بينما يتحسن الأوزون القطبي، تُصبح درع الأشعة فوق البنفسجية الأقرب إلى خط الاستواء رقيقة
بعد ثلاثين عاما من اتحاد الدول معا لإلغاء المواد الكيميائية التي تدمر الأوزون الستراتوسفيري Stratospheric Ozone، تقلص الثقب المتداعي في درع الأشعة فوق البنفسجية Ultraviolet (اختصارا: الأشعة UV) للأرض فوق القطب الجنوبي Antarctica. ولكن النتائج الجديدة تشير إلى أنه في خطوط العرض المتوسطة، حيث يعيش معظم الناس، فإن طبقة الأوزون في الطبقة السفلى من الستراتوسفير أصبحت قليلة الكثافة، لأسباب يكافح العلماء من أجل فهمها.
ويقول وليام بال William Ball، عالم فيزياء الغلاف الجوي Atmospheric Physicist من مركز إشعاع دافوس العالمي للأرصاد الجوية Physikalisch-Meteorologisches Observatorium Davos World Radiation Centre في سويسرا Switzerland: “لا أريد أن يشعر الناس بالذعر أو القلق بشكل مفرط. ولكن هناك شيئا يحدث في الطبقة السفلى من الستراتوسفير ومن المهم أن نفهمه.”
وتشير العديد من الدراسات الحديثة، بما في ذلك واحدة في الشهر الماضي في رسائل الأبحاث الجيوفيزيائية Geophysical Research Letters، إلى انتعاش قوي في تركيزات الأوزون الستراتوسفيري فوق القارة القطبية الجنوبية، المكسب الذي طال انتظاره بعد بروتوكول مونتريال Montreal Protocol في عام 1987، والذي فرض التخلص التدريجي عالميا من مركبات الكلوروفلوروكربون Chlorofluorocarbons وغيرها من المركبات الآكلة للأوزون.
ولكن الأدلة الأخيرة تُشير إلى أنّ طبقة الأوزون الشاملة لا تزال معرضة للخطر. وفي تحليل نُشر اليوم في كيمياء وفيزياء الغلاف الجوي Atmospheric Chemistry and Physics، جمع بال وزملاؤه بيانات من الأقمار الاصطناعية ونموذجين لكيمياء الغلاف الجوي لدراسة الأوزون عند الارتفاعات المتوسطة، من سطح الأرض حتى عبر طبقة التروبوسفير Troposphere والستراتوسفير. وقد وجد الباحثون أنه في الفترة من عام 1998 إلى عام 2016، انحسر الأوزون في الطبقة السفلى من الستراتوسفير بمقدار 2.2 وحدة دوبسون Dobson units – وهو مقياس لسماكة الأوزون – حتى مع ارتفاع التركيزات في طبقة الستراتوسفير العليا من الغلاف الجوي بنحو 0.8 وحدة دوبسون. ويقول بال: “لقد رأينا ذلك في كل دائرة عرض تقريبا وكل ارتفاع أقل من 25 كيلومترا تقريبا.” وأضاف: “وهذا يثير قلقنا جدا من أنّ هذا الأمر ربما كان حقيقيا جدا ولم يره أحد من قبل.”
إنّ سماكة طبقة الأوزون الكلية – وليس فقط التركيزات في الطبقة العليا من الغلاف الجوي (الستراتوسفير) – أمر حيوي لامتصاص ضوء الأشعة فوق البنفسجية. ويقول شون ديفيس Sean Davis من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي National Oceanic and Atmospheric Administration، وهو مؤلف مشارك في بولدر Boulder بولاية كولورادو Colorado: “ما يهم أكثر للأشعة فوق البنفسجية على سطح الأرض هو إجمالي كمية عمود الأوزون العلوي.” وعلى الرغم من أنّ الدراسات السابقة قد اقترحت انخفاضا في الأوزون في الغلاف الجوي السفلي، لم يجمع أحد البيانات من الأقمار الاصطناعية للنظر عبر هذا النطاق الواسع من الكرة الأرضية وإلى أسفل طبقة الأوزون
إن احتمال الضرر…
قد يكون أسوأ مما هو عليه في القطبين.
جوانا هاي Joanna Haigh، كلية إمبريال كوليدج لندن Imperial College London
ويشتبه بال وزملاؤه في أنّ الجاني هو “مواد قصيرة الأمد جدا” Very short-lived substances أو اختصارا المواد VSLS: المواد الكيميائية المُنضِّبة للأوزون مثل ثنائي كلورو ميثان Dichloromethane التي تتحلل في غضون ستة أشهر بعد انبعاثها في الهواء. وكان الباحثون قد افترضوا لفترة طويلة أنّ العمر القصير للمواد VSLS سيحولهم من الوصول إلى الستراتوسفير، ولكن دراسة أجريت عام 2015 أشارت إلى أنّ المواد قد تمثل ما يصل إلى 25% من خسائر أوزون طبقة الغلاف الجوي السفلى. وفي حين أنّ العديد من المواد VSLS هي من أصل طبيعي – الكائنات البحرية تنتج ديبروموميثان Dibromomethane، على سبيل المثال، فاستخدام ثنائي كلوروميثان من صنع الإنسان، وهو عنصر في المذيبات ومزيلات الطلاء، قد تضاعف في السنوات الأخيرة. ويقول ريتشارد رود Richard Rood، عالم الغلاف الجوي Atmospheric Scientist من جامعة ميشيغان University of Michigan في آن أربور Ann Arbor : “علينا أن ندرس المواد VSLS بشكل أكثر اكتمالا.” ولكن بسبب إطلاق المركبات بكميات صغيرة، يقول: “سيكون من الصعب قياسها.”
ويقول هو وآخرون إنه من الضروري تحديد ما يدمر الأوزون فوق الارتفاعات المتوسطة الآهلة بالسكان. وتقول جوانا هاي Joanna Haigh، المدير المشارك لمعهد غرانثام Grantham Institute في كلية إمبريال كوليدج لندن Imperial College London: “إنّ احتمال وقوع الضرر … قد يكون أسوأ مما هو عليه في القطبين. إن الانخفاض في الأوزون أقل مما رأيناه في القطبين قبل سَنْ بروتوكول مونتريال، ولكن الأشعة فوق البنفسجية أكثر كثافة في هذه المناطق.”
ويؤكد بال وغيره على أن بروتوكول مونتريال كان نجاحا باهرا. ويقول رود: “لا أعتقد أنه يدل بأي حال من الأحوال على أنّ هناك خطأ في كيفية تعاملنا مع مشكلة الأوزون بشكل أساسي.” ويضيف: “إنّ ما يدل عليه هو أننا ننظر الآن إلى آثار أكثر خفاء من تلك المشكلة الأصلية التي كنا نتعامل معها،” عند اعتماد بروتوكول مونتريال.