بقلم: ليا كرين
ترجمة: ألطاف الزواوي
إن العالم ممتلىء بالأمور التي تشتت الانتباه. ولسوء حظنا، فإن العالم يقتضي منا العمل أيضاً، فالتأقلم مع الأول فيما لا تزال تؤدي ما يكفي من الثاني هو… عفواً، ماذا كنت أقول؟
آهٍ! نعم، إن العالم ممتلىء بالأمور التي تشتت الانتباه… إذا كنت تعمل في المكتب، فربما يكون ما يشتت انتباهك هو الرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية أو زملاء لديهم استفسارات؛ وإذا كنت في المنزل فإنه قد يكون محتوى الثلاجة أو الانتباه المفاجئ للغبار المتجمع تحت الأريكة. وفي بعض الأحيان أقل الأمور قد تشتت انتباهك. يقول أدريان فارنهام Adrian Furnham، عالم النفس وخبير الإدارة من كلية بي.أي النرويجية لإدارة الأعمال BI Norwegian Business School في أوسلو: “إذا كنت جالساً وتؤدي عملك ويقول شخص ما بجانبك أمراً مثيراً للاهتمام تحديداً مثل ‘العلاقات العاطفية’ أو ربما ‘بريكسيت’ (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، فقد يؤدي ذلك إلى تشتيت انتباهك.”
إذًا، كيف نستطيع أن نكبح جماح عقلنا الشارد؟ فإغلاق خدمات الرسائل الإلكترونية والهاتفية يساعد على ذلك. ضع هاتفك الذكي والشاشات الإلكترونية الأخرى بعيداً، لأنها تجذب انتباهنا حتى ولو كانت مغلقة. يقول فارهمان: “إذا كنت تمتلك شاشة إلكترونية، فإن ذلك ليس مفيداً أثناء محاولة معالجة المعلومات.”
إذا كنت تميل إلى وضع السماعات واستخدام الموسيقى لحجب ما يشتت انتباهك، فتجنب السماع إلى أي شيء مألوف: معرفة الكلمات أو اللحن جيداً ستزيد من تشتيت انتباهك.
“إذا كنت تستخدم الموسيقى لحجب ما يشتت انتباهك، فاحرص على أن تكون موسيقى لا تعجبك.”
ويظهر بحث فارنهام أن هذا التأثير يكون أكثر وضوحاً في الأشخاص الانطوائيين. إذ يقول: “أسوأ ما قد يشتت الانتباه على الإطلاق هو أداء الانطوائيين مهام متعلقة بمعالجة النصوص المعقدة أثناء استماعهم للموسيقى المألوفة الصاخبة.”
لكن ليس كل ما يشتت الانتباه سيِّئ؛ إذا كنت تؤدي عملا متكررا مثل وضع الرسائل في الأظرف أو صف القرميد؛ فإن كونك مشتتاً عبر الاستماع للموسيقى أو البث أو التحدث إلى زميل سيزيد من الإنتاجية في نهاية الأمر.
وبإمكان الإبداع الاستفادة من تشتت الانتباه أيضا، فقد اكتشفت جيهي شين Jihae Shin،الآن في جامعة ويسكونسن – ماديسون University of Wisconsin-Madison، أنه عندما لعب أشخاص لعبة ماين سويبر Minesweeper وسوليتير Solitaire مدة خمس دقائق قبل ابتكار أفكار عمل جديدة، فإنهم أصبحوا أكثر إبداعاً مقارنة بمن لم يلعبوا.
وأداء المهام المختلفة بشكل متبادل يساعد أيضا. فهذا على العموم عدو للإنتاجية: فهو يشجع الأخطاء، ويلهينا عن إتمام المهام، ويحفز النسيان، ويقلل من جودة الكتابة. لكن عندما نحاول الإتيان بحلول مبتكرة؛ فإن تشتيت التبديل بين المهام يساعد على منع “التثبيت المعرفي” Cognitive fixation للأساليب غير الفعالة.
لهذا؛ إذا كنت من النوع المبدع، حاول أن ترتب مهمتين أو أكثر وأمض يومك بالتبديل بينهما سريعاً؛ وإذا لم ينجح ذلك، فالعب بهاتفك.
العبرة: شَتِّت انتباهك، لكن لا تشتته كثيراً.
New Scientist ©