من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت الروبوتات تطور المهارات الاجتماعية لدى الأطفال المصابين بالتوحد
أحدث دراسة أمريكية تشير إلى أن الروبوتات قد تساعد الأطفال المصابين بالتوحد على تعلم المهارات الاجتماعية. للأسف، لم يثبت ذلك بعد
بقلم: تيموثي ريفيل
ترجمة: مي بورسلي
من القيام بالقفزات الخلفية إلى المناقشات العامة، بدأت الروبوتات في استيعاب المهام الجديدة بمعدل مثير للإعجاب مؤخرًا. ومن بين هذه المهام التي تجذب الانتباه المتزايد مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد على تحسين مهاراتهم الاجتماعية.
والمنطق وراء ذلك هو إمكانية برمجة الروبوتات لتكون متسقة في استجاباتها، مما يزيل عدم القدرة على التنبؤ الشائع في التبادل الاجتماعي والذي يعاني منه بعض المصابين بالتوحد. علاوة على ذلك، يمكن تصميم الروبوت للاستجابة بالطريقة الأفضل لكل فرد، وبرمجته لزيادة تعقيد تفاعلاته تدريجياً، مما يجعله مُدرِّبًا اجتماعيًا جيدًا.
وهناك دراسة جديدة أضافت مصداقية لهذه الفكرة تدعي أن الأطفال المصابين بالتوحد أظهروا مهارات اجتماعية محسنة بعد جلسات تدريبية مع روبوت.
فبرايان سكاسيلاتي Brian Scassellati، من جامعة ييل Yale University، وزملاؤه نظموا لتسعة أطفال مصابين بالتوحد تتراوح أعمارهم بين 6 و 12 عامًا جلسات مدت كل واحدة منها 30 دقيقة مع روبوت، وذلك يوميا لمدة 30 يومًا. فيها، ساعد الروبوتُ الأطفالَ على لعب ألعاب مختلفة على شاشة تعمل باللمس مصممة لتعليم التفاهم العاطفي والاجتماعي.
وعلى سبيل المثال، في إحدى الألعاب، كان الروبوت يروي قصة ويطلب من الطفل اختيار ما يعتقده أن الشخصيات المختلفة على الشاشة تشعر به في نقطة معينة من القصة. على مدار التجربة، تزداد صعوبة الألعاب بما يلائم تقدم الطفل. لذلك، في حالة لعبة رواية القصص، صارت الروايات أطول وأكثر تعقيدًا.
درس ممتع
خلال هذه المهام، تحافظ الروبوتات على اتصال بالعين مع الطفل لإظهار المشاركة، أو تلتفت للنظر إلى الشاشة إذا التفت الطفل إليها. وقد أجريت هذه الجلسات تحت إشراف مقدمي الرعاية في المنزل.
بعد التجربة وجد فريق سكاسيلاتي مهارات الأطفال الاجتماعية قد تحسنت. وقد قيس ذلك بإجراء اختبارات الاهتمام المشترك – القدرة على التركيز على شيء من خلال التقاط الإشارات الاجتماعية من شخص آخر – وتقارير من مقدمي الرعاية، الذين قالوا إن الأطفال صاروا يشاركون أكثر في السلوك الاجتماعي موضع البحث، مثل: التواصل البصري والاستجابة للتواصل. وظل التحسن واضحًا حتى بعد شهر من انتهاء الجلسات.
ويقول سكاسيلاتي: “الأمل في هذا هو أن الروبوتات قد توفر علاجًا ممتعًا وجذابًا وفعالاً من حيث التكلفة”.
ومع ذلك، مثل العديد من الدراسات التي تبحث في الروبوتات والتوحد، فإن عدد المشاركين في الدراسة صغير جدًا بحيث يصعب استخلاص أي نتيجة نهائية.
وتقول ليز بيليكانو Liz Pellicano، من جامعة ماكواري Macquarie University في سيدني بأستراليا: “نظرا لعدم وجود دراسات على عينات كبيرة يصعب جدا معرفة ما إذا كان أي من الأنظمة الآلية الحالية” ملائم “للأطفال المصابين بالتوحد، وما هو” نافع” ولماذا” هو نافع.
فقدان التحكم
في الطب، لطالما كانت التجارب المتحكم بها العشوائية المعشاة مع مجموعة مقارنة (تحكم/ضابطة) هي المعيار الذهبي لاختبار التدخلات العلاجية. في حالة استخدام الروبوتات، سيتضمن ذلك تقسيم الأطفال عشوائيا إلى مجموعتين. ستكمل إحدى المجموعات تدريب الروبوت وستجري الأخرى شيء مماثل من دون الروبوت.
وبهذه الطريقة، يمكن أن تُعزى أي اختلافات تظهر بين المجموعتين إلى الطريقة المستخدمة.
“ما نريد معرفته هو ما إذا كان هذا النوع من التفاعل بمساعدة الروبوت جيد على الأقل أو أفضل من التفاعل الذي يديره الإنسان – وعلى وجه الخصوص، أي نوع من الأطفال، نظرًا لأن الروبوتات لن تروق بالضرورة لكل طفل مصاب بالتوحد”، كما تقول بيليكانو.
لكن في هذه الدراسة، والعديد من الدراسات الأخرى، لم تكن هناك مجموعة مقارنة (تحكم/ضابطة) Control group، لذا من الصعب تحديد ما إذا كانت التغييرات التي لوحظت كانت ببساطة نتيجة تجربة شيء جديد أو كانت في الواقع بسبب الروبوت.
هذا ويدرك سكاسيلاتي وزملاؤه العديد من أوجه القصور هذه، قائلين إنهم يرغبون -في المستقبل- في إضافة مجموعات عشوائية ومجموعات مقارنة إلى بروتوكول التجربة، إضافة إلى إطالة مدة الدراسة.
وتقول بيليكانو: “تقريبًا كل الروبوتات الاجتماعية التي تعمل مع الأطفال المصابين بالتوحد لا تصمد في وجه الاختبار العلمي”.
يمكن أن تكون الروبوتات مدربات اجتماعية ممتازة للأطفال المصابين بالتوحد، ولكن للأسف لم يجر أحد بعد الدراسات المطلوبة لمعرفة ذلك حقًا.
المرجع العلمي:
Journal reference: Science Robotics, DOI: http://dx.doi.org/10.1126/scirobotics.aat7544
© 2018, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC