أزمة منتصف عمر نجم قريب تلقي بالضوء على مستقبل شمسنا
الهدوء المغناطيسي الطويل على النجوم يحاكي حدّ مونْدِر الأدنى، عندما اختفت أغلب البقع الشمسية قبل 400 عام
بعد فترة وجيزة من تطوير الفلكيين الأوروبيين للتلسكوبات الأولى في بداية القرن السابع عشر، لاحظوا بقعاً داكنة تلطخ سطح الشمس. كما سلموا خلفاءهم المعاصرين لغزا. من نحو 1645 إلى 1715، اختفت جميع البقع Spots، المعروفة الآن بأنها مؤشرات على النشاط الشمسي Solar activity. فقد جمع الفلكي جون إيدي John Eddy عدد البقع الشمسية والملاحظات التاريخية الأخرى، خلص منذ ما يقرب من 50 عاماً إلى أن الشمس قد أخذت غفوة لمدة 70 عاماً، أطلق عليها حدّ مونْدِر الأدنى [الحدّ الأدنى من البقع الشمسية] Maunder Minimum بعد أن درسها الزوجان الفلكيان موندِر في وقت سابق.
الآن، يبدو أن الشمس ليست النجم الوحيد الذي يأخذ قيلولة طويلة. فمن خلال بناء سجل يمتد عبر عقود من الرصد لعشرات من النجوم باستخدام أطوال موجية محددة تتبع النشاط النجمي، حدّد فريق من علماء الفلك نجماً آخر يمر بفترة مونْدِر
الخاصة به. تقول جينيفر فان سيدرز Jennifer van Saders، عالمة الفلك من جامعة هاواي University of Hawaii، مانوا، والتي لم تشارك في الاكتشاف: «أنا أكثر اقتناعا بأن هذا نجم يمر بحد موندر أكثر من أي شيء آخر رأيته».
هذا الاكتشاف الذي تم الإبلاغ عنه في نسخة أولية في يوليو 2022 على موقع arXiv يمكن أن يساعد على تفسير سبب سلوك الشمس الغريب قبل 400 عام، ويشير إلى احتمال حدوث المزيد من مثل هذه الحوادث. تقول فان سيدرز: «هذه هي الطريقة لدراسة ماضي ومستقبل الشمس». وتضيف أن هذا الاكتشاف يدعم النظرية التي طورتها هي وزملاؤها: أن مثل هذه الأحداث هي أعراض تحدث أحيانا تشير إلى تحوِّل Transition حرج في المجال المغناطيسي للنجوم الشبيهة بالشمس عندما تكون في منتصف العمر تقريباً – أي أزمة منتصف العمر نوعا ما. يتكهن بعض علماء الفلك بأن تحوّل الشمس ساعد على ظهور الحياة على الأرض، وأن البحث عن النجوم في مرحلة مماثلة يمكن أن يساعد على تحديد أنظمة شمسية أخرى تؤدي إلى حياة معقدة.
لقد عرف العلماء منذ عقود أن نشاط شمسنا يرتفع وينحسر في دورة مدتها 11 عاماً تقريباً، وهو ما يتوافق مع عدد المرات التي يقلب فيها قطباها المغناطيسيان اتجاههما. فخلال الحد الأقصى للشمس Solar maximum، تتكاثر البقع الشمسية، مما يشير إلى نقاط الضعف في المجال المغناطيسي، حيث يمكن للبلازما القادمة من الغلاف الجوي للشمس أن تنفجر في حلقات عنيفة. اكتشف علماء الفلك نجوماً شابة شبيهة بالشمس لها دورات مماثلة، ونجوم أقدم لها نشاط مستقر تماماً. لكن أحداً لم يرَ نجماً بدورات منتظمة يتحول إلى نجم ثابت من دون دورات.
في عام 2018، كجزء من البحث عندما كانت طالبة في جامعة ولاية بنسلفانيا Pennsylvania State University، يونيفرسيتي بارك، شرعت آنا باوم Anna Baum في الجمع بين ملاحظات الأطوال الموجية المنبهة من 59 نجماً مأخوذة من مرصد ماونت ويلسون Mount Wilson Observatory ومرصد دبليو إم كيك W. M. Keck Observatory t لإنتاج تسلسل زمني لتطور كل نجم عبر 50 عاماً. خلال فجوة في البيانات دامت سبع سنوات في حين كان كيك يطور أحد كاشفاته Detector، بدا أن نجمة واحدة تظهر تحولاً جذرياً. انتقل نشاطها من دورات متتالية على مدار 17 عاماً إلى فترة ثابة من دون أي دورات تقريباً، وظلت على هذا النحو طوال الـ 18 عاماً الماضية.
اعتقدت باوم في البداية أنها ارتكبت خطأ. ربما كانت المراصد تنظر إلى نجمين مختلفين. لكن في وقت سابق من هذا العام، صادف زملاؤها ملاحظات إضافية تملأ فجوة البيانات، التقطت انبعاثات النجم أثناء تحوله من نشط إلى هادئ. يقول جاكوب لون Jacob Luhn، عالم الفلك في جامعة كاليفورنيا University of California، إيرفاين، والمؤلف الرئيسي للبحث المنشور قبل الطبع، إن مجموعة البيانات المسترجعة «كانت بمثابة الفوز بالجائزة الكبرى».
يعزز هذا الاكتشاف إحدى النظريات الشائعة حول سبب حدوث فترات السكون الطويلة هذه. تدور النجوم بشكل أبطأ مع تقدم العمر لأن رياحها الشمسية Solar winds تعمل بمثابة «مكابح مغناطيسية»، مثل طفل يمد ذراعيه أثناء الدوران على كرسي دوار. في عام 2016، لاحظت فان سيدرز Van Saders وزميلها ترافيس ميتكالف Travis Metcalfe من مؤسسة أبحاث القزم الأبيض White Dwarf Research Corporation أنه في مرحلة ما تتوقف النجوم عن الضغط على المكابح وتثبت سرعتها Velocity- وهو تحول، كما اقترحوا، ينبع من تغيير في المجال المغناطيسي للنجوم. بعد ذلك، في العام الماضي، عزّز ديبْيندو ناندي Dibyendu Nandi -وزملاؤه في مركز التميز في علوم الفضاء بالهند Center of Excellence in Space Sciences India- الفكرةَ بإجراء عمليات محاكاة حاسوبية ربطت استقرار معدل الدوران بمجال مغناطيسي ضعيف. خلال هذا التحول، عندما يتجه النجم نحو حالة «كسولة» يكون نشاطه فيها ثابتا بدلاً من المرور في دورات، يمكن أن تؤدي الاضطرابات العشوائية في مجاله المغناطيسي إلى انقطاع مؤقت للدورة مثل حدّ مونْدِر، كما يقول ناندي.
تتنبأ النظرية بأن هذه الحالة الانتقالية ستظهر في النجوم في منتصف العمر – تماماً مثل شمسنا وهذا النجم النائم في قيلولة والمرصود مؤخرا. يقول ميتكالف: «كل شيء في هذا الاكتشاف أكد في الواقع ما كنا نتحدث عنه خلال السنوات الخمس الماضية. لقد علمنا بالتأكيد عن النجوم التي لم تكن تدور في دورة، لكننا لم نكن نعرف كيف وصلت إلى تلك الحالة – هذا الاكتشاف يعادل الحلقة المفقودة في تلك الصورة التطورية».
ربما بدأ التحول المغناطيسي لشمسنا في الوقت نفسه الذي زحفت فيه الحياة على الأرض لأول مرة خارجة من البحر، وربما لا يكون ذلك من قبيل الصدفة، كما يقترح ميتكالف. فالجسيمات الواردة والإشعاعات القادمة من النجوم النشطة تتلف الحمض النووي وتعزز الطفرات وتسرع التطور. ويقول: «قد تكون جزءاً من المكونات الضرورية لبدء الحياة». ولكن في مرحلة ما، يشكل طقس الفضاء النشط تهديداً للحياة المعقدة – ويضيف قائلا: «إنه مثل زر إعادة ضبط Resest button كوني عملاق يُكبس باستمرار».
يمكن للنجوم التي تمر بمرحلة انتقالية، من المرور في دورات إلى الاستقرار، أن توفر التوازن المثالي بين الشرارة والحماية لتغذية الحياة. يقول ميتكالف: «إذا كنا نبحث عن حضارات تكنولوجية، فربما يكون أفضل مكان للبحث هو حول النجوم التي هي في النصف الثاني من حياتها» – بعبارة أخرى، تلك التي دخلت للتو في أزمة منتصف العمر.
بقلم زاك سافيتسكي
ترجمة Google Translate
© 2022, American Association for the Advancement of Science.
All rights reserved