من يجب أن يمتلك حقوقَ العمل الفني الذي أُنشِئ بواسطة الذكاء الاصطناعي؟
يمكن للذكـاء الاصطناعي الآن إنشـاء صور مستـوحاة من الفن الذي ينتجه الإنسـان الذي يتدرب الذكاء الاصطناعي على محاكاته، مما يثير مخاوف بشأن حقوق الملكية الفكرية وسبل عيش الفنانين
أدت المخاوف حول حقوق الملكية الفكرية وسبل عيش الفنانين إلى إزالة وكالات التصوير الصورَ التي أنشأتها نمذجات الذكاء الاصطناعي من قواعد بياناتها.
تأتي المخاوف من حقيقة أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تحشد كميات هائلة من الأعمال الفنية التي يولدها الإنسان لتدريب أنفسها، واستخدام قاعدة بيانات المعرفة هذه لإنشاء صور واقعية بناءً على أي عبارات نصية تقدم لهذه الأنظمة. وقد أدى ذلك إلى نقاش أخلاقي، وسلط الضوء على المنطقة الرمادية التشريعية حول من يمتلك حقوق الملكية الفكرية لصورة أنشأها الذكاء الاصطناعي، والتي تستند في إنتاجها إلى عمل سابق.
أعلنت وكالات التصوير الفوتوغرافي الكبيرة بما في ذلك غيتي إيميجيز Getty Images وشتر ستوك Shutterstock في الأسابيع الأخيرة أنها ستزيل الصور التي أنشأتها نماذج الذكاء الاصطناعي مثل DALL-E وStable Diffusion وMidjourney، لأن الوضع القانوني لحقوق الملكية الفكرية غير واضح.
قال متحدث باسم غيتي لمجلة نيوساينتست New Scientist إن «هناك أسئلة مفتوحة واهتمامات حقيقية فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية لمخرجات هذه النمذجات، إضافة إلى قضايا الحقوق التي لم تُعالج فيما يتعلق بالصور والبيانات الوصفية للصورة والأفراد الموجودين في الصور».
على الرغم من أن مبتكري بعض نمذجات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك Open AI، قالوا إن حقوق الملكية الفكرية للمخرجات ستكون ملكاً للمستخدم الذي يُدخل العبارات المُوجّه Prompt إلى الذكاء الاصطناعي، فإن وكالات الصور الأصغر تشعر بالضغط الملقى عليها للاقتداء بالشركات الكبيرة في حظر المحتوى. يقول ديتمار فروهمان Dittmar Frohmann، مالك وكالة فوتوكيس Photocase للأوراق المالية، إن شركته تدرس ما إذا كانت ستحذو حذوَ غيتي وشترستوك، ولكن من المرجح أن تتبع النهج نفسه.
يقول فروهمان: «أفضل الاقتداء بهم لأننا شركة صغيرة… أُفضِّل تصديق إداراتهم القانونية على تصديق الشخص الذي يتعين عليَّ أن أدفع أتعابه، والذي ينظر في الأمر على مدى ساعة تقريباً».
يقول رايان أبوت Ryan Abbott، من جامعة ساري بالمملكة المتحدة University of Surrey، إنه في حين يمكنك قانونياً من الناحية النظرية امتلاكُ حقوق الملكية الفكرية للصور التي أنشأها الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة، وينبغي أن يكون الأمر نفسه ممكناً في الولايات المتحدة، فإنه لم يُختبَر بالفعل في المملكة المتحدة والولايات المتحدة. لدى مكتب حقوق الملكية الفكرية الأمريكي «سياسة طويلة المدى تتمثل في عدم السماح بحق المؤلف في الفن الذي أنشأه ذكاء اصطناعي».
حاولت شركة أبوت امتلاك حقوق الملكية الفكرية لصورة أنشأها ذكاء اصطناعي في الولايات المتحدة، بلا جدوى، وتدَّعي الشركة أن موقف حكومة الولايات المتحدة يخنق الابتكار. إذ يقول: «يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى توليد ونشر عدد لا يحصى من الأعمال ذات القيمة الاجتماعية والسوقية، وينبغي تشجيع هذا التطور… وإزالة الصور التي أنشأها الذكاء الاصطناعي بالكامل ببساطة من منصة ليس حلاً حقيقياً لأي من التحديات المرتبطة بهذه الظاهرة».
أما نيل براون Neil Brown من مكتب المحاماة Decoded Legal فيقول إن قانون حقوق الملكية الفكرية والتصميمات وبراءات الاختراع في المملكة المتحدة للعام 1988 تحمي جميع الأعمال «التي أنشأها الحاسوب» في البلاد، ومن المحتمل أن يغطي القانون جميع الأعمال التي أنشأها الذكاء الاصطناعي، ولكن هناك تعقيدات. لا يمكن تغطية صورة المخرجات بموجب حقوق الملكية الفكرية فحسب، بل يمكن أيضاً أن يحمي القانون عبارة موجِّه الإدخال، إذا فُصِّل تفصيلاً كافياً. هناك بالفعل أسواق على الإنترنت تظهر وتسمح للأشخاص بشراء وبيع رسائل نصية مفصلة، وأي فرد قادر على إثبات أن شخصاً آخر استخدم موجه النص الخاص به يمكن أن يكون لديه حق مطالبة بحقوق الملكية الفكرية. ليس هذا فقط، كما يقول براون، ولكن قد يكون لمنشئي أنظمة الذكاء الاصطناعي أنفسهم شروطهم وأحكامهم الخاصة التي يمكن أن «تصعِّب الأمور».
يقول: «إن العمل الذي تُنشئه، من وجهة نظري، يمكن أن يكون محمياً بموجب حقوق الملكية الفكرية… لكن هذا لم تحدث تسويته. لذلك يمكن أن تكون في بعض الدعاوى القضائية باهظة الثمن».
يجادل بعض الأكاديميين بأنه لا ينبغي لأحد أن يمتلك حقوق الملكية الفكرية للصور التي أنشأها الذكاء الاصطناعي.
ويقول مايكل كوك Michael Cook من كينغز كوليدج لندن King’s College London: يبدو حالياً أن المجتمع يُثمِّن قدرة الذكاء الاصطناعي على إنشاء صور بما هو أعلى تثمينه لإبداع الفنانين البشريين الذين «سُرقت» أعمالهم لتدريب الذكاء الاصطناعي.
ويتابع قائلاً: «في الوقت الحالي يقف الجمهور عموماً إلى جانب إنشاء الذكاء الاصطناعي للصور… فهم يرون أنها مثيرة وجديدة. أظن أن هذا لن يدوم إلى الأبد، وفي النهاية سنغير وجهة نظرهم نحو كونها أعمالاً مشتقة من أعمال أخرى. الانتشار المستقر لا يتحدى الأنماط أو الاتجاهات أو الأساليب الخاصة به أو أي شيء من هذا القبيل. نحن نتعجب من نظام يمكنه نسخ أعمال الفنانين البشريين، لكننا لم نرَ بعد ذكاءً اصطناعياً يمكنه المساهمة بشيء ما في الثقافة الإنسانية».
يقول فروهمان إنه من المرجح أن تسعى فوتوكيس للحصول على إذن صريح من الأشخاص الذين يقدمون صوراً إلى وكالتهم قبل السماح لشركات الذكاء الاصطناعي باستخدام أرشيفهم لتدريب الذكاء الاصطناعي، لأن هؤلاء الفنانين قد يعترضون على فكرة استخدام عملهم لتطوير ذكاء اصطناعي يمكن أن يحل في يوم من الأيام محلهم. وقد أُضيفت بالفعل الإشارات الدالة على تدريب الذكاء الاصطناعي في نماذج الإصدار لشركات أكبر مثل غيتي.
على الرغم من موقفه، يقول فرهمان إنه من الناحية المنطقية يرى الذكاء الاصطناعي كأداة تشبه برمجيات التحرير أو الكاميرا المادية التي يستخدمها شخص ما لإنشاء عمل، وأن حقوق النشر يجب أن تكون ملكاً للشخص الذي يحفِّز الذكاء الاصطناعي. كما أنه لا يرى حالياً أي تهديد لمعيشة الفنانين والمصورين بسبب جودة المُخرَج الفني.
ويقول: «إذا نظرتَ إليها ككل، ستجد أنها تافهة جداً … إنه متوسط كل الأذواق. الصور، إذا نظرتَ إليها، تبدو جيدة – لكنها مملة تماماً ويمكن التنبؤ بها وعديمة الروح».
© 2022, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC