معركة بين البشر والببغاوات في “سباق تسلُّح” على القمامة في أستراليا
لإبعاد الكوكاتو الذكي عن حاويات القمامة، يتعلم البشر بعضُهم من بعض
حاوياتُ القمامة في ضواحي سيدني هي الخطوط الأمامية للمعركة الفوضوية بين البشر والطيور. فمن جانبٍ هناك ببغاوات بحجم الغربان تغوص في القمامة وتُسمى ببغاءَ الكوكاتو المتوَّج اSulfur-crested cockatoos. ومن ناحية أخرى نجد أصحابَ المنازل الذين يرغبون في التوقف عن التنظيف بعد جولات الأكل القذر. في دراسة جديدة نظر الباحثون بتفصيل في سباق التسلح بين نهب الببغاوات والسكان المحبَطين، مشيرين إلى أن كلا الجانبين يتعلم على ما يبدو الحيل من أقرانه.
مثلُ هذه المسابقات ليست نادرةً في الأماكن التي تتداخل فيها الموائل الحيوانية والبشرية، “ولكن هذه الورقة العلمية توفر البيانات لإظهار ما يحدث على كل من الجانب البشري وجانب الحياة البرية، وهو ما ينقُصنا في العادة”، كما تقول سارة بنسون-عمرام Sarah Benson-Amram، عالمة الإيكولوجيا المعرفية في جامعة كولومبيا البريطانية University of British Columbia، فانكوفر، والتي لم تُشارك في الدراسة الجديدة. وتضيف قائلةً: “إن مشاهدة كل ذلك معاً هي أمر رائع”.
يتذوق طائر الكوكاتو الأسترالي طعم القمامة. وللوصول إلى وجباتها الخفيفة المفضلة، مثل قطع الخبز القديم أو قضمات من الشطائر، تستخدم الطيور البيضاء الساطعة مناقيرها وأقدامها المنحنية لفتح أغطية حاويات القمامة. وبعد أن تقتات ببوفيه القمامة، ترمي أي شيء غيرِ فاتح للشهية، تاركةً القمامة متناثرةً حول حاويات القمامة. في دراسة سابقة أوضحت باربرا كلامب Barbara Klump، عالمة الإيكولوجيا السلوكية في معهد ماكس بلانك للسلوك الحيواني Max Planck Institute of Animal Behavior، وزملاؤها كيف تتعلم الطيور الحيلَ الناجحة بعضها من بعض – لنقل: كيف تفتح حاويات القمامة – ومن ثم ينشأ نوع من ثقافة الغوص في القمامة.
الآن حوَّلت هي وزملاؤها نظرهم العلمي إلى “الجانب الإنساني من قصة الببغاء”. فمسحوا أكثر من 3,000 سلة قمامة في أربع ضواحٍ من سيدني، وسجلوا التقنيات الدفاعية للسكان, وعمدوا إلى تجميعها في فئات. لا يمكن للناس إغلاق حاويات القمامة بإحكام لأنها يجب أن تكون سهلة الفتح عندما تلتقطها شاحنات القمامة. لذا فقد أصبح السكان المحليون مبدعين في مقاومة الببغاوات، كما تقول كلامب. لم تتضمَّن بعض الاستراتيجيات أي تغيير في الصندوق نفسه، مثل استراتيجية وضع الثعابين المطاطية على الغطاء. واشتملت استراتيجية أخرى على وضع طوب أو أوتاد مدببة فوق الغطاء. حالت بعض الاستراتيجيات دون فتح الأغطية بسهولة، مثل دفع أربطة الأحذية أو لفافات مطاطية بين المفصّلات. أخيراً بادر بعض أصحاب المنازل بوضع أوزان ثقيلة بنحو دائم، مثل زجاجات المياه المملوءة، على الغطاء. أثبت هذا التكتيك نجاحه في إبعاد الكوكاتو الذكية.
مثلَ الببغاوات، تعلَّم البشر من جيرانهم، كما اكتشف الباحثون من خلال سؤال أكثر من 1,000 شخص كيف ابتكروا طرق التحكم في الكوكاتو. من بين 172 شخصاً قالوا إنهم يحرسون القمامة، قال 64 % إنهم اختاروا حيلهم من شخص آخر، بحسب ما أفاد باحثون في 12 سبتمبر في مجلة كرانت بيولوجي (البيولوجيا الحالية) Current Biology. غالباً ما مارس سكان الشارع نفسه استراتيجيات مماثلة. تقول كلامب: “تضمَّن الأمر عنصراً من عناصر التعلم الاجتماعي”.
لاحظ الباحثون عملَ أعضاء كل نوع Species معاً لخداع الآخر، ويبدو أن سباق التسلح Arms race المؤجَّج بالقمامة مهيأٌ لتصاعد وتيرته، حيث يُقوي البشر دفاعاتهم وينسق الكوكاتو للتحايل عليها. ويبدو أن الكوكاتو على مستوى التحدي. فقد لاحظ الباحثون أنها تُلقي بالطوب والصخور السائبة من فوق أغطية حاويات القمامة، وتندس من خلال الفتحات الضيقة.
تقول لورين ستانتون Lauren Stanton، عالمة الإيكولوجيا المعرفية بجامعة كاليفورنيا University of California، بيركلي، إن سباقات التسلح هذه أفضل من الأساليب المُميتة للتحكم في الحياة البرية. تقول ستانتون، التي لم تشارك في الدراسة الجديدة: “تحاول الكوكاتو والحيوانات الحضرية الأخرى ببساطةٍ البقاءَ على قيد الحياة في البيئات الجديدة التي أنشأناها”. “مع استمرار اقترابنا من حدود الحياة البرية بفعل التوسُّع الحضري، سيكون ابتكار طرق للتعايش أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إلينا جميعاً”.
وتتفق بنسون-عمرام مع هذا، وتوصي أصحاب المنازل في سيدني بتغيير استراتيجياتهم بنمط متكرر لمنع الكوكاتو الماكرة من كسر الكود. إذ تقول بنسون-عمرام: “أجد أنه من الممتع أن تُبقينا الحياة البرية متحفزين على أصابع أقدامنا. ولعل أفضل استراتيجية بالنسبة إلينا هي الاستمرار في الابتكار”.
© 2022, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved
بقلم جاك تاميسي