مرحبًا بكم…
السيدات والسادة
أصدقاء مجلة «العلوم» الكرام
بينما ودعنا عام 2023 بمزيد من الحزن بوفاة صاحب السمو أمير دولة الكويت الراحل المغفور له الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح طيَّب الله ثراه، يلوح فجرُ عامٍ جديد نستقبله بالأمل تحت قيادة حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله وسدد خطاه لوطن يعلو مجْداً ويزدهي تقدماً.
ناظرين إلى عام 2023 ومتطلعين إلى عام 2024، دعونا نستمد الإلهام من الخطوات التي قطعها العلم. إذ تمخض العام الماضي عن تطورات سريعة في الذكاء الاصطناعي، وشاعت استخداماته في كل شيء بدءاً من الطب وحتى حماية الطيور المهاجرة. فمع وصول خوارزميات الذكاء الاصطناعي إلى قاعات المدارس والجامعات والمحاكم والمحافل الموسيقية والفنية، أثار ذلك الكثير من المخاوف الأخلاقية. حتى أن جيفري هينتون، أحد رواد تعلم الآلة الملقب بـ«الأب الروحي للذكاء الاصطناعي»، تخلّى عن وظيفته في غوغل حتى يتمكن من التحدث بحرية أكبر عن قلقه بشأن مستقبل الذكاء الاصطناعي. هذا، وتتصدى هيئة الأمم المتحدة الاستشارية رفيعة المستوى المعنيَّة بالذكاء الاصطناعي للمخاوف التشريعية والتنظيمية، وتعمل نحو إصدار تقريرها في منتصف عام 2024، لتضع مبادئ توجيهية للتنظيم الدولي للذكاء الاصطناعي.
أما في السماء، فقد نشر تلسكوب جيمس ويب الفضائي صورا مذهلة، وعادت بعثة وكالة ناسا التي استمرت أكثر من سبع سنوات إلى الأرض، وجلبتْ معها عينة الصخور والغبار التي جُمعت من كويكب بينو، بعد أن سافر مسبار الوكالة أوزيريس ريكس 1.2 بليون ميل إلى الكويكب للحصول على العينة. وكويكب بينو البالغ من العمر 4.5 بليون سنة قد يحمل أدلة حول كيفية تشكل كوكبنا واللبنات الأساسية للحياة التي قدمتها النيازك لنشوء الحياة على الأرض.
كذلك يتطلع عام 2024 نحو النجوم، فمن المقرر أن يبدأ مرصد فيرا روبن في تشيلي تشغيل بعض أدواته في النهاية، قبل البدء بالمسح المخطط له لمدة عشر سنوات لسماء نصف الكرة الجنوبي بكامله. وفي تشيلي أيضاً، سيتم الانتهاء من مرصد سيمونز في صحراء أتاكاما في منتصف عام 2024. وستبحث تجربة علم الكون من الجيل القادم عن توقيعات موجات الجاذبية البدائية – أي الشفق اللاحق للإنفجار الكبير – في الخلفية الكونية الميكروية.
ولأول مرة منذ سبعينات القرن العشرين، تطلق ناسا بعثة قمرية مأهولة. فمن المتوقع إطلاق أرتميس 2 حاملة أربعة رواد فضاء – ثلاثة رجال وامرأة – في رحلة حول القمر لمدة عشرة أيام، واضعة الأساس لبعثة أرتميس 3 اللاحقة، والتي ستهبط أول امرأة والرجل التالي على سطح القمر. وتستعد الصين أيضاً لإطلاق بعثة تشانغ إيه Chang’e-6 لإعادة العينات القمرية في عام 2024. وفي حالة نجاحها، ستكون المهمة الأولى التي تجمع عينات من الجانب البعيد للقمر. وبينما نقف على أعتاب عصر جديد، تتراءى أمامنا احتمالات لا حدود لها ستعيد تعريف الطريقة التي نعيش بها ونتفاعل بها.