العلم وراء مطالب تغير المناخ الثلاثة لثورة الانقراض
بقلم: آدم فوغان
ترجمة: صفاء كنج
اعتصم مئات من الناشطين المطالبين بالتحرك لمواجهة تأثيرات التغير المناخي في شوارع لندن طوال 11 يوماً في أبريل 2018 تسببوا خلالها بتوقف الحركة في أجزاء من العاصمة، فيما ألقت الشرطة القبض على أكثر من ألف منهم.
وقبل أن ينهوا اعتصامهم، ألصق المتظاهرون أنفسهم بشريط لاصق بواجهة مبنى بورصة لندن.
بعد هذا الحراك انصب الاهتمام على مطالب الجماعة التي تقف وراء الاحتجاجات وتحمل اسم “ثورة الانقراض” Extinction Rebellion. كانت المجموعة تسعى إلى إجراء مفاوضات مع حكومة المملكة المتحدة ولا سيما لقاء وزير البيئة حينها مايكل غوفMichael Gove (الذي لم يعد حالياً في منصبه) ووزيرة الطاقة كلير بيري Claire Perry.
وتبعت المحادثات الحكومية حول هذا الموضوع أسبوعان غير عاديين أضرب خلالهما الآلاف من تلاميذ المدارس للمرة الثالثة مطالبين بالتحرك في مواجهة التغير المناخي Climate change، والتقت الناشطة السويدية الشابة غريتا ثونبرغ Greta Thunberg النواب وقادة الأحزاب، وحذر المؤرخ والمذيع التلفزيوني السير ديفيد أتينبورو Sir David Attenborough عبر برنامج تلفزيوني يذاع في وقت الذروة من التهديد الخطير الذي يمثله التغير المناخي. في المملكة المتحدة طالبت جماعة ثورة الانقراض بثلاثة مطالب؛ فهي تريد من الحكومة “قول الحقيقة” حول تغير المناخ، وإنشاء مجلس للمواطنين لتوجيه العمل المطلوب، وتحديد هدف تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة إلى الصافي الصفري Net zero بحلول عام 2025.
ويقول روبرت ريد Rupert Read، وهو عضو في مجموعة الاستراتيجية السياسية للحركة، إن مؤسسي حركة ثورة الانقراض أرادوا وضع مجموعة من المطالب الواضحة التي لا جدال حولها، بدلاً من صياغة بيان تفصيلي. ويضيف قائلًا إنهم أرادوا “عدم الغوص في برنامج مفصل، وإنما التوصل إلى شيء قد يتفق عليه الجميع”.
تحدي 2025
إن وصفنا هدف الوصول إلى تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة إلى الصافي الصفري بحلول 2025 بأنه هدف راديكالي لا يصفه حق قدره؛ فهدف المملكة المتحدة الحالي هو خفض الانبعاثات بحلول عام 2050 بنسبة أقل بـنحو 80% من مستوى عام 1990- وهو هدف لا يبدو أن البلاد على المسار الصحيح لبلوغه. وبالفعل، قال مارك ماسلين Mark Maslin من جامعة يونيفرسيتي كوليدج لندن University College London إنّ تحقيق هدف الصافي الصفري من الانبعاثات في غضون ست سنوات هدف غير واقعي. “2025 قريب جدًا والعديد من التغييرات تتطلب تغييرات في البنية التحتية والمسؤوليات، وبالطبع إعادة زراعة الأشجار واستعادة البرية Rewilding، وكل هذا يستغرق عقوداً”.
يقر ريد بأن بعض أفراد المجموعة رأوا أن تحديد تاريخ لاحق، نحو عام 2029، سيكون أكثر مصداقية. ويضيف قائلًا: “أنا أؤيد جدا عام 2025 مئة في المئة، كما هي الحال مع معظم أعضاء ثورة الانقراض، على الرغم من وجود بعض المعترضين”.
قال بعض أعضاء الجماعة لمجلة نيو ساينتست New Scientist، إنه على الرغم من ضرورة تحديد أهداف تستلزم التحدي، غير أنه من السذاجة اقتراح إمكانية تحقيق ذلك الهدف بحلول 2025.
لكن ريد يقول إنه يمكن تحقيق هدف عام 2025 من خلال “صفقة خضراء جديدة” Green new deal لإبدال سخانات الماء العاملة بالغاز في ملايين المنازل. ويضيف أنه ينبغي منع قيادة السيارات القديمة نهائيًّا في الطرق، وأن تحل محلها طرز كهربائية.
طوارئ إيكولوجية
إن قول الحقيقة سيساعد على الوصول إلى هدف 2025، كما يقول. تطالب جماعة ثورة الانقراض الحكومة “بأن تقول الحقيقة من خلال إعلان حالة طوارئ مناخية وإيكولوجية”. على ذلك أجابت بيري إن ” الأفعال هي أهم ما في الأمر”.
لكن ريد يقول إن أحد جوانب هذا الطلب يتعلق بأسلوب الخطاب وطريقة إيصال حجم التغيير المطلوب للتصدي للتغير المناخي. و”هذا يعني إعلان حالة طوارئ مناخية. وإبلاغ المواطنين أنه تهديد وجودي. وأن الأمر لا يتعلق فقط بالبيئة، وإنما بكل شيء. وبأن علينا أن نغير الكثير من الأمور”، كما يقول.
يتضمن الجانب الثاني من مطلب “قول الحقيقة”، الذي تطالب به الجماعة، المحاسبة. تشير الأرقام الرسمية إلى أن انبعاثات غازات الدفيئة Greenhouse gas emissions في المملكة المتحدة انخفضت بنسبة 44% منذ عام 1990. ولكن هذا لا يشمل انبعاثات إنتاج السلع والخدمات المستهلكة، ولا تلك الصادرة عن السفر الجوي الدولي أو الشحن.
هاجمت ثونبرغ هذا الإغفال في خطابها أمام النواب البريطانيين في أبريل 2019، ووصفته بأنه “محاسبة كربونية مبدعة جدا”.
اسألوا الأفراد
آخر ما طلبته مجموعة الثورة الانقراض هو إنشاء جمعيات للمواطنين لتوجيه العمل والسياسات المتصلة به. وكان مجلس مدينة أكسفورد Oxford City Council أول سلطة محلية تعد بتشكيل جمعية مماثلة.
ولكن ماذا سيحدث لو بينت هذه المنتديات أن الكثير من الأفراد متحفظون جداً في الواقع بشأن التحركات المتصلة بتغير المناخ، مثلما تشير بعض الدراسات؟، كما يقول ريد: “لا نعرف. سنصاب بخيبة أمل كبيرة وسيتعين علينا إعادة التفكير في الأمر”، مع أنه يرِّجح أن تطالب الجمعيات المحلية باتخاذ إجراءات جذرية.
حتى لو لم يُقبل أي من مطالبها، فقد تركت جهود الجماعة تأثيراً بالفعل. فقد أيدها حزب العمل Labor party، وفجأة بدأ مختلف السياسيين يتحدثون عن تغير المناخ وعن الإجراءات المطلوبة.
وفي يونيو 2019، التزمت حكومة المملكة المتحدة بناء على توصية مستشاري المناخ بهدف التوصل في 2050 إلى الصافي الصفري من الانبعاثات.
ويقول ريد: “إن أحد الأهداف التي تشكلت من أجلها جماعة التمرد على الانقراض هو: ’جعل ما هو مستحيل سياسيًا، ممكنًا سياسيًا’”.
© 2019, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.