فرص لانتعاش أعداد أسماك قرش الشعاب المرجانية
تثير البيانات عن مجموعات أسماك قرش الشعاب المرجانية القلق والأمل في التعافي
تعد أسماك القرش وأقاربها من أكثر الفقاريات المهددة بالانقراض على وجه الأرض، إذ يقدّر أن ما يقرب من ثلثها مهدد بالانقراض[efn_note]N. K. Dulvy et al., Curr. Biol. 31, 4773 (2021).[/efn_note] . فهذه مشكلة كبيرة لأن هذه الحيوانات، بصفتها حيوانات مفترسة تساعد على الحفاظ على توازن الشبكة الغذائية، وتؤدي مجموعة متنوعة من الأدوار الإيكولوجية المهمة والحيوية [efn_note]M. R. Heithaus, A. Frid, A. J. Wirsing, B. Worm, Trends Ecol. Evol. 23, 202 (2008).[/efn_note] ، وبذلك تساعد على الحفاظ على صحة العديد من النظم الإيكولوجية التي يعتمد عليها البشر. وتوفر الشعاب المرجانية مأوى لعدد لا يحصى من أنواع الأسماك الحيوية لازدهار مصايد الأسماك، ومن ثم فهي نظام إيكولوجي مهم بشكل خاص للبشر – وهو النظام الإيكولوجي الذي يشهد الانخفاض الأكثر حدة في أعداد أسماك القرش[efn_note]M. A. MacNeil et al., Nature 583, 801 (2020).[/efn_note] . في الصفحة 1155 من عدد يونيو 2023 من مجلة ساينس Science، نشر سميفيندورفر وآخرون[efn_note]C. A. Simpfendorfer et al., Science 380, 1155 (2023).[/efn_note] تحاليل حول تعداد أنواع قروش الشعاب المرجانية من حيث الأنواع Species وعلى مستوى الشعاب المرجانية في معظم أنحاء العالم. وأظهرت الدراسة انخفاضاً مذهلاً في أنواع أسماك القرش المرجانية التي كانت شائعة في السابق، ولكنها توقد أيضاً بصيصا من الأمل في أن هذه المجموعات يمكن أن تتعافى مع الحماية المناسبة.
والدراسة التي أجراها سميفيندورفر وآخرون هي نتيجة تعاون عالمي في المشروع FinPrint العالمي. وتشمل البيانات التي تم تحليلها أكثر من 20,000 ساعة من تصوير الفيديو تحت الماء، مما يقرب من 400 من الشعاب المرجانية في 67 دولة ومنطقة حول العالم – أي ما يقرب من ثلاث سنوات من أفلام الفيديو الخام. ومحطات التصوير بالفيديو تحت الماء النائية والمُفخَّخة بالطعوم Baited remote underwater video stations (اختصاراً: المحطات BRUVS) والتي يستخدمها المشروع FinPrint هي أداةٌ بسيطة ولكنها قوية. إنها في الأساس فخاخ لكاميرا تحت الماء تتألف من كمية صغيرة من الطُعم معلقة أمام الكاميرا. وإضافة إلى كونها جيدة في توثيق وجود وغياب الكائنات البحرية المختلفة وسلوكها[efn_note]C. S. Sherman, M. R. Heupel, S. K. Moore, A. Chin, C. A. Simpfendorfer, Mar. Ecol. Prog. Ser. 641, 145 (2020).[/efn_note]، فإنها تنتج أيضاً صوراً عالية الدقة، ومقاطع فيديو للحياة البحرية، مصممة خصيصاً لتثقيف الجمهور حول ما يعيش في الموائل Habitat المهددة قبالة سواحلنا.
ونتائج سميفيندورفر وآخرون تكشف عن انخفاض يتراوح من 60 إلى 73% في أنواع أسماك قرش الشعاب المرجانية التي كانت موجودة في يوم من الأيام في الشعاب المرجانية حول العالم. وهذا يضيف إلى الكم الكبير والمتزايد من الاستنتاجات المماثلة والمثيرة للقلق حول حالة الحفظ العالمي لأسماك القرش Global conservation status وأقاربها. إن حالة الحفظ العالمية لأسماك القرش واللخم (الشفنين) Rays هي أسوأ مما كانت عليه قبل عقد من الزمن[efn_note]N. K. Dulvy et al., eLife 3, e00590 (2014).[/efn_note] بل إنها تثير قلقاً أكبر لبعض مجموعات أسماك القرش[efn_note]N. Pacoureau et al., Nature 589, 567 (2021).[/efn_note]. إذ تتناقص أعداد أسماك القرش بفعل الصيد العرضي Bycatch في مصايد التونة العالمية حتى مع انتعاش أسماك التونة نفسها[efn_note]M. J. Juan-Jordá et al., Science 378, eabj0211 (2022).[/efn_note].
ولكنه يلوح في نتائج سميفيندورفر وآخرين بوادر أمل ومسار واضح للمضي قدما. إذ تظهر نتائج الدراسة أنه على الرغم من انخفاض أعداد أسماك القرش في العديد من الشعاب المرجانية، إلا أن بعض مجموعات أسماك القرش السليمة لا تزال مزدهرة في أماكن أخرى. وكان للشعاب المرجانية التي تحتوي على مجموعات أسماك قرش أكثر صحة بعض أوجه التشابه المهمة: تميل إلى أن تكون في مياه البلدان ذات الدخل المرتفع، حيث تُطبَّق تشريعات حازمة لإدارة الموارد الطبيعية، وإدارة الموارد الطبيعية التشاركية (حيث يحق للمواطنين تقديم التماس إلى الحكومة بشأن سياسة إدارة الموارد الطبيعية)، كما يتوفر لديها والموارد اللازمة لتطبيق القوانين. للأسف، فإن مثل هذه البلدان نادرة نسبياً، وتميل البلدان ذات الدخل المنخفض توفير موارد أقل من اللازم للإدارة المستدامة وتطبيق القوانين. تظهر هذه الملاحظات أن مشكلات الحفظ تنطوي على حل مشكلات البشر إضافة إلى تلك المرتبطة بالإيكولوجيا؛ فالبلد الذي يفتقر إلى الموارد لإطعام شعبه هو أقل قدرة على إدارة وحماية التنوع البيولوجي على نحو مستدام.
تميل المناطق المحمية البحرية القائمة على العلم، والمحمية جيداً، والتي تُقيَّد فيها ممارسات الصيد الضارة أو تُحظر كلية – إلى وجود شعاب مرجانية أكثر صحة. ولكن دراسة سميفيندورفر وآخرين تشير إلى أن بعض حلول الحفاظ على أسماك القرش التي تم الترويج لها بشكل كبير هي قوانين سُنّت في مناطق لا تعاني فيها أسماك القرش الكثير من التهديدات، لذا تنصح الدراسة بالحذر في تفسير نجاح تلك الحلول. فعلى سبيل المثال، تحظر محمية أسماك القرش في جزر فيرجن البريطانية جميع عمليات صيد أسماك القرش التجارية في مياهها الإقليمية، ولكن بين عام 1950 وإنشاء المحمية في عام 2014، تم صيد ثلاثة أطنان فقط من أسماك القرش من تلك المياه[efn_note]C. A. Ward-Paige, Mar. Policy 82, 87 (2017).[/efn_note] [efn_note]L. N. Davidson, M. A. Krawchuk, N. K. Dulvy, Fish Fish. 17, 438 (2016).[/efn_note]، مما يشير إلى عدم وجود الكثير من مصايد أسماك القرش للحظر أساسا. كما أُنشئت محمية أخرى في جزر البهاما في عام 2011، ولكن ذلك جاء بعد عقود من حظر معدات صيد أسماك القرش الأكثر شيوعاً، مما يشير إلى أن عدد أسماك القرش المرتفع نسبياً في البلاد يرجع على الأرجح إلى التنظيم الأقدم والذي لا يسلط الضوء عليه كثيرا[efn_note]D. S. Shiffman, N. Hammerschlag, Anim. Conserv. 19, 401 (2016).[/efn_note].
النتيجة الأكثر توقعاً للدراسة التي أجراها سميفيندورفر وآخرون هو أن الانخفاض أو الفقدان التام لأنواع أسماك القرش في أحد الشعاب المرجانية لم يكن مرتبطاً دائماً بتغيرات مماثلة في الشعاب المرجانية القريبة. ووجدوا أن أحد الشعاب المرجانية يمكن أن يتعرض للصيد المفرط لدرجة أن أحد أنواع أسماك القرش التي كانت شائعة في السابق قد تختفي تماماً، لكن الشعاب المرجانية الأخرى التي تقع على مسافة قصيرة يمكن أن تحتوي على مجموعات صحية من النوع نفسه. فإدارة قوية وفعالة (بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر المناطق المحمية البحرية غير المسموح بالصيد فيها) قد يحمي الأنواع المحلية المحمية في الشعاب المرجانية، حتى عندما تنهار أعداد الأنواع في الشعاب المرجانية المجاورة. إن وجود هذه المجموعات «المصدر» Source populations المحتملة في المستقبل – أي المجموعات السليمة التي يمكن أن تساعد في نهاية المطاف على إعادة توطين المناطق المجاورة – يعطي الأمل في أنه إذا تم حل التهديدات التي أدت إلى انخفاض الأعداد، فقد تتعافى هذه الحيوانات المهمة والمُهدَّدة.
الدراسة التي أجراها سميفيندورفر وآخرون توضح أيضاً الأهمية المتزايدة للتعاون العالمي. إذ تتطلب المشكلات العالمية فرقاً ضخمة متعددة التخصصات، لأن العلماء أو المختبرات التي تعمل بمفردها لا تستطيع ببساطة توليد أو تحليل البيانات على هذا النطاق. من نواح كثيرة، كان المشروع FinPrint نموذجاً للتعاون الدولي. فقد وثقت مثل هذه الدراسات كيف أن تراجع أعداد أسماك القرش يؤدي إلى زيادة وفرة الأسماك المفترسة من الطبقات الغذائية المتوسطة Mesopredatory fishes مثل ثعابين موراي Moray eels[efn_note]G. M. Clementi et al., iScience 24, 102097 (2021).[/efn_note]، ورصدت أيضا معطيات تصميم المناطق البحرية المحمية الأكثر فعالية لأسماك القرش[efn_note]J. S. Goetze et al., Glob. Change Biol. 27, 3432 (2021).[/efn_note]، وأكثر من ذلك بكثير – حتى وإن كان هناك المزيد لنتعلمه.
المشكلة واضحة – فالحيوانات التي تقدم خدمات النظام الإيكولوجي والضرورية للأمن الغذائي البشري وسبل عيشهم تختفي بمعدل ينذر بالخطر، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى ممارسات الإدارة السيئة التي تسمح بالصيد الجائر غير المستدام لهذه الكائنات المهمة إيكولوجياً والمعرضة للخطر بيولوجياً. وفقدان أسماك القرش وخدمات النظام الإيكولوجي التي تقدمها هي كارثة إيكولوجية يمكن أن تسبب ضرراً كبيراً للإنسان. لذا ينبغي اتخاذ إجراءات لمنع المزيد من الانخفاض في أعدادها والسماح بإعادة بناء مجموعاتها المستنفدة قبل فوات الأوان.
بقلم: ديفيد شيفمان
ترجمة: Google Translate
تنقيح: فريق تحرير مجلة العلوم
حقوق المقالة:
©2023, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved