الثلاثي يركب موجات الجاذبية إلى مجدِ جائزة نوبل
وفاة حائز على التقدير ينزع فتيل الجدل الحاد حول الفائز
هذه صورة لإحدى ذراعي مقياس التداخل لمرصد لايغو LIGO في ليفينغستونLivingston بولاية لويزياناLouisiana ، بعد التعرض الزمني تستحضر مفاهيم موجات الجاذبية (الموجات الثقالية) .Gravitational Waves
نادرا ما يتأسى الفائزون الجدد بجائزة نوبل Nobel Prize أثناء الاستلام. لكن رينر فايس Rainer Weiss، الذي فاز مشاركةً بجائزة نوبل في الفيزياء لعام 2017 لاكتشاف تموجات في الفضاء تسمى موجات الجاذبية (الموجات الثقالية) Gravitational Waves، يقول إنه يشعر بالحرج من الجائزة. ويضيف، الفيزيائي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology (اختصارا: المعهد MIT) في كامبريدج : »إنّ تلقّي المال لشيء كان من دواعي سروري القيام به هو شيء مخجل«. ويؤكّد أنّ الاكتشاف كان أيضا نتيجة عمل أكثر من ألف باحث في مرصد مقياس تداخل الليزر للكشف عن موجات الجاذبية Laser Interferometer Gravitational Wave Observatory (اختصارا: المرصد لايغو LIGO). و أضاف: «أفضل طريقة يمكن أن أفكر فيها في هذا الأمر هو أننا مثال لمجموعة أكبر بكثير من الناس الذين جعلوا ذلك ممكنا.«
وفاز فايس، 85 عاما، بالمشاركة مع كيب ثورن Kip Thorne، 77 عاما، وباري باريشBarry Barish ، 81 عاما، من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا California Institute of Technology (اختصارا: المعهد Caltech) في باسادينا ، لتطوير جهازي عدسات هائلين في مرصد لايغو. واحد في هانفورد Hanford بواشنطن والآخر في ليفينغستون بولاية لويزيانا، حيث يعملان كمساطر لقياس تمدد الفضاء. ومنذ سبتمبر 2015، رصد لايغو موجات الجاذبية في أربع مرات نتيجة اندفاع اثنين من الثقوب السوداء Black Holes في اتجاه بعضهما البعض في دوران مغزلي.
وتؤكد هذه الاكتشافات على تنبؤ عمره قرن من الزمن من قِبل آلبرت آينشتاين Albert Einstein، إضافة إلى فتح نافذة جديدة على الفضاء. ومن ناحية أخرى، تفتح الجائزة نافذة على السياسة القبيحة في بعض الأحيان التي يمكن أن تحيط بجائزة نوبل.
ولم يكن فايس، العابث المنفتح الذي طُرد من الكلية ذات مرة، أوّل من يفكر في استخدام مقاييس التداخل الموجي للبحث عن موجات الجاذبية.
ومع ذلك، فقد أوضح تلك التفاصيل في تقرير في عام 1972 ليصبح أساسا لعمل مرصد لايغو. وصاغ ثورن، الفيزيائي النظري الأكثر تحفظا، الأهداف العلمية لمرصد لايغو.
وفي وقت مبكر اعتقد العديد من علماء الفيزياء أنّ انفجارات السوبرنوفا (المستعر الأعظم) Supernova ستكون هي المصادر الأكثر احتمالا لموجات الجاذبية.
إذ أدرك ثورن أنّ الثقوب السوداء أو أزواج النجوم النيوترونية Neutron Stars التي تدور حول بعضها البعض ستكون أكثر المصادر قوة، وشجّع ثورن العلماء التجريبيين على تصميم لايغو لرصد تلك الموجات.
إذا قلنا إن فايس وثورن قد تصورا لايغو، فإنّ باريش، عالم فيزياء الجسيمات Particle Physicist، قد جعله واقعا حقيقيا حين أصبح قائدا للمشروع في عام 1994، عندما كانت المؤسسة الوطنية للعلوم National Science Foundation تفكر في إلغائه، واستكمل المشروع قبل أن يتنحى في عام 2005 ((Science, 30 September 2016, p. 1478).). ويقول ستانلي ويتكومب Stanley Whitcomb، عالم الفيزياء في لايغو بالمعهد كالتيك Caltech: «لم يكن مرصد لايغو أن يَظهر للوجود لولا قيادته.«
كما استفاد لايغو من عمل المؤسس المشارك رونالد دريفر Ronald Drever، الذي توفي خلال شهر مارس في عمر 85. وقد طُرد دريفر من لايغو في عام 1990. ولكن ويتكومب يذكر أنّ دريفر قد اخترع تقنيات رئيسية.
وكان دريفر يستحق حصة من الجائزة. إذ قال ثورن هذا الأسبوع: «إنّ ذلك مؤسف. فقد كان واحدا من الفيزيائيين الأكثر إبداعا من بين الذين عرفتهم.»
وتجادل بعض العلماء حول مساهمات دريفر بعد الاكتشاف الأولي الذي حققه لايغو.
وحيث إنّه لا يمكن لأكثر من ثلاثة أشخاص المشاركة في نيل جائزة نوبل، فقد اعتقد العديد من علماء الفيزياء الجاذبية أنّ دريفر سيفوز بها مع فايس وثورن. إلا أن علماء فيزياء الجسيمات رشحوا باريش عوضا عنه.
وتحول التسييس إلى منعطف شرس عندما استهان بعض علماء فيزياء الجسيمات البارزين بدور دريفر. فقد صرّح شيلدون غلاشو Sheldon Glashow، الحائز على جائزة نوبل من جامعة بوسطن Boston University، في مقابلة هاتفية أجريت عام 2016: «لم يساهم دريفر حقا بأي شيء على الإطلاق.» وقال صامويل تينغ Samuel Ting، المُرشّح لنيل جائزة نوبل من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمؤيّد لباريش إنه لا يعرف من هو دريفر.
وقد جنّب وفاة دريفر لجنة نوبل خيارا صعبا. وقد كان باريش رحب الصدر حول كل ما جرى. ويقول: «لدي مشاعر متناقضة نوعا ما حول تكريم الأفراد حين يكون الجزء الأكبر من هذا العمل ناتج من جهد فريق.»
أما فايس، فهو مدرك لكل هذا الاهتمام. ويقول إنه قد أصبح مغمورا بطلبات إلقاء خطابات بخصوص هذه المناسبة. «بدلا من التحدث في الجامعات، كنت أتحدث كثيرا في المدارس الثانوية والمكتبات لدفع فكرة أنّ العلوم مجال جيد ويستحق الانخراط فيه.»