أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات الإشتراك

إضـاءة صديقة للظلام

يشرح مصمم الإضاءة كريم عصفور أوغلو كيف ساعدت الإضاءة المدروسة ثلاثة مجتمعات سكانية على حماية عتمة سمائها

كان علماء الفلك هم الجماعةَ الأولى من الناس الذين لفتوا الانتباه إلى مشكلة التلوث الضوئي Light pollution المتزايدة. فعلى امتداد تاريخنا، لم يحدث في أي وقت منه أننا أنتجنا واستهلكنا إضاءة أكثر مما نفعل الآن، ليؤدي هذا إلى زيادة التلوث الضوئي بمعدل ينذر بالخطر، مع تأثيرات في صحتنا وبيئتنا، وخاصة التنوع البيولوجي الليلي Nocturnal Biodiversity. كما أنها أعادت تشكيل تصورنا ليس فقط لسماء الليل، بل لليل أيضاً.

ومع ذلك فإن حماية السماء المعتمة هو عمل أساسه المحبة ويعتمد على التعاون اعتماداً كبيراً؛ ولم يكن عدد الأشخاص الذين يهتمون بهذا أكبر مما هو الآن. وبفضل المجموعة المتزايدة من الأشخاص والمجتمعات الملتزمة، لم يسبق لنا أن نكون مهيئين بأفضل مما نحن عليه الآن لمعالجة مشكلة التلوث الضوئي. وعلى عكس الملوثات الأخرى، من السهل نسبياً التخلص من التلوث الضوئي وآثاره الضارة: أوقف تشغيله، فتزول المشكلة.

غير أن القول يبدو أسهل من الفعل، وذلك لأن التلوث الضوئي ليس مشكلة بيئية فحسب، بل هو أيضاً مشكلة ثقافية. وحتى المصطلحات التي نستخدمها، مثل ”السطوع“ Brightness و”الظلام“ Darkness، يمكن أن تكون ذاتية جداً من المنظورَين الثقافي والفردي. من الناحية الميكانيكية قد يكون من السهل إيقاف تشغيل شيء ما، لكن من الناحية الثقافية، فإن هذا يمثل تحدياً.

صار التحدي أكبرَ حالياً، لأننا نعيش في عصر الضوء، وأن غالبية الأسطح التي نتفاعل معها تصدره، ومن المقبول على نطاق واسع استهلاك الإضاءة بنحو مفرط كأداة للتزيين البصري والاحتفال والتواصل. يجري التعامل مع الإضاءة باعتبارها حلاً سحرياً لمعظم القضايا المجتمعية. ومع ذلك لا يوجد حتى الآن دليل قوي يثبت، على سبيل المثال، أن مزيداً من الإضاءة يردع الجريمة بعد حلول الظلام.

لهذه الأسباب، سعيتُ كمصمم إضاءة إلى تطوير سوابق عملية للاستخدام الحكيم والمراعي للضوء، وجعلها تعمل لمساعدة المجتمعات الملتزمة والمبتكرة التي تسعى جاهدة إلى استعادة عتمة سمائها وحمايتها. وفي سعينا إلى تركيب إضاءة تحترم الليل، من المهم جعل العملية شاملة، بحيث ينخرط معظم المشاركين في المشروع، وليس فقط بعد إنهائه.

لذلك دعونا نستكشف ثلاثة مشروعات مجتمعية والطرق التي يمكن من خلالها تصميم مساحات السماء المعتمة بنحو مفيد لمن يعيشون فيها.


إضـاءة صديقة للظلام
شوارع في وسط مدينة بريستين، قبل تطبيق تحسينات الإضاءة وبعدها. عمد البرنامج إلى تثبيت المئات من مصابيح LED ذات اللون الأبيض الدافئ مع أجهزة توقيت بدلاً من مصابيح LED ذات اللون الأبيض البارد والساطع، وهذا ما أدى إلى فوزه بتقدير مجتمع السماء المعتمة في مطلع هذا العام

منطقتا بريستين ونورتون للسماء المعتمة، بوويز، ويلز

حصل هذا المشروع على اعتراف الجمعية الدولية للسماء المعتمة DarkSky International في شهر يناير 2024، ليكون هو أول مجتمع سماء معتمة في ويلز. يُعَد هذا الإنجاز أيضاً نتاجاً لتعاون فريد جمع بين المجتمع المحلي ومجلس مدينة بريستين ونورتون ومجلس مقاطعة بوويز.

تغطي مدينتا بريستين ونورتون التاريخيتان في رادنورشاير مساحةً خارجية تبلغ 40 كم2، ويبلغ عدد السكان فيهما 2,700 نسمة، وتقعان على الحدود مع إنجلترا في بوويز، وهي أكبر مقاطعة في ويلز. وعلى النقيض من المناطق الأخرى في المملكة المتحدة، فقد مُنح أكثر من 18% من ويلز صفة السماء المعتمة. تُعتبر الأعماق السباقة مثل هذا المشروع مهمة، لأنها تمهد الطريق أمام مستوطنات أكبر وأكثر اكتظاظا بالسكان لتحدي المعايير من أجل أن تصير مناطق صديقة للسماء المعتمة.

في أعمال تطوير الإضاءة الصديقة للبيئة للمقيمين، كان اتباع نهج الإضاءة الحكيم أمراً ضرورياً. في حالة منطقتي بريستين ونورتون، كانت إضاءة الشوارع هي الطبقة الرئيسة للإضاءة المسببة للمشكلات. حدث استبدال مصابيح الصوديوم ذات اللون البرتقالي بمصابيح LED بيضاء باردة (بدرجة حرارة لون تبلغ 6,500 كالفن)، وهو ما وفر لمجلس مقاطعة بوويز مبلغاً كبيراً من المال من خلال تخفيض تكاليف التشغيل. ومع ذلك فإن اللون الأزرق الغني لمصباح LED هذا قد أدى إلى مشكلات تلوث ضوئي أكثر خطورة، وأدى إلى إغراق الشوارع بالإشعاع.

أدت برامج المراقبة والمشاركة المتكررة لجودة السماء التي نظمها المجتمع المحلي إلى زيادة الوعي بالأمر، ليضمن في النهاية حماية منطقة كبيرة تُعَد موطناً لأنواع الخفافيش الحساسة للضوء، وأيضاً لمرصد سبيسغارد Spaceguard Center القريب منها. وقد أمكن تجديد عدد إجمالي بلغ 380 من أعمدة الإنارة بمصابيح LED بلون أبيض دافئ (وحدات إضاءة بدرجة حرارة لون تبلغ 2,200 كالفن)؛ وقد أمكنت برمجةُ نصفها تقريباً على إيقاف تشغيلها، والباقي على التعتيم بنسبة 50% بعد منتصف الليل.

وقد أجريت اختبارات إضاءة شاملة، مع طلب النصائح وردود الفعل من المجتمع الأوسع في معظم أنحاء المشروع، ليؤدي هذا إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية في المدينة بمقدار 4.5 طن. وقد دفع نجاح المشروع السلطات المحلية إلى التفكير في طرح مخططات إضاءة مماثلة في معظم أنحاء المقاطعة. سيؤدي هذا إلى تمكين عديد من المناطق السكانية الأخرى من متابعة اعتماد طريقة السماء المعتمة إذا اختاروا ذلك، وهو تأثير مضاعف مهم لاستمرارية مشروع السماء المعتمة في معظم أنحاء ويلز والمملكة المتحدة.

إضـاءة صديقة للظلام
إذا نظرنا إلى بريستين ونورتون من تل قريب، فسنرى بوضوح كيف أدى نظام الإضاءة الجديد إلى تقليل وهج السماء بدرجة كبيرة


وجّه المصمم الاهتمام إلى المعالم على الأرض بدلاً من توجيه الضوء نحو السماء

نيوبورت، مقاطعة مايو، إيرلندا

تمتلك إيرلندا إمكانيات كبيرة لإنشاء عدة مناطق ذات سماء معتمة، وقد اعتمدت هذه الإمكانيات في مدينة نيوبورت Newport ذات التطلعات الطموحة إلى أن تصير أول مجتمع ذي سماء معتمة في إيرلندا. تقع المدينة بالقرب من حديقة وايلد نيفين الوطنية Wild Nephin National Park، والتي يصير اسمها حديقة مايو للسماء المعتمة بعد حلول الظلام. تهدف المدينة إلى إنجاز خطوة سباقة مهمة في الابتعاد عن المفاهيم الريفية المسبقة، والتأكيد على أن المستوطنات المأهولة يمكن أن تصير أيضاً وجهات ذات قيمة بتحقيق ظروف السماء المعتمة.

وكجزء من هذا المشروع، جرى تحديد اثنين من المعالم المعمارية المحلية: كنيسة القديس باتريك St Patrick’s Church، وجسر الأقواس السبعة Seven Arches Bridge، كمواقع يمكن لإعادة تصميم الإضاءة فيها القضاءُ على التلوث الضوئي والانزعاج البصري الناجم حالياً عن الإضاءة السيئة.

ركزت المرحلة الأولى من المشروع على استبدال نظام الأضواء الكاشفة القوية في كنيسة القديس باتريك، والتي كانت مضاءة بوحدات إنارة قللت من جمال الهندسة المعمارية التراثية للمبنى الذي يبلغ عمره 100 عام. يمكن رؤية الكنيسة من عدة نقاط في المدينة، وقد أدى موقعها على قمة التل إلى تفاقم الآثار الضارة لإضاءتها السيئة، حيث انطلقت كميات كبيرة من الوهج الزائد نحو السماء وفشلت في إظهار السمات الزخرفية لواجهة الكنيسة. لم يهدف المشروع إلى تغيير المصابيح واحداً تلو الآخر فحسب، بل سعى أيضاً إلى جعل التصميم ملائماً للمستقبل.

اغتنم سكان البلدة هذه الفرصة كفرصة لتغيير العلاقة بين الكنيسة ومحيطها. في السابق كانت إضاءة الواجهة الرأسية تشكل التركيز البصري عند رؤية الكنيسة ليلاً، وقد أمكن عكس ذلك بالتركيز على المستوى الأرضي الأفقي بدلاً منه. لاحقاً أُعيد تركيب الفوانيس على الدرابزين المحيط، ليؤدي هذا إلى استعادة النسيج التراثي للكنيسة ليلاً ونهاراً. صُممت هذه الفوانيس لتوفير درجة حرارة لون دافئة (2,200 كالفن)، وإضاءة محيط الكنيسة بمهارة من دون أن تسبب حدوثَ أي وهج. وقد شجع هذا الجمهورَ على زيارة أراضي الكنيسة واستكشافها بعد حلول الظلام، والتغلب على مشكلة الأضواء الكاشفة الباهرة التي كانت تمنع الحركة في السابق.

كنيسة القديس باتريك تجلت في ضوء جديد تماماً (موفر للطاقة) خلال المرحلة الأولى من العمل

مسألة تركيز
وفي الكنيسة ذاتها استكشفنا إمكانية التركيز على إبراز العناصر المعمارية الرئيسة باستبدال الإضاءة غير المتمايزة سابقاً لواجهات المبنى. وقد اقترن ذلك بقرار الاستفادة بنحو أكبر من الإضاءة الداخلية في الكنيسة، وهو ما أظهرته عملية إزالة إضاءة الواجهة الساطعة بصورة أكثر حدة. إضافةً إلى ذلك حُدِّد وقت لإطفاء مصابيح الإنارة، ليسمح هذا بفترة راحة لكل من البيئة والهندسة المعمارية، مع إبراز الشكل الظلي المثير للإعجاب للكنيسة المعتمة في سماء الليل، وإضافة بعد مختلف إلى تأثيرها البصري.

وقد نجحت المرحلة الأولى من المشروع بالفعل في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية بمقدار طنين. وبدءاً من التقدم بنجاح للحصول على المنح، وحتى تنظيم مهرجانات السماء المعتمة، وإجراء اختبارات الإضاءة في الموقع، يتمتع مجتمع نيوبورت بقدرة هائلة وقوة إرادة لبَدء التغيير. لم يقتصر المشروع على تحسين تجربة ليل المدينة وحسب، بل إنه استهدف تأمين مزيد من إجراءات التعتيم في معظم أنحاء نيوبورت، والتي يمكن أن تمنع ضخ نحو 10 أطنان إجمالاً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.


يُطل مركز الأنشطة الخارجية في بلاس واي برينين على جبل Yr Wyddfa (ماونت سنودون) في شمال ويلز

بلاس واي برينين، سنودونيا، ويلز

تقع منطقة بلاس واي برينين Plas y Brenin في قلب منطقة سنودونيا الخصبة، في شمال ويلز، وهي مركز خارجي ينبض بالحياة، ويجذب آلاف الزوار الدوليين في كل عام. كان الموقع يعاني مستوى كبيراً من التلوث الضوئي الذي يمكن رؤيته من مسافة أميال، وهو ما سبب كثيراً من المشكلات لذاته وللتنوع البيولوجي في المنطقة حوله.

وبالتعاون مع هيئة حديقة سنودونيا الوطنية Snowdonia National Park ومشروع Prosiect Nos، الشراكة من أجل السماء المعتمة في شمال ويلز North Wales Dark Sky Partnership، أمكن تطوير تصميم الإضاءة لاستعادة عتمة سماء المنطقة ومعالجة أسباب القلق المتزايد لسكانها، وقد صارت محمية سماء معتمة Dark Sky Reserve معتمدة منذ العام 2015. صُمِّم نظام الإضاءة بروح مستدامة بيئياً واجتماعياً، بطريقة تهدف إلى تقليل هدر الطاقة والحد من تأثيرها في التنوع البيولوجي، مع استكشاف مزيد من الفرص لتعزيز التجربة الخارجية (في الطبيعة) للزوار بعد حلول الظلام.

رُكِّبت معظم مصابيح الإنارة الجديدة تحت مستوى العين

يمكن لميزانية مشروعات السماء المعتمة أن تكون منخفضة مقارنة بالتطورات التجارية، وهذا ما يشجع المصممين على تجاوز حدود الإبداع. وقد جرى التفكير في المشروع في البَدء كمشروع لتحسين إضاءة مواقف السيارات، ثم توسع لاحقاً إلى مخطط أكثر شمولية ليغطي الموقع بكامله. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الإضاءة الحالية كانت تتكون في الغالب من حواجز الفلورسنت ومصابيح LED الكاشفة: شكّل الوهج وتشتت الضوء غير المتحكم فيه التجربة البصرية عبر الفضاء، وقلل من وضوح الموقع. وفضلاً عن ذلك، فقد كانت الإضاءة موزعة بنحو غير متساوٍ، إذ أضيئت مناطق معينة بإفراط، وحُرمت مناطق أخرى في الموقع من الضوء. سعى النهج الشامل إلى تحقيق التوازن بين المساحات المضاءة وغير المضاءة، وإنتاج تجربة ممتعة ومتناسقة بصرياً.

استُبدلت بمصابيح الفلورسنت على الحواجز مصابيحُ إنارة دافئة موجهة إلى الأسفل

إضاءة منخفضة المستوى
بعد التحقق من التكاليف النسبية للمجموعة الكبيرة من وحدات الإنارة التي يقدمها الموردون الدوليون، جرى اتخاذ قرارات الميزانية التي سعت إلى الحصول على أفضل قيمة ممكنة مقابل المال؛ فأمكن تركيب إضاءة دافئة الألوان وخالية من الوهج ومنخفضة الكثافة لتلبية التدابير الملائمة للسماء المعتمة وخلق جو أكثر جاذبية، في حين ضمنت الكفاءة العالية لإدارة الطاقة عدم تجاوز التكاليف طويلة المدى. نُصبت غالبية الإضاءة المثبتة حديثاً في بلاس واي برينين بارتفاع تحت مستوى العين، وعلى ارتفاع الباب؛ وبالتركيز على انتشار الضوء في المستوى الأفقي، صارت الإضاءة وفق مقياس أكثر ملاءَمة للناس.

كما كانت هناك أيضاً مناطق بدت الإضاءة العمودية فيها ضرورية لتسهيل عملية تحديد الطرق. وقد أنجز ذلك مع ضرورة توجيه مصابيح الإنارة إلى الأسفل، لتجنب انتقال الضوء إلى الأعلى. ومن أجل إنشاء شخصية بصرية فريدة من نوعها للموقع، فقد استخدمت وحدات إسقاط إنارة بتأثيرات إهليلجية وأمامية لزيادة المدى والتغطية.

ولَّد التصميم الجديد إحساساً متجانساً وجذاباً عبر كامل الموقع

أُزيلت جميع الأضواء الكاشفة من الموقع. ورُكبت أضواء الإنارة المستجيبة في جميع المداخل قليلة الاستخدام، مع إدخال أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء السلبية (PIRs) لتجنب الإضاءة غير الضرورية، حيث تعمل الأضواء فقط عند رصد الحركة. كما طُبقت تقنية PIR أيضاً في المناطق التي ثبت أن إمداد الطاقة الرئيسة بها يمثل تحدياً، مع نشر المصابيح الشمسية كحل منخفض الطاقة. ولتقليل الهدر المادي والاقتصادي جُدِّد هيكل الحاجز الحالي بحيث تستبدل مصادر الضوء فقط.

ومما يبعث على السرور أن المشروع شجع على عودة الخفافيش إلى الموقع للبحث عن الطعام حول الشجيرات التي كانت في السابق مضاءة بنحو ساطع. لقد ضمن المشروع تعزيز وحماية المنطقة الأساسية لمحمية السماء المعتمة، ليوفر تجربة ليلية جذابة تتماشى مع سمعة بلاس واي برينين وتقاليدها البيئية.

كريم عصفور أوغلو Kerem Asfuroglu:
مؤسس ومدير استوديو دارك سورس Dark Source لتصاميم الإنارة
أدى التحول الشامل إلى مصابيح LED إلى زيادة مدة الخدمة وتوفير طاقة النظام؛ كما أدت منتجات الإضاءة عالية الكفاءة المثبتة إلى خفض كمية الانبعاثات السنوية من غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار طنين.

وقد مثل هذا المشروع الحائز عدةَ جوائز نموذجاً لخطط إضاءة أخرى تُعنى بالبيئة والسماء المعتمة؛ وقد قُدم في برنامج كونتري فايل Countryfile على قناة BBC One في العام 2022، وأدى إلى زيادة الوعي بشأن الدور المهم لتصميم الإضاءة الذي يراعي مطالب وحاجات حركة السماء المعتمة. 

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button