قد يفضل بعض الأطفال المصابين بالتوحد القططَ لأنها لا تطيلُ التواصل البصري
بقلم: كريستا ليستيه لاسيه
ترجمة: محمد الرفاعي
قد تفسرُ الطريقةُ العابرةُ التي تتواصل بها القطط بصرياً سببَ بناء بعض الأطفال المصابين بالتوحد Autism علاقاتٍ أقوى مع القطط الأليفة من الكلاب الأليفة.
تقول مارين غراندجورج Marine Grandgeorge، من جامعة رين University of Rennes في فرنسا، إن “نظرة القطط الأقل تطفلاً” مقارنةً بـ “تحديق الكلاب المطول” قد تتوافق توافقاً أفضل مع “الاحتياجات الاجتماعية” للأطفال المصابين بالتوحد.
تقول: “القطط لا تحدقُ، بل تميل إلى أن تُشْيحَ بنظرها بعد فترةٍ قصيرةٍ من التواصل البصري، ومن المحتمل أن يُشْعِرَ هذا الأشخاصَ المصابين بالتوحد براحةٍ أكبر”.
تقول غراندجورج إن الأبحاث السابقة التي تستند إلى استباناتٍ مع الأهالي أظهرتْ أن الأطفال المصابين بالتوحد يبنون علاقاتٍ مع الحيوانات الأليفة، وغالباً ما تكون علاقاتهم “مميزةً” مع القطط.
زارتْ هي وزملاؤها 42 منزلاً في غرب فرنسا وراقبوا 23 صبيا مصاباً بالتوحد، و19 صبياً وفتاةً نموذجيا عصبياً Neurotypical، تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عاماً، وكان لديهم قطٌ أو كلبٌ أليف.
تقول إنه من خلال تحليل مقاطع الفيديو التي صُوّرتْ خلال هذه الزيارات، وجدَ الباحثون أن الأطفال النموذجيين عصبياً يميلون إلى التحديق في حيواناتهم الأليفة لفترةٍ أطول من الأطفال المصابين بالتوحد.
تقول غراندجورج إنهم لاحظوا أن الكلاب، وكذلك الأطفال غير المصابين بالتوحد، يميلون إلى التحديق لمدة ثانيةٍ على الأقل في كل مرةٍ أثناء التواصل البصري. وتميل القططُ، وكذلك الأطفال المصابون بالتوحد، إلى إلقاء نظرةٍ أقصرَ بكثير.
تقول مارتين هاوسبيرغر Martine Hausberger من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي French National Centre for Scientific Research، والتي شاركتْ في الدراسة: “هناك اعتقادٌ أن الأطفال المصابين بالتوحد لا يريدون التواصل اجتماعياً مع البشر، لكن ربما هم لا يريدون من البشر أن يُصرِّوا على إنشاء اتصالٍ من خلال نظراتٍ مطولةٍ، لأن ذلك يبدو تطفلياً جداً”.
تقول هاوسبرغر: “القطط تنظر، تشيح بنظرها، ثم تنظر مرةً أخرى لفترةٍ وجيزةٍ، وما نراه بعدها هو أن الطفل يسعى بفاعليةٍ إلى جذب انتباه القطة”. ” وقد يمثل هذا تحفيزاً وتطويراً للمهارات الاجتماعية التي غالباً ما تُعْتَبَرُ منقوصة في الأشخاص المصابين بالتوحد”.
النتائج مفاجئةٌ إلى حدٍ ما بالنسبة إلى جيمس كوزاك James Cusack، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الخيرية لأبحاث التوحد في المملكة المتحدة، أوتستيكا Autistica؛ إذ يقول: “يفضل العديد من البالغين المصابين بالتوحد في منظمتنا الكلابَ!”. علماً بأنه هو نفسه مصابٌ بالتوحد. ويقول: “لكن الأشخاص المصابين بالتوحد متنوعون تنوعاً كبيراً، لذلك من الطبيعي أن يكون هناك من يفضل الكلاب، ومن يفضل القطط في مجتمع التوحد”.
يقول كوزاك: ومع ذلك، فإن الطبيعة الاجتماعية للكلاب قد تبدو “مخيفةً” لبعض الأطفال المصابين بالتوحد، الذين “قد يجدونها غير متوقعةٍ”. “الشيءُ المهم هنا هو أن وجود حيوانٍ أليف في المنزل قد يكون مفيداً جداً لرفاهية الأطفال المصابين بالتوحد”.
© 2020, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.