هل ترغب بتحسين تجربة إرشاد العلماء الشباب؟ تدريب مرشديهم على الوعي الثقافي
كشفت الدراسة الأولى من نوعها أن العلماء الذين خضعوا لتدريب على جوانب الوعي الثقافي دمجوا العرق والهوية في إرشادهم الأكاديمي
بقلم رودريغو بيريز أورتيغا
العلماء الذين يفكرون في هوياتهم العرقية والإثنية – وكذلك هويات طلبتهم – لديهم القدرة على أن يكونوا مُرشِدين أفضل. وكان من المرجح أيضاً أن يقول الطلبة الموجَّهون من قبل هؤلاء العلماء أن معلميهم كانوا يحترمون العرق والإثنية، وأُتيحت لهم مساحة للمحادثات المتعلقة بالعرق والإثنية. هذه هي الرسالة المستخلصة من تجربة معماة عشوائية العينة Randomized controlled trial- تعد الأولى من نوعها.
يقول ستيفن توماس Stephen Thomas، عالم السلوك الاجتماعي من جامعة ماريلاند University of Maryland في كوليدج بارك، الذي
لم يشارك في الدراسة الجديدة: «العرق مهمٌّ في التوجيه والإرشاد Mentoring».
غالباً ما يركز المُرشدون الأكاديميون فقط على البحث، متجاهلين أو مقللين من شأن هوياتهم الشخصية
التوجيه والإرشاد جزء أساسي من مسار العالِم. والمُرشدون لا يساعدون فقط على تشكيل هوية الباحثين الشباب، ولكن أيضاً على الكيفية التي يرون بها أنفسهم في مجالاتهم. لكن غالباً ما يركز المُرشدون الأكاديميون فقط على البحث، متجاهلين أو مقللين من شأن هوياتهم الشخصية – بما في ذلك العرق والإثنية. يبدو أن بعض الأشخاص يعتقد أن الاعتراف بالهوية يعويق إجراء بحث جيد، كما تقول أنجيلا بيارس- ونستون Angela Byars-Winston، الاختصاصية في علم النفس الاستشاري من جامعة ويسكونسن-ماديسون University of Wisconsin–Madison التي قادت هذه الدراسة الجديدة، في حين يخشى آخرون أن يصبحوا ضحية تمييز عن غير قصد. على سبيل المثال، قال أستاذ أبيض (من الذكور) لبيارس-وينستون وفريقها خلال دراسة سابقة: «هناك دائماً مخاطر نشوء قدر من الحرج أو الصعوبات من لا شيء».
حاليا، هناك مجموعة متزايدة من الأعمال تسلط الضوء على أوجه القصور في هذه العقلية. على سبيل المثال، وجد تقرير الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطبNational Academies of Sciences, Engineering, and Medicine report للعام 2019 – بقيادة بيارس-وينستون – أن عرق وأصول الطلبة والمُرشِدين يؤثر في مشاعر الطلبة وتقييمهم للإرشاد. هذه الدراسة الجديدة هي المرة الأولى التي يتم فيها تقييم تأثير الوعي بالتنوع الثقافي – التعرف على المعتقدات والمفاهيم والأحكام ذات الطابع الثقافي، وكذلك تحديد الاختلافات الثقافية وأوجه التشابه مع الأشخاص الآخرين – في التوجيه والإرشاد، كما يقول توماس. «لقد أعجبت بشدة بالصرامة العلمية المتبعة [و] أناقة» الدراسة الجديدة.
كان أحد الاستنتاجات الجاهزة في تقرير الأكاديميات الوطنية هو أن المُرشِدين يجب أن يفكروا في كيفية تأثير التعصب والتحيّز في الأشخاص. بعد هذه التوصية، أرادت بيارس-وينستون وزملاؤها معرفة ما إذا كان حضور المُرشِدين جلسة تدريبية قصيرة يمكن أن يزيد الوعي بهويتهم العرقية عند توجيه الطلبة وإرشادهم.
لاختبار ذلك، التحق 197 عالماً – معظمهم من النساء البيض، يرشدون 117 طالباً جامعياً، ممن كانوا يكملون برنامجاً بحثياً صيفياً مدته 10 أسابيع – في برنامج يُسمى الدخول في الإرشاد Entering Mentoring، وهو عبارة عن منهج يعتمد على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ويتضمن تدريب المُرشِدين على مفاهيم مثل الإنصاف Equity والشمول (الإدماج) Inclusion وغرس مبادئ السلوك الأخلاقي Ethical behavior، التي سبق أن أُثبِت أنها تساعد على تحسين مهارات التوجيه والإرشاد. تم تخصيص جميع المُرشِدين – اختيروا من أعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا من تخصصات علوم الحياة Life sciences من 32 مؤسسة بحثية أمريكية – لإكمال برنامج الدخول في الإرشاد في أربع جلسات مدتها ساعتان.
أكملت إحدى المجموعات التي ضمت 110 مُرشِدين وحدة الإنصاف والشمول التي تتوافق مع البرنامج، حيث يحدد المشاركون الاختلافات بين المُرشِد والطالب الموجَّه – مثل الجنس، أو العمر أو العرق أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية – ويناقشون جوانب التحيز والتعصب والقوالب النمطية Stereotyping التي يمكنهم تقليلها إلى الحد الأدنى. بدلاً من ذلك، أكملت المجموعة التجريبية المكونة من 87 موجهاً وحدة مختلفة مدتها ساعتان تركز على تعزيز وعي المرشد بالتنوع الثقافي. في هذه الوحدة، كان على المُرشِدين مناقشة طرق تفاعل الطلبة الممثلين تمثيلاً ناقصاً مع التمييز، ومشاهدة مقاطع فيديو تعرض تجارب الطلبة، وباستخدام سيناريوهات أداء الأدوار Role-play scenarios التي يؤدي فيها المُرشِدون دور طلبة من الأقليات العرقية والإثنية.
أحدث التدريب التجريبي فرقاً ملحوظاً، من وجهة نظر المُرشِدين والطلبة المُوجَّهين على حد سواء، كما كتب الفريق في 24 مايو 2023 في مجلة ساينس أدفانسس Science Advances. صنف الطلبة الموجَّهون مرشدوهم من المجموعة التجريبية لتعزيز سلوكيات التوعية بالتنوع الثقافي بدرجات أعلى، مقارنة بأولئك الذين هم من مجموعة التحكم (الضابطة) Control group، وقالوا إن مرشديهم تعاملوا مع موضوعات العرق بقدر كبير من الاحترام، وخلقوا فرصاً لهم لإثارة قضايا العرق والأصل حينما يتاح ذلك. وفي التقييم الذاتي للمُرشِد، كان أعضاء المجموعة التجريبية أكثر عرضة بمقدار الضعف للإبلاغ عن أن هويتهم العرقية مهمة لعلاقاتهم الإرشادية، مقارنة بمجموعة التحكم. أفاد المُرشِدون في كلتا المجموعتين بأن التدريب ساعدهم في جوانب مختلفة من التوجيه، مثل الثقة Confidence والتواصل Communication.
ويقول ريتشارد ماكغي Richard McGee، الباحث الذي يدرس تطوير أعضاء هيئة التدريس في جامعة نورث وسترن Northwestern University، والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة: «حقيقة أنه يمكنك رؤية تغييرات حقيقية من خلال [تدخل قصير جداً] كانت مدهشة جداً».
وتقول جانيل بايفر Janelle Peifer، عالمة النفس الإكلينيكية في جامعة ريتشموند University of Richmond، التي لم تشارك في الدراسة: «هذا النوع من العمل مهم للتغيير المنهجي». على سبيل المثال، وجد تقرير لمؤسسة العلوم الوطنية National Science Foundation هذا العام أن الفوارق في العرق والأصل لا تزال قائمة في كل مستوى من الأوساط الأكاديمية في الولايات المتحدة، بدءاً من مستوى طلبة البكالوريوس. وبينما كان معظم المُرشِدين في الدراسة من النساء البيض، فإن التركيب العرقي لمجموعة الطلبة الموَجَّهين كان أكثر تنوعاً لتشجيع الوعي عبر الثقافات: تقريباً ضعف نسبة المتدربين من الموَجَّهين كانوا من السود وأكثر من ثلث المستفيدين كانوا من أصل إسباني (فقط نحو 13% من المرشدين عرفوا أنفسهم هذا النحو)، في حين أن أكثر من ربع الطلبة الموجَّهين كانوا من الآسيويين (على عكس ما يقرب من 14% من المُرشِدين). وتقول إن التدريب على الوعي الثقافي هو «استراتيجية عملية وقابلة للتنفيذ حقاً لمعالجة ما كان يعتبر مشكلة مستعصية جداً في هذا المجال، وما زلنا نحاول معالجتها. وهذا أمر بالغ الأهمية، لأن التوجيه قد يكون ضاراً إذا لم يتم فعله بشكل جيد».
وتود بايفر أن ترى دراسات أخرى تلي هذه الدراسة الجديدة، ببيانات من مراقبين محايدين Impartial observers يقيِّمون سلوك المُرشِدين والموجَّهين، بدلاً من التقييمات الذاتية Self-assessments. يعمل الفريق الآن مع ماكغي على تجربة أكبر نطاقا وأطول مدة مع طلبة الدراسات العليا ومُرشِديهم الأكاديميين في 35 جامعة أمريكية لقياس مدى تأثير جلسة تدريبية غامرة في الهوية الثقافية على الإرشاد، والكيفية التي تغير بها جودة التدريس في المؤسسات الأكاديمية.
يقول توماس إنه على الرغم من الأدلة المؤيدة لذلك، فإن خضوع المُرشِدين لتدريب قائم على الأدلة لا يزال نادراً في معظم أنحاء البلاد، بل والأندر من ذلك أن يشمل التدريب الذي يشمل قضايا العرق. ويضيف: «إنني أشعر بإلحاح الموضوع… فالإرشاد القائم على الثقافة مطلوب جداً… كم عدد الدراسات الإضافية التي نحتاج إليها لإخبارنا أنها فعالة في إحداث التغيير المطلوب؟».
© 2023, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved