كيف يتغير جهاز المناعة مع تقدم العمر ولماذا
إننا نكتسب فهماً أفضل لتأثيرات الشيخوخة في الجهاز المناعي، وهناك بعض النتائج المدهشة التي تفيد بعدم تدهور كل شيءٍ بعد عمر الـ 65
تتغير أجزاء كثيرةٌ في أجسامنا مع تقدمنا في العمر، ومنها نظامنا المناعي. لكن خلافاً للاعتقاد الشائع، تشير الأدلة الآخذة بالظهور إلى عدم تدهور كل شيء. لننطلق من البداية. يكون الأطفال الصغار عرضةً لجميع أنواع العدوى بسبب عدم وجود مواجهةٍ سابقةٍ مع الكائنات الممرضة Pathogen. يتمتع الأطفال حديثو الولادة ببعض الحماية بفضل الأجسام المضادة Antibody التي تعبر المشيمة Placenta لتصل إلى الجنين أثناء الحمل، وتبقى في أجسامهم فترةً تتراوح بين عدة أسابيع إلى عدة شهورٍ. تمرّ بعض الأجسام المضادة عبر حليب الثدي أيضاً.
يوصى باللقاحات للأطفال بالترتيب الذي تتضاءل فيه الحماية من هذه الأجسام المضادة. فعلى سبيل المثال، يُعطى اللّقاح ضد السعال الديكي Whooping cough في عمر الثمانية أسابيع، لأن ما يسمى بالأجسام المضادة الأمومية لهذه العدوى تتناقص بسرعةٍ.
بمجرد أن يبدأ الرضع والأطفال بالاختلاط مع الأطفال الآخرين في دُور الحضانة والمدارس، تظهر زيادةٌ في أمراض الجهاز التنفسي، وعداوى المعدة وغيرها من العداوى التي لم يواجهوها من قبل. نواجه تدريجياً المزيد والمزيد من الكائنات الممرضة، مما يؤدي إلى مناعةٍ ضدها يمكن أن تستمر مدى الحياة. حتى العداوى التي تكون خفيفةً جداً إلى درجة أنها لا تُلاحَظُ يمكن أن تؤدي إلى المناعة.
في مرحلة البلوغ، يؤدي الحمل إلى تغييراتٍ مؤقتةٍ في الجهاز المناعي، إذ تصير بعض الخلايا المناعية أقل نشاطاً ليُضمَن ألّا يُرْفَضَ الجنينُ. يمكن أن يعني هذا أن الحمل يؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بالعدوى، مثل الإنفلونزا وكوفيد-19. ومع ذلك، تشير دراساتٌ أوليةٌ إلى أن جزءاً من الجهاز المناعي يُسَمى الخلايا القاتلة الطبيعية Natural killer (اختصاراً: الخلايا NK) تُعَزَزُ في المراحل المتأخرة من الحمل. في التجارب المخبرية، تكون الخلايا NK في الحوامل أكثر نشاطاً ضد الخلايا السرطانية من الخلايا NK من الخلايا في غير الحوامل.
مع تقدم الأشخاص في العمر، تنخفض الحماية التي يؤمنها الجهاز المناعي بصورةٍ عامةٍ. إذ تتقلص الغدة التيموسية Thymus، وهي عضو في الرقبة تُدَرَّبُ فيها الخلايا التائية T-cell على مهاجمة الكائنات الممرضة. وأمّا الخلايا البائية B-cell، وهي الخلايا التي تصنع الأجسام المضادة ، فتصير أقلّ فعاليةً. وبعد انقطاع الطمث Menopause، قد يساهمُ انخفاض مستويات هرمون الإستروجين Oestrogen أيضاً في إضعاف نشاط المناعة.
تدهور المناعة
يهدر الجهاز المناعي أيضاً موارد باستهدافه كائناً ممرضاً يُسمى الفيروس المضخم للخلايا Cytomegalovirus (اختصاراً: الفيروس CMV). يُصابُ معظم الأشخاص بهذا الفيروس Virus دون أن يلاحظوا ذلك، لكنه يظلّ موجوداً في أنسجةٍ كالغدد اللعابية. مع تقدمنا في العمر، تُكرّسُ نسبةٌ متزايدةٌ من الخلايا التائية لمهاجمة هذا الفيروس. يقول بول غريفيثس Paul Griffiths من جامعة يونيفيرسيتي كوليدج لندن University College London: «إن الفيروسCMV يُحَفِزُ الاستجابة المناعية باستمرارٍ، لكن لا يمكن التخلص منه».
يسهم التدهور المناعي العام مع التقدم في العمر في إصابة كبار السن بعداوى مثل كوفيد-19 والإنفلونزا والالتهاب الرئوي Pneumonia. ويستجيبون استجابةً أقل جودةً للقاحات أيضاً. يمكن أن يؤدي هذا الانخفاض أيضاً إلى إعادة تنشيط الفيروسات التي كانت سابقاً تحت السيطرة، مثل فيروس الجدري (الحماق) Chickenpox، مما يؤدي إلى الحلأ النطاقي Shingles. وقد يساهم هذا في زيادة الإصابة بالسرطان مع تقدم العمر.
لكن كبار العمر ليسوا دائماً أسوأ حالاً. في عام 2009، انتقلَتْ سلالة إنفلونزا جديدةٌ من الخنازير إلى البشر، مما أدى إلى جائحة إنفلونزا الخنازير Swine flu. على عكس معظم سلالات الإنفلونزا، كان الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً أقل عرضةً للإصابة بإنفلونزا الخنازير أو الوفاة بسببها من الأشخاص الأصغر عمراً، وربما يرجع ذلك إلى تمتعهم ببعض المناعة من سلالات الإنفلونزا المرتبطة بهذه السلالة التي انتشرت في طفولتهم.
بقلم كلير ويسلون
© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC