المتجر المتكامل الأول في العالم للبرامج الكمية – أو كما نأمل – قد وصل
زباتا كومبيوتينغ تخطط لتطوير خوارزميات للشركات الراغبة في تجربة الحواسيب الكمّيّة
في الحوسبة الكمية، ليست وحدها الحواسيب هي التي يصعب بناؤها. ولكنها تحتاج أيضاً إلى خوارزميات كمّيّة معقدة – أو برمجيات متخصصة مُصمَّمة للحصول على أفضل ما تقدمه الآلات.
وقد ذاع صيت آلان أسبورو-غوزيك Alán Aspuru-Guzik في الدوائر الأكاديمية عبر تطوير هذه الأنواع من الخوارزميات، والآن يحاول توفيرها في سوق أكبر. فهو أستاذ في جامعة هارفارد Harvard University (و سينتقل إلى جامعة تورونتو University of Toronto) وهو في قائمة “المبتكرون تحت 35 عاماً” لعام 2010 لمجلة إم. أي. تي. تكنولوجي ريفيو التابعة لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وهو أحد مؤسسي الشركة المعروفة بزباتا كومبيوتينغ Zapata Computing، والتي أُطلقت في 17 مايو 2018 بتمويل معلن يبلغ 5.4 مليون دولار أمريكي. إن الهدف النهائي لزباتا هو أن تصبح متجراً متكاملاً للخوارزميات الكمّيّة؛ وتوفر كمية كبيرة من البرمجيات الجاهزة التي تستطيع الشركات استخدامها للوصول إلى قوة المعالجة الجبارة التي تعدنا بها الحواسيب الكمّيّة.
بما أن مجال الحوسبة الكمية هو جديد نسبياً، فلا يوجد اليوم إلا القليل من الخبراء القادرين على بناء برمجيات متطورة تعمل على هذه الآلات. جوهريا، تريد زباتا تمكين الشركات من استخدام التقنية من دون حاجة إلى خبير كمّيّ في الشركة.
إن الحماس المحيط بالحواسيب الكمية ينبع من حقيقة أنه بدلاً من البتّات الرقمية، والتي تمثل إما 1 أو 0، تستخدم الكيوبتّات التي قد تكون في كلتا الحالتين في وقت واحد بفضل ظاهرة طبيعية تعرف بالتراكب الكمّيّ Superposition. وكذلك بسبب خاصية شبه-سحرية أخرى، تعرف بالتشابك الكمّيّ Entanglement، وتعني أن الكيوبتّات تستطيع التأثير في بعضها البعض حتى وإن لم تكن متصلة فعليا.
إن توفير كيوبتّات إضافية يرفع من قوة الحوسبة للآلات الكمّيّة، والتي قريباً قد تتفوق على أفضل الحواسيب الفائقة في عدد محدود من المهام. وهذه هي الأخبار الجيدة، ولكن الأخبار السيئة نوعاً ما هي أن الكيوبتّات تميل إلى فقدان حالتها الكمية الرقيقة بعد بضعة ملّي-ثوانٍ. والتغييرات في الحرارة، أو حتى أبسط الاهتزازات، قد تقاطعها وتضيف الأخطاء لحساباتها.
هنا تدخل الخوارزميات الكمّيّة. فهذه الخوارزميات تجري حسابات محددة على آلة كمية بأسرع وأكفأ ما يمكن، كما يمكنها في أغلب الوقت أن تتحاشى الأخطاء. ويقول أسبورو-غوزيك: “فكر في الأمر مثل دوزنة الغيتار، مثل تعديل الأوتار حتى تتناغم، نستطيع اللعب بعدة متغيرات حتى تتناغم دارة كمية Quantum circuit ما مع تطبيق معين.”
وقد انتهت زباتا من التفاوض وحصلت بالفعل على ترخيص حصري من هارفارد للخوارزميات التي طورها أسبورو-غوزيك وفريقه هناك. وهدف الشركة، كما يقول رئيسها التنفيذي كريس سافوا، هو تطوير خوارزميات لمدى من الحواسيب. وبالفعل، فإن أسبورو-غوزيك و فريقه يعملون مع صنّاع الأجهزة الكمّيّة الكبار مثل آي-بي-أم و غوغل، ومع الأصغر منهم أيضاً مثل ريغيتي كمبيوتينغ Rigetti Computing وأيون-كيو IonQ. فهذه الشركات تعمل أيضاً على خوارزمياتها الخاصة، ولكن النظرة هي أن زيادة الإبداع البرمجي هو أمر جيد في هذه السوق الناشئة. “هنا تريد أن ترى عدة أفكار مختلفة تملأ المساحة،” كما يقول جيري تشاو، الذي يرأس جهود آي-بي-أم في الحوسبة الكمية التجريبية.
إذا نجحت استراتيجيتها، فقد تصل زباتا إلى نظرة شاملة عن أداء تطبيقات مختلفة على مدى كبير من الحواسيب الكمية، مما يعطيها امتيازاً كبيراً في السوق. ولكن، لا يزال غامضاً ما إذا كانت الحوسبة الكمية ستحدث فرقاً في بعض المجالات، مثل التعلم الآلة Machine learning، ولكن هناك بعض المؤشرات المبكرة لهذه القابلية. لذا، قد يتطلب الأمر وقتاً طويلاً لبناء ترسانة كبيرة من الخوارزميات.
وفي المدى القصير، تخطط زباتا لأن تركز بشكل أساسي على خوارزميات الكيمياء وعلم المواد. فقد قاد أسبورو-غوزيك الطرق لنمذجة الجزيئات، وهي مهمة شهيرة بصعوبتها حتى مع أفضل الحواسيب الفائقة المتوفرة اليوم، وهناك أمل بأن الحواسيب الكمية ستتمكن قريباً من إيصالنا إلى هذه المحاكاة. وقد يقود هذا إلى تطويرات مثل بطاريات أكثر كفاءة وجزيئات حديثة باعثة للضوء في الشاشات. وأحد الفرق في آي-بي-أم قد استخدم بالفعل آلة كمية لنمذجة جزيء صغير مكون من ثلاث ذرات، وتساءل بعض الباحثين عن دمج الدارات الكمية مع الشبكات العصبية المبارزة Dueling neural networks في محاولة لابتكار جزيئات جديدة.
ومستثمرو زباتا، ممن يشملون بيلار في-سي Pillar VC و ذي إنجين The Engine، وهو صندوق في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا يستثمر في الشركات التي تعمل على “التقنيات الصعبة”، يراهنون على أنه في نهاية المطاف ستظهر تطبيقات أكثر في الحوسبة الكمية، وأنه سيظل هناك نقص في الباحثين القادرين على تطوير الخوارزميات المعقدة التي نحتاج إليها. أما ريد ستورتيفانت من ذي إنجين، فيعتقد بوجود “أقل من مئة” من هؤلاء الباحثين في العالم اليوم، ومن ضمنهم أسبورو-غوزيك إضافة إلى أربعة أعضاء سابقين في فريقه البحثي الذين انضموا إليه الآن وشركة سافوي Savoie كمنشئين للشركة). فإذا كان ستورتيفانت محقاً، فإن الموهبة التي استحوذت عليها زباتا قد تقود إلى قفزة كمّيّة في أرباحها المستقبلية.
صورة: الفريق المؤسس لزباتا كمبيوتينغ
المصدر: COURTESY ZAPATA COMPUTING