الزراعة بلا ضوء
يمكن للمحاصيل المزروعة من دون ضوء الشمس أن تساعد على إطعام رواد الفضاء المتجهين إلى المريخ، وفي يوم من الأيام قد تكمِّل المكونات المطلوبة لإعداد أطباق العشاء على الأرض
ريفرسايد، ولاية كاليفورنيا – بالنسبة إلى رواد الفضاء الأوائل المسافرين إلى المريخ، فإن ما يأكلونه في مهمتهم التي ستستغرق ثلاث سنوات هو أحد الأسئلة الأكثر أهمية. إنها ليست مجرد مسألة ذوق. فوفقًا لأحد التقديرات الحديثة، سيحتاج طاقم مكون من ستة أفراد إلى ما يقدر بـ 10 آلاف كيلوغرام من الطعام للرحلة. وقد تتمكن لوكالة ناسا NASA – التي تخطط لإرسال أشخاص إلى المريخ في غضون عقدين – من تعبئة مركبة فضائية بوجبات معدة مسبقًا، وإرسال إمدادات إضافية إلى الكوكب الأحمر مسبقًا لرحلة العودة إلى الوطن. ولكن حتى هذا لن يحلَّ المشكلة تمامًا.
تتفكك المغذيات الدقيقة Micronutrients، بما في ذلك العديد من الفيتامينات ببطء على مدى شهور، وسيتعين إيجاد مصدر لتوليدها على طول الطريق. والطعام ليس مجرد مصدر للسعرات الحرارية، كما تقول جينيفر فوغارتي Jennifer Fogarty، كبيرة مسؤولي العلوم في معهد الأبحاث الانتقالية لصحة الفضاء Translational Research Institute for Space Health في كلية بايلور للطب Baylor College of Medicine. إذ يؤدي كل من الطعم والقوام والنضارة وعوامل أخرى أدوارًا رئيسية في الحفاظ على رفاهنا Wellbeing. وتقول فوغارتي «ليس الهدف» مجرد البقاء على قيد الحياة. وخلصت إلى أن نظام الغذاء المحفوظ حالياً «غير مناسب تمامًا لمهمة المريخ».
يعتقد روبرت جينكرسون Robert Jinkerson، مهندس كيميائي في جامعة كاليفورنيا University of California (اختصاراً: الجامعة UC) في ريفرسايد، أن الإجابة هي أن يزرع رواد الفضاء حديقتهم الخاصة على متن المركبة الفضائية – في العتمة، مع نمو النبات الذي تغذيه العناصر الغذائية الاصطناعية بدلاً من ضوء الشمس. لن يكون الأمر سهلا. إذ تطورت النباتات لمئات الملايين من السنين لاستخلاص الطاقة من ضوء الشمس. لكن جينكرسون يعتقد أنه يمكن القيام بذلك عن طريق إعادة إيقاظ المسارات الأيضية Metabolic pathways التي تمتلكها النباتات بالفعل – تلك نفسها التي تعمل على إنبات البذور المدفونة في الأرض ثم تتوقف بمجرد أن تبدأ أوراق الشتلات بالوصول إلى الشمس. في رؤيته للمستقبل، يمكن للكهرباء من الألواح الشمسية تحويل الماء وثاني أكسيد الكربون (CO2) الذي ينفثه طاقم المركبة الفضائية إلى هيدروكربونات بسيطة وغنية بالطاقة يمكن للنباتات المعدلة وراثيًا بدورها من استخدامها للنمو – حتى في عتمة الفضاء أو الضوء الخافت على المريخ، والذي يتلقى أقل من نصف كمية ضوء الشمس التي تتلقاها الأرض.
أظهر فريقه بالفعل أن النباتات المعدلة يمكنها البقاء على قيد الحياة، إن لم تكن قادرة على الازدهار بعد، في نظام خالٍ من الضوء. وإذا تمكن باحثو الجامعة UC في ريفرسايد من جعلها تزدهر، فإن جينكرسون يعتقد أنها ستكون على طريق ليس فقط لإطعام رواد الفضاء، ولكن أيضًا لزراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل على الأرض من دون تربة ووفرة من أشعة الشمس. يقول جينكرسون، الذي فاز فريقه بالفعل بجولتين من مسابقة ناسا: «يمكن تطبيق هذا النوع من الزراعة في أماكن مثل القطب الجنوبي، أي في الأماكن التي تكون فيها الزراعة غير ممكنة».
حاول آخرون «فطم» النباتات عن الضوء، وهناك سبب لعدم نجاح عقود من المحاولات. إذ تقول سو ري Sue Rhee، عالمة النباتات في كارنيغي ساينس Carnegie Science: «إنها بحاجة إلى الضوء لكل شيء». يؤدي الضوء دورًا ليس فقط في عملية البناء (التمثيل) الضوئي Photosynthesis، ولكن أيضًا في إنبات البذور ونمو الأزهار ونمو الفاكهة ونضوجها. لكنها تعتقد أن رؤية جينكرسون «جريئة» وتستحق المحاولة، لأنها تتضمن مزيجًا من التعديلات الجينية والمغذيات المضافة التي لم يتم تجربتها من قبل. ويوافقها الرأي باتريك شيه Patrick Shih، عالم بيولوجيا النبات الجزيئية من الجامعة UC في بيركلي. إذ يقول شيه: «إنهم يحاولون إعادة التفكير في كيفية قيامنا بالزراعة… إنها حقًا طريقة غير تقليدية للنظر إليها، وهو أمر يبعث على الحماس».
يحتاج الفلفل الذي يزرع في محطة الفضاء الدولية ISS إلى الضوء، لكن المواد الكيميائية المصنوعة من ثاني أكسيد الكربون في زفير رواد الفضاء قد تدعم حدائق الفضاء بالمستقبل.
NASA
MARCUS HARLAND-DUNAWAY
بقلم: روبيرت إف. سيرفيس
ترجمة: Google Translate
تنقيح: فريق تحرير مجلة العلوم
المصادر العلمية:
doi: 10.1126/science.adj1264
نبذة عن الكاتب:
روبرت ف. سيرفيس Robert F. Service هو مراسل إخباري لمجلة ساينس Science في بورتلاند بولاية أوريغون، ويغطي الكيمياء وعلوم المواد وقصص الطاقة.
حقوق المقالة:
©2023, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved