مستوحى من البحر والسماء، بيولوجي يبتكر نوعاً جديداً من المجاهر
يمكن للجهاز الحصول على صور واضحة باستخدام عينات معلقة في أي نوع من السوائل
من المحتمل أن يكون أي شخص يمتلك تلسكوباً قد حاول النظر من الطرف الخاطئ لمعرفة ما إذا كان يعمل في الاتجاه المعاكس – أي مثل المجهر (ميكروسكوب). تنبيه: لا يعمل بمثل هذه الطريقة.
الآن، توصل فريق من الباحثين إلى طريقة للقيام بذلك مستوحين العيون الغريبة لمخلوق بحري. فبقلب المرايا والعدسات المستخدمة في أنواع معينة من التلسكوبات، ابتكروا نوعاً جديداً من المجاهر يمكن استخدامه لتصوير العينات العائمة في أي نوع من السوائل – حتى داخل الأعضاء الشفافة – مع الاحتفاظ بالقدر الكافي من الضوء الكافي للسماح بتكبير الصورة. يمكن أن يساعد التصميم العلماء على تحقيق نسبة تكبير عالية بما يكفي لدراسة الهياكل Structures الدقيقة مثل المحاور Axons الطويلة النحيفة التي تربط الخلايا العصبية في الدماغ أو البروتينات الفردية أو جزيئات الحمض النووي الريبي RNA molecules داخل الخلايا.
يقول كيماني تويسان Kimani Touissant، مهندس كهربائي من جامعة براون Brown University: «من الجيد أن ترى حتى شيئاً أساسياً مثل العدسة يمكن أن يثير الاهتمام مجددا، وأنه يزال هناك متسع لتنفيذ بعض الأعمال التي من شأنها أن تساعد الكثير من الناس». يقول إن التصميم يمكن أن يكون مفيداً في عمله، حيث يستخدم الليزر لحفر الأنماط في المواد الهلامية التي تحاكي الكولاجين وتعمل كسقالات للخلايا.
في حالة التكبير العالي جداً، يمكن للضوء المُركَّز على عينة أن ينتشر حولها، مما يؤدي إلى تشويش الصورة وتعتيمها. للتغلب على هذه المشكلة، يعمد العلماء الذين يستخدمون المجاهر التقليدية القائمة على العدسة إلى تغطية العينة بطبقة رقيقة من الزيت أو الماء، ثم خفض عدسة الجهاز حتى تلتصق بقطرة السائل، مما يقلل من درجة تشتت الضوء. لكن هذه التقنية تتطلب أن يكون للأجهزة عدسات مختلفة لأنواع مختلفة من السوائل، مما يجعلها عملية مكلفة وصعبة ويحد من طرق تحضير العينات.
وهنا يدخل أدخل فابيان فوغت Fabian Voigt، عالم البيولوجيا الجزيئية من جامعة هارفارد Harvard University ومخترع التصميم الجديد إلى المشهد. كان يقرأ كتاباً عن رؤية الحيوانات عندما واجه الحالة الغريبة لعيون الأسقلوب Scallops. على عكس معظم الحيوانات، التي تتميز أعينها بشبكية العين التي ترسل الصور إلى الدماغ، فإن لأعين الأسقلوب عباءة مغطاة بمئات من النقاط الزرقاء الصغيرة، كل منها يحتوي على مرآة منحنية في الخلف. عندما يمر الضوء عبر عدسة كل عين، تعكس المرآة الداخلية الضوء مرة أخرى على المستقبلات الضوئية Photoreceptors لإنشاء صورة تسمح بعد ذلك للأسقلوب بالاستجابة لبيئته.
ولما كان عالم فلك هاوٍ منذ أن كان مراهقاً، أدرك فوغت أن تصميم عين الإسقلوب يشبه نوعاً من التلسكوب الذي تم اختراعه منذ ما يقرب من 100 عام يسمى تلسكوب شميدت Schmidt telescope. يستخدم تلسكوب كبلر الفضائي Kepler Space Telescope، الذي يدور حول الأرض، تصميماً منحنياً مشابهاً لتكبير الضوء البعيد من الكواكب الخارجية Exoplanets. ولذا، أدرك فوغت أنه من خلال تقليص المرآة، واستخدام الليزر كمصدر للضوء، وملء الفراغ بين المرآة والكاشف Detector بالسائل لتقليل تشتت الضوء، يمكن تكييف التصميم وإضافته إلى المجهر.
لذلك، بنى فوغت وزملاؤه نموذجاً أولياً بناءً على تلك المواصفات. يدخل الضوء من الأعلى، ويمر عبر لوحة منحنية تصحح انحناء المرآة، ثم يرتد عن المرآة ليصطدم بعينة ويكبرها. يقول فوغت إن المرآة المنحنية يمكنها تكبير الصورة مثل العدسة. ويسمح هذا للباحثين بفحص العينات المعلقة في أي نوع من السوائل، مما يبسط العملية. ويقول فوغت إن التصميم يمكن أن يكون مفيداً بشكل خاص للباحثين الذين يدرسون الأعضاء أو حتى الكائنات الحية بكاملها، مثل الفئران أو الأجنة، التي أصبحت شفافة تماماً عن طريق إزالة صبغها عن قصد.
اختبر الباحثون نموذجهم الأولي عن طريق تسليط الليزر على عينات شفافة بما في ذلك العضلات الموجودة في ذيل الشرغوف، والدماغ، وجنين دجاج كامل. هذه الصور، حسبما أفاد الباحثون في مارس 2023 في مجلة نيتشر بايوتكنولوجي Nature Biotechnology، كانت واضحة مثل تلك التي يمكن تحقيقها باستخدام المجاهر الضوئية التقليدية، إلا أنها تستخدم تصميما أبسط، وتوفر المزيد من المرونة في طريقة تحضير الباحثين للعينات.
قد يكون تصميم المرآة مفيداً للباحثين الذين يهدفون إلى تتبع مسار المحاور العصبية لفأر والتي تنتشر في جميع أنحاء الدماغ، كما يقول آدم غلاسر Adam Glaser، المهندس في معهد آلان للديناميات العصبية Allen Institute for Neural Dynamics الذي يعمل على رسم خرائط الدماغ. يمكن أن يبلغ طول المحاور العصبية عشرات المليمترات ولكن عرضها نانومتر واحد فقط، مما يجعل رسم خريطة دماغ الفأر بكامله مهمة شاقة. كما أنها مكلفة أيضاً باستخدام المجاهر المتاحة تجارياً التي تتطلب عدسات عديدة وتتطلب الكثير من الضبط. على النقيض من ذلك، يمكن أن يكون التصميم الجديد أسهل في الاستخدام لأنه لا يتطلب سوى مرآة واحدة، ولأنه يسمح بالنظر من خلال أي نوع من السوائل، فإنه يسمح للباحثين بأن يكونوا أكثر مرونة في كيفية تحضير عينات الدماغ.
يضيف غلاسر أن المجهر الجديد يمكن أن يساعد الباحثين أيضاً على النظر إلى جزيئات الحمض النووي الريبي RNA داخل الخلايا العصبية التي يمكن أن تكشف عن الجينات التي تعبر عنها كل خلية. «الاقتراض من علم الفلك هو طريقة رائعة وفعالة ومبتكرة لممارسة العلم»، كما يقول.
بقلم: سارا ريردون
ترجمة: Google Translate
تنقيح: فريق تحرير مجلة العلوم
المصادر العلمية:
doi: 10.1126/science.adi2762
نبذة عن الكاتبة:
سارة ريدون Sara Reardon
صحافية مستقلة تغطي الطب الحيوي والعلوم البيئية والاجتماعية من مدينة بوزمان الجميلة بولاية مونتانا.
حقوق المقالة:
©2023, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved