بقلم: غرايام لاوتون
ترجمة: مايا سليمان
عادةً ما يبدأ يوم عملي بالطريقة نفسها. أُحضر القهوةَ، أُشغل حاسوبي، أُلقي نظرة على بريدي الإلكتروني وقائمة مهامي – ثم أنجز الأسهل منها. وقد تكون هذه الأخيرة كتابة قائمة أخرى مثلأ. أحيانا أضيف أعمالا كنت قد أنجزتها بغرض التلذذ بشطبها من القائمة. ومع وصولي إلى المهام الحقيقية، أكون قد أضعت من الوقت ما يقارب … لن أكمل، فمديرتي تقرأ هذا.
لكنني بهذا أهدر أفضل وقت من يومي. ففي عام 2011 أَظهر تحليلٌ لأكثر من 500 مليون تغريدة في 84 بلداً أن مزاجها اتبع مساراً متوقعاً: إيجابيًّا في البداية ليتحول مريرا مع مرور الوقت. فالمزاج الجيد يساعد على الإبداع واتخاذ القرارات وتحسين ذاكرة العمل؛ مما يشير إلى أنه من المستحسن إنجاز المهام التي تتطلب هذه المهارات مبكراً.
ويتبع الأداء الإدراكي مساراً متوقعاً مماثلاً. “النصف الأول من اليوم جيد، إذ يصل إلى ذروته نحو الساعة عند الكثير من الأفراد،” كما يقول راسل فوستر Russell Foster، عالم أعصاب من جامعة أكسفورد University of Oxford. “ثم نعاني انخفاضا تتبعه ذروة أخرى لنستمر في الانخفاض من بعدها.”
انخفاض ما بعد الظهيرة ليس خرافة، إذاً، بل سمة طبيعية لساعاتنا الجسدية، كما يقول فوستر. ويبدأ الأدينوزين Adenosine، وهو مركب مهمته متابعة الوقت الذي قضيناه مستيقظين، بممارسة “ضغط النوم” Sleep pressure فيما يتراكم في الدماغ. إذًا، يجدر بك ترك المهام السهلة والروتينية التي غالبا ما تنجزها أولاً كالرد على رسائلك الإلكترونية والقراءة وتعبئة جدول مصروفاتك وكتابة القوائم لآخر مساءات أيام الصيف الطويلة.
“الموظفون الذين يعملون بسرعة عالية جداً أو قبل المهلة الأخيرة بفترة قصيرة جدا يكون احتمال ترقيتهم أو أمانهم الوظيفي أقل من الآخرين.”
وأحد العوامل المعقدة أن لكلِّ منا نمطاً وقتيًّا chronotype طبيعيًّا خاصًّا به ربما لا يتوافق مع ساعات عملنا. ونحو 20% من الأفراد “بومات ليلية”؛ مما يعني أنهم ينامون متأخرا بشكل طبيعي ويستيقظون متأخرا ويعملون بشكل أفضل في الساعات المتأخرة. ونحو 20% آخرين “قُبَّرة صباح” يكونون في أفضل حالاتهم في الصباح. أما البقية؛ فهم بَيْنَ بَيْن.
وتقترح الدراسات الأخيرة في بريطانيا أن “تعارض العمل والنوم” Work-sleep conflict الذي يستنزف الإنتاجية، وهو العمل المنجز في أوقات النوم الطبيعية، هو أمر شائع. ونسبة من لا يعانون أي تعارض لا تتعدى 45%، فيما يعاني 10% من الأفراد تعارضا يتخطى الساعتين. ومن المرجح أن هؤلاء هم “البومات” المجبرون على الذهاب إلى العمل في الوقت الذي تصرخ فيه ساعات أجسادهم راجية منهم البقاء نائمين.
بومةٌ ليلية كنتَ أم لا، إذا شعرتَ بانفاض في نشاطك؛ اخلد إلى قيلولة لتجديد الطاقة. “عالم الأعمال يفكر بجدية في القيلولات،” كما يقول فوستر. “قد تحسن قيلولة مدتها 20 دقيقة في الظهيرة المبكرة الأداء الإدراكي والتيقظ.” أو عرض نفسك للضوء الطبيعي أو اشرب كوباً من القهوة: الكافيين يُثبِّط الأدينوزين؛ مما يقلِّل من ضغط النوم ويحاكي تأثير القيلولة.
جرِّب كل هذا؛ وستجد نفسك على وشك العودة إلى المنزل بعد نهاية يوم عمل مُرضٍ ومنتج. لكن لا تتوقف عند هذا الحد. يوصي الكثير من خبراء الإنتاجية باختتام يوم العمل بتدوين تلخيص مقتضب عن إنجازات اليوم وإخفاقاته وقائمة عمل للغد. وفي مقدمة هذه القائمة التمتع بنوم ليلة جيد، كما يقول فوستر. فمهمة تحقيق نهار جيد تبدأ بليلة مثالية.
العبرة: جِدْ إيقاعك الخاص وتحرك باتجاهه.
©New Scientist