ماذا تفعل أحد مؤشرات الحياة المفترضة على سطح مذنب هامد؟
يبدو أن كبريتيد ثنائي الميثيل -الذي كان قد وصِف اكتشافه على كوكبٍ غريبٍ بـ«البصمة الحيوية» Biosignature - ينشأ بطرقٍ تقليدية
بقلم إليس كاتس
لقد اكتشف العلماء كبريتيد ثنائي الميثيل Dimethyl sulfide (اختصاراً: الجزيء DMS)، وهو جزيء يُعتقد أنه ينشأ من مصادر حيّة فقط، على مذنبٍ باردٍ عديم الحياة. يطرح الاكتشاف تساؤلاً حول فائدة استخدام هذا الجزيء كبصمةٍ حيويةٍ Biosignature، ومدى أهمية التلميح السابق الدال على وجوده في الغلاف الجوي لأحد الكواكب الغريبة.
«هذه أول علامة تشير إلى وجودِ مصدرٍ غير حي»، كما تقول نورا هاني Nora Hänni، عالمة الكيمياء في جامعة برن University of Bern، التي استعرضت الاكتشاف في الأسبوع الثالث من أبريل 2024 أمام الجمعية العامة التابعة للاتحاد الأوروبي لعلوم الأرض European Geosciences Union.
ويقول تيم ليشتنبرغ Tim Lichtenberg، اختصاصي علم فلك الكواكب في جامعة غرونينغن University of Groningen الذي لم يشارك في الدراسة، أن هذا العمل يُسلِّط الضوء على ضرورة توخي علماء الفلك الحذر حيال البصمات الحيوية Biosignatures المُفترضة. وتابع قائلاً: «عليك النظر في جميع أنواع المصادر غير الحية للمركّبات الكيميائية المثيرة للاهتمام».
يُختزلُ الجزيء DMS في رائحةِ هواءِ البحرِ. تنتج الطحالب Algae بالغة الصِغَر التي تعيش في المحيطات هذا الجزيء البسيط بكثافة. كان علماء الفلك الذين يدرسون الغازات الجوية في الكواكب النجمية (كواكب خارج المجموعة الشمسية) Exoplanets قد اعتبروا أن للجزيء DMS بصمةً حيويةً Biosignature دامغةً لأن من المعروف أن إنتاجهُ على كوكبِ الأرضِ يتم فقط بواسطة أشكال الحياة. «يحاول مجتمع علم الأحياء الفلكي إيجاد البصمة الحيوية Biosignature المُثلى حتى يتقصّاها»، كما تقول لينا نواك Lena Noack، أخصائية الجيوديناميكا في جامعة برلين الحرة Free University of Berlin، وتابعت قائلةً: «يعد الجزيء DMS أحدثها حتى الآن».
في العامِ الماضي، تصدَّر فريقٌ من علماء الفلك عناوين الصحف حين ادَّعوا توصلهم لاكتشافٍ محتملٍ للجزيء DMS في الغلاف الجوي لكوكب K2-18b، وهو كوكب نجمي Exoplanet يبلغُ حجمه 8.6 أضعاف حجم الأرض، ويدور ضمن المنطقة الصالحة للحياة Habitable zone حول نجمه. اعتقد الفريق أن الكوكب K2-18b قد احتوى على محيطٍ سطحي، وأن الجزيء DMS سيُمثِّل مؤشراً على وجود حياةٍ بحريةٍ في حال تأكيده، وذلك استناداً على مزيجٍ من الغازات الأخرى المكتشفة في غلافه الجوي. أثارت الورقة البحثية عناويناً متقدة الحماسة على الرغم من ضعف الدليل على وجود الجزيء DMS. «كان الجميع في وسائل الإعلام يقول: يا للعجب، ربما لقد اكتشفنا الحياة!»، كما تقول هاني.
لم تكن هاني متأكدةً جداً. وتولّت دراسة الجزيئات العضوية Organic molecules المتميزة بتعقيدها المدهش، والتي يمكن العثور عليها في المذنبات، وتشمل الغليسين Glycine، وهو حمضٌ أميني Amino acid. تساءلت هاني بعد أن سمعت عن الادعاء المرتبط بكوكب K2-18b عما إذا كان بوسعها أيضاً العثور على الجزيء نفسه على سطحِ جرمٍ يُجزم بعدم وجود الحياة عليه ألا وهو المذنب 67P/تشوريوموف-جيراسيمنكو (67P/Churyumov-Gerasimenko)، الذي تتبعه مركبة روزيتا الفضائية Rosetta spacecraft التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية European Space Agency لمدة عامين، حيث جُمعت عينات مباشرة من سحابة الغبار والغاز المنبعثة عن هذه الصخرة الفضائية الجليدية.
كان يوم واحد فقط من البيانات الواردة من مطياف الكتلة Mass spectrometer الخاص بالمركبة روزيتا Rosetta -وهي أداة تستطيع التعرُّف على الجزيئات طبقاً لأوزانها المحددة- كفيلاً بالعثور على الجزيء DMS بالنسبة إلى هاني وزملائها. وقالت أنّه سيتعين الآن إجراء تجارب مخبرية لتحديد كيف يتشكل الجزيء DMS في الفضاء على وجهِ الدقة حيث يمكن للضوء فوق البنفسجي Ultraviolet light والأشعة الكونية Cosmic rays تغذية عملية تركيب (تخليق) Synthesis الجزيئات العضوية المعقَّدة. وهناك سؤالٌ آخر حول ما إذا كانت النيازك قادرة على إيصال كميات كبيرة من الجزيء DMS إلى كوكبٍ ما – والتي قد تكون مسؤولة عن اكتشافات مماثلة للادعاء المرتبط بالكوكب K2-18b. «قد يؤدي إلى تلوث الغلاف الجوي للكوكب في حال ارتطامه به»، كما تقول نواك Noack، وهو ما قد يُعقِّد عمليات البحث عن حياةٍ فضائيةٍ.
وفي هذه الأثناء، سيتعين على الباحثين أن يكونوا أكثر حذراً من تفسيرهم للبصمات الحيوية Biosignatures المرتبطة بالجزيء DMS، كما تقول هاني.
وأردفت هاني قائلةً: «لو أردنا الاعتماد على مثل هذه الجزيئات البسيطة كمؤشرات حيوية Biomarkers، لاحتجنا إلى جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات».
تصحيح، 29 أبريل الساعة 10:35 صباحاً: أخطأت نسخة سابقة من هذا الخبر في القول إن المذنبات تحتوي على قواعد نووية Nucleobases. عُثِر على قواعد نووية في أنواع أخرى من الأجرام الفضائية ألا وهي الكويكبات والشُهب.
© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC