أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
أخبار العلوم

تحمي أمهات الحوت القاتل صغارها من المعارك مع الحيتان الأخرى

تسلط دراسة جديدة الضوء على أهمية الأمهات بعد انقطاع الطمث في الديناميكيات الاجتماعية لحيتان الأوركا

بقلم فاي جاكوبس

قد يكون لقب «حبيب ماما» أكثر ملاءمة لذكور هذا النوع

سرعة حيتان الأوركا Orca الشرسة وذكائها وأسنانها الحادة تجعل هذه الثدييات البحرية واحدة من أهم الحيوانات المفترسة في المحيط. لا عجب في أن يُطلق عليها اسم «الحيتان القاتلة» Killer whales. ولكن وفقاً لبحث جديد، قد يكون لقب «حبيب ماما» أكثر ملاءمة للذكور من النوع. وتشير دراسة نُشرت في 20 يوليو 2023 في مجلة كرنت بيولوجي Current Biology إلى أنه عندما تقاتل ذكور الأوركا، تتصدى أمهاتها دفاعاً عنها. وأشار المؤلفون إلى أن هذا ليس مجرد تفانٍ من الأم – بل من خلال حماية ابنها، تعزز الأم أوركا من احتمالات نقل جيناتها للأجيال التالية.

تقول ستيفاني كينغ Stephanie King، عالمة الأحياء السلوكية في جامعة بريستول University of Bristol والتي لم تشارك في العمل، إن الدراسة «رائعة» وتلقي ضوءاً جديداً على المدى الذي ستذهب إليه الأمهات لدعم أبنائها.

تشتهر حيوانات الأوركا المقيمة في الجنوب والتي تعيش قبالة سواحل شمال غرب المحيط الهادي بديناميكيات اجتماعية معقدة، فكل مجموعة هي نظام أمومي منظم جيداً يتكون من أنثى أكبر سناً ونسلها ونسل ابنتها. فعلى الرغم من أن الذكور يغامرون بالتزاوج بالإناث من المجموعات الأخرى، إلا أن كلا الجنسين يظلان مع والدتهما طوال حياتهما.

في عام 2022، بدأت تشارلي غرايمز Charli Grimes، باحث الحيتان من جامعة إكستر University of Exeter، باستكشاف أنماط العدوان في هذه المجموعة. ونظراً لعدم وجود حيوانات مفترسة طبيعية لحيتان الأوركا فيما عدا البشر، فإن علامات الأسنان على هذه الحيتان عادة ما تكون علامة على تعرضها لهجوم من قبل حوت آخر – إما في قتال ودي أو أكثر جدية. وباستخدام بيانات التعداد الفوتوغرافية من مركز أبحاث الحيتان Centerfor Whale Research، الذي رصد هذه المجموعة الأوركا منذ عام 1976، بحثت غرايمز عن دليل على هذه العلامات.

وجدت غرايمز وفريقها أن ذكور الأوركا لديها ندوب أكثر من الإناث – لكن البعض أصيب بإصابات أقل من الآخرين. فقد تذكرت دراسة عام 2012 وجدت أن مجرد وجود أنثى أكبر سنا من الأوركا عزز بشكل كبير بقاء نسلها الذكور. تساءلت غرايمز: هل كانت الأمهات تحمي أبناءها فيظلون بلا جروح نسبياً؟

في النهاية، حلّلت هي وزملاؤها ما يعادل 47 عاماً من حفظ السجلات على علاقات حيتان الأوركا داخل كل مجموعة. ووجدوا نمطاً واضحاً: كانت لدى ذكور الأوركا علامات عضات أسنان أقل إذا كانت أمهاتهم على قيد الحياة وبعد انقطاع الطمث، في حين أن الذكور الأيتام والذكور الذين عاشوا مع أمهات في سن الإنجاب يعانون معظم الإصابات. وتشير هذه النتائج إلى أن إناث حيتان الأوركا بعد انقطاع الطمث، والتي قد يكون لديها متسع من الوقت مقارنة بالإناث التي لا تزال تربي صغاراً، تحمي أبناءها من الاضطرابات الاجتماعية.

لاحظ المؤلفون أن هذه الأمهات ربما لا تتدخل جسدياً في القتال. بدلاً من ذلك، يقول غرايمز، إنها ربما تستخدم نفوذها لمنع العنف في المقام الأول.

بالنسبة إلى البنات، لم تجد غرايمز أي فرق في الندوب بين إناث حيتان الأوركا مع أمهات بعد انقطاع الطمث وأولئك اللائي لديهن أمهات في سن التكاثر، مما يعني أنها لا تتلقى الحماية نفسها مثل إخوتها الذكور. قد يكون هناك سبب تطوري لذلك: عندما تلد أنثى الأوركا، تتحمل المجموعة بكاملها مسؤولية تربية عجلها (صغيرها)، كما توضح غرايمز. في غضون ذلك، يتزاوج الذكور خارج مجموعتهم، فيلقون بعبء تربية نسله على مجموعة مختلفة. وتقول غرايمز إنه من خلال إعطاء الأولوية لأبنائها، يمكن أن تنقل أمهات حيتان الأوركا جيناتها دون التضحية بالعديد من موارد مجموعتها.

قد تساعد البيانات أيضاً على تفسير سبب عيش أنثى حيتان الأوركا لفترة طويلة – أحياناً أكثر من 20 عاماً بعد انقطاع الطمث. فقط في البشر وعدد قليل من أنواع الحيتان تعيش الإناث لفترة طويلة بعد سن الإنجاب. أحد أوجه التشابه التي تشترك فيها هذه المجموعات هو أن الإناث الأكبر سناً ما زالت تؤدي أدواراً اجتماعية مهمة. أظهرت الأبحاث السابقة أن أمهات حيتان الأوركا توجه عائلاتها إلى أماكن غذاء وفيرة، بل تشارك صيدها مع الآخرين. في حيتان الأوركا، على ما يبدو، قد تعمل النساء الأكبر سناً أيضاً كوسيطات في الصراع. تقول كينغ إن الدراسة «تقدم مساهمة مهمة في فهمنا المتزايد لتطور فترة انقطاع الطمث».

تقول هايزل نيكولز Hazel Nichols، عالمة الإيكولوجيا السلوكية في جامعة جامعة سوانزي Swansea University والتي لم تشارك في الدراسة، إن هذا البحث يوضح أيضاً قيمة البيانات طويلة الأمد. فلو لم تقضِ منظمات مثل مركز أبحاث الحيتان Center for Whale Research عقوداً في رصد هذه الحيتان، كما تقول، «لن نتمكن من البحث في مثل هذه السمات المثيرة للاهتمام والمعقدة».

وتقول غرايمز إنها تود أن تتعلم قدر الإمكان عن هذه الحيوانات في حين لا نزال قادرين على ذلك: على مدى العقود القليلة الماضية، بسبب أسر البشر والتغييرات في الموائل الناجمة عن التغير المناخي Climate change، تضاءل عدد الحيتان المقيمة في الجنوب إلى 73 فرداً فقط. يقول: «ربما لا تعود موجودة خلال 50 عاماً».

© 2023, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى