نهاية حقبة: هل الحضارة الغربية على حافة الانهيار؟
يخبرنا التاريخ بأن كل الحضارات لها تاريخ صلاحية، فهل تشير النزاعات السياسية واللامساواة والتغير المناخي إلى أن حقبة الغرب قد انتهت؟
بقلم: لورا سبيني
ترجمة: محمود وليد
الصورة: يغلب أن يكون للناس الذين يعيشون في مجتمع مضطرب أبناءٌ ينبذون العنف.
يا حسرة على الأيام الخوالي، حيث يمكن رؤية التنبؤات حول «اقتراب النهاية» مكتوبة على الإعلانات المحمولة فقط، ويمكن تجاهل المتشائمين الذين يحملون تلك الإعلانات بسهولة. ولكن الأمر لم يعد بتلك البساطة، فقد اختفت معظم الإعلانات المحمولة وما زال العالم قائما، إلا أن تلك التنبؤات السوداوية لا تزال تظهر، وليس جميعها مبنية على تفسيرات إبداعية لنصوص دينية. فقد بدأ كل من العلماء والمؤرخين والسياسيين بالتحذير من وصول الثقافة الغربية إلى منعطف خطير. فدورات اللامساواة واستنزاف الموارد يتجهان نحو نقطة حرجة أدخلت العديد من الحضارات السابقة في اضطرابات سياسية وحروب، وأدّت في النهاية إلى انهيار تلك الحضارات.
ولكن بشكل عام، يعيش الناس حياتهم بشكل طبيعي، حيث يتبضعون استعدادا لعطلتهم القادمة أو يتواصلون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفي الواقع، يبدو أن العديد من الناس غير مدركين تماما بأن الانهيار قد يكون وشيكا، فهل ما يفعله الغربيون هو الإلقاء بأنفسهم إلى التهلكة؟ والسؤال الأهم هو ما إذا كان العلم على دراية بما يحدث حقا وما قد يحدث مستقبلا، وما إذا كان الناس يستطيعون فعل شيء لتغيير الأمور.
كان الرأي القائل إن قوة الغرب ونفوذه بدآ يتقلصان تدريجيا – وربما يودي ذلك بالحضارة إلى الانهيار– موجودا منذ فترة، ولكن هذا الرأي بدأ باكتساب إلحاح جديد نظرا للأحداث السياسية الأخيرة، لا سيما انتخاب رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب. ويرى البعض أن عزوف الرئيس ترامب عن الالتزامات الدولية هو جزء من وعده «بجعل أمريكا عظيمة مجددا،» وذلك بواسطة التركيز على مصالح دولته الخاصة، أما بالنسبة إلى آخرين فهي خطوة خطرة تزعزع النظام العالمي بأكمله. وفي غضون ذلك، في العالم القديم، تتخبط أوروبا في مشكلاتها هناك.
ليس من السهل الاستعانة بالعلم للتنبؤ بالمستقبل، لا سيما وأن «الانهيار» و«الحضارة الغربية» يَصعُب تعريفهما، فعلى سبيل المثال، نتحدّث عن انهيار الحضارة الرومانية في منتصف الألفية الأولى على الرغم من أن هناك العديد من الأدلة التي تشير إلى استمرار هذه الحضارة باتخاذها شكل أو آخر من الأشكال لعدة قرون لاحقة، وكذلك هناك أدلة تشير إلى أن تأثيرها ما زال ملموسا حتى اليوم. وكانت نهاية مصر القديمة بمثابة تغيير طرأ على موازين السلطة وليست حدثا كارثيا أودى بحياة الجميع. لذلك عندما نتحدث عن الانهيار، هل نقصد بذلك أن الناس يفقدون كل شيء ويعودون إلى العصور المظلمة؟ أم إنه سيكون هناك اضطراب على الصعيدين الاجتماعي والسياسي لفترة من الزمن؟
وعلى غرار ذلك، فإن مفهومَ الحاضرة الغربية مطّاطٌ كذلك، إذ يشير هذا المفهوم بشكل تقريبي إلى أجزاء من العالم نشأت فيها الأعراف الثقافية لأوروبا الغربية، متضمنة أمريكا الشمالية وأستراليا ونيوزلندا، ولكن ما هو خارج حدود تلك الحضارة أقل وضوحا، فقد بنيت الحضارات الأخرى مثل الصين على أسس مختلفة من الأعراف الثقافية، ولكن بفضل العولمة فقد بات من الصعب جدا تحديد المكان الذي تبدأ منه الحضارة الغربية والمكان التي تنتهي فيه.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات، يقوم بعض العلماء والمؤرخين بتحليل نهوض الحضارات القديمة وسقوطها أملا بإيجاد أنماط قد تعطينا تلميحا عما هو قادم.
لذا هل يوجد أي دليل يشير إلى أن الغرب قد اقترب من نهايته؟ وفقاً لبيتر ترتشين Peter Turchin، المختص بالأنثروبولوجيا التطورية في جامعة كونيتيكت University of Connecticut، هناك بالتأكيد بعض العلامات التي تدعو إلى القلق. كان ترتشين عالم بيولوجيا السكان يدرس العلاقة الديناميكية بين أعداد المفترس والفريسة، عندما أدرك أن المعادلات التي كان يستخدمها قد تتطبق على نهوض الحضارات القديمة وسقوطها.
ففي أواخر تسعينات القرن الماضي بدأ ترتشين بتطبيق تلك المعادلات على بيانات تاريخية باحثا عن أنماط تربط العوامل الاجتماعية مثل الثراء واللامساواة في الرعاية الصحية بالاضطراب السياسي، فقد كان متأكدا بشكل كافٍ أنه اكتشف دورتين متكررتين مرتبطتين بفترات زمنية اعتيادية شهدت فيها الحضارات السابقة في مصر القديمة والصين وروسيا اضطرابات.
«لابد من أن تكونوا متفائلين جدا لتظنوا أن تلك المؤشرات لا أهمية لها.»
تستمر دورة «علمانية» لقرنين أو ثلاثة قرون، حيث تبدأ تلك الدورة بمجتمع تنتشر فيه المساواة نسبيا، وبعد ذلك عندما يتزايد عدد السكان يبدأ عرض العمل بتجاوز الطلب، فتقل الأجور وتتكون نخبة من الأثرياء، فيما يتدهور المستوى المعيشي للعمال، وبينما تطغي اللامساواة في المجتمع تمر الدورة بمرحلة أكثر دماراً، فتؤدي معاناة الطبقة الدنيا والتناحر بين النخبة إلى اضطراب اجتماعي وبالنهاية إلى الانهيار. هذا وتوجد دورة ثانية أقصر، إذ تدوم إلى خمسين سنة وتتكون من جيلين – جيل مسالم وآخر مضطرب.
فبالنظر إلى تاريخ الولايات المتحدة، وجد ترتشين ذروات من الاضطرابات في عام 1870 و1920 و1970، والأمر الأسوأ هو أنه يتوقع بأن نهاية الدورة الخمسينية التالية، والتي ستكون في عام 2020، ستتزامن مع جزء مضطرب من دورة أطول ستشهد فترة من الاضطراب السياسي تضاهي كحد أدنى ما حدث قرابة 1970، العام الذي شهد ذروة حركة الحقوق المدنية والمظاهرات ضد حرب فيتنام.
يشبه هذا التنبؤ واحدا آخر ذكره المؤرخان الهاويان ويليام شتراوس William Strauss ونيل هاوي Neil Howe في كتابهما الانعطافة الرابعة The Fourth Turning عام 1997، إذ زعما أنه قرابة عام 2008 ستمر الولايات المتحدة بأزمة ستبلغ ذروتها خلال عشرينات الألفية الثانية – ويُعتقد أن هذا الادعاء قد أثّر بقوة في ستيف بانون Steve Bannon، رئيس المحللين الاستراتيجيين السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتنبأ ترتشين بتلك التنبؤات في عام 2010، وذلك قبل انتخاب الرئيس ترامب والصراع السياسي الداخلي الذي أحاط بانتخابه، ولكن ترتشين منذ ذلك الحين أشار إلى أن معدلات اللامساواة الانقسام السياسي الحاليين في الولايات المتحدة تتضمن إشارات واضحة تدل على دخول الدولة في مرحلة التدهور من الدورة، كما يدل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والأزمة الكتالونية على أن الولايات المتحدة ليست الجزء الوحيد من الغرب الذي يشعر بالضغط.
وأما بالنسبة إلى ما سيحدث مستقبلا، لا يعلم ترتشين شيئا عن ذلك، فهو يشير إلى أن نموذجه يعمل على صعيد المؤثرات واسعة النطاق ولا يمكنه التنبؤ بشكل دقيق بما قد يحوّل عدم الارتياح إلى اضطراب وإلى أي درجة قد تسوء الأمور.
وفيما يخص كيفية تحول الاضطراب في بعض الأحيان إلى انهيار ولماذا، فإن تلك المسألة تثير قلق عالم الرياضيات في جامعة ميريلاند University of Maryland صفا متشرعي Safa Motesharrei، فقد لاحظ أنه بينما تنجو بعض الحيوانات المفترسة على الدوام للحفاظ على استمرارية الدورة، إلا أن بعض الحضارات التي انهارت مثل المايا والمينون والحيثيون لم تتعافَ على الإطلاق.
وقت مستعار
للإجابة عن هذا السؤال، قام متشرعي في البداية باعتبار المجموعات البشرية على أنها «المفترس» والموارد الطبيعية على أنها «الفريسة»، وبعد ذلك قسّم المفترس إلى مجموعتين غير متساويتين، وهي النخبة الثرية وعامة الناس الأقل ثراء، فقد أظهر ذلك أنه إما اللامساواة المجحفة أو نضوب الموارد قد يؤدي إلى انهيار المجتمع، ولكن الانهيار يكون لا رجعة فيه فقط عندما يتزامن هذان العاملان، إذ «يغذي بعضهما الآخر بالأساس،» حسبما ذكر متشرعي.
ويكمن جزء من السبب في أن الأثرياء عزلهم ثراؤهم عن الشعور بتأثير نضوب الموارد لفترة أطول من عامة الناس، لذلك يقاوم الأثرياء أي دعوة إلى التغيير الاستراتيجي حتى فوات الأوان.
ولا يبشر ذلك بالخير بالنسبة إلى المجتمعات الغربية التي تسود فيها اللامساواة بشكل خطير، فوفقا لتحليل حديث، يمتلك أغنى %1 من سكان العالم اليوم نصفَ ثروة العالَم، كما أن الفجوة بين فاحشي الثراء وكافة الناس الآخرين استمرت بالازدياد منذ الأزمة الاقتصادية لعام 2008.
وقد يعيش الغرب بالفعل في وقت مستعار، فقد أظهرت مجموعة متشرعي أنه باستخدام الطاقة غير المتجددة مثل الوقود الأحفوري باستمرار يمكن لمجتمع ما أن ينمو بمعدل أكبر بكثير مما لو كان يعتمد على الوقود المتجدد فقط، لذا يمكن لهذا المجتمع أن يؤخر انهياره، ولكن استُنتج أنه «عندما يحدث الانهيار، فإنه سيكون شديدا جدا.»
تنمو الفجوة بين الأغنياء والفقراء، الأمر الذي يُحدث اضطرابا
يقدم عالم الأنثروبولوجيا في جامعة ولاية يوتاه Utah State University ومؤلف كتاب انهيار المجتمعات المعقدة The Collapse of Complex Societies جوزيف تينتر Joseph Tainter منظورا سوداويا مماثلا، فهو يرى أن أسوأ الاحتمالات هو انقطاع الوقود الأحفوري؛ ما يؤدي إلى فقر إمدادات الغذاء والماء فيموت الملايين خلال أسابيع.
ويبدو ذلك كارثيا، ولكن لا يتفق الجميع على أن نموذج المفترس والفريسة ينطبق على المجتمع المعاصر، إذ يرى الناقدون أن هذا النموذج قد ينطبق على المجتمعات عندما كانت أصغر ومنعزلة أكثر، ولكن الآن؟ فهل يمكننا تخيل الولايات المتحدة تتفكك بفعل حرب أهلية لن ينجو منها أحد؟ فهناك جيش من العلماء والمهندسين يعملون على إيجاد الحلول، ويمكننا نظريا أن نتفادى أخطاء المجتمعات السابقة، كما أن العولمة تجعلنا أكثر صلادة، أليس كذلك؟
ويعيدنا هذا إلى ما نعنيه بالانهيار، تعرّف مجموعة متشرعي المجتمعات التاريخية وفقا لقيود جغرافية صارمة، بحيث إنه إذا نجت مجموعة من الناس وهاجرت للبحث عن مصدر جديد للموارد الطبيعية فإن تلك المجموعة ستشكل مجتمعا جديدا، وبهذا المعيار حتى أكثر المجتمعات تطورا انهارت بلا عودة وقد ينضم الغرب إلى تلك المجتمعات، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه ستكون هناك إبادة.
ولهذا السبب، يتجنب العديد من الباحثين استخدام كلمة «انهيار،» ويتحدثون عوضا عن ذلك عن الفقدان السريع للطابع المعقد للمجتمع Rapid loss of complexity، فعندما تفككت الإمبراطورية الرومانية ظهرت مجتمعات جديدة ولكن بتسلسلات هرمية وثقافات واقتصادات أقل تعقيدا، وعاش الناس حياة أقصر وأقل صحة، وذكر ترتشين أنه من غير المرجح أن يَحدُثَ هذا النوعُ من فقدان الطابع المعقد بصورة شاملة اليوم، ولكنه لا يستبعد نسخا أهوَن منه، كتفكك الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال أو فقدان الولايات المتحدة إمبراطوريتها المتمثلة بحلف الناتو وحلفائها الأقرباء مثل كوريا الجنوبية.
وعلى صعيد آخر، يرى بعض الناس مثل رئيس معهد نيو إنغلاند للأنظمة المعقدة New England Complex Systems Institute في ماساتشوسيتس يانير باريام Yaneer Bar-Yam أن هذا النوع من التغيير العالمي هو تحول في درجة التعقيد، حيث تفسح الهياكل المركزية بشكل كبير كحكومات البلدان المجال لشبكات تحكم شاملة أقل مركزية، فقد ذكر باريام أن «العالم يتحول إلى كلٍ متكاملٍ.» ويتنبأ العلماء بمن فيهم باريام بمستقبل تفسح الدولة القومية المجال لحدود غير واضحة وشبكات عالمية متداخلة من المنظمات، وتأتي هويتنا الثقافية من المنطقة المحلية التي نعيش فيها والأجهزة التنظيمية العالمية.
وكيفما سيؤول الوضع، تقريبا لا أحد يعتقد أن مستقبل الغرب سيكون جيدا، فقد قال المؤرخ من جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا ومؤلف كتاب لماذا يحكم الغرب حتى الآن Why the West Rules – For Now، إيان مورس: «لا بد من أنكم متفائلون جدا لتظنوا بأن المصاعب التي يمر بها الغرب مجرد مؤشرات لا أهمية لها،» لذا هل يمكننا فعل أي شيء لتخفيف حدة الأمر؟
قال ترتشين إنه من خلال التلاعب بالقوى التي تغذي الدورات، على سبيل المثل، التلاعب بها بواسطة فرض ضرائب تصاعدية لحل مشكلة المساواة في الدخل الفردي والدين العام الهائل، قد يكون من الممكن تفادي حدوث كارثة، كما يعتقد متشرعي أنه يجب علينا الحد من النمو السكاني بحيث يكون بمعدلات مستدامة وفقا لما يشير إليه نموذجه، وتتفاوت تلك المعدلات بتفاوت الوقت، بحسب كمية الموارد الباقية وما إذا كنا نستخدمها بشكل مستدام. ولكن تكمن مشكلة هذه الأنواع من الحلول في أن البشر لم يثبوا عظمتهم في التخطيط بعيد المدى، وقد يساعد بحث في مجال علم النفس على توضيح ما سبب ذلك.
يميز علماء الإدراك نوعين شاملين من أساليب التفكير: الأول هو أسلوب سريع تلقائي مرن نسبيا، والآخر أبطأ تحليلي أكثر ومرن، ولكل أسلوب استخداماته حسب السياق، ولطالما اعتقد العلماء أن التواتر النسبي لهذين الأسلوبين عند السكان ثابت، إلا أن عالِم النفس في جامعة ييل Yale University ديفيد راند David Rand يدفع بأن السكان قد يدورون بين الاثنين على مرِّ الزمن.
لنفترض أن مجتمعا ما يعاني مشكلةً في النقل، ما يدفع مجموعة صغيرة من الأفراد إلى التفكير بطريقة تحليلية فيخترعون السيارة، وبهذا فقد حُلت المشكلة، ليس بالنسبة إليهم فقط، بل إلى الملايين الآخرين أيضا، ولأن عددا كبيرا من الناس قد أُعفوا من التفكير التحليلي (في هذا المجال على الأقل)، هناك توجه بين السكان نحو التفكير التلقائي.
ويحدث ذلك كل مرة تُختَرع فيها تكنولوجيا جديدة، والتي من شأنها توفير بيئة ملائمة أكثر، وحالما يستخدم عدد كبير من الناس هذه التكنولوجيا بدون استبصار ستبدأ المشكلات بالتراكم، فمن الأمثلة على ذلك التغير المناخي الناجم عن الاستخدام المفرط للوقود الأحفوري، وهناك أمثلة أخرى منها فرط استخدام المضادات الحيوية الذي يؤدي إلى المقاومة الميكروبية وعدم القدرة على الادخار من أجل التقاعد.
وذكر عالم النفس في جامعة برنستون Princeton University جوناثان كوهين Jonathan Cohen، والذي بنى النظرية مع راند، أن تلك النظرية قد تساعد على حل لغز طال أمده حول المجتمعات المتجهة نحو الهلاك مفاده: لماذا استمرت هذه المجتمعات على سلوكها المدمر للذات على الرغم من أن المفكرين الأكثر تحليلا قد أدركوا الخطر المُحدّق بهم؟ يقول كوهين: «كان القطار قد غادر المحطة،» ولم يكن المستبصرون يقودونه.
«ربما لا يتمكن الابتكار التكنولوجي من إنقاذنا كما فعل في الماضي»
إنها المرة الأولى التي يحاول فيها أحد أن يربط بين تطور المجتمعات بالسيكولوجية البشرية، ويقر الباحثون بأن نموذجهم بسيط في الوقت الراهن. وفي حين أن راند وزملاءه لا ينوون توجيه سياسات ما، إلا أنهم يعتقدون بالفعل أن نموذجهم يشير إلى اتجاه شامل يمكننا أن نتّبعه للبحث عن سبل العلاج. قال كوهين: «لابد من أن يكون التعليم جزءاً من الحل،» قد يمكن أن يكون هناك تركيز أكبر على التفكير التحليلي داخل الفصل.
ولكن تينتر أفاد بأن محاولة ترسيخ التفكير المسبق قد تكون أضغاث أحلام، فقد ذكر أنه إذا كنا قد تعلمنا شيئا من علم الاقتصاد السلوكي فهو أن الناس يميلون إلى العاطفة أكثر من العقل عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات، ويعتقد تينتر أن القضية الأكثر إلحاحا هي تناقص معدل الابتكار فيما يتعلق بالاستثمار في البحث والتطوير، وذلك لأن مشكلات العالم تزداد تعقيدا. وقال تينتر: «أرى نمطا مستقبليا حيث لن يتمكن الابتكار التكنولوجي من إنقاذنا كما فعل في الماضي.»
لذا هل الغرب على حافة الانهيار بالفعل؟ ربما، ولكن استمراره سوف يعتمد بشكل قطعي على وتيرة تأقلم الناس. فإذا لم نقلل من اعتمادنا على الوقود الأحفوري ونعالج قضية اللامساواة ونجد طريقة لوقف شجار النخبة فيما بينهم، لن تكون نهاية الأمور جيدة. وباعتقاد تينتر، إذا نجا الغرب فذلك سيكون بمحض الصدف وليس حسن التقدير، فقد قال تينتر: «نحن كائنات متخبّطة، فلطالما كنا كذلك وسنظل كذلك إلى الأبد.»