دلائل العثور على كائنات فضائية قد تكمن في الماضي البعيد للأرض
يرتكز بحثنا عن حياة على كواكب أخرى على ما تبدو عليه الحياة اليوم، لكن الكرة الأرضية الناشئة كانت مختلفة عن ذلك كثيراً. فماذا لو كان غافلين عن بعض المفاتيح الجوهرية؟
بقلم: كيلي أواكس Kelly Oakes
ترجمة: د. أحمد حمدي
يمكن للقليل من الاكتشافات أن تمثل ما هو أكبر من رصد حياة على كوكب آخر. وسواء أكان هذا الاكتشاف كرة صخرية أم سحابة عملاقة – من الغاز الساخن أم البارد أم ما بينهما، فليس من الصعب إرضاؤنا: وما دامت توجد حياة؛ فإننا نريد أن نعثر عليها.
طوال بحثنا عن حياة خارج الأرض، لم تكن لدينا في أذهاننا سوى صورة واحدة: الأرض. وقد يبدو الأمر من قبيل الغرور، ولكن تركيزنا لها مغزاه بقدر أو بآخر. وعلى كلٍّ، فالأرض هي الكوكب الوحيد في الكون الذي نعلم عنه حقا أنه يدعم وجود حياة. وحتى لو كانت الأشباه البعيدة غير الشمسية لكوكب الأرض تفتقر إلى المحيطات والقارات والغابات المطيرة والصحاري والأغطية القطبية؛ فإن الافتراض الراسخ هو أنها ستكون مألوفة بطرق محددة. فستكون ثمة ماء على السطح، وأكسجين في الهواء، وربما أيضاً غطاء نباتي على اليابسة.
لكن الأرض لم تبدُ دائماً كما تبدو الآن. فخلال الأربعة بلايين سنة ونصف التي وُجد فيها، تعرّض كوكبنا لتحولات درامية: سواء كانت عصوراً جليدية وفترات دفيئة، أم أزمنة كان يستحيل فيها التنفس داخل الغلاف الجوي، أم حين كانت الصحراء تشغل مساحات شاسعة، أم حين طوّقت الغابات المدارية اليانعةُ القطبين. وعبر الجزء الأعظم من هذا التاريخ عنيف التقلب، كانت الحياة تكافح بطريقة ما للبقاء.
وإذا ما وجدنا، مسلحين بدليل الراصد للعالم الذي نسكنه اليوم، كواكب خارجية Exoplanets تشبه هذه الأرض المبكرة، فهل حتى سنتعرف على ما هي عليه؟ ربما لا. إننا نعلم كيف نبحث عن علامات متقدمة نسبياً على حياة ذكية، من قبيل صوت البث المنتظم لموجات الراديو والأضواء الساطعة للمدن الكبرى. ولكن يتعين علينا أن نعتمد على تحديد بصمات أخرى للحياة إذا ما كان سكان الكوكب أقل تقدماً. ولهذا السبب بدأ العلماء المهتمون بتسليط الضوء على البقع المظلمة في بحثنا عن حياة ذكية، وذلك بالنظر عن قرب أكبر إلى موطننا. إنهم يريدون تخيل كيف كانت ستبدو الأرض المبكرة إذا ما شوهدت من موضع بعيد خارج النظام الشمسي.
وكانت أول مرة نحاول فيها دراسة كوكبنا من على بُعد حين أُرسلت بعثة جاليليو في عام 1989. وكان من المخطط أن تدور حول الأرض مرتين، باستخدام قوة جاذبية الكوكب كمقلاع يدفع المكوك في طريقه نحو هدفه النهائي؛ كوكب المشتري. واقترح عالم الفلك كارل ساغان Carl Sagan أنه للكشف عن الغرباء علينا أن ننتهز الفرصة لنصوب أفضل ما لدينا من معدات إلى الأرض نفسها. فإذا لم نجد شيئاً، فإن هذا يعني أن انتباهنا قد يغفل أيضاً عن ملاحظة الحياة في أي مكان آخر.
وكان جاليليو هو الأول من بين عدة مسابير تستخدم أجهزتها بهذه الطريقة، وأكدت أن حضارتنا التقنية سوف تكون قابلة للرصد من قبل حضارة كانت فضائية بعيدة وشبيهة بنا من حيث التقدم.
وحيث لا توجد إشارات على تقنية يمكننا استهدافها، فإن أفضل ما لدينا من علامات – على الإطلاق على وجود حياة هو الأكسجين. وسيصعب الحفاظ على وفرة الأكسجين في غلافنا الجوي – عند نسبة 21% – من دون الضخ المستمر له من قبل النباتات. فالميثان المنبعث من البكتيريا والماشية منتفخة البطن، هو بصمة بيولوجية غامضة، بالنظر إلى أن هناك عدداً من الآليات غير البيولوجية يمكن أن تُنتج الغاز.
ولكن الشاهد الأكبر من وجود أي من الأكسجين أو الميثان، هو وجودهما معاً. ويرجع السبب في ذلك إلى أن اقتران الاثنين قابل للاشتعال ويُطلق تفاعلهما طاقة، وينتج منه ثاني أكسيد الكربون وماء. ويقول كريس راينهارد Chris Reinhard من معهد جورجيا للتكنولوجيا Georgia Institute of Technology: “إذا ما تُرك هذان الغازات من دون أي تدخل، فإنهما سيختفيان على الأرجح … حقيقة أن كليهما موجود بوفرة شديدة نسبياً تقترح أنهما يُضخان في الغلاف الجوي بمعدلات كبيرة للغاية، ربما بواسطة نشاط بيولوجي.”
شرح الصورة: الأرض عبر العصور Earth Through Ages
الإشارات المميزة للحياة اليوم على الأرض تشمل وجود الميثان والأكسجين معاً في الغلاف الجوي. ولكن الحياة على الكوكب وجدت لبلايين السنين قبل تشكل تركيبة الغلاف الجوي التي نراها اليوم.
وهناك علامة أخرى على وجود حياة يُمكن التعويل عليها، وهي الضوء المنعكس من الكواكب. فعلى الرغم من أن الغطاء النباتي لكوكبنا يمتص معظم أطوال الموجات المرئية، باستثناء الأخضر، فإنه يمتص قدراً أقل كثيراً من الأشعة تحت الحمراء. وينتج من ذلك وجود قفزة مفاجئة – تُعرف بالحافة الحمراء red edge – في طيف انعكاس الأرض، وهي ظاهرة يصعب محاكاتها دون وجود كائنات حية.
سيكون البحث عن مستويات عالية من الأكسجين، أو وجود الميثان والأكسجين معاً، أو الحافة الحمراء طريقة جيدة لانتقاء الكواكب التي تشبه الأرض الآن. ولكن الأرض سُكِنت – بغض النظر عن كونها صالحة للحياة – يعود إلى ما هو أبعد من ظهور أي من هذه السمات عليها (أنظر الرسم البياني).
بزغت أولى أشكال الحياة المعروفة منذ نحو 4 بليون سنة، في الوقت الذي بدأت فيه حرارة قشرة الكوكب في الانخفاض لتكون صخوراً ولتظهر بدايات القارات. وفي هذا الوقت، المعروف بالعتائق (الأركايا) Archaean، تَحكَّم في مناخ الأرض ثاني أكسيد الكربون الناتج من البراكين النشطة. وفي هذه البيئة العدائية، بزغت الميكروبات البدائية التي أنتجت الميثان، وكانت مستويات الأكسجين في أدنى مستوياتها. وكان هذا من حسن الطالع – فلو كانت أعلى من ذلك بأي قدر؛ لما بزغت الحياة كما نعرفها على الإطلاق. وتقول ستيفاني أولسون Stephanie Olson من جامعة كاليفورنيا University of California بريفرسايد: “يُسمم الأكسجين بعض كيمياء البروبايوتيك Probiotic، التي نعتقد أن أصل نشوء الحياة على الأرض.”
“لنحو أربعة أخماس تاريخ الأرض، لم يكن ليتسنى لنا أن نرى دليلاً على الحياة كما نعرفها على السطح”.
بعد ذلك بزهاء بليون سنة، بدأ الكوكب بالدخول في زمن يُدعى بالطلائع Proterozoic. وكان البناء الضوئي قد بدأ بالفعل، ولكن في هذا الزمنصارت للقدرة على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين تبعات دائمة على الكوكب. فلأول مرة يوجد الأكسجين وثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي جنباً إلى جنب، مما أدى إلى تسريع وتيرة تطور الحياة متعددة الخلايا Multicellular life.
وفي ذلك الزمن تكرر حدث “أرض كرة الثلج” Snowball Earth مرتين، حين كان الكوكب بأسره مغطى بالجليد. ربما كان ما أَشْعلَ فتيلَ ذلك حدثٌ تافهٌ كانخفاض وجيز في درجة حرارة الأرض؛ مما سمح للغطائين القطبيين بالتمدد. وعكس ذلك المزيد من أشعة الشمس؛ مما تسبب في المزيد من انخفاض الحرارة في دائرة من التغذية الراجعة التي نتج منها فعلياً تجمد الكوكب بأسره. المشكلة هي أننا لا نعلم كيف سيمكن لغطاء جليدي أن يؤثر في فرصة تحديد موضع الحياة من بعيد. وتقول راينهارد: “إن تركيبة الغلاف الجوي أثناء أحداث أرض كرة الثلج غير معلومة لنا إلى حدٌ مدهش”.
لكن السمة المُميزة للطلائع كانت فترة من الاستقرار الواضح تُقدر ببليون سنة من 1.8 بليون سنة حتى 800 مليون سنة مضت. وبعد البزوغ المحموم للحياة متعددة الخلايا، والفوضى المصاحبة للحدث الأول لحدوث أرض كرة الثلج؛ استمتع الكوكب بفرصة أخذ قسط من الراحة. فقد كان المناخ ثابتاً، وبدا أن الحياة تتطور ببطء شديد – إذا كان هناك أي تطور – وظل الأكسجين عند مستويات دنيا. ولا عجب في أن تواضع علماء الجيولوجيا على تسمية هذه الفترة بـ”البليون سنة المملة” Boring billion.
إخفاء الأكسجين
يعتقد البعض أن هذا الوصف غير عادل قليلا. فتلك هي الفترة التي شهدت أول تطور للتكاثر الجنسي، وأول ظهور لحقيقيات النوى Eukaryotes – كائنات حية ذات خلايا مُعقدة نشأ عنها في نهاية المطاف نوعنا، “وهو أمر عظيم”على حد قول نيك بترفيلد Nick Butterfield من جامعة كامبريدج University of Cambridge. ولكن هناك القليل مما سيبدو أنه قد تغير من منظور مسبار جاليليو تابع لكائنات فضائية.
وبمرور الوقت انتهت فترة البليون سنة المملة، وبدأت الحياة، بالفعل، بالضغط على دواسة الوقود. وفي هذا الوقت، يُدعى دهر البشائر Phanerozoic، زاد تنوع أشكال الحياة بشكل هائل فيما يُعرف بالانفجار الكمبري Cambrian explosion، ووصل الأكسجين أخيراً للمستويات التي سيمكن عندها رصده بشكل منفصل، وبدأت النباتات بالازدهار على سطح الكوكب. وكان هذا هو الوقت الذي صارت فيه الحافة الحمراء مرئية لأول مرة.
يُقدم التاريخ المُعقد درساً قاسياً لأولئك الذين يبحثون عن كواكب خارجية بناء على المظهر الحالي للأرض. وتقول راينهارد “لنحو أربعة أخماس تاريخ الأرض، لم يكن بوسعنا أن نرى دليلاً على الحياة على السطح”. فسواء كنت تبحث عن مستويات عالية من الأكسجين، أم وجود الأكسجين والميثان معاً، أم حافة حمراء، فإنك غالباً ما ستعود خالي الوفاض. وتقول أولسون: “لن نكتشف المرشحين الواضحين من حيث البصمات البيولوجية بالجودة التي نعتقد أننا سنلمحها بها.”
يكمن جزء من المشكلة في ضآلة ما نعرفه عن الأرض المبكرة. وليس من قبيل المبالغة القول إننا بطريقة أو بأخرى – سرعان ما سنعرف عن كواكب تبعد عنا بلايين الكيلومترات المزيد عما نعلمه عن ماضي عالمنا الذي يرجع إلى بلايين السنين. ومع توفر القليل جداً من الأدلة الباقية – وتقبل كل منها إلى حد بعيد لتأويلات مفتوحة – تُشكل مهمة إعادة تأسيس تاريخ الأرض تحدياً رئيساً. وإلى أن نردم الفجوات، فإن ما يحت إليه علماء الفلك القائمون على البحث في الحياة في الكون هو أسلوب أكثر شمولاً لتحديد أي الكواكب ستخضع للبحث لاحقاً.
البزوغ الدرامي للغطاء النباتي غَيَّر من مظهر الأرض من الفضاء
من وجهة نظر إنريك باليه Eric Pallé، من معهد الفيزياء الفلكية Institute of Astrophysics في جزر الكناري، فإن أحد السبل الواعدة سيكون المقابل القديم للحافة الحمراء. وحتى منذ العتائق، قبل أن تكون القارات مرتعا للغطاء النباتي بفترة طويلة، يحتمل أنها كانت مغمورة بحصير أرجواني من بكتيريا وحيدة الخلية. ويقول باليه إنه لو كانت هذه الكائنات الحية المتناهية في الصغر موجودة بأعداد كبيرة كافية؛ لكان تأثيرها في الضوء المنعكس من الأرض شبيهاً لمثيله المنعكس من الغطاء النباتي، ولكنه يكون مُزاحاً تجاه الطرف الأحمر القصي من الطيف. ويقول أبل مينديز Abel Méndez؛ مدير مختبر الكواكب الصالحة للسكنى Planetary Habitability في مرصد أريسيبو Arecibo Observatory ببورتوريكو: “يمكنك أن تتصور حزمة كاملة من الألوان سيكون بوسعك الحصول عليها”، اعتماداً على أي أنواع البكتيريا تكون أكثر شيوعاً.
وعلى الرغم من جاذبية ذلك، فإن إشارة هذه الكائنات قد تكون ضعيفة ويصعب تعيينها من بعيد. تعتقد أولسن وزملاؤها أنهم قد حددوا مسارين أكثر وعداً. الأول، ملاحظة الكواكب عبر فترة طويلة من الزمن، بدلاً من مجرد الحصول على لقطة snapshot لمكونات غلافها الجوي. وستكشف ملاحظة الأرض، على سبيل المثال، بهذه الطريقة عن تغير موسمي في مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. ويعزى سبب ذلك إلى أن النباتات تستخدم المزيد من ثاني أكسيد الكربون أثناء موسم النمو، مع هيمنة نصف الكرة الشمالي على الأثر الناتج، بسبب اتساع مساحة اليابسة به. ويقول راينهارد: “سترى نوعاً من التقلب بين الارتفاع والانخفاض مرة في العام.”
من غير المحتمل في كوكب خالٍ من النبات مثل الأرض في البشائر، أن يكون البناء الضوئي للميكروبات كافياً للتسبب في تذبذبات واضحة في مستويات ثاني أكسيد الكربون. وبدلاً من ذلك قد تُنتج الكائنات الحية المتنفسة تفاوتات موسمية مشابهة في الأكسجين. وعلى الرغم من أن مستويات الأكسجين نفسها قد تكون ضئيلة للغاية بما لا يسمح بتحديدها من بعيد، فإن تأثير تأرجحاتها في مستويات المواد الكيميائية الأخرى مثل الأوزون يُمكن – من حيث المبدأ – التقاطه.
وأحد عيوب استخدام الموسمية بوصفها بصمة بيولوجية هو أن بعض العوالم تخلو من المواسم. ويُشير مينديز إلى أن الكواكب التي تدور حول النجوم الأصغر والأكثر إعتاماً، وهي أقرب الجيران إلى الأرض، ينبغي أن تدور قريباً من نجمها ليكون من المحتمل أنها صالحة للحياة، إلا أن ذلك يعني أنها تميل إلى أن تحتفظ – في نهاية المطاف – بالوجه نفسه المواجه للنجم في سائر الأوقات. ويقول مينديز: “لن يكون فيها مد وجزر، ومن ثم لن يكون لديك أي مواسم”.
عدم توازن رهيف
وقد تكون الفكرة الأخرى التي ينصب عمل أولسن وزملائها عليها ذات نتائج أفضل. إنها تتضمن إعادة التفكير في شأن كيف يمكن للحياة أن تؤثر على تركيبة الغلاف الجوي. فالكثير من العناصر مثل الميثان والأكسجين لن تستمر في البقاء معا على الأرض إذا ما اختفت سائر أشكال الحياة المعروفة اليوم، وهناك مجموعات أخرى من الغازات يعُدها العلماء غير مستقرة – أي أنه من الصعب بقاؤها من دون الحياة. فعلى سبيل المثال أثناء العتائق كان هناك عدم توازن بالغ في الغلاف الجوي بين الميثان وثاني أكسيد الكربون، والنيتروجين، والماء، حتى أنها كانت سرعان ما تختفي بمجرد أن يتم التوقف عن إنتاجها.
ولكن ليس من الضروري النظر إلى سائر تلك الغازات في الوقت نفسه. ويذهب فريق أولسون إلى أنك بحاجة فقط إلى أن ترى ثاني أكسيد الكربون وكميات كبيرة على نحو كافٍ من الميثان معاً في غلاف جوي لكي تُدرك أنه ربما يكون هناك شيء ما بيولوجي. وعلى الرغم من أن الوفرة النسبية للأكسجين والميثان ربما لم تكن قطُّ قابلة للقياس من بعيد في أي مرحلة من مراحل تاريخ الأرض، فإن الوفرة النسبية لثاني أكسيد الكربون والميثان قد تكون قابلة للقياس. وتقول أولسن: “إن وجود اختلال توازن قابل للرصد بين ثاني أكسيد الكربون والميثان هو الأرجح عبر مدى واسع من الكواكب … ويشمل ذلك تلك الكواكب التي تتميز بمستويات من الأكسجين غير قابلة للرصد.”
يعتقد بترفيلد أن البحث عن هذا النوع من عدم التوازن في الغلاف الجوي فكرة مثيرة للاهتمام، ولكن ينبغي الحذر من الوقوع أسرى لتفسير ذلك بوجود حياة كائنات فضائية، ويقول: “إن مجرد رؤية اختلال التوازن أمر مثير للاهتمام … ولكن لا يلزم أن يكون ذلك ناتجاً من نشاط بيولوجي”.
وعلى الرغم من استحالة تجنب الشواهد الإيجابية الزائفة False positives، يأمل أولسون بأن تُساعد مفاتيح من قبيل اختلال التوازن والموسمية على إلقاء الضوء على بعض من البقع العمياء في بحثنا عن الحياة. يُعزى أحد أسباب ذلك – بحسب أولسن – إلى “فهي رُبّما لا ترتبط بأيض مُحدد.” فلا يلزم أن تكون حياة الكائنات الفضائية مثل حياتنا بالضرورة – أو حتى أن تتخذ من الكربون أساساً لها – حتى تكشف هذه البصمات البيولوجية المحتملة عن وجودها على كوكب بعيد.
ومع ذلك، فإن الحصول على نظرة جيدة بما يكفي للاكتشاف، ليست بالأمر اليسير. ففهم ما يحدث في الغلاف الجوي لكوكب خارجي يعني جمع أكبر قدر ممكن من الضوء منه. ولكن الكواكب لا تُنتج ضوءاً بالطبع، إنها تعكسه فقط، وهذه الإشارة لا تُذكر مقارنة بضوء نجومها. ومن أجل الفصل بينهما، سنحتاج إلى تيلسكوب تيلسكوب جيمس ويب James Webb التابع لناسا، والمُخطط بدء العمل به في 2021، أو الجيل التالي من التيلسكوبات الأرضية فائقة الحجم. وحتى باستخدام هذه الأجهزة، ستكون المهمة عسيرة. واكتشاف الموسمية على كوكب خارجي سيتطلب الكثير من زمن الرصد، كما يقول باليه، لدرجة “لا تتمكن متها من قياس ذلك، لأن الوقت المطلوب سيتجاوز عمري وعمرك.”
لن يكون أي قياس واحد حاسما. فبدلاً من النظر إلى تركيب الغلاف الجوي لكوكب، وكيفية تغيره عبر الزمن، وأي أمر غير اعتيادي يبدو أنه يحدث على السطح، سيقوم العلماء بتركيب صورة بطيئة التشكل عن فرص هذا العالم في استضافة الحياة. ويقول باليه: “لن يكون الأمر مثل الاكتشاف الذي يحدث حين تحفر في مكان ما ثم تقول: وصلتُ! وجدتها! … إنها عملية نقوم فيها بالانتقاء البطيء لأفضل احتمالاتنا”.
ويمكن أيضاً لجهلنا المتواصل بمناحي الماضي السحيق للأرض أن يعوقنا عن العثور على الحياة في الكواكب البعيدة. وعلى سبيل المثال، لا يزال السبب في بدء حدوث أحداث أرض كرة الثلج في الطلائع سراً غامضاً. وتقول راينهارد إنه حتى لو حدّدنا موضع كوكب خارجي في عصره الجليدي، فإننا لن نعلم كيف سنؤوِّل ما سنراه. ومرة أخرى قد يخاتلنا أحد أعظم الاكتشافات في التاريخ.
كيلي أواكس Kelly Oakes: كاتب مستقل يقيم في لندن.
نشرت المقالة في مجلة نيوساينتيست، العدد 3194، 8 سبتمبر 2018.
هل الاكسجين يتناقص بشكل متسارع علي الارض وربما يصل للمرحله الحرجه التي تقضي علي الكائنات التي تعتمد علي الاكسجين للتنفس والحياة