لماذا تجعلك الإنفلونزا تشعر بالإعياء: الخلايا العصبية في الحلق هي السبب
وجدت دراسة على الفئران أن مجموعة صغيرة من الخلايا تنقل معلومات العدوى إلى الدماغ
عندما تصاب بالإنفلونزا، فإن جسمك يخبرك بذلك. تفقد شهيتك، وتشعر بالخمول، ويتأثر مزاجك. العدوى نفسها لا تسبب هذه الأعراض – دماغك يتسبب بها.
الآن، ربما اكتشف العلماء جزءًا أساسيًا من كيفية حدوث ذلك. عند دراسة الفئران المصابة بالإنفلونزا، وجدوا مجموعة من الخلايا العصبية Nerve cells في مؤخرة الحلق تكتشف وجود الفيروس، وترسل إشارات إلى الدماغ، مما يؤدي إلى ظهور سلوك الإعياء استجابة للعدوى.
هذه الدراسة هي من بين أولى الدراسات التي تثبت هذه الاستجابة في مجموعة محددة من الخلايا العصبية، كما يقول أنوتش إيلانس Anoj Ilanges، عالم الأحياء في معهد هوارد هيوز الطبي Howard Hughes Medical Institute التابع لمعهد جانيليا للأبحاث Janelia Research Campus، والذي لم يشارك في العمل. «لقد قاموا بعمل رائع حقًا عندما نظروا إلى الموضوع نظرة شاملة كهذه».
يعرف العلماء أن الشعور بالإعياء أثناء المرض ناتج جزئيًا من المواد الكيميائية التي تنتجها الأنسجة المصابة. من المعروف أن العديد من هذه المركبات، مثل البروستاغلاندين Prostaglandin، تؤدي إلى سلوك الشعور بالإعياء. (تعمل الأدوية مثل الإيبوبروفين Ibuprofen عن طريق حصر إنتاج البروستاغلاندين).
ولكن غالبًا ما يكون من غير الواضح بالضبط كيف تتواصل هذه المواد الكيميائية مع الدماغ، كما يقول ستيفن ليبرليس Stephen Liberles، عالم الأعصاب الجزيئي من كلية الطب بجامعة هارفارد Harvard Medical School. «من المدهش أننا حتى الآن لا نفهم سوى القليل حول كيفية إدراك الدماغ لوجود عدوى في الجسم».
في الدراسة الجديدة، ركز ليبرليس، وباحث ما بعد الدكتوراة نا-ريوم بين Na-Ryum Bin، وزملاؤهما على الإنفلونزا التي تصيب الشُعب الهوائية في الجسم. ألمح بحث سابق إلى أن نوعًا من البروستاغلاندين يُنتج استجابةً لعدوى فيروسية، هذا البروستاغلاندين يسمى PGE2 ويمكن أن ينتقل عبر الدم للتفاعل مع الخلايا في الدماغ. ولكن عندما أصاب الباحثون بالمرض الفئران المُعدَّلة وراثيًا التي تفتقر إلى مستقبلات PGE2 في جهازها العصبي المركزي، كانت الحيوانات لا تزال تتصرف كالمريضة – فتتجنب الأكل والشرب، وتتحرك أقل من المعتاد.
ويشير هذا إلى أنه بدلا من ذلك، تم اكتشاف PGE2 بواسطة الجهاز العصبي الطرفي Peripheral nervous system الذي يتكون من الخلايا العصبية خارج الدماغ والحبل الشوكي. لتحديد مكان حدوث هذا الاكتشاف في الجسم، دمج الفريق أدوات وراثية مختلفة لإنشاء سلالات الفئران بمجموعات أصغر فأصغر من المستقبلات PGE2 المعطلة. في النهاية، توصلوا إلى مجموعة من الخلايا العصبية في الجزء الخلفي من الحلق التي تربط الشعب الهوائية العليا بالدماغ. الفئران التي تفتقر إلى المستقبلات في هذه الخلايا لم تبدُ عليها مظاهر الإعياء المصاحبة للمرض عندما أصيبت بالإنفلونزا. حقق الفريق التأثير نفسه في الفئران العادية عن طريق قطع العصب، أو بإعطاء الحيوانات الإيبوبروفين.
تشير النتائج، التي نُشرت 8 مارس 2023 في مجلة نيتشر Nature، إلى نظام محدد للكشف عن التهابات الجهاز التنفسي. يقول ليبرليس إن هذا النظام يمكن أن يكون له العديد من الفوائد. البروستاغلاندين مركب هش وربما لا يصل إلى الدماغ عبر الدم، لذا فإن استشعار الخلايا العصبية له مكان إنتاجه يمكن أن يكون أكثر موثوقية. وهكذا أيضًا يوفر النظام للدماغ معلومات مهمة حول مكان الإصابة، وربما يؤدي إلى استجابة خاصة بالموقع، مثل السعال.
إن اكتشاف هذا المسار الطرفي Peripheral pathway «يعيد تعريف فهمنا لكيفية تأثير عدوى فيروس الإنفلونزا في الجهاز العصبي لتسبب سلوك المرض»، كما كتب إيليا تايت فوينو Elia Tait Wojno، اختصاصي المناعة في جامعة واشنطن University of Washington في سياتل، في رسالة بالبريد الإلكتروني. وتضيف أنه “يصعب دراسة” الجزيئات الصغيرة مثل البروستاغلاندين، وأشادت باستخدام الباحثين «للأدوات الجينية المتطورة» لتضييق نطاق الآلية.
ومن المثير للاهتمام، أن حصر المسار PGE2 كان أقل فعالية في القضاء على سلوك الشعور بإعياء المرض خلال المراحل اللاحقة من العدوى، كما يشير إيلانيس. ربما يشير هذا إلى مسار مختلف يجعل الفئران تظهر عليها مظاهر المرض بمجرد تقدم المرض من الشعب الهوائية العلوية إلى الرئتين.
وجد الفريق أيضًا أن تعطيل Disabling الخلايا العصبية التي تكشف عن PGE2 عزز فرص الفئران في البقاء على قيد الحياة. يتماشى هذا مع دراسات أخرى تظهر أن حصر تخليق PGE2 يحسن البقاء على قيد الحياة في الفئران المصابة بالإنفلونزا، لكنه يثير التساؤل عن سبب تطور هذا المسار في المقام الأول.
أحد التفسيرات المحتملة: على الرغم من أن السلوك المرضي يجعل الفئران أكثر ضعفا عند إصابتها بالإنفلونزا، إلا أنه قد يحميها من حالات العدوى الأخرى. على سبيل المثال، تُظهر بعض الدراسات أن الفئران المصابة بالتسمم البكتيري يقل احتمال بقائها على قيد الحياة إذا تناولت المزيد من الطعام – ربما لأن البكتيريا تستغل سكريات دم الحيوان للحصول على الطاقة. في هذه الحالة، يعتبر فقدان الشهية أمرًا جيدًا، كما يقول ليبرليس.
أو ربما تطور السلوك ليس لأنه يساعد الحيوانات المريضة بشكل مباشر، ولكن لأنه يحمي أقاربها من العدوى عن طريق الحد من التفاعل الاجتماعي للفأر المريض، كما هو ملاحظ.
من غير الواضح ما إذا كانت الخلايا العصبية التي تكشف عن البروستاغلاندين في الحلق تنقل معلومات حول البكتيريا والفيروسات غير الإنفلونزا. يقول إيلانيس: «سيكون من المهم حقًا استكشاف أنواع العدوى الأخرى».
يخطط الباحثون لفعل ذلك بالضبط، إضافة إلى البحث عن الخلايا العصبية التي تكشف عن العدوى في أجزاء أخرى من الجسم مثل الأمعاء، كما يقول ليبرليس، الذي يقدم الاستشارات لشركة أبحاث الأمعاء والدماغ Kallyope. «هذه كلها أسئلة مثيرة حقًا للمضي قدمًا».
بقلم: كاثرين أوفورد
ترجمة: Google Translate
تنقيح: فريق تحرير مجلة العلوم
المصادر العلمية:
doi: 10.1126/science.adh5122
حقوق المقالة:
©2023, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved