علماء إكسون توقعوا تغير المناخ بدقة منذ سبعينات القرن العشرين
كشف تحليل لتوقعات المناخ التي كانت شركة إكسون تجريها داخليا أن علماءها كانوا على دراية تامة بالأضرار الناجمة عن احتراق الوقود الأحفوري، في حين هوّن المسؤولون التنفيذيون من شأن تلك الأخطار
أشارت دراسة علمية إلى أنّ علماء، من شركة إكسون Exxon، قدموا قبل 40 عاماً توقعات دقيقة لسرعة ونطاق التغير المناخي في العالم، ويقول مؤلفو الدراسة إنّ نتائجها تعزز الحجج التي تزعم أنّ شركة إكسون النفطية أدركت ذلك، وسعت جاهدة إلى التهوين من شأن المخاطر الناجمة عن الاستعمال المتواصل الوقود الأحفوري.
وتشير الدراسة إلى أنّ بعض العلماء، ممن عملوا لصالح شركة إكسون بين عامي 1977 و2003، تنبؤوا بمعدل ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمي جرّاء انبعاثات الكربون، وحسبوا بدقة أن الاحترار العالمي Global warming بفعل النشاطات البشرية قد يرصد لأول مرة بحلول عام 2000، وقدموا تقديرات معقولة لكمية غاز ثاني أكسيد الكربون الذي سيتسبب في ارتفاع كبير في درجات الحرارة ارتفاعا خطيرا.
إذ اقترحت وثائق داخلية مسربة نُشرت في العام إلى إدراك شركة إكسون – تحول اسمها إلى إكسون موبيل ExxonMobil في عام 1999 – لمسألة التغير المناخي في سبعينات القرن العشرين، وأنها كانت على اطلاع بالتهديد «من تأثيرات بيئية جسيمة قبل عام 2050».
وهذه هي المرة الأولى التي تُؤكدّ فيها توقعات شركة إكسون الكمية بشأن المناخ. إذ عكف جيفري سوبران Geoffrey Supran – كان وقتها في جامعة هارفارد – وزملاؤه على تحليل جميع الوثائق الداخلية المتاحة للجمهور وغيرها من المنشورات البحثية التي أفصحت عنها الشركة بين عامي 1977 و2014، وهدفوا إلى تقييم دقة التنبؤات العلمية لإكسون مقارنةً بالنمذجات الراهنة والتغيرات الفعلية لدرجات الحرارة لاحقاً.
التوقعات الدقيقة بمعدلات الاحترار العالمي كانت تتراوح في الدقة من 63% إلى 83%
وخلص فريق الباحثين إلى أنّ النتائج تتماشى مع الرأي العلمي الذي كان سائداً وقت كتابة التقارير. ووجدوا أيضاً أن التوقعات الدقيقة بمعدلات الاحترار العالمي كانت تتراوح في الدقة من 63% إلى 83%.
يقول سوبران: «معظم توقعات إكسون توقعت الاحترار العالمي بدقة، وكانت متسقة تماماً مع نتائج الرصد اللاحقة، بل كانت أيضا بمهارة النمذجات المستقلة نفسها»، ويضيف معلقاً: «وضع علماء متميزون نمذجات وتوقعات دقيقة وبارعة – إلى حد الدهشة – لظاهرة الاحترار العالمي، لكن ما كان من الشركة إلّا أن أمضت العقدين التاليين في إنكار علوم المناخ نفسها!»
وإكسون موبيل هي واحدة من الشركات التي تواجه دعاوى قضائية في الولايات المتحدة الأمريكية لاتهامها بالتكتم على الأضرار الفعلية للوقود الأحفوري، وإخفائها عن الجمهور.
وعلى مدار العقود الماضية، احتج المسؤولون التنفيذيون لإكسون بالقول علناً إنّ مصداقية علم تغير المناخ لا تزال خاضعة للشك؛ ففي عام 2000 أطلق لي ريموند Lee Raymond، الرئيس التنفيذي السابق للشركة، تحذيرات بأن الأبحاث العلمية ليست شديدة الإحكام (لتسويغ الإجراءات الصارمة) المتبعة لتخفيف الانبعاثات. كذلك تعرضت الشركة لانتقادات كثيرة لتمويلها بعض المجموعات التي روجت لمعلومات مضللة عن التغير المناخي.
ويقول سوبران إن إكسون انتهجت نهجاً ذا وجهين في التعاطي مع قضية التغير المناخي، ويتابع كلامه: «ساهمت الشركة مساهمة فعالة في علوم المناخ ضمن الحلقات الأكاديمية والخاصة، إلاّ أنها اضطلعت بدور علني في التشكيك بتلك العلوم نفسها». وعقب صدور هذه النتائج، نفى المتحدث باسم إكسون موبيل أي اتهامات للشركة بمحاولة التكتم على علوم تغير المناخ، ورد بأنها «ملتزمة بالمساهمة في الجهود الرامية لحل مشكلة تغير المناخ والمخاطر المتربتة عليه».
وقال المتحدث في بيان إعلامي: «إن الأفراد الذين يشيرون إلى درايتنا المسبقة بالمشكلة مخطئون في ظنهم، فقد حاول بعضهم تحريف الحقائق وتشويه موقف إكسون موبيل إزاء علوم المناخ، ودعمها لوضع سياسة حلول فعالة، وذلك بإعادة صياغة نقاشات السياسة الداخلية حسنة النية، واعتبروها محاولة من الشركة للقيام بحملة تضليل».
وأضاف المتحدث قائلاً: «تساهم إكسون موبيل بنشاط وفعالية في الجهود المبذولة لتخفيف الانبعاثات، بالتزامن مع توفيرها الطاقة بأسعار معقولة للمجتمعات المحتاجة إليها».
© 2022, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.
بقلم مادلين كاف