شراء السلع من السوق السوداء على الإنترنت.
«هناك أشخاص في فريق التنمية الأساسي ذوو أصوات عالية مسؤولون عن وقف تقدم بيتكوين، فالوضع مجنون فعلا،» كما يقول أوليفييه جانسنس Olivier Janssens، أحد مستثمري بيتكوين.
حشد الزخم
على الرغم من المسار الوعر، استمرت بيتكوين بالارتفاع في السعر، ويشير المستخدمون إلى إمكانية أن تصبح بديلا صالحا للاستخدام في التيار العام بدلا من العملات التقليدية. فلماذا نحن عند مفترق الطرق هذا، وهل سيؤدي إلى استخدام بيتكوين لدفع الإيجار وشراء القهوة – أم إنه سيدفع هذه العملة الإلكترونية للبقاء في هذا الغموض الدائم؟ في عام 2008عندما قُدمت البيتكوين لأول مرة، كان الوعد هو أن تصبح شيئا يمكن أن يستخدم لشراء كل ما تريد، دون الحاجة إلى البنوك (انظر: ما هو العظيم جدا في بيتكوين؟). وبعد ما يقرب من 10 أعوام على بيتكوين، أصبحت أكبر عملة رقمية في العالم. إذ ارتفعت قيمتها السوقية وكذلك عدد المستخدمين (انظر: الرسم البياني)، كما ازداد متوسط عدد المعاملات. ولكن في الآونة الأخيرة، توقف نمو العملة قليلا. ففي أيامها الأولى، كانت معاملات بيتكوين مجانية وتتطلب نحو 10 دقائق لتتم. أما الآن، فيدفع الناس في المتوسط أكثر من دولار واحد لكل معاملة إلى “عمال المناجم” الذين يخلقون البيتكوين ويُتمّون المعاملات على الشبكة الإلكترونية، ويمكن أن تنتظر لساعات أو أيام لتحصل على تأكيد المعاملة.
ويرجع هذا التأخير إلى ارتفاع عدد المستخدمين. فشبكة بيتكوين يمكنها أن تدعم على الأكثر سبع معاملات في الثانية الواحدة.
قارن ذلك بباي بال Paypal الذي يدعم 100 معاملة في الثانية بالمتوسط - أو فيزا التي عادة ما تدعم نحو 4000، ويمكنها أن تدعم أكثر من ذلك بكثير في أوقات الذروة.إذا أرادت بيتكوين أن تبقى في المنافسة، فإنها تحتاج إلى خفض الرسوم وتسريع عملية إتمام المعاملات. قلة قليلة من الناس ستدفع دولارا واحدا لاستخدام بيتكوين لشراء كوب قهوتهم الصباحية، وهذا الرقم سينخفض إلى لا أحد إذا كان عليك إلى انتظار يوم كامل ليتم الدفع.
منذ فترة طويلة وبيتكوين بحاجة إلى ترقية، ولكن من الصعب البت في أفضل طريقة للقيام بهذا التغيير. بحكم التعريف، فشبكة بيتكوين ليست تحت أي سيطرة مركزية.
لذلك، فإن أي قرار لإجراء تغييرات كبيرة يتطلب توافق الآراء بين مستخدمي العملة. وفي هذه اللحظة، يبدو أن ذلك بعيد المنال.ويدور الآن الجدل حول تغيير البرمجيات التي تكافح الآن للتعامل مع زيادة شعبية بيتكوين. وكل ذلك يتلخص في سطر بسيط من التعليمات البرمجية في برنامج شبكة بيتكوين يحدد الحد الأقصى لعدد المعاملات المسموح بها على مدى 10 دقائق تقريبا إلى 1 ميغابايت. إذ إن تحميل أكثر من هذا الحجم من المعاملات في الشبكة ينتج منه قائمة انتظار للمعاملات الجديدة أو دفع رسوم أعلى لدفع المعاملة إلى أعلى قائمة الانتظار. يبدو أن هناك حلا واضحا: لماذا لا يرفع الحد المحدد بـ 1 ميغابايت فقط؟ في عام 2015، حاولت مجموعة من المطورين بقيادة مايك هيرن Mike Hearn، الذي ترك وظيفته في غوغل ليصبح مطور في شبكة بيتكوين، أن يفعلوا ذلك. فقد أنشأ هيرن نسخة جديدة من البرنامج الذي يشغل شبكة بيتكوين وغير الحد إلى 8 ميغا بايت.
وأشعل التحديث غضب المستخدمين. فإحدى المشكلات هي أن البرنامج الجديد لم يكن متوافقا مع التطبيقات القديمة، لذلك فعند تفعيل هذا التحديث، قد يطرد أي شخص يستخدم النظام القديم من الشبكة.
وكانت هناك اعتراضات أساسية أيضا.
فقد عبّر العديد من المستخدمين عن قلقهم من أنه إذا زاد حجم الشبكة، فإن المستخدمين سيحتاجون إلى قدرة حاسوبية أكبر وسرعة إنترنت أعلى ليظلوا جزءا من الشبكة. وخشي بعض الناس من أن هذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى زيادة المركزية لأن وحدها “مجموعات التنقيب” الأقوى يمكن أن تظل نشطة.
هبوط الأسعار
وبحلول عام 2016، كان من الواضح أن محاولة هيرن لزيادة حد الـ1 ميغابايت قد فشلت. ونتيجة لذلك، باع هيرن حصته من البيتكوين وتوقفت مشاركته مع العملة. وبعد ذلك بيومين، انخفضت قيمة بيتكوين بنسبة %15 تقريبا.
وقد استمرت مشكلة كيفية زيادة حجم الشبكة دون حل إلى أن اكتسب حلٌ بديل شهرةً واسعة، ولاحظ مستخدمو بيتكوين الفرق. الشاهد المنفصل Segregated Witness أو سيغويت Segwit، هي مجموعة من التحسينات التقنية لشبكة بيتكوين التي تسمح للمستخدمين بالاحتفاظ بالكعكة وأكلها أيضا: إذ إنه يوفر وسيلة لزيادة فعالية الـ 1 ميغابايت دون تغييرها فعليا.
الحيلة هي أن سيغويت يزيل بعض البيانات المتضمنة في كل معاملة ويخزّنها في مكان آخر. وإعادة التنظيم هذه تزيد فعالية الحد إلى أربعة أضعاف. ومع ذلك، فإنه متوافق مع التطبيقات القديمة. وسيظل المستخدمون قادرين على تشغيل الإصدارات القديمة من برنامج بيتكوين. ولن تحتاج إلى أربعة أضعاف قوة المعالجة الحالية الانضمام إلى نادي بيتكوين.
وقد تزايدت شعبية سيغويت ببطء منذ إطلاقه في أكتوبر من العام الماضي، ويحظى الآن بدعم نحو %30 من شبكة بيتكوين – مقارنة بـ %15 الحد الأقصى الذي حصل عليها حل هيرن لزيادة حجم الشبكة 8 ميغابايت. وإذا وصل الدعم إلى %95 وبقي كذلك لمدة أسبوعين، فسيُفعّل سيغويت.
هذا قد يبدو منالا بعيدا، ولكن قد يكون هناك رابح مفاجئ في هذا السباق. فهناك عملة رقمية أخرى تسمى لايتكوين Litecoin ستطرح في أعتاب طرح سيغويت.
برنامج لايتكوين مطابق تقريبا لبيتكوين، ولكن القيمة الإجمالية للعملة نحو 500 مليون دولار أي نحو جزء من 40 من البيتكوين. إذا كان أداء سيغويت جيدا على لايتكوين، «فسيلاحظ المستخدمون ذلك،» كما يقول غسان كارامي Ghassan Karame من مختبر NEC للبحوث في هايدلبرغ بألمانيا. وبعبارة أخرى، إذا نجحت الترقية بالنسبة إلى لايتكوين، فإنها ذلك سيزيد من دعم بيتكوين بسرعة ليصل إلى الـ %95 المطلوبة. وإذا سهّلت سيغويت استخدام المزيد من الناس العملةَ الرقمية، فستغدو متاحة للجمهور. ومن بين التحسينات المقترحة من قبل سيغويت أيضا هي تسهيل المسار لإدراج نظام يسمى شبكة البرقLightning Network. فهذا النظام يسمح لأي معاملة دورية – على سبيل المثال، أجرة الحافلة اليومية – أن تُدفع كفاتورة شهرية بدلا من دفعها في كل مرة. وسيخفض ذلك من الرسوم لأن المستخدمين لن يكونوا بحاجة إلى أن يدفعوا مقابل كل معاملة، فقط مجموع المعاملات. ويقول المدافعون عن هذا التطوير أنه يمكن أن يُحوِّل بيتكوين إلى عملة يومية، ويقدم آلية لاستخدام بطاقات الائتمان للبيتكوين، ويساعد على تحويل بيتكوين إلى منافس موثوق به لأمثال فيزا وباي بال، مع القدرة على معالجة الملايين إلى البلايين من المعاملات في الثانية الواحدة.
ولكن يجب أولا حل المأزق. يقول جانسنس: «في الوقت الحالي، بيتكوين في مأزق. إذا لم تتغير الأمور قريبا، ستبدأ بيتكوين بفقد أهميتها.»
ومن الغريب أن هذا قد يكون بالضبط ما يفضله بعض أعضاء الشبكة. فبعض المستخدمين بالفعل يحصلون على مبلغ كبير من المال جراء ذلك، وإطلاق بيتكوين كجزء من الحياة العامة يمكن أن يفقدهم ذلك.
إحدى المجموعات التي تستفيد بشكل غير متناسب من الوضع الحالي هي “عمال المناجم” الذين يخلقون البيتكوين. التعدين مربح بشكل أكبر عندما يضطر أعضاء شبكة بيتكوين إلى دفع رسوم للمعاملات – المزيد من الرسوم تترجم إلى المزيد من المكافآت للبيتكوين من إجراء المعاملات. «إذا قال المستخدمون إن التجزئة ليست هي الطريق المناسب، فيمكن أن تتجه العملات الرقمية الأخرى إلى هذا الاتجاه بدلا من بيتكوين.» وكما يقول أندرياس أنتونوبولوس Andreas Antonopoulos، مضيف بودكاست “دعونا نتحدث بيتكوين” Let’s Talk Bitcoin podcast.
ومع ذلك، إذا قادت سيغويت لايتكوين إلى النجاج كعملة تجزئة، فإنه قد يخرج بيتكوين من السباق. في كلتا الحالتين، فإن قرار لايتكوين بشأن ما إذا كان ستعتمد سيغويت سيحدّد مستقبل بيتكوين. وقد لا تكون البيتكوين مستقبل العملة الرقمية على الإطلاق.
ما هو العظيم جدا في بيتكوين؟
ترجع شعبية بيتكوين لأنها لا تخضع لسيطرة البنوك أو الحكومات. «يمكن لأي شخص أن يرسل الأموال إلى أي شخص آخر في العالم برسوم معاملات تقل عن دولار واحد،” كما يقول يقول أندرياس أنتونوبولوس، مقدم بودكاست” دعونا نتحدث بيتكوين”. ويمكن لأي شخص فعل ذلك – ولكن الجميع لا يفعل (انظر المقال الرئيسي).
العملات الرقمية مثل بيتكوين موجودة فقط كسجلات مخزنة على أجهزة الحاسوب في جميع أنحاء العالم. وقد يبدو ذلك غريبا، ولكن عددا قليلا من العملات التقليدية الآن ترتبط في الواقع بسلع مادية مثل الذهب. فعلى سبيل المثال، معظم الدولار الأمريكي يوجد فقط كسجلات رقمية تحتفظ بها البنوك.
لماذا تثق بأن هذه الأرقام من 0 و1 لها قيمة؟ لأن الحكومات تدعمها، والأطراف الثالثة الأخرى مثل البنوك ومعالجات الدفع مثل فيزا تدعم هذه المعاملات.
ولكن يمكن للحكومات تخفيض قيمة العملة عن طريق طباعة أموال إضافية. وأظهرت الأزمة الاقتصادية عام 2008 أن البنوك لا تعمل دائما بما فيه مصالح العملاء.
ويقول مؤيدو العملات الرقمية إنهم يحلون محل هؤلاء الوسطاء برموز رقمية. والشيء الوحيد الذي تحتاج إليه لإنفاق العملة الرقمية هو معرفة رقم سري مرتبط بمحفظة إلكترونية، وليست هناك أي حاجة إلى دعمها من قبل أي طرف آخر.
إن التحقق ما إذا كانت معاملة بيتكوين مشروعة لا يتطلب تدخل البنك المركزي. وبدلا من ذلك، يحدث ذلك من قبل الشبكة اللامركزية من أجهزة الحاسوب التي يمكن لأي شخص الانضمام لها. ويستند النظام على الرياضيات نفسها التي تشكل الترميز، مما يجعل من الصعب -بشكل لا يصدق- الخداع أو السيطرة دون قدرة كبيرة من القدرة الحاسوبية. يقول أنتونوبولوس: «لقد بُني النظام لمقاومة الاستيلاء العدائي.»
ليس من المستغرب بعد ذلك أنه منذ إنشائها عام 2008، فإن بيتكوين تحولت من كونها مجرد لعبة للقراصنة الرقميين إلى قوة عملاقة تساوي البلايين من الدولارات. كل يوم تُجرى مئات الآلاف من معاملات بيتكوين، بأشخاص يرسلون المال في جميع أنحاء العالم دون وجود رقابة مركزية أو سيطرة من الحكومة.