المحجر الويلزي الغني بالأحافير يكشف عن مجموعة من الحيوانات رخوة الجسم من فجر الحياة الحديثة

منذ ما بين 540 مليون و485 مليون سنة، خلال العصر الكامبري Cambrian period، نشأ العديد من أشكال الحياة الحيوانية الجديدة والمعقدة لدرجة أن الباليونتولوجيين (علماء الأحياء القديمة/الأحافير) يتحدثون عن الانفجار الكامبري Cambrian Explosion أو الانفجار البيولوجي الكبير Biological Big Bang. ولكن قبل 400 مليون سنة، اختفت كل هذه الأنواع تقريباً، واستبدلت في النهاية بأسلاف معظم الحيوانات الحديثة. فقد أفاد باحثون في مجلة نيتشر إيكولوجي أند إيفولوشن (الإيكولوجيا والتطور) Nature Ecology & Evolution أنه كان هناك القليل من الأدلة حول ما حدث في الفترة الممتدة ما بينهما، لكن أحافير من 462 مليون سنة اكتشفت مؤخراً في محجر بوسط ويلز تملأ هذه الفجوة.

يقول دوغلاس إروين Douglas Erwin، الباليونتولوجي من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي National Museum of Natural History التابع لمؤسسة سميثسونيان Smithsonian Institution، والذي لم يشارك في العمل: «إنه لأمر رائع. فهناك بعض العينات الجميلة، بما في ذلك بعض الاكتشافات المدهشة».

كشفت الحفريات الويلزية، التي اكتشفها زوجان باليونتولوجيان يعيشان بالقرب من المحجر، عن بعض أشكال الحياة الكامبرية التي كانت موجودة على ملايين السنين أطول مما كان يعتقده الباليونتولوجيون قبل انقراضها، وبدأت فئات معينة من الحيوانات الحديثة ببدايتها في وقت أبكر مما كان متوقعاً. فهناك أيضاً بعض المخلوقات المألوفة، بما في ذلك المفصليات الأرجل Arthropods مثل القشريات Crustaceans وسلطعون حدوة حصان Horseshoecrabs، إضافة إلى الإسفنج Sponges ونجم البحر Starfish والديدان Worms. بحلول تلك المرحلة كان للعديد منها تاريخ طويل بالفعل، واستمرت بالازدهار حتى يومنا هذا، لذا فإن العثور عليها بين الأحافير ليس مفاجئاً. ولكن المحجر يحتوي أيضاً على كائنات غريبة يُعتقد أنها نشأت واختفت خلال العصر الكامبري، مثل الأوبابينييدات (كائنات معبر أوبابيان) Opabiniids، التي كانت لها خمس عيون وخرطوم Proboscis طويل، ورخويات متقشرة تسمى ويواكسيديات (كائنات جبال ويواوكسي) Wiwaxiids. كما يشمل الوافدون الجدد المكتشفين في الرواسب العائلات الحديثة من الإسفنج الزجاجي Glass sponges ومجموعة من القشريات تسمى روبيان حدوة الحصان Horseshoe shrimp، والتي كان يعتقد أنها نشأت بعد ذلك بكثير.

تقول جوانا وولف Joanna Wolfe، البيولوجية من جامعة هارفارد Harvard University، التي ساعدت على توصيف مواد الأوبابينييدات بالموقع لنشرها في 2022 في مجلة نيتشر كوميونيكيشن

Nature Communications ولكنها لم تشارك في التحليل الأعمّ. وافترض العديد من الباحثين أن المخلوقات الكامبرية كانت قد اندثرت منذ زمن طويل قبل زمن الأحافير الويلزية. ولكن، «يعيش الكثير من المجموعات الحديثة جنباً إلى جنب مع تلك المخلوقات المبكرة»، كما تتساءل وولف.

اكتشف جو بوتينغ Joe Botting ولوسي موير Lucy Muir، الحاصلان على درجة الدكتوراه في الباليونتولوجيا ولكنهما اختارا العمل في الغالب كهواة، الموقع، المسمى كاسل بانك Castle Bank، قبل عقد من الزمن، ولكن في ذلك الوقت لم يكن يبدو ممتعاً جداً. فقط عندما منعتهم جائحة كوفيد-19 (COVID-19) من السفر – إلى كارديف للعمل في المتحف الوطني أمغيدفا كيمرو ويلز Amgueddfa Cymru-National Museum Wales، حيث كانا زميلي أبحاث فخريين – ألقيا نظرة فاحصة على ما كان في المحجر الذي يبلغ عرضه 10 أمتار في مرج ترعى فيه الخراف. وهو عبارة عن رقعة ضيقة من الطفل الصفحي Shale تفيض بالأحافير، بما في ذلك الحيوانات رخوة الجسم المحفوظة حفظا جيدا. وشكّا في أنهما قد عثرا على كنز يمكن أن ينافس الطفل الصفحي بورغيس شيل Burgess Shale في كندا، وهو مصدر مشهور عالمياً للأحافير التي يعود عمرها إلى قبل 500 مليون سنة. يقول بوتينغ: «ما زلنا نعثر على أشياء جديدة في كل مرة نذهب فيها إلى الموقع».

ولكن معظم العينات كانت صغيرة جداً لا يمكن تحليلها عن كثب من دون مجاهر عالية الطاقة، والتي لم تكن متوفرة في المنزل. في البداية رفضا اقتراح مالك المحجر للزوجين الحصول على أموال بالتعهيد الجماعي Crowdsource لشراء الأدوات، ومع ذلك، سرعان ما أسفرت المحاولة الأولية عن نحو 20 ألف دولار. وكشف التحليل المجهري اللاحق لأحافير الموقع الآن عن الكثير من التفاصيل التي «يمكننا منها استخلاص استنتاجات حول ما أكلته الحيوانات» وأين وكيف عاشت، كما يقول جوليان كيميغ Julien Kimmig، الباليونتلوجي من متحف الدولة للتاريخ الطبيعي كارلزروه State Museum of Natural History Karlsruhe والذي لم يكن تشارك في العمل. إنه مسرور بشكل خاص لأن موقع كاسل بانك Castle Bank بها أحافير لكائنات صلبة وكائنات لينة الجسم، إذ لا تُحفظ عادة في المكان نفسه. ويشرح ذلك قائلاً: «يعطينا ذلك فكرة كاملة عن مدى التنوع في هذا الموقع».

حتى الآن، يقول الباحثون إنهم وجدوا 170 نوعاً. ويتنبأ إروين قائلا: «هناك العديد من الأدلة لتوقع تزايد تنوع الحيوانات في حين يواصل المؤلفان أبحاثهما». ولكن حتى التنوع الموثَّق حالياً يؤكد على الأهمية التي لا تحظى بالتقدير الكافي لذاك العصر، والذي يسمى العصر الأوردوفيشيperiod Ordovician، والذي مهد الطريق للتنوع البيولوجي الحالي في العالم. ويقول موير: «إنها فترة لا نعرف الكثير عنها… ولكن في نهاية الأمر، كانت الأنظمة الإيكولوجية مختلفة تماماً».

والعديد من العينات صغيرة بشكل ملحوظ. إذ يتراوح معظمها من حجم حبة السمسم إلى حجم ممحاة قلم رصاص. خلال العصر الكامبري، ربما كانت الحياة صغيرة، «لكن ليست صغيرة جداً»، كما يقول كيميغ، الذي يقترح أن حفريات العصر الأوردوفيشي قد تشير إلى اتجاه نمنمة Miniaturization الحياة.

هذا، وتتوقع وولف أن صِغر حجم العديد من الحفريات قد يؤدي إلى اختلاف الآراء حول ماهية بعضها. إذ تقول: «من الصعب أن تعرف على وجه اليقين ما تراه بالضبط». فعلى سبيل المثال، صادف بوتينغ وموير مفصليات أرجل ذات ستة أرجل، ويقولان إنها يمكن أن تكون سلفاً بحرياً للحشرات. ويقول بوتينغ: «لا يمكن أن تكون حشرة حقاً لأنها بحرية… لكننا لا نعرف من أين تطورت الحشرات».

يقول إروين إن هذه الأحفورة «رائعة جداً، لكنني أعتقد أن العديد من الباليونتولوجيين سيرغبون في المزيد من العينات المقنعة».

ويشير إروين إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتقدير الآثار المترتبة على كاسل بانك Castle Bank لفهم التطور. ولكن فيما عدا ذلك، كما يقول، فإن العمل هو «توضيح إضافي لمقدار ما تبقى لاكتشافه من خلال الخروج إلى العمل في الحقل والبحث عن أحافير جديدة ومثيرة».

هذا، وكيميغ مقتنع بالفعل بأن الموقع سيصنع التاريخ. ويقول إن مقلع الحجارة الويلزية «يمكن أن يكون بلا شك مشهوراً» مثل بورغيس شيل.

بقلم: إليزابيث بينيسي

ترجمة: Google Translate

تنقيح: فريق تحرير مجلة العلوم

المصادر العلمية:

doi: 10.1126/science.adi5169

نبذة عن الكاتبة:

إليزابيث بينيسي Elizabeth Pennisi

مراسلة أولى تغطي العديد من جوانب علم الأحياء لمجلة ساينس Science. 

حقوق المقالة:

©2023, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved