أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيئة

الضوضاء الناجمة عن حركة المرور تلحق أضراراً تدوم مدى الحياة بصغار الطيور

عصافير الشرشور التي عُرِّضت لصوت السيارات تأخرت في النمو وأنجبت عدداً أقل من النسل

بقلم إريك ستوكستاد

إن كنت تعتقدُ أنّ من الصعب تبادل أطراف الحديث على جانبِ طريقٍ سريعٍ مُكتظٍ، فحاول تربية فرخٍ Nestling هناك. تشير تجربةٌ جديدةٌ حول نمو الطيور إلى أن بإمكان الضوضاء الناجمة عن حركة المرور تأخير نموها والتسبب في عيوبٍ تستمر مدى الحياة. يثير هذا الاكتشاف مخاوف جديدة إزاء تأثير التلوث الضوضائي Noise pollution في الحياة البرية -وفي البشر أيضاً.

«أنا متفاجئٌ من هذه الآثار»، كما يقول كلينتون فرانسيس Clinton Francis، الإيكولوجي في جامعة ولاية كاليفورنيا بوليتكنك California Polytechnic State University، الذي لم يشارك في هذه الدراسة. وأضاف أن الورقة البحثية الجديدة، التي نُشرت يوم 25 أبريل 2024 في مجلة ساينس Science، «تُقدِّم أدلةً دامغةً جداً على التأثير المباشر للضوضاء».

كان الباحثون يعلمون بالفعل أن الضوضاء المفرطة قادرة على إزعاج الطيور المتزاوجة Breeding birds، وهو ما يزيد من صعوبة تواصل الأبوين مع فراخهم والاعتناء بهم. غير أنّه لم يتضح ما إذا كان بوسع الضوضاء بحدِ ذاتها إلحاق أذىً مباشر بالطيور الصغيرة.

كانت ميلين مارييت Mylene Mariette، اختصاصية الإيكولوجيا السلوكية في جامعة ديكن Deakin University، وفريقها البحثي، قد شرعوا في السعي إلى الإجابة عن هذا السؤال من خلال مراقبة مجموعة من طيور الشرشور المخطَّط (عصافير الزيبرا) Zebra finches الموجودة في مَطيَرٍ (قفص طيور) Aviary يقع ضمن الحرم الجامعي بمدينة ملبورن في أستراليا. إذ وضعوا أمام البَيض تسجيلات لضوضاء الطرق أو لتغريدات طيور الشرشور المخطَّط لساعاتٍ عدة على مدى خمسِ ليالٍ متتاليات. أُبقيت الأصوات عند مستوىً معتدل يبلغ 65 ديسيبل -وهو ما يماثل في شدته صوت محادثةٍ في مقهى أو حركة المرور في المدينة. وتُرِكت المجموعة الثانية من البَيض في هدوءٍ تام. وبعد أن فقسَت، عُرِّضت صغار الطيور لواحدٍ من أمرين -ضجيج الطرق أو تغريد طيور الشرشور المخطَّط – لمدة تسع ليالٍ أخرى. استمع الفراخ إلى الأصوات في غرفةٍ منفصلةٍ، غير مسموعة للأبوين، ومن ثم أعيدت إلى أعشاشها.

كان احتمال أن يفقس البَيض متوسط الحجم الذي عُرِّض لأصوات حركة المرور أقل من ذلك الذي عُرِّض لأصوات التغريد بفارقٍ قدره 19%. ولم يكن احتمال أن يفقس البيض الأكبر حجماً أعلى من احتمال فقس نظيره الأصغر حجماً، ويخالف هذا النمط المعهود -ففي العادة، كلّما كان البيض أكبر كلّما كان أفضل. لم يتضح السبب وراء هذا التغيير، ولكنه يُظهر تأثيراً فيسيولوجياً واضحاً للضوضاء الناجمة عن حركة المرور، كما تقول مارييت.

كذلك أظهر الفراخ مؤشرات نمائية Development signs مثيرة للقلق أثناء نموهم. فقد نمت الطيور التي عُرِّضت للضوضاء على نحوٍ أبطأ، وكان لديها تركيزّ أدنى من خلايا الدم الحمراء، وتلفت أطراف كروموسوماتهم Chromosomes – وهو دلالة على إصابتها بالإجهاد الخلوي Cellular stress. إضافةً إلى ذلك، كان عدد الصغار، التي أنجبها الطيور بعد أن كبروا، أقل بنحو النصف، مقارنةً بالطيور التي عُرِّضت لصوت التغريد خلال صغرها. وقالت مارييت: «لم أتوصل إلى نتائجٍ واضحةٍ بهذا الشكل في أي من التجاربِ الأخرى».

لا يُعرف على وجه الدقة كيف تؤثر الضوضاء الناجمة عن حركة المرور في الطيور الصغيرة. ترتبط أجزاءٌ سمعيةٌ في الدماغ بعددٍ من المناطق المهمة المسؤولة عن النمو، والتنظيم الهرموني Hormone regulation، وتنظيم المشاعر، والتعلم، ولذلك فمن الجائز أن تؤدي الضوضاء إلى تثبيط النمو الصحي. لا تقع هذه التفاصيل ضمن دائرة اختصاص مارييت، ولكن أبدت الأخيرة رغبتها في إجراء تجاربٍ أخرى لمعرفة الجوانب الضارة للضوضاء. فمثلاً، قد يكون سماع صوت متواصل دون أي إيقاع -على خلاف التغريد- مُجهداً إلى حدٍ ما.

وفي تعقيبٍ نُشر يوم 25 أبريل 2024 في مجلة ساينس Science، أشار هانز سلابيكورن Hans Slabbekoorn، أخصائي الإيكولوجيا الصوتية وخبير السلوك الحيواني في جامعة لايدن Leiden University، إلى أن هذه المخاوف تنطبق على البشر أيضاً. وأشار إلى أنّه يمكن لأجنحة الحاضنات Incubators وأجنحة رعاية الأطفال حديثي الولادة Neonatal wards أن تصبح أماكن صاخبة، وأن التعرُّض لأصوات عالية قد يكون ضاراً. «تشير النتائج إلى أنّه ينبغي إدارة البيئة الصوتية للطيور المتزاوجة Breeding birds، في المدن وعلى طول الطرق السريعة، بشكلٍ أفضل»، كما كتب، وتابع قائلا: «وأن الراحة الصوتية Acoustic comfort للأمهات الحوامل والأطفال في بيئات المستشفيات تستوجب اهتماماً خاصاً».

وفي نهاية المطاف، قد يساعدنا هذا البحث على الكشف عن مدى تأثير التلوث الضوضائي Noise pollution وسبل الحد منه. «لسنا مدركين للخطر والتأثير الذي نلحقه بالبيئة من خلال الضجيج الذي ننتجه»، كما تقول مارييت.

تصحيح، 26 أبريل الساعة 10:45 صباحاً: أعيد تنقيح وصف الطرق التجريبية والفروق في معدلات الفقس.

© 2024, American Association for the Advancement of Science. All rights reservedC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى