ماء على القمر
على مر العصور والحضارات أمعن الإنسان بالقمر بعيونه المجردة وحاك العشاق والشعراء ومن بعدهم طلاب العلم الأوائل القصص والخيالات الرومانسية الجامحة في وصفه. والسبب الرئيسي لهذا الخيال البشري الإبداعي هو تفاوت ألوان مناطق سطح القمر كما لو أن هناك مسطحات مائية وبحار وجبال. ولكن هل يوجد ماء فعلاً على سطح الكوكب الدري؟ إلى عهد قريب وحتى بعيد الرحلات الفضائية المتعاقبة والتي توجت بالهبوط على سطح القمر اعتقد الباحثون بأن القمر جرم فضائي يتعذر وجود المياه على سطحه، ولكن جاء عام 2009 ليثبت عكس ذلك. حيث قامت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بإرسال العديد من المسابر الفضائية واستخدمت أحدث أجهزة تصوير التحليل الطيفي في واحدة من أغرب المغامرات الفضائية. حيث إندفع المسبار الفضائي “لاكروس” بسرعة خيالية بإتجاه إحدى الفوهات القمرية وهو يحمل صاروخاً شديد التفجير، وتبع هذا المسبار مباشرةً مسباراً آخراً على بعد دقائق قليلة خلفه. فارتطم لاكروس بسطح الفوهة محدثاً إنفجاراً هائلاً عظيماً أدى إلى تطاير غيوم الأتربة إلى إرتفاعات شاهقة مما أدى إلى دخول المسبار الثاني في قلب هذه العاصفة الترابية حيث قام بإرسال عشرات الألآف من البيانات العلمية في ظرف دقائق إلى مركز إتصالات ناسا عللى الأرض قبل إرتطامه هو الآخر بسطح القمر وتحطمه تماماً. فكانت النتيجة بأن صرح مدير مركز الأبحاث الفضائي بأنه تم العثور على المياه على سطح القمر وبكميات ضخمة ولكنها ليست على شكل بحر أو بحيرة أو حتى بركة موحلة، ولكنها جزء من التكوينات الصخرية في جوف القمر. وكان ما تم العثور عليه في الحقيقة هو مركب الهيدروكسيل HO والذي يتكون من جزيء واحد من الهيدروجين وجزيء آخر من الأكسجين محصوراً داخل بلورات مجهرية مصدرها جوف القمر.
هذا الإكتشاف المذهل بالإضافة إلى أنه وللمرة الأولى يتم إثبات وجود شكل من أشكال الماء خارج كوكب الأرض، فإنه يعطي الأمل بإنشاء قاعدة مأهولة على سطح القمر. ولكن هل يمكن الإستفادة من هذ ا الماء لأغراض الشرب؟ في الغالب الإجابة هي لأ، ولكن يمكن استعمال هذا الهيدروكسيل كوقود للمركبات الفضائية. إذ يقول عالم الفضاء والكواكب البروفيسور لاري تيلور من جامعة تينيسي الأمريكية بأن مركبات الفضاء تستهلك 85% من وقودها فقط للإفلات من الجاذبية الأرضية الهائلة بحيث لا يسمح الوقود المتبقي لمركبات الفضاء بالقيام باستكشاف المجموعات الشمسية البعيدة. ومن هذا المنطلق فإن اكتشاف الماء على القمر سيغير مستقبل برامج إستكشاف الفضاء تغييراً جذرياً لأنه يطرح إمكانية تزويد المركبات الفضائية بالهيدروجين كوقود وتزويدها بالأكسجين لتنفس رواد الفضاء. وفي هذا الصدد يقول البروفيسور تيلور: “إن القمر سيصبح نقطة الانطلاق للكواكب البعيدة كالمريخ”، بمعنى أنه سيصبح محطة وقود وخدمات حيوية للمركبات التي تسبر أغوار الكون السحيق. فهل فعلاً سيصبح القمر ميناء البشر الفضائي ومحطة وقوده، وهل يتحول الكوكب الفضي من رمزٍ للجمال والرومانسية إلى مستودع ومحطة تكون ثروته في غباره وأتربته وصخوره. فقط الزمن وإبداع الانسان والخيال الجامح هو الذي يحدد ذلك.
اشكركم على هذة المعلومات والثقافة فى كلوم الفضاء والكون الرائعة ونشكر كل القائمين على هذا الموقع الاكثر من رائع
لقد كان اصطدام مركبة لاكروس في فوهة كابيوس الواقعة في منطقة القطب الجنوبي القمري . هذا و تعود أولى التلميحات الى وجود ماء على القمر الى أواسط التسعينات مع المركبة كلمنتاين دارت حول القمر عام 1994 ثم مركبة لونار بروسبكتور دارت حول القمر من 1998 الى منتصف 1999 أشارت بيانات هذه المركبات الى وجود الماء في اقطاب القمر على شكل جليد مدفون في الاعماق و هذا ما دفع العلماء في ما بعد الى إطلاق مهمة لاكروس