أين ذهبت جميع الثقوب السوداء؟
الكون مليء بالثقوب السوداء الكبيرة والصغيرة، ولكن ليس المتوسطة. وقد تمتلك المجرات القزمة الغربية الجوابَ عن ذلك
تقضي مار ميزكواMar Mezcua أيامها في مطاردة لعبةٍ غير مرئية. إنها تطارد عمالقةً تسير بحركةٍ متثاقلة ومن الصعب جدًا مشاهدتها بالعين المجردة، كما أنها مموهة بخبرة في ظلام سماء الليل. إنها على علمٍ بوجودها، فقد شاهدت آثارها واقتفتها. لكنها، وعلى الرغم من كل الساعات التي قضتها مستلقيةً تنتظر ثقوبًا سوداء، كانت هناك سلالةٌ منها لم ترصدها قطّ. وعلى الورق، لم تكن ملحوظة إلى حد ما، فحجمها متوسط وكتلتها كذلك. وليس من المفترض أن تجيد التخفي بشكل أفضل من الثقوب الأخرى، إذ ينبغي وجودها بأعداد متساوية تقريبًا، لكنها ليست موجودة وحسب.
ولن تسد مشاهدة هذه الثقوب السوداء فجوةً في مجموعتها فحسب، وإنما من شأنها أن تسلط الضوء على لغز مركزي يتعلق بتطور الثقوب السوداء: كيف يمكن للثقوب الصغيرة أن تكبر بهذه السرعة. وزيادة على ذلك، فبإمكانها أن تحمل مفتاح السلوك غير الاعتيادي لبعض المجرات، بما في ذلك معضلة كونية ربما كنّا على شفا حلها، وفقا لميزكوا، عالمة الفيزياء الفلكية من معهد العلوم الفضائية Institute of Space Sciences في برشلونة.
ودراسة الثقوب السوداء ليست بالأمر السهل، فهي فائقة الكتلة ومعقدة بحيث تمتص جاذبيها كل شيءٍ يغامر بالاقتراب منها مما يجعلها غير مرئية. وقد دفع ذلك علماءَ الفلك إلى الإبداع في أبحاثهم. وتعدُّ النجوم المتسارعة حول جسم غير مرئي دلالةً على وجود ثقب أسود، كذلك هو الأمر بالنسبة إلى الرشقات المفاجئة من أشعة إكس التي تصدرها المواد الساقطة نحو نهاية حتفها. وقد رُصدت مؤخرا موجات الجاذبية (الثقالية)Gravitational waves الصادرة عن اصطدام ثقبين أسودين. وبطريقة أو بأخرى، فقد ملأ صيادو الثقوب السوداء جدران غُرفهم بمجموعة مذهلة من هذه الوحوش العملاقة. وعلى الرغم من كل نجاحاتهم، فما زالت هناك صورة ناقصة في مجموعتهم.
وبالنسبة إلى الجزء الأكبر، فإن الثقوب السوداء التي عُثر عليها حتى الآن يمكن تقسيمها إلى مجموعتين. ففي الجهة الأصغر تقع الثقوب السوداء نجمية الكتلة، والتي تشكلت نتيجة الموت الانفجاري للنجوم فائقة الكتلة وهي عادة ما تزن أقل من مئة ضعف كتلة شمسنا. أما في الناحية المقابلة، فتوجد الثقوب السوداء فائقة الكتلة التي تقطن قلب المجرات. وللوحش القابع في مركز مجرتنا درب التبانة كتلةٌ تعادل أربعة ملايين كتلة شمسية. وتمتلك مجرات أخرى ثقوبا سوداء تصل كتلتها إلى بلايين أضعاف كتلة شمسنا. لكن الثقوب السوداء الواقعة بينهما، وهي الثقوب السوداء متوسطة الكتلة Intermediate mass black holes (اختصارا: الثقوب السوداءIMBHs), فغيابها جلي واضح.
إنها حالة محيرة. فلا بد أن الثقوب السوداء قادمة من مكان ما، وتنص النظرية السائدة على أنها تشكلت لدى اندماج ثقوب سوداء أصغر كتلة. لكن بناء “جالوت” له بليون ضعف كتلة الشمس من عدة ملايين ثقوب أصغر حجما يستغرق زمنا طويلا، والكثير من الثقوب السوداء. ولذا حين بدأ علماء الفلك برصد ثقوب سوداء فائقة الكتلة وكاملة التشكل والتي طافت طليقة في غضون البليون عام الأولى بعد الانفجار الكبير Big bang، علموا أن هناك شيئا ما.
تقول ميزكوا: “لم يكن هناك الكثير من الوقت أمام هذه الثقوب السوداء فائقة الكتلة لتنمو وتصبح بهذا الحجم في مثل هذا الكون الفتي،” إلا إذا كانت ناتجة من ثقوب سوداء متوسطة الكتلة. فإذا ظهرت هذه الثقوب البينية إلى الوجود جاهزة، سواء كانت من الوفيات الانفجارية للنجوم العملاقة أم من التداعي المباشر للسحب الغازية، فسوف يكون هناك ما يكفي من الزمن لبعضها لتندمج مشكلة هذه الوحوش فائقة الكتلة. لكن إذا كانت هذه هي الحال، ينبغي وجود كمية وفيرة من الثقوب السوداء متوسطة الكتلة التي لم تندمج.
وتتابع ميزكوا: “علينا أن نكون قادرين على رصدها الآن في كوننا هذا، فأين تختفي إذاً؟”
وحتى زمن ليس بالبعيد، اعتقدنا أننا حصلنا على إجابة. ويبدو أن الإجابة تكمن في سلسلةٍ من ومضات أشعة إكس غير المألوفة التي كانت ترصدها التليسكوبات حول العالم منذ ثمانينات القرن الماضي. مع اقتراب المادة أكثر على مسارٍ حلزوني باتجاه الثقب الأسود، فإنها تتحرك بسرعة أكبر كلما اقتربت من لحظة دمارها، ويسخنها احتكاكها بالمواد المجاورة إلى أن تتوهج مصدرة أشعة إكس. فكلما كانت كتلة الجسم المركزي أكبر ودوران المادة أسرع، كان الاحتكاك الناجم أكبر وكانت أشعة إكس أشد تألقا. وقد استُخدمت رشقات أشعة إكس الأقل طاقة لتحديد مواقع ثقوب سوداء صغيرة، ولكن هذه الجديدة، والتي هي أشدُّ تألقا من الشمس بمليون مرة، يبدو أنها أشد توهجا من أن يكون مصدرها ثقوبا سوداء ذات كتلة نجمية فحسب. وبدا أن الأدلة تشير إلى الثقوب السوداء متوسطة الكتلة IMBHs.
وقد صمدت هذه الصورة مع تراكم البيانات، لكن كان هناك شك عصي، فعلى حد قول ماتيو باتشيتي Matteo Bachetti من مرصد كاغلياري الفلكي Cagliari Astronomical Observatory في إيطاليا:” لسنوات، كانت هناك تلميحات بأن أطياف هذه الأجسام لا تتوافق تماما مع الثقوب السوداء متوسطة الكتلة.” بعد ذلك، وفي عام 2014 أتت مفاجأة مذهلة: فقد وُجد أن أحد انفجارات أشعة إكس كانت تنبض، ثم تلتها أخرى فأخرى.
وقد أفقد هذا الاكتشاف علماء الفلك توازنهم، ويقول باتشيتي: “لقد كان ذلك صادما.” كانت بصمات أشعة إكس صفةً مميزة للنجوم النابضة (البلسارات) Pulsars، وهي النوى الميتة لنجوم سريعة الدوران ومتوسطة الحجم تُصدر موجات راديوية عند أقطابها بشكل مشابه لمنارة كونية. لكن النبضات كانت اشد توهجا بمئة مرة مما ينبغي أن تكون النجوم النابضة عليه. وفي بحث نُشر في شهر أغسطس عام 2017، أشار غريغوري فيكتوروفسكي Grzegorz Wiktorowicz من جامعة وارسو University of Warsaw في بولندا إلى أن منشأ هذا السطوع الفائق الظاهري هو الحزم الضيقة التي تسلطها االبلسارات علينا. ونكون قد بالغنا بتقدير كتلتها بافتراض أن هذه الأجسام الكثيفة كانت تحافظ على هذا التوهج في جميع الاتجاهات. والحالة التي لدينا هنا، على حد قول فيكتوروفسكي: ” لا داعي للثقوب السوداء متوسطة الكتلة لتفسير انفجارات أشعة إكس فائقة التوهج.”
فهل هناك أمر آخر لا نعرفه؟ ففي شهر فبراير 2017، أعلن فريق من علماء الفلك بقيادة بولنت كيزيلتان Bülent Kiziltan من جامعة هارفارد عن اكتشاف في مجموعة كثيفة من النجوم القديمة تُعرف بالعنقود الكروي Globular cluster. وقد كانت هذه العناقيد قديمة جدا لأن يُرصد ضمنها ثقب أسود عبر النظر إلى أسراب النجوم أو الأقراص التراكمية المتوهجة. ويقول كيزيلتان: “مع مرور الزمن عصفت الشرنقة الخارجية للنجوم بالقرص التراكمي بعيدا ، أما أي نجمة مجاورة فهي إما التُهمت أو لُفظت بعيدا قبل ذلك.”
واليوم، ينبغي أن نكون قادرين على مشاهدة هذه الثقوب السوداء متوسطة الكتلة. فأين تختبئ جميعها؟
وعوضا عن ذلك، توصل هو وزملاؤه إلى طريقة للكشف مبنية على أساس الأثر الذي تتركه البلسارات أثناء سيرها في السماء، والتي أفسحت المجال لهم لقياس فروقات ضئيلة جدا في تسارعاتها. وقد صبَّ فريقه اهتمامه على العنقود النجمي 47 توكاناي 47 Tucanae أو 47 توك، والمرئي في كوكبة الطوقان constellation Toucan. في نصف الكرة الجنوبي. ووجدوا أن بعضا من البلسارات 47 توك قد تسارعت بقوى جذب (ثقالية) إضافية فوق تلك الصادرة عن نجوم العنقود. وقد عزوا ذلك إلى ثقب أسود مركزي تتراوح كتلته بين 380 و1450 كتلة شمسية، وهو يقع تماما في منتصف مجال الثقوب السوداء متوسطة الكتلة. ويقول كيزيلتان: “نعتقد أننا عثرنا على أحدها أخيرا.”
وعلى الرغم من هذه إمكانية رصد مثل هذه المشاهدة، فمن غير المرجح أن تؤدي العناقيد الكروية دور المضيف لما يكفي من الثقوب السوداء متوسطة الكتلة بحيث تسد النقص فيها. يقول كيزيلتان: “إننا على يقين إلى حد ما بأنها لا تستوطن كل عنقود كروي، فينبغي أن تكون مجموعة من العوامل المتباينة مضبوطة بدقة لتنتج الثقب الأسود وتحافظ عليه.” وبالنسبة إلى أكثر العناقيد الكروية المحيطة بدرب التبانة كثافة وأكثرها كتلة، يمتلك العنقود 47 توك جميع المواصفات الصحيحة، ولكن يبدو أنه يشكل الاستثناء وليس القاعدة. وربما يكون كيزيلتان قد اقتنص العينة المهمة، لكن رف الجوائز لا يزال فارغا.
أرض السعادة Happy hunting ground
لكن لم تبؤ كل جهود صائدي الثقوب السوداء متوسطة الكتلة بالفشل. فملْءالرفوف ربما سيأتي من مصادر غير محتملة، ككيانات كونية مفقودة أخرى. فبينما كان بعض الفلكيين يجوبون السماء بحثا عن ثقوب سوداء متوسطة الكتلة، كان آخرون يبحثون عن مجرات قزمة مفقودة. وكما يشير اسم هذه الأقزام، فهي ليست كبيرة وهي غالبا ما تدور حول مجرات أكبر منها كمجرتنا درب التبانة. وعلى حد قول جوزيف سيلك Joseph Silk، الفيزيائي الفلكي من جامعة أكسفورد: “تكمن الصعوبة في أننا غير قادرين على رصد أي مكان على مقربة كافية منها.”
في صورتنا القياسية لعلم الكونيات، تتغلغل المادة المُعتمة (المظلمة) Dark matter في المجرات والعناقيد المجرية، وهي كيانات خاملة تبقى جاذبيتُها الهياكلَ متجمعةً معا. وعندما أجرى الفلكيون عمليات محاكاة حاسوبية لتشكل المجرة في الكون المبكر، انتهى بهم المطاف بعدد كبير من المجرات القزمة التي لم تندمج. وعلى الرغم من أننا لم نرصد إلا عدد أقل منها بكثير في الكون الحقيقي. وهناك مشكلة أخرى أيضا، كما يقول سيلك: “وهي أن النجوم في مركز المجرات القزمة التي شُوهدت فعليا لا تدور بسرعة كافية. وتتنبأ النظرية القياسية بوجوب وجود كتلة كثيفة من المادة المُعتمة في مركز مجرة قزمة وتعرف بـ ” النتوء” Cusp. وينبغي لجاذبيتها أن تجعل النجوم تدور بسرعة أكبر من تلك المرصودة.”
دفعت هذه القضايا بعضا من علماء الفلك إلى التساؤل حول حاجتنا إلى تغيير الطريقة التي نفكر فيها بالمادة المُعتمة. ويشير علماء الكونيات عادة إلى المادة المُعتمة على أنها باردة، أي أنها كبيرة الكتلة وبطيئة الحركة كما هي الحال بالنسبة إلى جزيئات غاز بارد. ولكن إذا كانت كتلة جسيمات المادة المُعتمة أقل من تلك التي بنينا عليها حساباتنا، فهي ستكون أكثر حيوية وأقل ميلا إلى التجمع مع بعضها البعض. تقول مارلا جيها Marla Geha من جامعة ييل Yale University: “كانت ستسلك سلوك خفّاق للبيض في الكون المبكر، مازجة الأشياء ببعضها ومزيلة البنى الأصغر.” وربما كان ذلك السبب في عدم مشاهدتنا لكمية المجرات القزمة التي تتنبأ النظرية القياسية بوجودها. وستكون مثل هذه المادة المُعتمة المفعمة بالطاقة والدافئة أكثر اضطرابا من أن تتجمع سويّاً في مركز مجرات قزمة، ما يؤدي إلى نواة أصغر عوضا عن نتوء، إضافة إلى النجوم التي تدور ببطءٍ أكبر.
إنه تفسير معقول، لكن سيلك يفضل مقاربة أقل تطرفا، ويقول: “أجد اختراع فيزياء جديدة لحل مشكلة ربما تُحل بالفيزياء المعروفة أمرا غريبا.” وفي ورقة بحثية نُشرت في شهر أبريل عام 2017، يتحدث عن وجود حل أبسط للألغاز المحيطة بالمجرات القزمة، ألا وهو أن معظمها له ثقوب سوداء مركزية متوسطة الكتلة.
ظاهريا، لطِرح سيلك هذا منطقٌ سارٌ. فكما أن للمجرات الكبيرة ثقوبا سوداء في مراكزها، كذلك ستكون للمجرات الأصغر ثقوب سوداء مصممة لها. وعندما تلتئم المجرات الأصغر لتشكل بنىً أكبر، ستتحد ثقوبها المركزية كذلك.
فعل اختفاء مضاعف Vanishing double act
يُعد اقتران ثقوب سوداء متوسطة الحجم بمجرات أصغر أمر منطقي على مستوىً أعمق أيضا. ففي باكورة حياة مجرة قزمة، لا بد وأن يتغذى الثقب الأسود متوسط الكتلة بالكثير من الغاز، منتجا اندفاعات هائلة نحو الخارج تدمر الكثير من المجرة. ويقول سيلك: “ينتهي بك المطاف بالعديد من المجرات القزمة، ولكن معظمها غالبا ما يكون صغيرا.” ولم تكون هذه المجرات الصغيرة بهذا السطوع، ما يفسر سبب صراعنا حتى الآن في سبيل رصدها. وقد لقيت هذه الفكرة دعما في شهر نوفمبر عام 2017، ففي ذلك حين استخدم فريق من علماء الفلك بقيادة ستاسي كيم Stacy Kim من جامعة ولاية أوهايو Ohio State University بيانات من ماسح السماء سلون الرقمي Sloan Digital Sky Survey لتقدير عدد المجرات القزمة الخافتة التي من الممكن أن نشاهدها بجوار مجرتنا درب التبانة. وقد توافقت الإجابة إلى حد كبير مع توقعات علم الكونيات والمبنية على المادة المُعتمة الباردة.
ويمكن تفسير مشكلة النتوء أيضا بوجود ثقب أسود نشط متوسط الكتلة، إذ ستشتت انفجارات أشعة إكس الصادرة عنه الكثيرَ من التراكم المركزي للمادة المعتمة. ومع ذلك، لم يجمع الجميع على هذا التفسير، إذ يقول أندريو كوبرAndrew Cooper، باحث في مجال المجرات القزمة في جامعة دورهام Durham University بالمملكة المتحدة: “سيؤثر ثقب أسود متوسط الكتلة في منطقة صغيرة فقط، وربما أصغر بكثير من نوع المقاييس التي يبحث الناس وفقها عن النوى والنتوءات.”
وقد كان هناك دليل عرضي على وجود ثقوب سوداء متوسطة الكتلة في المجرات القزمة منذ أواخر الثمانينات. لذا فإذا كان سيلك محقا، لِم لم نعثر على دليل ملموس على وجودها في العقود المنصرمة؟ في شهر مارس عام 2017، قدمت دراسة قائمة على أساس بيانات مسح من تليسكوب نيوستار NuSTAR الفضائي إجابة محتملة. فقد أشار تحليل عمليات رصد دامت أربعون أسبوعا إلى أن المجرات منخفضة الكتلة تمتص الكثير من أشعة إكس، لذا فإن معظم الانبعاثات الانفجارية للثقوب السوداء النشطة الموجودة في مركز مجرات منخفضة الكتلة ستُمتص قبل وصولها إلينا. وهناك سبب آخر يفسر احتمال بقاء ما تبقى منها مختفيا عن رصد الرادار أيضا. فبما أنها كانت تقتات بالغاز في وقت مبكر من حياتها، أنتجت اندفاعات شتتَّت الكثير من موارد غذائها المستقبلية. ويقول سيلك: “مقابل كل ثقب أسود نشط ينبغي وجود عشرٍ من الثقوب الخاملة، وعليك اصطياد الثقب الأسود في اللحظة الملائمة لمشاهدته بأشعة إكس.” ومع ذلك، فإن كشف نيوستار عن امتصاص أشعة إكس، يشير إلى أن الإشارة التي تصلنا ستكون خافتة. ويدفع ذلك بتليسكوبات أشعة إكس الحالية كمرصد تشاندرا المداري Chandra observatory نحو حدوده القصوى، إذ يقول سيلك: “يتطلب ذلك مجهودا خاصا من جانب فلكيي أشعة إكس، لذا تم التغاضي عن هذه المنطقة حتى العام أو العامين المنصرمين.”
تُقرُّ ميزكوا بأن المجرات القزمة هي أكثر الأماكن الواعدة للبحث عن الثقوب السوداء المفقودة متوسطة الكتلة، على الرغم من أن ما هو مؤكد بدرجة أقل هو كيفية وجودها هناك. وهناك خياران أساسيان: فإما أنها تشكلت عندما انهارت النجوم فائقة الكتلة الأولى، أو أنها تكونت عندما تشابكت السحب الغازية العملاقة بفعل وزنها فقط. وينبغي أن تكون الثقوب السوداء متوسطة الكتلة الناتجة عن الآلية الثانية أكبر بعشر مرات من تلك الناتجة من الآلية الأولى، وذلك تماشيا مع تلك الثقوب السواء المرشحة التي عُثر عليها حتى الآن، ولكن حساسية العملية تعني أنها ستكون نادرة جدا.
ووفقا لميزكوا: “لو أن الثقوب السوداء تشكلت من النجوم، لكان ينبغي أن توجد في 90 % من المجرات القزمة.” وتنخفض هذه النسبة إلى 50 % لو أن مصدرها كان السحب الغازية. أما سيلك، فهو أكثر تفاؤلا ويقول: “ينتج كلا السيناريوهين ثقوبا سوداء متوسطة الكتلة في جميع المجرات القزمة.”
وهناك طريقة لتسوية النقاش تماما وإلى الأبد: “البحث عن موجات الجاذبية، فحتى الآن، كان العدد القليل من أحداث موجات الجاذبية المُكتشفة قادمة من نجوم نيوترونية متصادمة أو ثقوب سوداء نجمية الكتلة. و تقول ميزكوا: “من المتوقع أن تكون الخطوة التالية هي الكشف عن اصطدام ثقوب سوداء متوسطة الكتلة.” وعندما تحدث هذه الانطلاقات، إن حدثت، ربما ستتمكن في النهاية من استكمال مجموعتها.