كيف سيؤثر حظر سياسات التمييز الإيجابي الجامعية في الشركات الأمريكية
يجب على القادة الذين يظلون ملتزمين بتوظيف المواهب ذات الإمكانات العالية وتوفير فرص متساوية لأعضاء الفئات المحرومة إعادةُ النظر في موارد القوى العاملة لديهم.
في 29 يونيو 2023، حكمت المحكمة العليا للولايات المتحدة بواقع 6-3 لمصلحة حظر استخدام العِرق والإثنية كعاملَين في القَبول بالكليات. كان هذا قراراً بالغ الأهمية له آثار اجتماعية ومؤسسية واسعة النطاق. على الرغم من أن نطاق الحكم اقتصر على القبول في الجامعات، فإنه يمكننا الاعتماد على البيانات الموجودة لتوقُّع التأثير في الشركات الأمريكية. وتشير الأدلة بوضوح إلى نتيجتين رئيستين: أولاً، ستتغير الأنماط الجامعية Collegiate patterns للتنوع العرقي Racioethnic diversity تغيراً جذرياً إلى حد ما؛ وثانياً، سيكون لهذه التغييرات عواقب كبيرة على تكوين مكان العمل وكذلك أنماط عدم المساواة العرقية عبْر مجموعة من التدابير الأخرى.
وبقدر ما قد يكون من المغري النظر إلى هذه الاستنتاجات على أنها مبالغ فيها، تشير الأبحاث حول ثلاثة عقود من حظر سياسات التمييز الإيجابي على مستوى الدولة بقوة إلى خلاف ذلك. والواقع أن القضاء على سياسات التمييز الإيجابي Affirmative action أدى إلى انخفاض في نسب الطلبة الممثَّلين تمثيلاً ناقصاً (السود واللاتينيين) في برامج البكالوريوس والدراسات العليا، ولاسيما في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؛ كما أدى ذلك إلى انخفاض عدد الطلبة الممثلين تمثيلاً ناقصاً المسجَّلين في كليات الطب والقانون والمتخرجين فيها.((P. Hinrichs, “The Effects of Affirmative Action Bans on College Enrollment, Educational Attainment, and the Demographic Composition of Universities,” The Review of Economics and Statistics 94, no. 3 (August 2012): 712-722; L.M. Garces, “Understanding the Impact of Affirmative Action Bans in Different Graduate Fields of Study,” American Educational Research Journal 50, no. 2 (April 2013): 251-284; L.M. Garces and D. Mickey-Pabello, “Racial Diversity in the Medical Profession: The Impact of Affirmative Action Bans on Underrepresented Student of Color Matriculation in Medical Schools,” The Journal of Higher Education 86, no. 2 (March-April 2015): 264-294; D.P. Ly, U.R. Essien, A.R. Olenski, et al., “Affirmative Action Bans and Enrollment of Students From Underrepresented Racial and Ethnic Groups in U.S. Public Medical Schools,” Annals of Internal Medicine 175, no. 6 (June 2022): 873-878; J.M. Scott, P. Wilson, and A. Pals, “‘Freedom Is Not Enough…’: Affirmative Action and J.D. Completion Among Underrepresented People of Color,” AccessLex Institute research paper no. 23-05, SSRN, April 20, 2023; D. Yagan, “Supply vs. Demand Under an Affirmative Action Ban: Estimates From UC Law Schools,” Journal of Public Economics 137 (May 2016): 38-50; and R.R.W. Brooks, K. Rozema, and S. Sanga, “Affirmative Action and Racial Diversity in U.S. Law Schools, 1980-2021,” SSRN, July 10, 2023, https://papers.ssrn.com.)) تميل هذه الآثار إلى أن تكون دائمة – والأهم من ذلك أن تطبيق سياسات بديلة لا تأخذ في الاعتبار صراحةً العِرق والإثنية لم تُنجز كثيراً لمعالجة هذه المشكلة.((Z. Bleemer, “Affirmative Action and Its Race-Neutral Alternatives,” Journal of Public Economics 220 (April 2023): 1-16; M.C. Long and N.A. Bateman, “Long-Run Changes in Underrepresentation After Affirmative Action Bans in Public Universities,” Educational Evaluation and Policy Analysis 42, no. 2 (June 2020): 188-207; and L. Perez-Felkner, “Affirmative Action Challenges Keep On Keeping On: Responding to Shifting Federal and State Policy,” Perspectives: Policy and Practice in Higher Education 25, no. 1 (2021): 19-23.))
يشير توسيع نطاق هذه النتائج على مستوى الولاية State-level إلى المستوى الوطني إلى أن أصحاب العمل ستكون لديهم مواهب أقل تنوعاً عرقياً-إثنياً في التعليم الجامعي للاستفادة منها عند مَلء الوظائف الشاغرة، ولاسيما من المؤسسات الرائدة. بدلاً من ذلك يكون من غير المرجح اختيار المرشحين السود واللاتينيين من ضمن مجموعات المتقدِّمين لأنهم سيكونون أقل تأهيلاً نتيجة لحصولهم على درجات أقل أو تخرجهم في كليات ذات مرتبة أقل، حيث من المرجح أن يتقدموا بطلبات ويُقبَلوا بعد إبطال سياسات التمييز الإيجابي. النتيجة الأقل بديهية إلى حدٍّ ما هي أن الخريجين البيض (والآسيويين) من الكليات والجامعات المرموقة سيكون لديهم اختلاط أقل مع الأشخاص من خلفيات عرقية-إثنية أخرى. وهذا له آثار في كفاءتهم على صعيد تعدد الثقافات – القدرة على التواصل مع أولئك الذين يختلفون عن أنفسهم – وقد يفسِّر سبب ميل أصحاب العمل إلى دفع رواتب ابتدائية أعلى لخريجي كليات إدارة الأعمال والجامعات الأكثر تنوعاً عرقياً-إثنياً.((D.R. Avery and K.M. Thomas, “Blending Content and Contact: The Roles of Diversity Curriculum and Campus Heterogeneity in Fostering Diversity Management Competency,” Academy of Management Learning & Education 3, no. 4 (December 2004): 380-396; D. Lynch, “Does Diversity Matter?: Evidence From the Relationship Between an Institution’s Diversity and the Salaries of Its Graduates” (Ph.D. diss., Columbia University Graduate School of Arts and Sciences, 2013); and J.D. Fink and K.E. Fink, “Diversity and the Starting Salaries of Undergraduate Business School Students,” Journal of Education for Business 94, no. 5 (2019): 290-296.))
التداعيات داخل مجتمعات السود واللاتينيين ستكون مدمِّرة. والجدير بالذكر أنه سيكون هناك عدد أقل من المهنيين من الأقليات للمساعدة على تلبية احتياجات العملاء من الأقليات المشابهة عرقياً-إثنياً. وعلى الرغم من أن هذا قد يبدو مجردَ خدمة هامشية، فإنه مثير للقلق بنحو خاص في مجالات مثل الطب أو القانون (الذي يوظف محامين وأعضاء إنفاذ القانون)، حيث كثيراً ما يشار إلى نقص تمثيل الأقليات كعامل مساهم في التفاوت الموثَّق جيداً في تقديم الرعاية الصحية والعدالة الجنائية في الحالات مختلفة العرقية-الإثنية.((E.N. Chapman, A. Kaatz, and M. Carnes, “Physicians and Implicit Bias: How Doctors May Unwittingly Perpetuate Health Care Disparities,” Journal of General Internal Medicine 28, no. 11 (November 2013): 1504-1510.))
ولانخفاض احتمالات التخرج في مدرسة مرموقة أو التخرج على الإطلاق آثارٌ أيضاً في عدم المساواة العرقية-الإثنية داخل المؤسسات. يبدأ هذا بكون الأقليات الممثَّلة تمثيلاً ناقصاً أقل استعداداً للحصول على وظيفة أو أكثر احتمالاً للحصول على وظيفة أقل جودة. ويستمر في التأثير في النتائج التي تغطي المشهد الكامل لإدارة الموارد البشرية، من الدخول إلى المؤسسة إلى الخروج منها، لأن المواضع الأولية لها عواقب دائمة على أشياء مثل التعويضات Compensation، والترقيات Promotions، والتدريب/التطوير Training/development، والاحتفاظ/الفصل Retention/separation، ونقل الموظفين Deployment إلى المراكز المختلفة للشركة. مثلاً حتى المهنيون السود واللاتينيون الذين يحصلون على فرص عمل قد يكونون أكثر عرضة لأن يجدوا أنفسهم يواجهون ظاهرة ”آخر من يوظف، أول من يُفصَل“. إضافةً إلى ذلك يمكن أن يكون للراتب الأولي المنخفض تأثير في حجم الزيادات أو العروض التنافسية من الشركات الأخرى، ولهذا آثار مضاعَفة ضارة على مدخرات التقاعد للفرد Retirement savings.
أولئك الذين يسعون إلى الحصول على أدلة أكثر واقعية على أن حظر سياسات التمييز الإيجابي الجماعي يمكن أن يؤثر في التنوع في الشركات الأمريكية لا يحتاجون إلى النظر إلى أبعد من البحث الأخير الذي أجراه الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال ليتيان تشانغ Letian Zhang.((L. Zhang, “Regulatory Spillover and Workplace Racial Inequality,” Administrative Science Quarterly 67, no. 3 (September 2022): 595-629.)) لقد تفحص تأثير حظر سياسات التمييز الإيجابي فيما إذا كان الأشخاص من خلفيات عرقية مختلفة أصبحوا مديرين، باستخدام بيانات من لجنة تكافؤ فرص العمل Equal Employment Opportunity Commission في أكثر من 11,000 شركة أمريكية من القطاع الخاص من 1985 إلى 2015. وتوقع أن المديرين التنفيذيين قد يفسرون الحظر على أنه نوع من الترخيص للتمييز، ومن ثم يكونون أقل عرضة لتوظيف المديرين السود أو ترقية المرشحين السود. وأظهرت النتائج أنه ”بعدما تتبنى ولايةٌ ما حظر سياسات التمييز الإيجابي، يتباطأ النمو في نسبة المديرين السود في المؤسسات التي لديها مقارُّ للشركات في تلك الولاية بأكثر من 50%، ويتركز هذا التباطؤ في الأغلب في الشركات ذات الرؤساء التنفيذيين المحافظين سياسياً“.
من خلال توسيع فجوة الإنجاز الجامعي، فإن الحظر المفروض على سياسات التمييز الإيجابي في الكليات يقلِّل من فرص التكافؤ أكثر فأكثر، وذلك من خلال إضافة فروق أكبر في التعليم العالي إلى الاختلافات العرقية الحالية في الثروة والوصول إلى تعليم ما قبل المدرسة وكامل مراحل المدرسة الجيد الذي لا يخدم أيضاً الأقليات الممثلة تمثيلاً ناقصاً. ومن المفارقات أن هذا يعزز الحاجة إلى استراتيجيات سياسات التمييز الإيجابي في مكان العمل لمجرد الحفاظ على التنوع العنصري الحالي. ومع ذلك من شبه المؤكد أن أي جهود من هذا القبيل يجري الطعن فيها على أسس قانونية، وقد أظهرت المحكمة العليا (على الأقل بتشكيلها الحالي) أن من غير المرجَّح أن تنظر نظرة إيجابية لمثل هذه الجهود.
الواقع أنه، في شكل من أشكال الضربة الوقائية، أبلغ 13 مدعياً عاماً من مدعي الولايات العامين أخيراً شركات مثل أبل Apple ومايكروسوفت Microsoft وأوبر Uber أنهم يجب أن يتوقعوا قدراً أكبر من التدقيق في أي سياسات ينظر إليها على أنها تعزز التفضيلات القائمة على العرق في اختيار الموظفين. ووعدوا باتخاذ إجراءات قانونية ضد ”المخالفين“، ما يشير إلى عزمهم على توسيع معايير حكم المحكمة العليا، لتشمل أماكن العمل الأمريكية. هذا يثير السؤال: ما الذي يمكن للمؤسسات التي لا تزال ملتزمة بتكافؤ فرص العمل عرقياً أن تفعله للحد من أي خسائر قد تتكبدها في مشهد التوظيف الجديد والمتطور؟ سأقدم، أدناه، أربعة اقتراحات لمساعدة الممارسين والمديرين والمؤسسات من أجل التغلب على هذا التحدي.
لا تنتظروا على الهامش
كثيراً ما يُنسَب الفضل إلى الرئيس ثيودور روزفلت Theodore Roosevelt في قوله: ”في أي لحظة من القرار، فإن أفضل شيء يمكنك فِعلُه هو الشيء الصحيح، وأفضل شيء تالٍ هو الشيء الخطأ، وأسوأ شيء يمكنك فعلُه هو لا شيء“. في أعقاب حكم المحكمة العليا ربما يكون من المُغري الحفاظ على العمل كالمعتاد، والانتظار والترقب كيف تسير الأمور، وتبني نهج رد الفعل Reactionary approach مع انقشاع الغبار. إلا أن لذلك عواقب وخيمة. وبالتحديد فإن الاستمرار في الحصول على المتقدمين للعمل من المدارس نفسها مع عدم إجراء أي تعديلات بناءً على التغييرات المتوقعة في تكوين الكتلة الطلابية يترك المؤسسات تعتمد كلياً على موظفي القبول في الكليات لإعادة تجهيز استراتيجياتهم لحل مشكلة لم يتمكن سوى القليل من معالجتها في السنوات الـ30 الماضية.
وبناء على ذلك من المرجح أن يؤدي الاستمرار في استخدام الدرجات العلمية والمؤسسات المانحة للدرجات العلمية كوكلاء لرأس المال البشري، كما فعلت عديد من المؤسسات تاريخياً، إلى اتساع الفوارق العرقية عبر نتائج التوظيف كلها تقريباً، مع آثار متزايدة في نتائج العاطلين عن العمل. مثلاً أظهرت دراسة حديثة أن شباب الأقليات الممثلة تمثيلاً ناقصاً يميلون إلى زيادة انخراطهم في السلوكيات المحفوفة بالمخاطر (تدخين السجائر، وتعاطي الكحول، والإفراط في الشرب) مباشرة بعد حظر سياسات التمييز الإيجابي.((A.S. Venkataramani, E. Cook, R.L. O’Brien, et al., “College Affirmative Action Bans and Smoking and Alcohol Use Among Underrepresented Minority Adolescents in the United States: A Difference-in-Differences Study,” PLoS Medicine 16, no. 6 (June 18, 2019): 1-16.)) باختصارٍ توقعوا أن يكون هناك عدد أقل من الموظفين من الأقليات الممثلة تمثيلاً ناقصاً وقدراً أكبر من عدم المساواة العرقية، بما في ذلك الفروق الأكبر في الأرباح والتقدم.
الشك في كل شيء
حسناً، قد لا تضطرون إلى الشك في كل شيء، لكن إذا أرادت المؤسسة أن تتحسن في شيء ما، فستحتاج إلى الاضطلاع ببعض الأشياء بنحو مختلف وفحص كيفية الاضطلاع بها في الماضي. مثلاً أخبرني مسؤول تنفيذي في الموارد البشرية ذاتَ مرة أن سياسة الشركة هي التوظيف فقط من أفضل 10 برامج هندسية في البلاد. كانت النتيجة غير المقصودة لهذه الممارسة هي أن الموظفين الجدد جاؤوا من مناطق جغرافية مختلفة تماماً عن موقع الشركة، وكان معدل دوران Turnover الموظفين الجدد مرتفعاً بنحو غير عادي بالنسبة إلى صناعتها. لم يكن هناك فرق نوعي بين البرنامج الرقم 10 والبرنامج الرقم 12، الذي كان يقع على بعد 100 ميل. لماذا لا يجري التوظيف من البرنامج الرقم 12 لتقليل فرصة تعرُّض الموظف الجديد لصدمة ثقافية شديدة والمغادرة خلال السنة الأولى؟
عندما يتعلق الأمر بالاختيار والتعويض، ستحتاج الشركات إلى إعادة تقييم الأوزان الضمنية والصريحة الخاصة بالمؤسسات المانحة للدرجات العلمية.
وبتطبيق هذا المنطق في السياق الحالي، قد تحتاج الشركات إلى توسيع معايير البحث الخاصة بها لجذب مجموعات المتقدمين التي تتوافق ديموغرافياً مع تلك الموجودة في الماضي القريب. يُعَد التوظيف من الكليات والجامعات السوداء تاريخياً والمؤسسات التي تخدم ذوي الأصول الإسبانية طريقة جيدة للانخراط في التوظيف المستهدف – وهي استراتيجية مسموح بها قانوناً في الوقت الحالي. إن وضع إعلانات عبر الإنترنت في الأماكن التي ترتادها الأقليات الممثلة تمثيلاً ناقصاً يدل على أن مؤسستكم مهتمة بتلقي الطلبات من أعضاء هذه المجموعات. إضافةً إلى ذلك، عندما يتعلق الأمر بالاختيار والتعويض، ستحتاج الشركات إلى إعادة تقييم الأوزان الضمنية والصريحة للمؤسسات المانحة للدرجات العلمية. يحدث بالفعل توزيع غنائم التخرج من مؤسسة رائدة بنحو غير متسق، مع فوائد أكبر للخريجين البيض مقارنةً بحاملي الشهادات السود.((S.M. Gaddis, “Discrimination in the Credential Society: An Audit Study of Race and College Selectivity in the Labor Market,” Social Forces 93, no. 4 (June 2015): 1451-1479.)) لماذا لا نجعل هذه الفائدة أصغر للجميع، وفي الوقت نفسه نفتح مزيداً من فرص العمل لمجموعة أكبر؟
الاعتماد على البيانات
لمعالجة المشكلات التي يثيرها التشكيك في كل شيء، يمكن للمؤسسات اللجوء إلى ما تكشفه بياناتها. مثلاً على الرغم من أن القصور الذاتي Inertia والقياس Benchmarking ضد المنافسين قد يشيران إلى أن الوظيفة تتطلب شهادة جامعية، فهل تدعم البيانات هذا الخلاف؟ تميل متطلبات الوظيفة المرتبطة بالاختلافات العرقية، مثل الحصول على درجة علمية والحصول على درجات علمية من مدارس مرموقة جداً، إلى التأثير سلباً في المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً – وهو شكل من أشكال التمييز الإحصائي Statistical discrimination. وفي سياق الاختيار، ينتج أثر سلبي عندما تعتمد أداة معينة لاتخاذ القرار على أعضاء مجموعة عرقية واحدة (أو أي فئة أخرى محمية قانوناً) مقارنة بأعضاء مجموعة عرقية أخرى. وفي حين أن هذه الاختلافات ليست غير قانونية إذا كان الاختلاف ذا صلة بالوظيفة، إلا أن هناك حاجة إلى بيانات لإثبات هذه الصلة.
إن طلب الدرجات العلمية، وتفضيل خريجي مدارس النخبة، واستخدام الحد الأدنى من المعدل التراكمي GPA يمكن أن تؤثر سلباً في الأقليات الممثلة تمثيلاً ناقصاً عندما لا ترتبط هذه المتطلبات مباشرة بالأداء الوظيفي. في السنوات العديدة الماضية كان هناك مزيد من النقاش حول إلغاء هذه الأنواع من المتطلبات، ليس فقط لتعزيز العدالة العرقية لكن أيضاً للاستفادة ببساطة من مجموعة أكبر من المرشحين ذوي الإمكانات العالية في سوق عمل ضيقة. على الرغم من أن البعض قد يفسر هذا على أنه شكل من أشكال ”خفض المعايير“ Lowering standards لتعزيز التنوع، تجدر الإشارة إلى أن المعايير التي لا علاقة لها بالأداء غير ضرورية وربما غير قانونية وقد تؤدي إلى الإفراط في تخصيص المؤهلات المطلوبة من الموظفين، ما قد تكون له آثار سلبية في مواقف الموظفين ورفاههم وأدائهم.((B. Erdogan and T.N. Bauer, “Overqualification at Work: A Review and Synthesis of the Literature,” Annual Review of Organizational Psychology and Organizational Behavior 8 (2021): 259-283.)) استخدموا بياناتكم (وبيانات الآخرين ذوي الصلة) لتحديد مدى ملاءمة الوظيفة والتخلص من الحواجز التي لا تعزز أرباحكم النهائية.
اختاروا الموظفين للإمكانات، ودربوهم على الأداء
على الرغم من أن الكليات تستثمر موارد كبيرة في إعداد الطلبة للمهن، فإن هناك أوجه قصور لا مفر منها في مستويات الكفاءة التي يمتلكها الخريجون ويرغب فيها أصحاب العمل. مثلاً تشير الرابطة الوطنية للكليات وأصحاب العمل National Association of Colleges and Employers إلى أن أصحاب العمل يُجمعون تقريباً على الإشارة إلى التواصل Communication باعتباره الكفاءة الأكثر أهمية، ويَعرف الطلبة جميعاً تقريباً ذلك. ومع ذلك، على الرغم من أن 80% من الطلبة يقيِّمون أنفسهم على أنهم بارعون جداً في التواصل، فإن 47% فقط من أصحاب العمل لا يرون ذلك. النقطة المهمة هي أن أكثر من نصف أصحاب العمل يرون أن الخريجين يفتقرون إلى الكفاءة الأكثر أهمية. من الواضح أن 53% من أصحاب العمل الذين يَعتبرون خريجي الجامعات أقل من المستوى العالي جداً من حيث التواصل لا يتركون شواغرهم شاغرة. إذا كان الأمر كذلك، فإن معدل البطالة لخريجي الجامعات للعام 2022 لن يكون 4%. بدلاً من ذلك يدرك عديد من أصحاب العمل، إن لم يكن معظمهم، أنهم سيحتاجون إلى الاستثمار في التدريب لدفع الموظفين إلى الأمام.
من المؤكد أن تحديد الإمكانات بطريقة محايدة عرقياً وصالحة أسهل قولاً من الفعل. بوجه عام، كلما كانت المؤشرات Indicators المستخدمة لاختيار الموظفين مرتبطة بما يفعله الموظفون بالفعل، كان ذلك أفضل. يشير هذا إلى أن أدوات مثل المحاكاة العالية الدقة High-fidelity simulations، وعينات العمل Work samples، والمقابلات المُهيكلة Structured interviews الراسخة سلوكياً Behaviorally anchored قد تكون مفيدة بنحو خاص.((R.E. Ployhart and B.C. Holtz, “The Diversity-Validity Dilemma: Strategies for Reducing Racioethnic and Sex Subgroup Differences and Adverse Impact in Selection,” Personnel Psychology 61, no. 1 (spring 2008): 153-172.)) يجب أن تركز مناهج الاختيار أيضاً على تحديد قابلية التدريب لضمان قدرة المؤسسات على رفع العوائد على استثماراتها التدريبية إلى حدها الأقصى. وقد يستلزم ذلك إعطاء أفضل المرشحين فرصة لإثبات قابليتهم للتدريب من خلال التعلُّم النشط Actively learning لكفاءة جديدة ذات صلة بالوظيفة ومن ثم إثبات كفاءتهم.
على مدى نصف القرن الماضي ساعدت سياسات التمييز الإيجابي وما نتج عنها على تحويل المشهد العرقي للكليات والجامعات والمؤسسات الأمريكية. وقد فعلت هذه البرامج ذلك من خلال توفير الفرص لأولئك الذين يشير التاريخ إلى أنه كان من غير المرجح (أو على الأقل أقل احتمالاً) الحصول عليها. إن اختيار الكلمة – الفرصة Opportunity – مقصود ومهم على حد سواء، حيث كثيراً ما يغفل كثيرون عن حقيقة أن هذه البرامج تمنح المستفيدين فرصة فقط لإظهار انتمائهم. على الرغم من أن قرار المحكمة العليا ألغى إحدى وسائل المساعدة على تحقيق تكافؤ الفرص، كما قال ألكسندر غراهام بيل Alexander Graham Bell ذات مرة: ”عندما يُغلَق باب، يُفتَح آخر“. على الرغم من أن المسار قد يبدو أقل وضوحاً إلى حد ما، فإن الشركات المبتكِرة ستولد مزايا تنافسية وتحافظ عليها من خلال العثور على الأشخاص الأكثر موهبة من جميع الخلفيات العرقية والإثنية وجذبهم إلى العمل فيها واختيارهم.