غوغل تدعي أنها بلغت أخيرًا التفوق الكمي
بقلم: تشيلسي وايت
ترجمة: صفاء كنج
ربما نكون على عتبة فجر حقبة جديدة في الحوسبة؛ فقد زعمت غوغل أن حاسوبها الكمّيّ (الكمومي) Quantum computer أجرى عملية حسابية يستحيل عمليًّا حتى على أفضل حاسوب عملاق أن يجريها؛ بعبارة أخرى، لقد حقق التفوق الكمّيّ.
إذا صح الأمر، فهذا خبر مذهل. للحواسيب الكمّيّة إمكانات لتغيير الطريقة التي نصمم بها مواد جديدة وتطوير الخدمات اللوجستية وتطوير الذكاء الاصطناعي وفك التشفير. وهذا هو السبب الذي يجعل شركات مثل غوغل Google وإنتل Intel وآي بي إم IBM، إلى جانب الكثير من الشركات الناشئة، تتسابق لتحقيق هذا الإنجاز البارز.
لكن هذا التطور الذي سجلته شركة غوغل يعتريه الغموض؛ فقد نُشرت ورقة تحتوي على تفاصيل العمل على خادم الوكالة ناسا في منتصف سبتمبر (2019)، قبل أن تُسحب بسرعة. وتناقل العديد من وسائل الإعلام هذه الشائعات، لكن شركة غوغل لم تعلق عليها.
تحوي نسخة من الورقة التي اطلعت عليها مجلة نيو ساينتست New Scientist تفاصيل عن المعالج الكمّيّ Quantum Processor سيكامور Sycamore الذي يحوي 54 بتا كموميا Quantum bits أو كيوبت فائق التوصيل. وتدعي أن المعالج سيكامور حقق التفوق الكمي. وتحمل الورقة اسم مؤلف واحد فقط هو جون مارتينيس John Martinis من جامعة كاليفورنيا University of California بسانتا باربارا، والمعروف أنه تعاون مع شركة غوغل لتركيب أجهزة Hardware الحاسوب الكمّي.
وقد ذُكر في الورقة: “هذا التسارع الدراماتيكي مقارنة بجميع الخوارزميات الكلاسيكية المعروفة يوفر تحقيقاً تجريبياً للتفوق الكمّيّ في مهمة حوسبية، ويبشر بظهور نموذج الحوسبة الذي طال انتظاره”.
يبدو أن شركة غوغل دخلت في شراكة مع الوكالة ناسا للمساعدة على اختبار الحاسوب الكمي. ففي عام 2018، عالج معالج شركة غوغل الكمّيّ مشكلة أخذ عينات عشوائية؛ أي التحقق من أن لمجموعة من الأعداد توزيعا عشوائيا Random distribution حقيقيا. هذا صعب جدًّا بالنسبة إلى حاسوب تقليدي عندما يكون هناك عدد كبير من الأعداد Numbers.
عشوائي بالكامل
لكن المعالج سيكامور يعمل بشكل مختلف. فعلى الرغم من أن واحدة من كيوبتاته Qubits لم تعمل، فإن الـ53 كيوبت الباقية تشابكت Entangled مع بعضها بعضاً واستُخدمت لتكوين مجموعة من الأرقام الثنائيةBinary digits، وذلك ليتحقق المعالج من أن توزيعها كان عشوائيًا بالفعل. وحسبت الورقة المنشورة الفترة التي سيستغرقها الحاسوب سامِت Summit، أفضل حاسوب فائق في العالم، لينجز العملية هي عشرة آلاف سنة. لكن المعالج سيكامور أجرى العملية في ثلاث دقائق و20 ثانية.
هذه المهمة المرجعية ليست مفيدة بشكل خاص فيما عدا إنتاج أعداد عشوائية حقا، فقد كانت برهانا على صحة المفهوم. غير أنه في المستقبل، كما ذُكر في الورقة، قد تكون الشريحة الكمّيّة مفيدة في مجالات تعلم الآلة وعلوم المواد والكيمياء. على سبيل المثال، عند محاولة نمذجة تفاعل كيميائي أو تصور الطرق التي قد يتصل بها جزيء جديد بالجزيئات الأخرى، يمكن للحواسيب الكمّيّة التعامل مع الكم الهائل من المتغيرات لإنشاء محاكاة دقيقة.
وقال جيم كلارك Jim Clarke من إنتل لابز (مختبرات إنتل) Intel Labs في بيان: “يُعد آخر ما نشرته شركة غوغل حول تحقيق التفوق الكمّيّ علامة بارزة، إذ نواصل تعزيز إمكانات الحوسبة الكمّيّة”.
ومع ذلك، أضاف كلارك، ما زلنا في “الميل الأول من هذا الماراثون”. هذا العرض برهان على إمكانية تحقيق المفهوم، غير أن المعالج لا يخلو من الأخطاء. وستستمر عملية صنع معالجات أفضل وأكبر واستخدامها لإجراء عمليات حوسبية مفيدة.
في الوقت نفسه، لم تُهمّش الحوسبة الكلاسيكية. فخلال السنوات القليلة الماضية، مع تحقيق الحوسبة الكمّيّة خطوات نحو التفوق، حرَّكت الحوسبة الكلاسيكية مواقع أهدافها قدماً إذ أظهر الباحثون أنها قادرة على محاكاة أنظمة أكثر تعقيدًا. وقد تستمر هذه الحركة جيئة وذهاباً.
وتقول الورقة التي نشرتها شركة غوغل: “نتوقع أن نصل في المحصلة إلى خفض تكاليف المحاكاة عما أبلغ عنه في هذا المقام، لكننا نتوقع أيضًا أن يتم تجاوزها باستمرار من خلال إدخال تحسينات على أجهزة المعالجات الكمّيّة الأكبر”.
© Copyright New Scientist Ltd.