أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أعمالإدارةقيادة

لماذا يقاوم القادة تمكين الفرق الافتراضية

كثير من القادة من بُعد، ممن يشعرون بأنهم مقيدون مستنزَفون ومعزولون، يقفون فقط في طريق أنفسهم.

إنديرا Indira مديرة- في مرتبة متوسطة من مستويات الإدارة- في مجال الخدمات المالية، تقود فريقاً افتراضياً Virtual team، وهي تشعر بالإجهاد من جراء ذلك.((Names have been changed to protect individuals’ privacy.)) فالآن بعدما أصبح الجميع لا يعملون في الحيز المكتبي نفسه، أصبحت فرص التفحص التلقائي محدودة، لذلك من الصعب أن تعرف على وجه التحديد كيف أو متى يواجه الموظفون مشكلة في الاضطلاع بوظائفهم. ونتيجة لهذا تشعر إنديرا بالقلق من عجزها عن دعم فريقها بفاعلية. وهي تقول أيضاً إن ”عملها الحقيقي“ يبدأ بعد يوم طويل من الاجتماعات بالفيديو. وبحلول الوقت الذي تتمكن فيه من التركيز على مهامها والتفكير في الصورة الأكبر، كانت مستنفدَة، ومن الصعب أن تكون منتجِة.

إنديرا ليست وحدها. لقد استمعنا إلى عديد من القصص المشابهة خلال السنوات القليلة الماضية، في مقابلاتنا مع المئات من القادة العاملين من بُعد، في مجموعة من الأدوار والصناعات. وتُظهر الدراسات أن قادة كهؤلاء يربطون بين مجموعة من المشكلات (الحقيقية والمتصوَّرة) ومعظم التفاعلات الافتراضية. فهم يستشهدون مثلاً بالصعوبات الفنية، والقدرة المقيدة للوصول إلى المعلومات والموارد، ومصادر الإلهاء في المنزل، والعزلة الاجتماعية، والحدود المتزايدة التشوش بين العمل والحياة.((C.D. Cramton and S.S. Webber, “Relationships Among Geographic Dispersion, Team Processes, and Effectiveness in Software Development Work Teams,” Journal of Business Research 58, no. 6 (June 2005): 758-765;  B. Larson, S. Vroman, and E. Makarius, “A Guide to Managing Your (Newly) Remote Workers,” Harvard Business Review, March 18, 2020, https://hbr.org; T. Golden, “Coworkers Who Telework and the Impact on Those in the Office: Understanding the Implications of Virtual Work for Coworker Satisfaction and Turnover Intentions,” Human Relations 60, no. 11 (November 2007): 1641-1667; N.B. Kurkland and D.E. Bailey, “The Advantages and Challenges of Working Here, There, Anywhere, and Anytime,” Organizational Dynamics 28, no. 2 (autumn 1999): 53-68; B. Wang, Y. Liu, J. Qian, et al., “Achieving Effective Remote Working During the COVID-19 Pandemic: A Work Design Perspective,” Applied Psychology 70, no. 1 (January 2021): 16-59; and J. Mulki, F. Bardhi, F.G. Lassk, et al., “Set Up Remote Workers to Thrive,” MIT Sloan Management Review 51, no. 1 (August 2009): 63-69.)) لن تختفي هذه المسائل ببساطة بعد انتهاء جائحة كوفيد-19 العالمية، لأن العمل من بعد سيستمر في عديد من الشركات والموظفين. ووفق استطلاعات أخيرة، يخطط أكثر من 80% من قادة الأعمال للإبقاء على ترتيب العمل من المنزل جزئياً على الأقل، ويتوقع المسؤولون التنفيذيون انخفاضاً بنسبة 30% في مساحة المكاتب الفعلية.((B. Vigliarolo, “Remote Work Is Here to Stay, Gartner Finds,” TechRepublic, July 14, 2020, www.techrepublic.com; and S. Lund, A. Madgavkar, J. Manyika, et al., “The Future of Work After COVID-19,” McKinsey Global Institute, Feb. 18, 2021, www.mckinsey.com.))

ومن بين الحلول القابلة للتطبيق لبعض التحديات التي يواجهها القادة أن يتبنوا أسلوباً للقيادة التمكينية Empowering leadership. ويشمل ذلك تفويض السلطة واتخاذ القرار إلى أعضاء الفريق، وتدريب الموظفين بدلاً من توجيههم، والبحث بانتظام عن مدخلاتهم لحل المشكلات.((P.N. Sharma and B.L. Kirkman, “Leveraging Leaders: A Literature Review and Future Lines of Inquiry for Empowering Leadership Research,” Group and Organization Management 40, no. 2 (April 2015): 193-237.)) وعندما يسمح القادة للموظفين بالحصول على حصة مسؤولية في عملهم اليومي، يستطيع الأشخاص إظهار ما يمكنهم الاضطلاع به، مما يؤدي إلى مزيد من الثقة، ومقدار أقل من الإدارة الدقيقة Micromanaging. وهذا يعني إمكانية الاستعاضة عن اجتماعات ”موزع المهام“ Task master الماحقة (والأكثر استنزافاً عندما تكون عبر الإنترنت) بمحادثات ذات قدر أعظم من الأهمية وأكثر إثارة للحماس حول تطوير الاستراتيجية والمواهب، وتعزيز الأداء والنمو، في حين يُسمَح للقادة ببناء علاقات أعمق مع أعضاء الفريق. وللقيادة التمكينية عديد من التأثيرات الإيجابية في الموظفين أيضاً. فهي مرتبطة بزيادة مستوى الرضا عن العمل، والالتزام، والفاعلية الذاتية، والإبداع، والأداء، إضافةً إلى انخفاض النيات على الاستقالة.((G. Chen, P.N. Sharma, S.K. Edinger, et al., “Motivating and Demotivating Forces in Teams: Cross-Level Influences of Empowering Leadership and Relationship Conflict,” Journal of Applied Psychology 96, no. 3 (May 2011): 541-557; M. Kim, T.A. Beehr, and M.S. Prewett, “Employee Responses to Empowering Leadership: A Meta-Analysis,” Journal of Leadership & Organizational Studies 25, no. 3 (August 2018): 257-276; and A. Lee, S. Willis, and A.W. Tian, “Empowering Leadership: A Meta-Analytic Examination of Incremental Contribution, Mediation, and Moderation,” Journal of Organizational Behavior 39, no. 3 (March 2018): 306-325.))

إحدى أهم الفوائد تشارك المعرفة تشاركاً أكبر بين الزملاء، وهو مصدرن حيوي للميزة التنافسية Competitive advantage.((A. Srivastava, K.M. Bartol, and E.A. Locke, “Empowering Leadership in Management Teams: Effects on Knowledge Sharing, Efficacy, and Performance,” Academy of Management Journal 49, no. 6
(December 2006): 1239-1251.)) ولقد رأينا هذه الديناميكية دائماً في أبحاثنا واستشاراتنا على مر السنين، مع مكافآت خاصة في بيئات العمل من بُعد. مثلاً في إحدى الدراسات التي أجريناها مع سابر Sabre، وهي شركة ذات تكنولوجيا عالية لحجوزات السفر تستخدم الفرق الافتراضية على نطاق واسع، وجدنا أن القادة العاملين من بُعد الذين مكنوا الأشخاص من تجربة الحلول وخوض المخاطر التي ينطوي عليها في أثناء اضطلاعهم بالمهام الموكلة إليهم، هؤلاء القادة ساعدوا أفراد الفريق على التعلم والابتكار بنحو أكثر فاعلية. لم يكن على أعضاء فريقهم الانتظار للحصول على إذن أو توجيه إداري قبل إجراء تحسينات في العملية في بيئة عمل سلسة، أو الاستعداد لتلبية احتياجات العملاء المتغيرة باستمرار بنحو استباقي. ونظراً إلى المدى المتاح لهم لحل المشكلات التي واجهوها، ابتكر أعضاء الفريق طرقاً مفيدة للحصول على المعلومات الضرورية ومشاركتها من بُعد– باستخدام المجتمعات الافتراضية Virtual communities، ومستودعات المعرفة Knowledge repositories التي يسهل الوصول إليها– لكي يتمكنوا من اتخاذ قرارات ذكية على أرض الواقع.((B.L. Kirkman, B. Rosen, P.E. Tesluk, et al., “The Impact of Team Empowerment on Virtual Team Performance: The Moderating Role of Face-to-Face Interaction,” Academy of Management Journal 47, no. 2 (April 2004): 175-192.))

وعلى الرغم من المزايا التي لوحظت في القيادة التمكينية، فإن هناك مشكلة في ذلك: كثيراً ما يقاوم القادة هذا النهج، ولاسيما عندما يديرون الموظفين من بُعد. وسواء تصوروا أنهم كانوا على علاقة جيدة بفريق العمل قبل الانتقال إلى العمل الافتراضي أو لا، فإنهم يميلون إلى الشعور بالقلق إزاء التنازل عن السلطة والسيطرة لمصلحة الموظفين، ويخشون خوض مخاطر جديدة في بيئة افتراضية، حيث لا يستطيعون مراقبة الأشخاص بنحو مباشر. وعلى الرغم من أننا، وغيرنا، قد بدأنا من فورنا في استكشاف هذه المخاوف وتحديد سبل معالجتها، فإن قدراً كبيراً من الاهتمام كان قد ركز على فوائد القيادة التمكينية وليس على الأسباب التي دفعت المديرين إلى مقاومة هذا النهج. واستناداً إلى الأبحاث التي تدور حول عوامل الإجهاد Stressors في مجال القيادة والعمل الافتراضي، سنصف بعض هذه الأسباب بالتفصيل، ومن ثم نوصي بالطرق التي تستطيع بها المؤسسات أن تساعد القادة على تجاوز المقاومة.

مصادر المقاومة

فلنُلقِ نظرة على الأسباب الرئيسة التي تجعل القادة يقاومون تمكين أعضاء الفريق العامل من بُعد.

مشكلات بسبب الدافع Problems with motivation. تشير الأبحاث النفسية إلى أن ثلاثة أنواع من الدوافع Motivations تدفع الأشخاص إلى قيادة الآخرين: الدافع العاطفي Affective motivation (يحبون الاضطلاع بذلك)، الدافع المعياري الاجتماعي Social-normative motivation (يشعرون بالواجب أو المسؤولية لتولي القيادة)، والدافع غير المحتسب Noncalculative motivation (يرون بوضوح الفوائد المترتبة على قيادة الآخرين والتركيز على ملاحقتهم، وذلك بدلاً من الاستمرار في وزن التكلفة والتركيز على ”محصلة الأرباح“ Bottom line للقيادة).((K. Chan and F. Drasgow, “Toward a Theory of Individual Differences and Leadership: Understanding the Motivation to Lead,” Journal of Applied Psychology 86, no. 3 (June 2001): 481-498.)) والقادة غير المحفَّزين تحفيزاً عالياً من أي بُعد من هذه الأبعاد قد يقاومون أسلوب التمكين؛ ومن المرجح أن يعارضوه كثيراً إذا تخلفوا عن بُعدين معاً أو الثلاثة جميعها. فأولئك الذين لا يحبون أصلاً أن يقودوا لن يستمدوا قيمة جوهرية من تمكين الآخرين، ولن يرغبوا في استثمار الطاقة في الاضطلاع بذلك. وينطبق الأمر نفسه على أولئك الذين لا يشعرون بأنه من الواجب عليهم أن يقودوا– ببساطة تبنِّي المبدأ غير موجود أساساً. والتركيز بنحو مستمر على تكلفة تمكين الآخرين من شأنه أن يؤدي إلى نفور القادة من المجازفة.

ومواجهة الضغوط الإضافية النابعة من البيئة الافتراضية قد تزيد من تثبيط دافع القادة، وتكثيف مقاومتهم للقيادة التمكينية. مثلاً تشير محادثاتنا مع القادة إلى أن ضعف التواصل Communication مع أعضاء الفريق العامل من بعد من الممكن أن يثبط الدافع العاطفي للقادة. ولما كان القادة يعتقدون عادةً أن معظم التفاعلات الافتراضية هي السبب الرئيس لمشكلات التواصل، ومتى ما شعروا بأنهم بعيدون عن المشروعات الأخرى التي ينفذها أعضاء الفريق، فلا يسعهم إلا أن يشعروا بالإحباط إزاء الأفراد وليس الإجراءات Process. ومن ثم قد تكون دوافعهم إلى تفويض العمل وتشارُك المسؤوليات أقل من المعتاد. كذلك عبَّر بعض القادة عن أن دوافعهم للقيادة تكون أقل في بيئة افتراضية، حيث يشعرون بأنهم أقل مرئية Visible ومساءلة Accountable أمام المؤسسة– وأقل التزاماً بتطوير فرقهم وتدريبها. أما فيما يتصل بالتركيز على كلفة ذلك، فقد أخبرنا عديد من القادة العاملين من بُعد أنهم يفكرون كثيراً في الساعات الطوال التي خصصوها بعيداً عن عائلاتهم وغيرها من الأولويات الشخصية. فقد بدا أنه كان من الممكن أداء مهامهم في غضون يوم عمل عادي حين أداروا الموظفين شخصياً. لكن الآن وبعدما استهلكت الاجتماعات الافتراضية هذه الساعات، يستهلك عملهم على انفراد ما كان يشكل وقتاً شخصياً من قبل، وهم يدركون تمام الإدراك التضحياتِ التي يبذلونها من أجل وظائفهم.

الشعور بفقدان السيطرة Perceived loss of control. تظهر الأبحاث أيضاً أن الأفراد تحركهم دوافع جوهرية عندما يعتقدون أنهم يسيطرون على الأحداث في حياتهم. وهذا هو موقع تحكم (سيطرة) داخلي Internal locus of control يعزز مشاعر الكفاءة والاستقلال. وعلى النقيض من ذلك فإن أولئك الذين يَعزون نجاحاتهم وفشلهم إلى عوامل خارجة عن نفوذهم– موقع تحكم خارجي External locus of control– يميلون إلى الشعور بأن الأحداث تحدث لهم.((E.L. Deci and R.M. Ryan, “The ‘What’ and ‘Why’ of Goal Pursuits: Human Needs and the Self-Determination of Behavior,” Psychological Inquiry 11, no. 4 (2000): 227-268.)) وبذا سيشعر القادة الذين ينطلقون من موقع تحكم داخلي بقدر أعظم من الارتياح في تمكين الآخرين، لأنهم لن يتعرضوا للتهديد من خلال تشارك السلطة– سيشعرون على الرغم من ذلك بأن لهم يداً في مصيرهم. لكن القادة الذين ينطلقون من موقع تحكم خارجي ربما يخشون أن يتضاءل القدر الضئيل من التحكم الذي لديهم إذا مكنوا الآخرين. أي إنهم قد يخشون أن منح فرقهم قدراً أعظم من السيطرة أو الوكالة قد يجعلهم أقل قدرة على التحكم في أنفسهم.

أما الضغوط المرتبطة بالتكنولوجيا، مثل انقطاع الإنترنت، والمخاوف بشأن عرض النطاق الترددي Bandwidth، والخدمة المتقطعة، والأنظمة المعطلة– وكثير منها خارج نطاق سيطرة القائد العامل من بُعد– من الممكن أن تؤدي إلى تفاقم المخاوف من فقدان السيطرة. في بعض الأحيان كانت إنديرا، مديرة الخدمات المالية التي قابلناها، تعاني تقطع الاتصال عبر الإنترنت، ولا يمكنها الاتصال بمنصة الرسائل الداخلية لشركتها في أثناء يوم العمل، الأمر الذي يجعلها تشعر بقدر أقل من السيطرة على الأمور. وليس من المستغرب أن يحاول القادة التعويض من خلال إحكام قبضتهم في مناطق أخرى– من خلال المراقبة الدقيقة لتقدم الموظفين في مهام المشروع، مثلاً، أو المتابعة الدقيقة لكيف يخصص الموظفون وقتهم.

المخاوف بشأن المخاطر Concerns about risk. تخبرنا معلومات نفسية حول التركيز التنظيمي Regulatory focus– الميل إلى البحث عن المتعة أو تجنب الألم–كثير عن سبب تصرف الموظفين كما يفعلون.((E.T. Higgins, “Beyond Pleasure and Pain,” American Psychologist 52, no. 12 (December 1997): 1280-1300.)) فالأفراد الذين يركزون على الترقية Promotion- الذين يرون أهدافهم كدرجات على سلم التطور- يركزون على المكافآت التي سيتحصلون عليها عند تحقيق تلك الأهداف. أما الأفراد الذين يركزون على الوقاية – Prevention- والذين يعتبرون أهدافهم عبارة عن مسؤوليات تضعهم على محكّ الوفاء بها- فيركزون على التقليل من الخسائر، ويبقون في أمان.

ومن ثم فالقادة الذين يركزون على الوقاية قد يقاومون تمكين موظفيهم من تولي مزيد من الأعباء، لأنهم يخشون المخاطر المترتبة على الاضطلاع بهذا. قد يحتاج أعضاء الفريق مثلا إلى مزيد من التوجيه في أثناء تعلمهم، أو قد يرتكبون أخطاء باهظة قد تعود لتقض مضجع القائد وتزيد من أعبائه.

القادة الذين لا يمنحون الآخرين الفرصة لإظهار قدراتهم والمساهمة بقدر كبير هم في وضعية العمل الانفرادي. هم يتولون مهامَّ أكثر فأكثر بأنفسهم– ويقل إيمانهم بفريقهم أكثر فأكثر.

ومثل هذه الضغوط المرتبطة بالقيادة الافتراضية قد تزيد من مخاوف القائد بشأن مخاطر كهذه. والواقع أنه منذ التحول الرئيس إلى العمل من بُعد في العام 2020، شعر عديد من القادة الذين تكلمنا معهم بالعزلة المتزايدة في منازلهم، وبالإنهاك لأن عملهم يطغى على وقتهم الشخصي. لكن بدلاً من تمكين أعضاء الفريق من استخدام معرفتهم وخبراتهم لإنجاز مهام الفريق وأهدافه (ما قد يحل كلتا المشكلتين)، يميل بعض القادة إلى الاضطلاع بالأمور بأنفسهم للتأكد من أنها تجري على نحو صحيح من المرة الأولى. فقد يعتقدون أنهم سيوفرون الوقت ويتجنبون التفاعلات الصعبة مع أعضاء الفريق إذا لم يكن عليهم إصلاح أخطاء الآخرين. لكن التهرب من هذه المخاطر يؤدي في واقع الأمر إلى تفاقم شعور القائد بالعزلة والاستنفاد. فالقادة الذين لا يمنحون الآخرين الفرصة لإظهار قدراتهم والمساهمة بقدر كبير هم في وضعية العمل الانفرادي Go-it-alone mode. هم يتولون مهامَّ أكثر فأكثر بأنفسهم– ويقل إيمانهم أكثر فأكثر بفريقهم. وتتبدد مشاعر الزمالة.

تقليل مقاومة القادة

إلى حد كبير تمتد جذور هذه الأسباب الثلاثة لمقاومة القيادة التمكينية إلى افتراض مُفاده أن القوة لعبة ذات محصلة صفرية Zro-sum game. وإليكم منطق ذلك: إن الاستثمار في تطوير الموظفين سيكلفكم بعض الوقت ويؤخركم. ولكن عند منحكم الآخرين السيطرة على العمل والمسؤولية عنه، فإنكم تتحكمون بقدر أقل منه وتتحملون مسؤولية أقل عنه. مكتسباتهم تصبح خسائركم.

غيرَ أن هذا التفكير مضلل، لأن السلطة ليست مورداً محدوداً، فالقيادة التمكينية تدور حول إقراض السلطة أو تشاركها– وليس التنازل عنها أو التخلي عنها بالكامل.((T.B. Sabey, J.B. Rodell, and F.K. Matta, “To and Fro: The Costs and Benefits of Power Fluctuation Throughout the Day,” Journal of Applied Psychology 106, no. 9 (September 2021): 1357-1373; and R.E. Sturm and J. Antonakis, “Interpersonal Power: A Review, Critique, and Research Agenda,” Journal of Management 41, no. 1 (January 2015): 136-163.)) ومن عجيب المفارقات أن القادة العاملين من بُعد يصبحون هم أنفسهم في كثير من الأحيان أكثر قوة عندما يستخدمون أسلوب التمكين. فهم لا يضطلعون بأنواع من المهام التي ينبغي لموظفيهم أن يضطلعوا بها والموظفون قادرون على الاضطلاع بها، ويصبح في وسع القادة تحويل تركيزهم إلى اهتمامات استراتيجية أهم وأطول أمداً. وبمجرد إدراك القادة لهذه الحقيقة، تزداد دوافعهم إلى تفويض الموظفين وتوجيههم، وأقل خوفاً من فقدان السيطرة في خضم هذه العملية، وأكثر حرصاً على تطوير الموظفين، مع التركيز على ما قد يكون مفيداً للجميع.

كيف يمكن للمؤسسات أن تسهل على القادة العاملين من بُعد تشارُك السلطة؟ من خلال معالجة بعض المسائل القائمة على الدافع والسيطرة والمخاطر ومسببات الإجهاد الافتراضية التي تعرقل المسيرة. وإليكم بعض التوصيات المستمدة من مختلف الاستنتاجات البحثية، وملاحظاتنا في الشركات عبر القطاعات، ومقابلاتنا مع القادة على مدى السنوات القليلة الماضية.

أعد صياغة دوافعهم Reframe their motives. أولاً، ساعدوا القادة العاملين من بُعد على استعادة فرحتهم في القيادة– دافعهم العاطفي– من خلال تسهيل عمليات التبادل الأكثر ثراء والروابط الأقوى بين أعضاء الفريق. والحقيقة أن امتلاك هذا الشعور بالانتماء والترابط يجعل القادة يميلون إلى مزيد من الاستثمار في الأشخاص الذين يعملون معهم ويعملون على تطويرهم.

ومن الممكن أن تخدم أدوات التواصل القائمة على التكنولوجيا هذا الغرض عندما لا يكون التفاعل المباشر ممكناً. مثلاً تشجع بعض الشركات التي عملنا معها الموظفين على تشغيل كاميراتهم في أثناء الاجتماعات الافتراضية. قد يبدو الأمر كأنه تعديل بسيط يمكن الاضطلاع به، لكن الناس يتفاعلون على مستوى أعمق عندما يرون تعبيرات الوجه ولغة الجسد بعضهم لدى البعض الآخر؛ وتضيع المعلومات في غياب الإشارات غير اللفظية.((A. Tsuchiya, H. Ora, Q. Hao, et al., “Body Movement Synchrony Predicts Degrees of Information Exchange in a Natural Conversation,” Frontiers in Psychology 11 (April 2020): 1-10; and N.S. Hill and K.M. Bartol, “Five Ways to Improve Communication in Virtual Teams,” MIT Sloan Management Review 60, no. 1 (fall 2018): 18-22.)) في الشركات التي تكون فيها الكاميرات مطفأة عادة، لاحظنا نقصاً ملموساً في الطاقة أثناء الاجتماعات– يتضح ذلك فعلياً أو مجازياً. وعلى الرغم من أن كل اجتماع لا يحتاج إلى أن يكون عبر الفيديو (قد يسبب الوقت الزائد على الشاشة حدوثَ إرهاق)، فإن رؤية الزملاء بانتظام يمكن أن تساعد بالتأكيد على تقوية الروابط. وكذلك يمكن عقد اجتماعات موجزة لا تركز على العمل بل على تعرُّف الموظفين بعضهم على بعض. مثلاً تستطيع المؤسسات أن تشجع القادة على التواصل مرة أو مرتين في الشهر مع مجموعات صغيرة من المرؤوسين المباشرين مدة 15 دقيقة فقط أو نحو ذلك للدردشة حول ما يجري في حياة الأفراد. لا تعرفون أين تبدؤون؟ في وسع القادة أن يطرحوا على الموظفين أسئلة تتعلق بكسر الجمود مثل ”ما الشخصية التي قد تختار أن تؤدي دورها في فيلم حياتك، ولماذا؟“. إذا ما كان الموظفون يرون في هذا ”متعة قسرية“، فربما يحتاجون إلى بعض التشجيع للمشاركة في التفاعل بين الأشخاص. وفي نهاية المطاف سيتولد الترابط، الذي من الممكن أن ينشط القادة للاستثمار في موظفيهم، بنمط أكثر طبيعية.

اقترحت إنديرا، مديرة الخدمات المالية، أن القادة قادرون على اكتساب الدافع المعياري الاجتماعي من خلال إعطاء الأولوية الواضحة للمهام التي يتعين إنجازها. وللاضطلاع بذلك تحب تخطيط الأشياء على مصفوفة الأهمية الملحة. ويمكن للعمل مع الفريق لتحديد ما يجب أن يحدث بالترتيب أن يساعد كل شخص– بما في ذلك القائد– في التعرف على كيفية تأثير كل مهمة في زملائه. وهذا من شأنه أن يعزز الشعور المشترك بالمسؤولية عن إنجازات المجموعة وأدائها.

القادة الذين لا يستطيعون أن يفوضوا غيرهم قبل أن يعتقدوا أن فرقهم على استعداد، يمكنهم تشجيع الموظفين على التطوع لتطوير مهاراتهم.

أما عن استعادة الدافع غير المحتسب، يستطيع القادة غير المثقلين بالأعباء والمستنفدين بضغوط العمل من بُعد بنحو أفضل التركيزَ على فوائد الاستثمار في تطوير الآخرين (تشارك أعباء العمل، والموظفين المشاركين، والقدرات المعززة) ومن غير المرجح أن يركزوا على التكلفة (الوقت، والطاقة، والأخطاء المحتملة). ولتسهيل تفويض العمل الذي من شأنه أن يوسع قدرات الأشخاص، يجد بعض القادة أن من المفيد إنشاء نظام للأصدقاء، وتوزيع المسؤوليات على أجزاء أصغر، وتكليف تلك الأجزاء إلى أزواج من أعضاء الفريق. وهذا من شأنه أن يجعل التفويض أقل خطورة في حين يظل قادراً على تحرير وقت القادة، وتشجيع التبادلات الهادفة بين الزملاء في الفريق، وتوفير الفرص للنمو. والقادة الذين لا يستطيعون أن يفوضوا غيرهم قبل أن يعتقدوا أن فرقهم على استعداد، يمكنهم تجنب الكلفة المحتملة من خلال تشجيع الموظفين على التطوع لتطوير مهاراتهم.((J.B. Rodell, H. Breitsohl, M. Schroder, et al., “Employee Volunteering: A Review and Framework for Future Research,” Journal of Management 42, no. 1 (January 2016): 55-84; and A. Shantz and K. Dempsey-Brench, “How Volunteerism Enhances Workplace Skills,” MIT Sloan Management Review 62, no. 4 (summer 2021): 79-83.)) ومن دون الكلفة التي تلوح في الأفق، يصبح التركيز على الفوائد أسهل: في وسع القادة أن يروا كيف يتطور أعضاء الفريق من خلال العمل التطوعي، وأن يحددوا السبل الكفيلة باستخدام هذا التطور، ثم يبدؤوا تدريجياً في تمكين الموظفين من خلال مهام عمل أكثر ثراء.

لمنع الحمل الزائد والاستنفاد– الكلفة التي تتصدر قائمة القادة– يساعد هذا الأمر بعض الشيء إذا كانت الشركات لديها إرشادات قوية أو سياسات رسمية لتعزيز توازن أفضل بين العمل والحياة على كل المستويات. بل إن من الأفضل إذا عمل كبار المسؤولين التنفيذيين على موازنة حياتهم كقدوة، لأن نظرية التعلم الاجتماعي Social learning تشير إلى أنهم يحددون نبرة العمل في المؤسسات. بطبيعة الحال لم تتوصل المؤسسات بعد إلى فهم الكيفية التي قد تساعد بها الموظفين على رسم خط أكثر وضوحاً بين العمل والمنزل عندما يكون العمل في المنزل. لكن في الوقت نفسه يمكنها اتخاذ خطوات معقولة مثل مطالبة القادة والموظفين صراحة بعدم إرسال الرسائل أو الرد عليها بعد ساعات العمل المعتادة، ووضع حدود واضحة للعملاء وغيرهم من أصحاب المصلحة حتى لا يتوقعوا توافر الموظف على مدار الساعة.

عزِّز إحساسهم بالتحكم Boost their sense of control. لمواجهة مخاوف القادة من فقدان السيطرة، يتعين على المؤسسات أن تبذل قصارى الجهد لجعل إدارة التكنولوجيا أكثر سهولة. زودوا القادة العاملين من بُعد وفرقهم بالأدوات الرقمية والتدريب الذي يحتاجون إليه للعمل بسلاسة وبنمط قابل للتوقع، وإعداد بعض الخطط للطوارئ التي قد يعودون إليها عندما تسوء الأمور. مثلاً وفروا طرقاً بديلة للتواصل عبر الإنترنت، مثل الأجهزة المحمولة التي تعمل في المناطق الساخنة لاستخدامها عندما تكون خدمة الإنترنت غير موثوق بها. وإذا شعر القادة بأن العمل اليومي لا تهدده مشكلات الاتصال، والأنظمة المعطوبة، والمستخدمون المتعثرون، والأخطاء، فقد يصبحون أقل ميلاً إلى الإدارة الجزئية لموظفيهم في محاولة للسيطرة على شيء ما في عالم غير مؤكد.

عندما تحدثنا إلى تيرانس Terrence، وهو مسؤول تنفيذي بكازينو في لاس فيغاس، شاركَنا فكرةً أخرى لتعزيز السيطرة على القادة والموظفين على حد سواء. فهو يعقد اجتماعات عامة أسبوعية إلزامية في إدارته. قبل الجائحة، عندما كان كل شخص يعمل في الموقع، كانت هذه الاجتماعات تُعقَد شهرياً. لكن تيرانس لاحظ أن المحادثات في الممرات– أو ما أسماه “التصادمات الطبيعية”– لم تكن تحدث في بيئة العمل من بُعد، الأمر الذي حد من تبادل المعلومات، وفتح الباب أمام مشاعر عدم اليقين والعجز. لذلك زاد وتيرة الاجتماعات، فعمد إلى تشجيع الموظفين على الإفراط في المشاركة حتى يصبح من الممكن الحد من المعلومات التي تتسرب. وبعد تأسيس هذه المنتديات الأسبوعية، لاحظ تحسن الإنتاجية في إدارته. والآن يشعر بمزيد من الثقة بتمكين مرؤوسيه المباشرين، لأنه يستطيع أن يرى أنهم يتمتعون بالسرعة، وهو لا يزال يحتفظ بالسيطرة على تدفق المعلومات عبر الاجتماعات العامة.

اجعل التمكين يبدو أقل خطورة Make empowerment feel less risky. لتشجيع القادة العاملين من بُعد على التركيز بقدر أكبر على الترويج وعلى تقليل كراهية خوض المجازفات حتى يتمكنوا من دعم تطور أعضاء الفريق، نوصي باتباع نظرة أكثر شمولاً لكيفية إنفاق الوقت وإدارته في المؤسسات. مثلاً تستطيع الشركات أن تشترط تمتع قادتها بالإجازات– ربما تطلب إليهم أخذ عدد محدد من أيام العطلات كل شهرين أو ثلاثة أشهر. ومما لا شك فيه أن هذا من شأنه أن يمنح القادة فرصاً منتظمة لتجديد النشاط، وإعادة الشحن، والتعافي من ضغوط الإدارة من بُعد. لكن غيابهم الدوري يجبرهم أيضاً على السماح للموظفين بالإسراع وتولي مهامَّ إضافية حتى يصبحوا أكثر كفاءة وثقة. وكلما زادت وتيرة حصول ذلك سيشعر القادة بتراجع خطورة التفويض– وزيادة أهميته. وإضافةً إلى ذلك يستطيع القادة تمكين الموظفين بقدر متزايد، بوتيرة مهمة واحدة كل مرة، فيكون من الأسهل توقُّع الأخطاء وإدارتها في أثناء تعلم الأشخاص.((R.C. Ford and M.D. Fottler, “Empowerment: A Matter of Degree,” Academy of Management Executive 9, no. 3 (August 1995): 21-29.))

كذلك يمكن للمؤسسات أن تخصص أياماً خالية من الاجتماعات– مهلة مرحَّب بها للفرق العاملة من بُعد التي تقضي كثيراً من وقتها في التنسيق والتعاون بعضها مع بعض عبر الإنترنت. وكرست عديدٌ من الشركات أيام جمعة خالية من الاجتماعات لإنشاء مساحة للمشروعات الاستكشافية غير العاجلة التي يمكنها تغذية التطوير والمشاركة والأداء في الأجل البعيد وفق جدول زمني مريح. وهذه بكل تأكيد فائدة واحدة من العديد من الفوائد. لكن في الأغلب يحتاج الموظفون إلى هذا الوقت الخالي من الاجتماعات لإنجاز عملهم العادي، مما يوفر فرصة أخرى لتمكينهم. ففي غضون يوم واحد في الأسبوع، وفي حين تمنحون الموظفين استراحة من الاجتماعات، امنحوهم الفرصة للاستراحة من الإدارة الجزئية أيضاً. إذا ابتعدتم عن طريقهم بنحو كامل أيام الجمعة، مما يسمح لهم بالاضطلاع بعملهم المركز من دون انقطاع، فسيحصلون على الاستقلال، وستحصلون دائماً على تكريس الثقة بالأشخاص للاضطلاع بوظائفهم.

وللشعور بارتياح من التمكين، من الأهمية بمكان أيضاً إقامة الروابط كنشاط أساسي، وليس مجرد نشاط لطيف. وإذا تفحص القادة بانتظام ترابط الأفراد مع الزملاء في الفريق، فإنهم يطورون الثقة اللازمة للتخفيف من قبضتهم، لكي يتمكن موظفوهم من مواجهة مزيد من التحديات. ويمكن أن يحدث ذلك في مجموعات صغيرة، كما هو مقترح سابقاً، وفي جلسات عمل منعقدة بين شخص وآخر One-to-one sessions. فقد أنشأ تيرانس، المسؤول التنفيذي، نظاماً أطلق عليه ”افهموني، وأرشدوني، وادعموني“ Get me, guide me, and root for me (أو GGR، التي تتوافق مع العبارة الشائعة الاستخدام في مجال الكازينوهات ”إجمالي إيرادات الألعاب“ Gross gaming revenue) لبناء الترابط بين الموظفين العاملين من بُعد، كل موظف على حدة. وأوضح تيرانس أن ”افهموني“ تدور حول فهم الموظفين وحياتهم، وأن ”وجهوني“ تنطوي على التدريب، وأن ”ادعموني“ تشير إلى التشجيع. ويستغرق كل اجتماع 10 دقائق على الأكثر، مرة كل أسبوع (ويتعمد تيرانس أخذ هذه المدة في الحسبان عند وضع هذا الحد الزمني)، وهو يقول إن الأمر ينطوي عادة على ”تسع دقائق من الاستماع“. والفائدة التي تعود على الجانبين واضحة: يشعر الموظفون بالدعم، فيتعرف تيرانس عليهم ويهتم بهم كأشخاص، فيُقبل على تطويرهم. فهو كثيراً ما يجدد معرفته بهم بالقدر الكافي لكي يعرف أين هم على صعيد مهامهم وأين يحتاجون إلى المساعدة، وهذا يقلل من المخاطر المتصورة والمتصلة لتشارُك المسؤوليات معهم.

لا شك في أن القادة العاملين من بُعد مشغولون في الحفاظ على إنتاجية فرقهم، وفي تحفيز الفريق، وبقائه على المسار الصحيح– كل ذلك من مسافة بعيدة. وعلى الرغم من قدرتهم على جعل الأمور أكثر سهولة من خلال تشجيع الآخرين وتمكينهم من التقدم، هم بدلاً من ذلك يتفاعلون في الأغلب مع عوامل الضغط للقيادة في بيئة افتراضية: الشعور بقدر أقل من الدافع لقيادة التحكم، والسيطرة على الأمر، وتجنب المخاطر حيثما كان في وسعهم. وهي استجابة سيئة التكيف، لكنها مفهومة.

ومن خلال تمكين الآخرين من التطور، يستطيع القادة تمكين أنفسهم من التفكير بوجهٍ أعم، وتحقيق مزيد، والتنفس بسهولة أكبر. وبمجرد أن يقتنع القادة بهذه المفارقة، ببعض الدعم من مؤسساتهم، يصبح في وسعهم أن يُحِلوا محل الحلقة المفرغة حلقة أخرى حميدة. ومن لا يريد ذلك؟

بايال إن. شارما Payal N. Sharma

أستاذ مساعد للإدارة في كلية لي للأعمال Lee Business School بجامعة نيفادا University of Nevada، لاس فيغاس.

لورين دينوسنزو Lauren D›Innocenzo

أستاذة مشاركة في السلوك التنظيمي وزميلة كرسي بروفوست سوليوشنز Provost Solutions في كلية لوبو للأعمال LeBow College of Business بجامعة دريكسيل Drexel University.

برادلي إل. كيركمان Bradley L. Kirkman

(@bradleylkirkman)
الأستاذ المتميز لكرسي الجنرال (المتقاعد) إتش. هيو شلتون للقيادة General (Ret.) H. Hugh Shelton Distinguished Professor of Leadership في كلية بول للإدارة Poole College of Management بجامعة ولاية نورث كارولينا North Carolina State University. للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/63205.

Related Articles

Back to top button