هل يكون التفكير الإيجابي هو طريقنا لإنقاذ الكوكب؟
أزح الدمار والبؤس جانبا، وافسح المجال للحركة البيئيّة الجديدة. يقول المتفائلون بمستقبل كوكب الأرض إن التركيز على النجاحات الصغيرة كفيل بجعلنا نتقدّم نحو الأمام.
لم يقل مارتن لوثر كينغ: “إنّني أواجه مشكلة” على حد قول آندرو بالمفورد Andrew Balmford، بيولوجي المحافظة على الطبيعيةConservation biologist، وجزء من الحركة البيئية الجديدة. فإذا كنت مرهقا من الدمار والبؤس الدائمين، فإنّ التفاؤل بمستقبل الأرض قد يكون هو الحل.
أمّا عن شعاراتها الدائمة فهي من قبيل: الغابات تنمو من جديد، والطاقة المتجدّدة تتغلب على الفحم، وطبقة الأوزون في طريقها إلى التعافي، وعلى الرغم من كون مصير الدببة القطبية لا يزال غير واضح، فعلى الأقل لم تعد دببة الباندا العملاقة على حافة الانقراض. وصحيح أن هناك الكثير من الأمور التي تستدعي القلق، لكنّه أصبحت لدينا أسباب تملؤنا بالأمل حول مصير الكوكب، وهذا أمر يحدث للمرّة الأولى منذ وقت طويل على حد قول المتفائلين.
والسؤال المطروح هو: هل يقتصر الأمر على أنهم قد نسوا خلع نظاراتهم الملونة؟ وحتى لو كانوا على حق في أنّ الأمور تتحسن بالفعل، فهل الرسائل الإيجابية هي حقا أفضل طريقة لتحفيز الناس على القيام بالمزيد من العمل؟
منذ عشر سنوات بدأت حركة تفاؤل الأرض Earth Optimism Movement كسلسلة محاضرات قدّمتها نانسي نولتون Nancy Knowlton، عالمة الأحياء المرجانية الحالية من متحف سميثسونيان للتاريخ الطبيعي Smithsonian Museum of Natural History في العاصمة واشنطن. ففي ذلك الوقت، كانت نولتون تدير برنامج الماجستير في علم المحيطات بمعهد سكريبس لعلوم المحيطات Scripps Institution of Oceanography في ولاية كاليفورنيا. وسرعان ما توصّلت إلى استنتاج مفاده بأن البرنامج– حسب وصفها كان: “يدرّب طلّابنا على كتابة نعي لكوكب الأرض لا مثيل له في الدقة.” ولم تكن هذه طريقة ملهمة لتحفيز المزيد من الطلاب على أن يصبحوا علماءً في الحفاظ على البيئة مستقبلا، لذا أطلقت ندوة “ما وراء النعي” Beyond Obituaries ، وهي ندوة ركزت على قصص النجاح في مجال الحفاظ على البيئة. وأدّت شعبيتها إلى إطلاق حملة على تويتر تسمّى “تفاؤل المحيط #OceanOptimism”، والتي توسّعت في السنوات القليلة الماضية لتصبح تفاؤل الأرض Earth Optimism.
وتريد الحركة تحويل السرديّة المتعلقة بالبيئة إلى “احتفال بتغيير التركيز من على المشكلة إلى التركيز على الحل، من الشعور بالخسارة إلى الشعور بالأمل”. وكان علماء الحفاظ على الطبيعة مثل بالفورد – والذي يعمل على الصراعات بين التنوع البيولوجي والمزارعين في جامعة كامبريدج – من أوائل المنضمين إلى هذه الحركة. ولكن منذ أن توصلت الأطراف إلى اتفاق المناخ في باريس في عام 2015، يبدو أن التفاؤل قد بدأ بالتغلغل حتى في دواخل أكثر الباحثين البيئيّين تشاؤما وكآبة؛ وهم علماء المناخ. ويقول مشروع 2020 (Mission 2020) الذي أطلقه رئيس اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي UN Framework Convention on Climate Change، والذي يسعى إلى الحد بشكل جذري من الانبعاثات في السنوات الثلاث المقبلة: “مع وجود تعاون تام وتفاؤل مطلق، فإنّنا سنجعل من نقطة تحول عام 2020 حقيقيةً واقعة.”
قد يبدو هذا وقتا غريبا للتفكير بطريقة إيجابية، فقد سجّل متوسط درجة الحرارة العالمية 1.1 درجة سيليزية أدفأ من مستويات ما قبل الصناعة، وتعاني قارة آسيا أزمةَ تلوثٍ هوائية أزلية، وما زلنا نقطع 15.3 بليون شجرة كل عام، إضافة إلى نضوب مخزون الأسماك في المحيطات. ويقول علماء الحفاظ على الطبيعة إننا نسير نحو انقراض جماعي Mass extinction سادس.
“كنّا ندرّب طلّابنا على كتابة نعي
لكوكب الأرض لا مثيل له في الدقة”
وفي عام 2009، حدّد يوهان روكستروم Johan Rockström، من مركز ستوكهولم للمرونة Stockholm Resilience Centre في السويد وزملاؤه تسعة أنظمة داعمة للحياة على الكوكب، والتي تعتبر أساسية وحيويّة لبقاء الإنسان على قيد الحياة: من طبقة الأوزون إلى تنظيف الأنهار، وقيّموا المستوى الذي تعمل فيه هذه الأنظمة بنجاح. والآن، وبعد مرور ثماني سنوات، فإنّنا لسنا قريبين ألبتة من الوصول إلى فضاء آمن، على حد قول روكستروم.
وأجاب المتفائلون عن هذه الأمور بشجاعة، قائلين إنه على الرغم من كون هذه هي الصورة الكبيرة، فإنّها ليست بالصورة الكاملة. ويكافح المتفائلون في محاولاتهم للإشارة إلى أنّ إيجابيتهم ليست مجرد إيجابية عمياء في مواجهة الهلاك الوشيك. ويقول عالم النفس من جامعة هارفارد Harvard University ستيفن بينكر Steven Pinker: “إنّه ليس تفاؤلا بمعنى النظر للأمور بطريقة وردية،” ولكنّ الحركة تريد تسليط الضوء على قصص إيجابيّة لإخبار الناس أنّه باستطاعتنا التغلب على المشكلات البيئية التي تبدو لنا كمشكلات قاهرة.
ويقول ستيوارت بيم Stuart Pimm، عالم الأحياء المحافظة في جامعة ديوك Duke University بولاية كارولينا الشمالية: “هناك الكثير من الأمور الجيدة حقا في جميع أنحاء العالم، حيث يعمل الناس على إيجاد حلول. إنّنا نتعلّم كيفيّة القيام بالأمور بسرعة استثنائية.”
فعلى سبيل المثال، خفّضت المبادرات التي تقودها الحكومة معدل إزالة الغابات في الأمازون البرازيلي بنسبة 80% بين عامي 2004 و2012. واليوم، فإنّ ما يقرب من نصف غابات الأمازون المطيرة الأصلية هي إمّا محميّة أو جزء من احتياطي السكّان الأصليّين. وأمّا على مستوى العالم، فإنّ عدد الأراضي التي تُعاد إلى الطبيعة هي في تزايد عن تلك التي يجري تطهيرها من الأشجار من أجل إفساح المجال للزراعة. وفي المحيطات، فإنّ أعدادا كبيرة من الحيتان في طور التعافي، وذلك بفضل وقف صيد الحيتان التجارية عام 1982، إضافة إلى وصول التسربات النفطية إلى أدنى مستوياتها. (انظر الرسم البياني).
ولعلّ أهمّ تغيير نحو الأفضل هو ما جاء من قطاع الطاقة، إذ يبدو أن صناعة الفحم قد انخفضت في الثلاث سنوات الماضية، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى التغيرات الجارية في الصين والولايات المتحدة. فرغبة الحكومة الصينية المُلحّة بتنظيف سمائها الملوّثة كان أحد المحرّكات الرئيسية. وفي هذه الأثناء، فإنّ الطاقة المتجددة آخذه بالارتفاع، ففي عام 2016، قفزت الطاقة الشمسية العالمية بنسبة 25%، ويعود معظم الفضل في حدوث هذا الأمر إلى انخفاض التكاليف والتوسع الهائل في الصين.
ويؤدي كلّ من اضمحلال الفحم وارتفاع مصادر الطاقة المتجددة معا إلى حدوث تغييرات مهمة جدا، فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، كان هناك استقرار في المعدّل العالمي لانبعاث الغازات الدفيئة، وهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر خلال فترة النمو الاقتصادي.
وتشير العديد من تقارير الصناعة، بما في ذلك تقرير من وكالة الطاقة الدولية International Energy Agency (اختصارا: الوكالة IAEA)، إلى أن الابتعاد عن الفحم،-وهو أشد أنواع الوقود الأحفوري قذارة،- قد يكون دائما. ويقول فيليب بينو Philippe Benoit، الرئيس السابق لقسم كفاءة الطاقة والبيئة Energy efficiency and environment division في وكالة الطاقة الدولية: “لا أرى هذا مجرّد ومضة إيجابيّة، بل أعتقد أنه انعكاس للتحولات الأساسية التي تحدث داخل قطاع الطاقة وداخل أجزاء أخرى من المجتمع، فضلا عن الزيادة الكبيرة للوعي لدى القادة السياسيين والتزامهم بوضع السياسات التي تؤدي إلى خفض الانبعاثات.” وهذا التحول في إنتاج الطاقة وتأثيره في التغيّر المناخي بالمستقبل هو تجسيد لرسائلة المتفائلين؛ والتي تقول: على الرغم من كوننا لم نتعدّ مرحلة الخطر بعد، فإنّ الأمور في طريقها للتغيّر.
قوّة الإيجابية Affirmative power
غير أن المتشائمين سيشيرون إلى أنّه على الرغم من كون استخدام الفحم في انخفاض، فإنّه لا يزال مسؤولا عن 41% من توليد الطاقة الكهربائية كلّ عام. إذن، من الواضح أنّ شعورك بالتفاؤل أو التشاؤم بشأن مصير الكوكب يعتمد على نوع البيانات التي تنظر إليها، وفي بعض الحالات على كيفية نظرك إليها. لكنّ ربّما ليست هذه النقطة.
فبالعودة إلى جذور الحركة، تقول نولتون إن جزءا من هدفها هو إلهام الجيل القادم من أطبّاء الكوكب. “فطرح الأخبار السيئة دون إيجاد حلول لها هو أمر غير مفيد،” على حد تعبيرها. وتمتد هذه الرؤية إلى ما وراء علماء الحفاظ على الطبيعة وصولا إلى عامة الجمهور. ويقول بالمفورد: “إذا أعطيتَ الناس رسائل سلبية ومهدِّدة، فإنّهم لا يتفاعلون، بل يتظاهرون بأنها لا تحدث، وذلك لكونك لم تمنحهم أيّ بديل.”
لذا هل الشعور بالأمل نحو المستقبل هو بالفعل محفّز أفضل من الشعور بالخوف؟ هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن الرسائل المخيفة بشأن التغيير المناخي قد تجعل الناس يتوقفون عن الاستماع لها بدلا من اتخاذ إجراءات. فعلى سبيل المثال، خلصت دراسة استقصائية أجراها كل من ماثيو فاينبرغ Matthew Feinberg وروب ويلر،Robb Willer من جامعة كاليفورنيا University of California في بيركلي عام 2011، وشملت 97 طالبا، أن اعتقاد الناس بحدوث الاحتباس الحراري قد تضاءل بعد قراءتهم لرسالة توضح الدمار العالمي الذي يسببه الاحترار، وآثاره الكارثيّة المحتملة.
انخفضت معدّلات قطع الأشجار في غابات الأمازون المطيرة انخفاضا كبيرا.
بير أندرس بيترسون / جيتي
هناك أدلّة أيضا على أن الرسائل الإيجابيّة تحفّز الناس. فقد درس كلّ من روبرت جيفورد Robert Gifford من جامعة فيكتوريا University of Victoria في كندا، ولويز كومياو Louise Comeau من جامعة رويال رودز Royal Roads University، تأثيرها في 1000 شخص. وقد أٌتيحت للمشاركين قراءة عبارات تحتوي على نوع من التضحية مثل: “سأمتلك حرّية أقل في اتخاذ القرارات التي أريدها إذا أردنا حلّ مشكلة التغيير المناخي،” و “سأضطر إلى الاعتياد على تخفيض معدّل القيادة، وعلى إطفاء الأضواء وخفض الحرارة،” أو قراءة عبارات إيجابية مثل: “سوف يصبح حيّي مكانا صحيا وملائما للعيش أكثر إذا مشينا أكثر لخفض انبعاث الغازات الدفيئة،” و” أعرف شخصا خفّض فواتير الطاقة خاصّته، وباستطاعتي فعل ذلك أيضا.” بعد ذلك سئلوا عن احتماليّة اتخاذهم لإجراءات مساعدة للبيئة على مدار الـ 12 شهرا المقبلة. فقد كان المنتمون إلى المجموعة التحفيزية أكثر احتمالا بكثير لأن يقولوا إنهم سيقللون مثلا من استخدامهم للسيارات أو سيركّبون نوافذ موفّرة للطاقة من أولئك الموجودين في المجموعة الأخرى.
إنّ الأشخاص الذين يشعرون بالأمل نحو المستقبل هم أكثر احتمالا لاتخاذ إجراءات تحسّنه، وذلك وفقا لدراسة أجراها كل من نيلس بيترسون Nils Peterson وكاثرين ستيفنسون Kathryn Stevenson في جامعة ولاية كارولاينا الشماليةUniversity of North Carolina، إذ قام فريقهم بعمل دراسة استقصائية حول 1200 طفل تتراوح أعمارهم بين 12-14 عاما في مدارسهم داخل ولاياتهم، ووجدوا أن الأطفال الذين يشعرون بالأمل نحو المستقبل كانوا هم الذين يفعلون أكثر الأمور الصديقة للبيئة، مثل إغلاق باب الثلاجة وإطفاء الأضواء وتشجيع أهاليهم على فعل الشيء ذاته. وأما أولئك الذين أفادوا بأنّهم يشعرون بالقلق بدلا من الأمل، فكانوا أقلّ احتمالا لخفض استخدامهم للطاقة مثلا، كما أنّ الذين شعروا باليأس تجاه المستقبل كانوا أكثر ميلا إلى التقاعس عن فعل شيء.
كذلك وجدت ماريا أوجالا Maria Ojala، من جامعة أوريبرو Örebro University في السويد أن الناس الذين شعروا بالأمل إزاء قدرة البشرية على مكافحة التغيير المناخي كانوا أكثر احتمالا لتخفيض استخدامهم للطاقة المنزلية من أولئك الذين كان لديهم فقط خلفيّة جيّدة عن آثار التغيير المناخي أو كانت لديهم قيم إيثاريّة.
فهل يعني هذا أن باستطاعة التفاؤل تغيير أفكار من ينكرون التغيير المناخي، بل وحتى يحفّزهم على العمل؟ قام بول باين Paul Bain، من جامعة كوينزلاند University of Queensland بأستراليا وزملاؤه بعمل دراسة استقصائية على 347 شخصا، منهم 128 ممّن لا يعتقدون بحدوث تغير مناخي، حتى وإن كان يحدث فإن البشر ليسوا مسؤولون عنه. وجميعهم قرأوا عبارات تتعلّق باتخاذ إجراءات بشأن التغيير المناخي، صيغت في واحدة من الطرق الثلاث التالية: اقترحت الأولى أنه سيؤدي إلى مجتمع يلفّه المزيد من العلاقات الإنسانية الحميمة، في حين قالت الثانية إنه سيجلب التنمية الاقتصادية، فيما تحدثت الثالثة عن المخاطر البيئية والصحية لعدم التصرّف. وبعد ذلك، قَيَّم المشاركون أنفسهم حول مدى احتمال قيامهم بأمور مثل دعم القضايا البيئيّة ومخاطبة السياسيّين بشأن مشكلات معيّنة.
“هل يعني هذا أن باستطاعة التفاؤل تغيير أفكار من
ينكرون التغيير المناخي، بل وحتى يحفّزهم على العمل؟”
وعلى الرغم من أن احتمالية اتخاذ المُنكرين للإجراءات كانت أقلّ بكثير من المقتنعين بحدوث تغير مناخي بفعل الإنسان، فإنّ الذين قرأوا الرسائل المُصاغة في إطار من الدفء المجتمع أو التطور المستقبلي قالوا إنّهم أكثر احتمالا للتصرف من أولئك الذين قرأوا عن مخاطر التغيير المناخي.
وتشير هذه الدراسات مجتمعة إلى أن الأمل يشجع الناس على التصرف حيال الأمر. ولكنّ ماثيو هورنزي Matthew Hornsey وكيلي فيلدينغ Kelly Fielding من جامعة كوينزلاند University of Queensland وجدا أن العكس هو الصحيح، فقد أراد فريقهما معرفة ما إذا كانت الرسائل المفعمة بأمل انخفاض الانبعاثات في السنوات الأخيرة تستحق النشر لإلهام الناس للقيام بالمزيد من العمل. لذا أعطوا 431 مشارِكًا رسالة من ضمن ثلاث رسائل: واحدة محايدة تصف كيفيّة قياس الانبعاثات، وثانية إيجابيّة حول تباطؤ معدّل الانبعاثات في السنوات الأخيرة، وتقول “إن الانخفاضات المطلوبة تحدث أخيرا”، وثالثة متشائمة تشير إلى أن الانبعاثات لاتزال في ارتفاع، وتقول إنّ: “الانخفاضات المطلوبة لا تحدث”. وبعدها سألوا المشاركين عمّا إذا كانت الرسائل قد جعلتهم يرغبون في بذل المزيد من الجهد تجاه التغيير المناخي. أولئك الذين قرأوا الرسائل المتشائمة شعروا بتحفيز أكبر ممّن قرأوا الرسائل الإيجابيّة أو المحايدة. ويقول الباحثون إن الرسائل المتشائمة نجحت لأنها أثارت مشاعر القلق وعدم الاطمئنان، في حين جعلتِ الرسائلُ الإيجابيةُ الناسَ يشعرون برضًا أكبر عمّا يفعلونه تجاه المخاطر.
الصين تغلق المنشآت الصناعيّة لتحسين التلوّث الهوائي
رويترز / آلي سونغ
ما عسانا نفعل حيال هذه الأدلّة المتضاربة؟ يقول جيفورد: “أعتقد أنها آراء مختلفة لأشخاص مختلفين لتصرّفات مختلفة.” ويقترح هورنزي طريقة لاستخدام هذه الاختلافات، إذ يقول: ” من المرجّح أن يكون للرسائل المُخيفة تأثيرٌ أكبر في الأشخاص المقتنعين بالفعل بمفهوم التغيير المناخي الذي يسبّبه الإنسان، في حين قد يكون احتمال تجاهل المشكّكين أكبر. ومن ناحية أخرى، فإنّ من يعملون بالفعل على حلّ المشكلات البيئية قد يكونون في أمسّ الحاجة إلى دفعة إيجابية لكونهم يتعاملون مع الواقع القاتم كلّ يوم. وهذا يدلّ على أنّنا بحاجة إلى كلا النوعين من الرسائل على حد تعبير نولتون، إذ تقول: “إنّنا مُشبَعون بالدمار والبؤس، لذا فنحن بحاجة إلى شيء إضافي.”
يقول بيم: “كم مرّة سنخبر الناس بأنّ الوضع مأساوي وفظيع؟ أعتقد أن باستطاعتنا تحقيق التقدم عبر إخبار الناس بما عليهم فعله، وليس بالخروج والقول إن الأمر فظيع، وأننا في طريقنا جميعا إلى الموت.” هذا هو جوهر الحركة كما تقول نولتون: ليس مجرّد التفاؤل دون سبب، بل نشر الأمور التي حقّقت بالفعل نجاحًا في الواقع.
ولعل أفضل علامة على نجاح التفاؤل هو التغيير الذي يرصده روكستروم في الموقف العام تجاه التغيير المناخي. “إنّ مفهوم الاستدامة Sustainability بأكمله قد رجح بالكفّة، فحتى وقت قريب جدا، كان البرنامج البيئي عبارة –إلى حد كبير- عن تساؤل أخلاقي. وقد كان عبارة عن تضحية. أما الآن، فإنّ الاستدامة أصبحت تُعتبر الطريقة الوحيدة لتحقيق اقتصاد مستقرّ. إنّنا نتحرّك في إطار نموذجي paradigm جديد تماما.”