أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
صحة

كيف لتحديد نمطك العمري أن يساعدك على العيش بصحة أفضل لفترة أطول

يشيخُ جسمُك عبر مسار من أربعة مسارات محتملة، أو ربما أكثر. إن تحديد «نمطك العمري» يمكن أن يساعدك على التركيز على الأشياء التي يمكنك فعلها للبقاء بصحة أفضل لفترة أطول

هناك قصة (قد تكون مختلفة) عن إرسال هنري فورد Henry Ford عملاء إلى ساحات الخردة في معظم أنحاء الولايات المتحدة بحثا عن طرازات السيارة تي T المرمية في سكراب الخردة. أراد رجل الصناعة الشهير أن يعرف أي مكونات السيارة الحيوية تعطل أولا، كي يتمكن من فعل شيء حيال ذلك. أبلغ العملاء أن كل جزء من السيارة كان عرضة للعطب، لكن بعضها كان أكثر عرضة من غيرها، باستثناء عنصر واحد – وهو أحد مكونات نظام التوجيه الذي يسمى المحور الرئيس Kingpin، لم يتعطل قطّ. وتوقعوا أن يعلن فورد عن خطط لإطالة العمر التشغيلي للمكونات الأضعف. بدلا من ذلك، أمر مهندسيه بتصنيع محاور رئيسة أقل مرونة. لا فائدة من إهدار أموال نافعة على مكون يتجاوز دائما العناصر الأخرى.

والحال في جسم الإنسان كالحال في سيارات فورد طراز تي. جميع أجزائنا معرّضة لبطش الزمن، لكن تبيّن أن بعضها يشيخ بسرعة أكبر من غيرها. أي الأجزاء بالتحديد سيعطب أولا هو أمر يعتمد على الحظ إلى حد ما. يقول مايكل سنايدر Michael Snyder، عالم الجينات من جامعة ستانفورد Stanford University في كاليفورنيا: «يشيخ كل شخص بصورة مختلفة». فعلى سبيل المثال، قد يكون لديك جهاز مناعي شاب لكن كليتَيكَ مُسِنتَان، أو يكون الاستقلاب لديك هرما لكن كبدَكَ شاب.

الآن، كشفَتْ الدراسات أننا نميل إلى التقدّم في العمر عبر مسار من أربعة مسارات مختلفة. هذا هو «نمطك العُمْري» Ageotype – وهو الطريقة الأساسية التي تتقدم بها في العمر شخصيا. الخبر السيئ هو أن الجزء الأكبر سنّا في جسمك قد يجرّ بقية الجسم معه. والخبر السار هو أنّه بتحديد نمطك العمري قد تكون قادرا على استهداف ذلك الجزء للعيش بصحة أفضل لفترة أطول.

التنميط الظاهري العميق لم يُطبق على ما يمكن القول إنه أخطر حالة في العالم وأشدها فتكا: الشيخوخة

تعود جذور اكتشاف الأنماط العمرية إلى ثورة «الأوميكس» Omics التي بدأت في ثمانينات القرن العشرين. في البداية ظهر علم الجينوم Genomics، وهو دراسة الجينوم Genome ــ كامل الحمض النووي DNA للكائن الحي. ثم علم البروتينات Proteomics، وهو دراسة البروتينات؛ وعلم الدهون Lipidomics، الذي يركز على الدهون؛ وعلم الميكروبيوم Microbiomics، الذي يتعامل مع البكتيريا والفيروسات والفطريات الموجودة داخل أجسامنا وعليها؛ وغير ذلك. عندما تُطبَّق معا جنبا إلى جنب مع التشخيص الطبي القياسي لاستقصاء حالة الفرد الصحية، يُعرف ذلك بــ«التنميط الظاهري العميق» Deep phenotyping، وهو مجال مبدأه «كلما تعمّقْتَ، زادت معرفتك».

التنميط الظاهري العميق
استُخدم التنميط الظاهري العميق لسبر أسباب جميع أنواع الحالات الطبية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر السرطان Cancer، وأمراض القلب، والحساسية، وداء باركنسون Parkinson’s disease، والإدمان. لكن حتى وقت قريب، لم يُطبق على ما يمكن القول إنه أخطر حالة في العالم وأشدها فتكا: الشيخوخة Aging.

قرر سنايدر وزملاؤه ردم هذه الفجوة. اختاروا 43 شخصا تراوحت أعمارهم بين 29 و75 عاما، كانوا مشاركين حينها في دراسة مختلفة. أُجري سابقا تنميط ظاهري عميق للمتطوعين كل ربع عام في العامين إلى الأربعة أعوام الماضية. وسجّل الباحثون بيانات عن التعبير الجيني Gene expression، والاستقلاب، والبروتينات، والجهاز المناعي، والبراز، والكائنات الدقيقة في الأنف، وأجروا أيضا مجموعة من اختبارات الدم القياسية. بأخذ كل ذلك بالاعتبار، تمكّن فريق سنايدر من الحصول على 18,393 نقطة بيانات لكل متطوع لكلّ ربع عام، ثم حلّلوها لمعرفة أيّ منها تغير تغيرا ملحوظا أثناء الدراسة.

ويتناقض هذا النهج الطولاني Longitudinal – دراسة الأفراد ذاتهم مع مرور الوقت – مع توجه معظم الدراسات التي تتناول علم أحياء الشيخوخة، والتي عادة ما تدرس مجموعة من المسنين ومجموعة من الشباب وتلاحظ الاختلافات بينهما. قد تقع هذه الدراسات بخطر مقارنة التفاح بالبرتقال، فربما لم تَعُد البيئات التي عاشَت فيها المجموعة الأكبر سنّا أو أنماط حياتها شائعة في عالمنا الآن، بما في ذلك أشياء مثل التدخين في الأماكن المغلقة، أو الأنظمة الغذائية المختلفة، أو الوظائف التي تتطلب جهدا جسديا أكبر. يقول سنايدر: «قد تكون بعض الأشياء تأثيرات من الحقبة نفسها لا تأثيرات الشيخوخة».

مكّن النهج الجديد سنايدر وزملائه من تحديد 608 جزيئا وجينا ونوعا ميكروبيا تغيّر تغيّرا ملحوظا مع تقدّم عمر المتطوعين، حتى في غضون الفترة القصيرة التي امتدَّتْ بضعة أعوام. كان الكثير منها واسمات حيوية Biomarker معروفة للشيخوخة، لكن الكثير منها لم يكن كذلك.

ثم انجلَتْ الصورة. تبيّن أن معظم الميكروبات والجينات والجزيئات مرتبطة بالشيخوخة بواحد من أربعة أعضاء أو أجهزة مستقلة – الكليتان والكبد والجهاز المناعي والاستقلاب العام. لكن لم يُظهر الجميع نمط التغيّر نفسه. تقدم معظمهم في السنّ على طول المسارات الأربعة في الوقت نفسه، لكن مسارا أو اثنين هيمنا. يقول سنايدر: «لقد توقعنا ذلك نوعا ما. لكن من الجميل أن نرى أنّه يمكنك قياسه، وإن كان بإمكانك قياسه، فستتمكن من فعل شيء حيال ذلك». أطلق سنايدر على هذه الفئات الأربع الواسعة مصطلح الأنماط العمرية Ageotypes. في النمط العمري Immune ageotype، يكون الجهاز المناعي أقدم بيولوجيا من الثلاثة الآخرين. وينطبق الأمر نفسه على الأنماط الأخرى. إنه مثل طراز تي تماما: كل شيء يصير قديما بمرور الوقت، لكن بعض الأجزاء تبلى بصورة أسرع.

استهدفْ نمطَك العمري
نستدلّ من ذلك أن الأشخاص المختلفين سيستفيدون من استراتيجيات مختلفة لمقاومة الشيخوخة. يقول سنايدر: «يمكنك التدخل وعكس بعض هذه الاتجاهات. نعتقد أن المعلومات قابلة للتنفيذ بتغييرات في نمط الحياة». ويوصي المسنين الاستقلابيين Metabolic agers بمحاولة فقدان الوزن وممارسة المزيد من التمارين الرياضية – إذ تُظهر العديد من الدراسات أن الوزن الصحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام يمكن أن يحسّنا العمليات التي يحول الجسم بواسطتها الطعام والشراب إلى طاقة. وبالمثل، ربما على المسنين الكبديين Liver agers الإقلاع عن شرب الخمر، إذ يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض الكبد. ويجب على المسنين الكلويين Kidney agers شرب المزيد من الماء – تشير الدراسات إلى أن شرب كميات أكبر من الماء يرتبط بمعدل انتشار Prevalence أدنى من الداء الكلوي المزمن Chronic kidney disease وتدهور أبطأ في وظيفة الكلية. تتميز الشيخوخة المناعية بميل نحو الالتهاب المزمن، الذي يكمن وراء العديد من حالات الشيخوخة، لذا يشير سنايدر إلى أنّ المسنين مناعيا يمكن أن يتناولوا الكركم Turmeric أو المكون النشط فيه، الكركمين Curcumin، والذي أظهرَتْ بعض التجارب الإكلينيكيّة أنّه ذو خصائص مضادة للالتهابات.

ولحسن الحظ، هناك إشارات إلى أن بعض هذه الاستراتيجيات قد تنجح. عَكَسَ أربعة أشخاص في دراسة سنايدر بعض الواسمات الحيوية للشيخوخة الاستقلابية، اثنان بفقدان الوزن، وواحد بممارسة التمارين الرياضية، وآخر بتغيير النظام الغذائي. كما أظهر ثمانية من المسنين الكلويين تحسنا، على الرغم من أن سنايدر غير متأكد من سبب ذلك. وصِفَتْ أدوية الستاتين Statin لهم جميعا للمساعدة على خفض نسبة الكوليسترول أثناء الدراسة، لكنّه يقول إنّ الارتباط بوظائف الكلية غير واضح. «لا أعتقد أنهم يعكسون الشيخوخة في حد ذاتها فعلا، لكنهم يسيطرون على بعض [جوانب] نمطهم العمري».

إذن، كيف تحدد نمطك العمري؟ مع الأسف، لا يوجد اختبار مصمم بصورة خاصة له حتى الآن، لكن سنايدر يقول إن هناك بعض إشارات للمخاطر التي يمكن العثور عليها في تحاليل الدم الإكلينيكيّة القياسيّة. تُراقب وظائف الكبد والكلية مراقبة روتينية، وكذلك مستوى البروتين المتفاعل C) CRP) وهو مؤشر على الالتهاب ومن ثمّ وظيفة المناعة. يمكن قياس الصحة الاستقلابية قياسا تقريبيا من خلال النظر إلى مستويات بروتين يسمى الهيموغلوبين (A1C Haemoglobin A1C)، والذي يرتبط بمعالجة الغلوكوز في الدم، وكان مرتفعا بصورة روتينية في المُسنين الاستقلابيين في دراسة سنايدر.

قد تؤدي تغييرات نمط الحياة إلى إبطاء شيخوخة الكبد. صورة: MAXIMILIAN STOCK LTD / SCIENCE PHOTO LIBRARY

المزيد من الأنماط العمرية
الأنماط العمرية الأربعة ليست إلا البداية. ويقول سنايدر إن هناك المزيد منها بالتأكيد. يقول بريان بينينغ Brian Piening من معهد بروفيدنس للسرطان Providence Cancer Institute في أوريغون Oregon، الذي كتب تعليقا على بحث سنايدر، إن دراستَه صغيرة ومُستمدة من منطقة جغرافية محدودة، لذلك من غير المرجح أن تكون قد مثّلت جميع الأنماط العمرية.

وهناك حاليا إشارات عن الأنماط الأخرى التي قد تكون موجودة. يبدو أن لدى أحد المتطوعين في دراسة سنايدر نمطا عمريا قلبيا، إذ أن قلبه أقدم بيولوجيا من بقية أعضائه. ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الأمثلة قبل تأكيد هذا النمط العمري. ويقول سنايدر إن الشيء نفسه ينطبق على بعض الأنماط العمرية الأخرى. يُنَمِّط فريقُه الآن مجموعة أكبر من المتطوعين تنميطا ظاهريا عميقا لتحديد المزيد من الأنماط العمرية. انتهى الباحثون تقريبا من جَمْع بيانات أرباع الأعوام على مدى أعوام عديدة من أكثر من 100 متطوع وسيبدؤون تحليل تلك البيانات في وقت لاحق في 2023.

وفي غضون ذلك، يزعم باحثون آخرون أنّهم قد وسّعوا نطاق الأنماط العمرية. في وقت سابق في 2023، أعادت كاليوبي جكوسكو Kalliopi Gkouskou من جامعة أثينا University of Athens في اليونان وزملاؤها تحليل بيانات سنايدر باستخدام طرق مختلفة، فاكتشفوا خمسة أنماط عمرية محتملة أخرى: تلك التي تشمل الجهاز التناسلي، والحسي، والهضمي، والعصبي المركزي، والنسيج الضام Connective tissue.

وبالمثل، في دراسة أخرى أُجريت في وقت سابق في هذا العام، طبّق بريان كينيدي Brian Kennedy من جامعة سنغافورة الوطنية National University of Singapore وزملاؤه التنميط الظاهري العميق على 4,066 متطوعا تراوحت أعمارهم بين 20 و45 عاما. جمعوا معلومات عن الميكروبيوم Microbiome في أمعائهم، وعن أجهزتهم المناعيّة، والاستقلاب، والمواد الكيميائية في الدم، وتكوين الجسم، واللياقة البدنية، وجلد الوجه، فأنشأوا 403 نقطة بيانات لكل فرد.

جُمِّعَتْ القياسات في تسعة أنماط عمرية: الأربعة نفسها التي وجدتها دراسة سنايدر الأصلية، إضافة إلى نمط القلب والأوعية الدموية، واللياقة البدنية، والهرمونات الجنسية، وملامح جلد الوجه، وميكروبيوم الأمعاء. ومن بين هذه الأنماط، كان ارتباط ميكروبيوم الأمعاء بعمر الأفراد الزمني هو الأدنى، في حين تباين عمر الكبد وأنظمة الهرمونات الجنسية تباينا أكبر بين الأفراد. يقول كينيدي إنّ هذا يشير إلى أنّ الأنماط العمرية هي ظاهرة واقعية.

في هذه الأثناء، استقصَتْ يي إيلا تيان Ye Ella Tian – من جامعة ملبورن في أستراليا University of Melbourne – وزملاؤها تأثير الأنماط العمرية في الصحة. وفي وقت سابق في هذا العام، استخدموا بيانات من البنك الحيوي في المملكة المتحدة UK Biobank، الذي يحتوي على معلومات جينية وطبية ومعلومات عن نمط الحياة لـ 50 ألف شخص في أواسط العمر في المملكة المتحدة، لتطوير طرق لقياس العمر الأحيائي لسبعة أجهزة في الجسم (القلب والأوعية الدموية، والرئتين، والجهاز العضلي الهيكلي، والمناعة، والكليتين، والكبد، والاستقلاب) وثلاثة أجهزة دماغية (المادة الرمادية Grey matter، والمادة البيضاء White matter، واتصالات الدماغ).

أكّدوا أن الأعضاء والأجهزة المختلفة يمكن أن تشيخ بمعدلات مختلفة في الفرد، وأنّ الأجزاء الأكبر سنّا في جسم الشخص مرتبطة بقوة – بصورة لا تدعو للاستغراب – بالحالات الطبية المتعلقة بالعمر التي شُخِّصت لديهم. الأشخاص الذين يعانون أمراض الكلى لديهم كلى أكبر من عمرهم الزمني بـ 8 إلى 11 عام؛ أولئك الذين يعانون داء السكري Diabetes لديهم استقلاب أكبر سنّا، وكان الأشخاص الذين لديهم أجهزة قلب وأوعية دموية مسنة أكثر عرضة للإصابة بالداء الرئوي المُسِدّ المُزمن Chronic obstructive pulmonary disease (اختصارا: الداء COPD). وغالبا ما لوحِظَ تقدم سنّ الدماغ لدى الأشخاص الذين يعانون ضعفا معرفيا خفيفا Mild cognitive impairment، Dementia، وداء باركنسون. لكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنهم وجدوا أن العديد من الحالات المتعلقة بالعمر اقترنَتْ بأعضاء لا تربط بها عادة. على سبيل المثال، لوحظ غالبا تقدم سنّ الدماغ لدى الأشخاص المصابين بالداء COPD وداء السكري.

الخلايا الهرِمَة
اكتشف فريق تيان أيضا أن الأعضاء والأجهزة لا تشيخ معزولة؛ بل قد تجرّ أخرى معها. على سبيل المثال، تؤدي زيادة سنّ القلب والأوعية الدموية بمقدار عام واحد إلى زيادة قدرها 27 يوما تقريبا في إجمالي سنّ الدماغ. تؤدي شيخوخة الرئتين السريعة إلى شيخوخة أسرع للقلب والأوعية الدموية، مما يؤدي بدوره إلى شيخوخة أسرع للعضلات، والعظام، والكلى. ربما يرجع ذلك إلى تأثير الخلايا الهَرِمَة Senescent cell المؤذي، وهي خلايا مسنّة ومتضررة لا يمكن عكس حالتها ولا تموت، لكنها بدلا من ذلك تحوم مسببة الأذى، وتقطر الذيفانات (السموم) Toxin في مجرى الدم مسممة الأنسجة البعيدة.

لكنّ أسباب اختلاف معدلات الشيخوخة في الجسم نفسه ليست مفهومة بالكامل بعد. تقول تيان: «قد تكون هناك بعض العوامل الجينية. في بعض الأحيان، قد يكون لدى بعض أعضاء الجسم استعداد جيني يجعلها أكثر عرضة من غيرها. لكن من المحتمل أيضا أن تكون هناك عوامل تتعلق بنمط الحياة مثل التدخين وممارسة الرياضة والوضع الاجتماعي والاقتصادي». كذلك، يقول سنايدر إن الأمر قد يرجع إلى توليفة من الجينات والبيئة ونمط الحياة والتاريخ الطبي.

يقول سنايدر إنه حين ستُحلل جميع البيانات، فمن المحتمل أن يكون هناك العشرات من الأنماط العمرية. «هناك 78 عضوا [في جسم الإنسان] – هل سيكون هناك 78 نمطا عمريا؟ لا أعتقد أنه من غير المعقول أن نقول إنّه سيكون هناك 50 نمطا رئيسا». لكنه يقول نظرا إلى أن بعض هذه الأعضاء تشيخ بطرق مترابطة ببعضها بإحكام تعني أن هذه القائمة يمكن تقليصها إلى 20 أو نحو ذلك.

بأخذ كلّ ما سبق بالاعتبار، يَعِدُ اكتشاف الأنماط العمرية بمزيد من شخصنة طبّ مقاومة الشيخوخة Personalise anti-ageing medicine، مما سيمكن الأطباء من التدخل لعلاج الأعضاء والأجهزة التي تشيخ شيخوخة أسرع. وهذا الأمر ممكن الآن. تقول تيان: «معظم الواسمات الإكلينيكية التي استخدمناها متاحة في البيئات الإكلينيكية، لذلك يمكن مبدئيا استخدام هذه الواسمات لتقدير عمر العضو. وأعتقد أنه عند تلك المرحلة سيتمكن الطبيب من النصيحة ببعض التدخلات السلوكية المبكرة لمحاولة تأخير ظهور المرض».

ومع ذلك، هناك جانب سلبي. يقول كينيدي إن الأنماط العمرية تلقي بظلال من الشك على صحة اختبارات العمر البيولوجي. إذ عادة ما تأخذ هذه الاختبارات الحمض النووي من عينة محدودة جدا، إما من اللعاب أو الدم، فنفقد الصورة الأشمل. ويقول: «لا تغطى هذه الفحوصات العديد من جوانب جسم الإنسان»، مما قد يولّد لدى الناس شعورا زائفا بالأمان – أو العكس.

أنا متأكد من أنني مسن كبدي. تعرضتُ لنوبة شديدة من التهاب الكبد الفيروسي Hepatitis حين كنت مراهقا ولم أعتنِ بكبدي منذ ذلك الوقت، إذ كنت أمطره بصورة دورية بالسموم، معظمها إيثانول. أظن أن هذا هو الجزء الأكثر تدهورا في جسمي البالغ من العمر 53 عاما. لكن هناك شيء يمكنني فعله: تناول كميات أقل من الدهون، وفقدان بعض الوزن، والإقلاع عن المشروبات الكحولية. لن يصير كبدي مرنا كمحور السيارة الصلد، لكن يمكنني منعه عن جرّ ما تبقى مني إلى ساحة الخردة.

بقلم غرايام لاوتون

© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى