علماء يحولون الطماطم إلى مصدر غني بفيتامين D
التخلص من جين واحد يعزّز مستويات سلف مغذٍ ضروري
طماطم بتقنية بيولوجية يمكن أن تكون طريقة جديدة لتعزيز مستويات فيتامين D
تكون الطماطم أكثر نضجاً وأطيب مذاقاً تحت أشعة شمس الصيف. تظهر دراستان الآن أنه بمساعدة بسيطة من عملية تعديل جيني، يمكن للطماطم الناضجة بالشمس أن تخزَن جزيئاً سلفاً Precursor molecule لفيتامين D، وهو مغذٍ ضروري يوجد عادة بصورة رئيسة في المنتجات الحيوانية.
»يمكن لهذه العملية أن تغيَر قواعد اللعبة«، في دول يشكل فيها عوز الفيتامين D مشكلة، كما تقول إستر فان دير كناب der Knaap Esther van -عالمة في جينات النبات- في جامعة جورجيا University of Georgia في أثينا. ويمكن للنباتات المعززة بيولوجياً أيضاً أن تساعد النباتيين على الحصول على قدر كاف من هذا المغذي. »يفتح هذا الاكتشاف حقبة مثيرة جديدة بالنسبة إلى الفيتامين D»، كما تقول عالمة التغذية سوزان لانهام- نيو Susan Lanham-New من جامعة ساري University of Surrey.
مثلا، يساعد الفيتامين D على تنظيم استخدام الجسم للكالسيوم، مما يؤدي إلى عظام أقوى. وهناك بعض الأدلة على أن مستويات منخفضة منه ترتبط باحتمال أعلى لحدوث أمراض قلبية، ومشكلات صحية أخرى.
يمكن لأشعة الشمس أن تجعل الجسم يخلَّق الفيتامين، حيث تحول الأشعة فوق البنفسجية من نوع B (اختصارا: الأشعة UVB) سلف الفيتامين D في الجلد إلى نوع يمكن للكبد والكلى أن تحوَله إلى الفيتامين D قابل للاستخدام. ولكن الناس الذين يعيشون عند خطوط عرض أعلى لا يتعرضون غالباً لقدر كاف من الأشعة UVB وخاصة في فصل الشتاء بحيث يتجنبون العوز. كما يمكن لعامل السن وللجلد الأكثر قتامة أن يبطئا من تخليق الفيتامين D.
يمكن تعويض النقص عن طريق تناول المنتجات الحيوانية –كالسمك والبيض والكبدة– التي تحتوي على أسلاف للفيتامين يمكنها تعويض النقص. وإضافة إلى ذلك، فالحليب المباع في الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى يضاف إليه الفيتامين D. أما بالنسبة إلى النباتيين؛ فإن الفطر والخميرة هي مصادر أقل فاعلية. خيار آخر يتمثل بتناول مكملات غذائية Supplement تصنع غالباً من اللانولين Lanolin، وهي مادة شمعية تفرزها الأغنام. (تحصل الأغنام على الفيتامين D بلحس اللانولين من صوفها).
بما أن الطماطم تصنع طبيعياً سلفاً رئيساً لفيتامين D، فقد فكرت مجموعتان بحثيتان بأن بإمكان بعض التعديل الجيني أن يحولها إلى مصدر غير حيواني للفيتامين.
في 27 مايو 2022 نشرت مجلة نيتشر بلانتس Nature Plants بحثا لفريق تقوده كاثي مارتن Cathie Martin – مهندسة تمثيل غذائي في النبات من مركز جون انز John Innes Centre- أدى فيه حذف جين واحد يخلِّق طماطم تزود كل واحدة منها 20% من كمية الفيتامين الموصى بها يومياً في المملكة المتحدة. وفي نشرة قبل الطبع Preprint في أواخر مارس ذكر فريق يقوده عالم جينات النبات سانغهوا تشو Sunghwa Choe -من جامعة سيؤول الوطنية Seoul National University- أنه استطاع عن طريق حذف جين قريب إنتاج طماطم بمستويات أعلى من سلف الفيتامين D.
عادةً ما تصنع الطماطم والنباتات الأخرى في العائلة الباذنجانية Solanaceae سلفاً لفيتامين Provitamin D3، لكنها تحوله بعد ذلك إلى مركبات أخرى باستخدام إنزيمات مُرمِّزة لجينين يدعيان 7-DRI و 7-DR2. شك الباحثون في أن حذف أيِّ من هذين الجينين أو تعطيله سيجعل النبات يراكم سلف الفيتامين D3، ليتحول بدوره عند تعرضه لأشعة الشمس إلى سلف ثان -سلف الفيتامين Previtamin D3– يستطيع البشر استخدامه. »وقد بدا هذا كفرصة حقيقية«، كما تقول مارتن.
نجحت العملية. وقرر فريق مارتن أن يحذف الجين 7-DR2 الذي يساعد النبات على تخليق مركبات يستخدمها النبات للتعامل مع الإجهاد الناجم عن الآفات والميكروبات. وبفضل الجين 7-DRI السليم، نمت النباتات المُعدَّلة بصورة عادية. وكل حبة طماطم ناضجة ومقطعة يجب أن تزوَد بعد تعرضها للأشعة الشمسية كمية من سلف الفيتامين D3 تعادل بيضتين متوسطتين. يمكن زيادة المحتوى بتقطيع الطماطم أولاً، كما وجد الباحثون، وربما أكثر بتجفيفها بأشعة الشمس.
عطّل فريق تشو الجين الآخر، الجين 7-DR1. على الرغم من أن الباحثين لم يعرضوا الفاكهة المدعمة بيولوجياً للأشعة UVB، إلا أنهم يقدرون أن كل حبة طماطم معدلة يمكن أن تحتوي حتى 100 ميكروغرام من سلف فيتامين D3. وظلت المستويات مرتفعة بعد شهر من التخزين للتجفيف بالتجميد. ويقول تشو: »نعتقد أن الجزيء مستقر تماماً في الثمرة«.
حتى الآن، زرعت الطماطم المُعدَّلة في بيوت زجاجية في المختبرات فقط. وستكون الاختبارات الميدانية حاسمة لمعرفة ما إذا كانت النباتات يمكن أن تزدهر في ظل ضغوط العالم الفعلي، لذا ستبدأ مارتن بإجراء تجربة ميدانية في يونيو 2022. كما يأمل تشو بأن يبدأ بتجربة ميدانية هذا الصيف. وسيحتاج الباحثون أيضاً إلى أن يبيِّنوا ما إذا كان بإمكان الجسم امتصاص سلف فيتامين D3 في الطماطم وتحويله إلى فيتامين D.
على الرغم من الفوائد المحتملة، فربما لا يقبل بعض المستهلكين الطماطم المعدلة جينياً، كما يشير كيفن كاشمان Kevin Cashman -عالم التغذية في جامعة يونيفرسيتي كوليدج كورك University College Cork. ولكن، لو وجدت الطماطم طريقها إلى الأسواق، كما يكتب عالم فيسيولوجيا النبات دومينيك فان دير شتراتن Dominique Van Der Straeten وسيمون شتروبSimon Strobbe من جامعة غانت Ghent University في تعليق لهما في مجلة نيتشر بلانتس Nature Plants، فإن في ذلك مؤشرا »قفزة إلى الأمام في تخفيض اعتمادنا على أغذية حيوانية المنشأ».
بقلم: إريك ستوكستاد
ترجمة: د. سعد الدين خرفان
©2022, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved