منظمة الصحة العالمية تكشف خطة لتوزيع اللقاح على الرغم من العقبات
دول تضم نحو ثلثي سكان العالم انضمت إلى الخطة، ما عدا الولايات المتحدة وروسيا والصين
بقلم: كاي كوفرشميدت
ترجمة: مي بورسلي
في الأسبوع قبل الأخير من سبتمبر أعلنت منظمة الصحة العالمية World Health Organization (اختصارا: المنظمة WHO) عن إحراز تقدم في جهودها لضمان استفادة العالم بأسره، وليس الدول الغنية فقط، من لقاحات ضد مرض كوفيد-19 (COVID-19) الناجحة. وذكرت المنظمة WHO أن 156 دولة قد انضمت إلى خطتها لشراء وتوزيع اللقاحات. كما أوضحت الآليةَ التي تخطط من خلالها تخصيص جرعات اللقاح، بهدف “إنهاء المرحلة الحادة للوباء بحلول نهاية عام 2021”.
تقول ألكسندرا فيلان Alexandra Phelan، المختصة بالصحة العالمية من جامعة جورج تاون Georgetown University: “إنه نجاح كبير أن يسجل ما يعادل 64% من سكان العالم في الخطة”. لكن الصين وروسيا والولايات المتحدة غائبة عن قائمة الشركاء في خطة المنظمة WHO، المعروفة بالوصول العالمي للقاحات كوفيد-19 COVID-19 Vaccines Global Access (اختصارا: الخطة: كوفاكس COVAX). وتقول فيلان إن غيابهم يعكس “ديناميكيات القوة غير المتكافئة في الصحة العالمية”. وهو ما يطرح تحديات مالية أمام الخطة كوفاكس ويثير مخاوف من أن بعض البلدان ذات الدخل المرتفع ستخزن إمدادات اللقاح المبكرة لسكانها. كما تكافح المنظمة أيضًا لضمان الكيفية التي سيوزع بها اللقاح توزيعا عادلا منذ البداية؛ لأن إمدادات اللقاح بالتأكيد لن تكون كافية منذ البداية.
وفي 21 سبتمبر قال سيث بيركلي Seth Berkley، رئيس التحالف العالمي للقاحات والتحصين GAVI Vaccine Alliance، في مؤتمر صحافي: “اعتبارًا من اليوم، قدمت 64 دولة من الدول ذات الدخل الأعلى، بما في ذلك 29 اقتصادًا يعمل كفريق أوروبا Team Europe، التزامات مقيدة قانونًا للانضمام إلى الخطة كوفاكس”. وستدفع تلك الدول التي تشمل كندا واليابان ونيوزيلندا، ثمن جرعات اللقاح. ومن المتوقع أن توقع 38 دولة أخرى من الدول ذات الدخل الأعلى على الخطة كوفاكس.
ويقول أشيش جها Ashish Jha، عميد كلية الصحة العامةSchool of Public Health بجامعة براون Brown University: “حقيقة أن الولايات المتحدة ليست جزءًا من هذه المشاركة على الإطلاق، من وجهة نظري، أمر مقلق جدا”. وقال بيركلي إن القائمين على الخطة كوفاكس يأملون بمشاركة جميع الدول.
ولا يزال هناك العديد من الأسئلة حول مقدار ما ستحققه الخطة كوفاكس من نجاح. فحتى الآن، فقد التزم المانحون بتقديم 700 مليون دولار فقط من إجمالي بليوني دولار التي تأمل بجمعها الخطة كوفاكس خلال عام 2020 لدفع ثمن جرعات اللقاح لـ 92 دولة مشاركة منخفضة الدخل. وليس من الواضح الكيفية التي ستؤثر بها الصفقات التي أبرمتها العديد من الدول الغنية بالفعل مع مصنعي اللقاحات على خطط المنظمة WHO. ويقول أليكس هاريس Alex Harris، من الصندوق الخيري ويلكوم ترست Wellcome Trust إن الصفقات قد تعني أن البلدان “لن تحتاج إلى الخطة كوفاكس كثيرًا، ومن ثم ربما لا تمنح التمويل الكافي للبلدان غير الممولة ذاتيًا”.
مثل هذه الصفقات الثنائية تمثل تهديدًا للخطة كوفاكس، كما تعترف ماري انجيلا سيماو Mariangela Simao، من المنظمة WHO، إلا أن العديد من هذه المفاوضات كانت جارية في مرحلة إعداد الخطة كوفاكس.
و”آلية التخصيص العادل” التابعة للمنظمة WHO تقترح توزيع اللقاح الذي اشترته الخطة كوفاكس على مرحلتين. في المرحلة الأولى، ستتلقى جميع البلدان المشاركة جرعات لقاح تتناسب مع عدد سكانها: في البداية، لقاح كافٍ لتحصين 3% من سكانها، مع تخصيص الجرعات الأولى لمقدمي الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية والعاملين في الرعاية الاجتماعية. بعد ذلك، ستُسلم الجرعات إلى جميع البلدان حتى تغطي 20% من سكانها. والمنظمة WHO تتوقع أن تذهب هذه الجرعات إلى الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بكوفيد-19: كبار السن والمصابين بالأمراض ذات الصلة Comorbidities.
والمرحلة الثانية من الخطة ستمنح الأولوية لدول معينة ستتلقى اللقاح على أساس الحاجة الملحة. والمنظمة WHO ستقترح معيارين لتقرير الأولوية: مدى سرعة انتشار الفيروس، وما إذا كانت مسببات الأمراض الأخرى (الكائنات الممرضة Pathogens)، مثل الإنفلونزا أو الحصبة، تنتشر في الوقت نفسه؛ ومدى ضعف النظام الصحي للبلد، استنادًا إلى مقاييس مثل إشغال الأسرّة في المستشفيات.
ينتقد إزيكيل إيمانويل Ezekiel Emanuel، خبير الأخلاقيات البيولوجية بجامعة بنسلفانيا University of Pennsylvania، نهج المنظمة WHO في المرحلة الأولى، قائلاً إن البلدان الأكثر احتياجًا يجب أن تتصدر القائمة منذ البداية. ويقارن الموقف بطبيب في غرفة طوارئ مكتظة. “لا يخرج الطبيب إلى غرفة الانتظار ويقول: سأمنح كل من يجلس في غرفة الانتظار ثلاث دقائق. بل يقول الطبيب: حسنًا، من منكم حالته خطيرة؟ … سأباشرك أولاً”. وفي الوقت الحالي، كما يقول إيمانويل، فإن إرسال لقاح إلى كوريا الجنوبية أو نيوزيلندا أو العديد من البلدان الإفريقية ذات معدلات الإصابة المنخفضة لن يفعل الكثير لتقليل الوفيات الناجمة عن الإصابة بكوفيد-19.
ولكن بروس أيلوارد Bruce Aylward، من المنظمة WHO، يشير إلى أن الفاشيات الجديدة يمكن أن تظهر فجأة: “تذكر أننا نتعامل مع تهديد واسع الانتشار (الفيروس) ونقاط ضعف في كل مكان (مجموعات معرضة بشدة لمخاطر عالية)!”
ويقول جها إن تخصيص بعض اللقاحات لكل دولة مشاركة ربما كان ضروريًا من الناحية السياسية. “أعتقد أن المنظمة WHO ربما تُوازِن بين محاولة حماية عدد كافٍ من الأشخاص ومحاولة خلق شعور كافٍ بالمشاركة، بحيث يكون الناس على استعداد للمشاركة”. ويقول إيمانويل إنه يتفهم موقف المنظمة WHO، “لكن يجب ألا نخلط بين السياسة والأخلاق”.
وفي الوقت الحالي، على الرغم من أن السياسة أمر مهم جدا. “السؤال الحقيقي هو: عندما يتوفر اللقاح الأول، من سيحصل على هذه الجرعات؟”، كما يقول هاريس. “تحتاج الخطة كوفاكس الآن إلى تأمين الصفقات للدول الأعضاء التي ستعمل جنبًا إلى جنب مع الصفقات الثنائية القائمة مع البلدان الأخرى حتى تحصل جميع البلدان على بعض جرعات اللقاح المبكرة، بدلاً من حصول بعض الدول على كل شيء”.
© 2020, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved