أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
غير مصنف

الحقيقة الغريبة حول سبب الإرهاق بعد التفكير الجاد

يحرق دماغك الكمية نفسها من الطاقة سواء كنت تحلم أحلام اليقظة أم تخضع لامتحان. فما سبب التعب العقلي؟

بقلم أليسون جورج

الأسطورة القائلة بأننا نستخدم 10% فقط من أدمغتنا هي أسطورة ثبت خطؤها بشكل كامل. وربما كان سبب بقائها أنه من الجذاب جداً الاعتقاد بأنك يمكن أن تكون عبقرياً ببساطة عن طريق تعلمك استخدام الـ 90% غير المستخدمة. في الواقع، لا يوجد جزء من دماغك لا داعي له، كما أنه دائم التشغيل، حتى عندما تكون نائماً أو لا تفكر كثيراً على الإطلاق.

لكن هذا لا يعني بالضرورة أن دماغك يحرق كمية الطاقة نفسها أثناء أحلام اليقظة كما يفعل عند التركيز. فقد عانينا جميعاً من هذا الشعور بالإرهاق العقلي بعد التركيز على مشكلة صعبة. ومن المؤكد أن التفكير العميق يبدو كأنه عمل شاق، ولكن هل هو كذلك؟ وإجابة هذا السؤال أدق قليلاً مما قد تتوقع.

لا شك في أن الدماغ عضو جائع. تقول نيلي لافي Nilli Lavie من جامعة يونيفيرسيتي كوليدج لندن University College London: «إنه الجزء الأكثر استهلاكاً للطاقة في الجسم». وعلى الرغم من أنه يمثل نحو 2% من وزن الجسم، إلا أنه يستخدم نحو 20% من الطاقة التي نحرقها أثناء الراحة.

تُستخدم معظم هذه الطاقة للحفاظ على مستويات مختلفة من الشحنة الكهربائية عبر أغشية الخلايا العصبية – وهي حالة غير متوازنة تحتاج العصبونات (الخلايا العصبية) Neurons أن تعود إليها بعد إطلاقها للإشارات. و«هذا يتطلب الكثير من الطاقة»، كما يقول إيوان ماكناي Ewan McNay من جامعة ألباني University at Albany في نيويورك.

ومن المثير للاهتمام أنه عندما يتعلق الأمر باستخدام الطاقة، فإن الدماغ لا يميز بين المهام التي نعتبرها تقليدياً «صعبة» وتلك التي نقوم بها بشكل أكثر تلقائية. ثبت ذلك لأول مرة في خمسينات القرن العشرين في دراسة تُبين أن مستوى النشاط الأيضي في الدماغ ثابت بشكل ملحوظ، بغض النظر عما إذا كنا نركز على الحساب العقلي أو نسرح في التفكير. تقول لافي: «أحلام اليقظة تستهلك الطاقة العصبية أيضاً».

يخصص دماغك الموارد لأجزائه المختلفة اعتماداً على النشاط العقلي الذي يُنفِّذه. ولكن هناك مفاضلة. تقول لافي: «عندما يزداد الطلب على مهمة صعبة عقلياً، سترى زيادة في التمثيل الغذائي في العصبونات المسؤولة عن المهمة». ففي الوقت نفسه، ترى انخفاضات مقابلة في مناطق الدماغ الأخرى. على سبيل المثال، في دراسة نشرت في نوفمبر 2023، قاست لافي وزملاؤها استخدام الطاقة في منطقة الدماغ المسؤولة عن أحلام اليقظة ووجدت أنه انخفض عندما قام المتطوعون بمهمة تتطلب حل مشكلة بحيث تتطلب اهتماماً مركزاً.

التفكير الجاد يحرق المزيد من الطاقة في منطقة الدماغ المعنية

لذا، فإن التفكير الجاد يحرق المزيد من الطاقة في منطقة الدماغ المعنية، ولكن هذا يقابله توفير الطاقة في أجزاء أخرى من الدماغ. ومع ذلك، فإن كميات الطاقة المستخدمة ضئيلة. فعلى سبيل المثال، إن مهمة ضبط النفس، مثل إبقاء يدك في الماء المثلج لأطول فترة ممكنة، «تحرق سعرة حرارية واحدة من الغلوكوز»، وفقا لماكناي. ومع ذلك، على الرغم من أن هذه كمية ضئيلة من الوقود، إلا أن دماغك لا يراها بهذه الطريقة. ويقول: «ما يهمه هو اختلال التوازن بين العرض والطلب». كما يقول إن الدماغ إذا اكتشف وجود استنزاف مَحَليٍّ للغلوكوز – السكر الذي يغذي الدماغ – فإنه يعتبره أمراً سيئاً. وهذا ما يؤدي إلى الشعور بالإرهاق بعد التركيز لفترات طويلة.

أحد الجزيئات المرتبطة بالتعب العقلي هو الأدينوسين Adenosine، وهوما ينتج عند تحلل الأدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP)، وهو المركب الرئيسي المشارك في الأيض. يقول ماكناي: «عندما يستهلك دماغك الأدينوسين ثلاثي الفوسفات، فإنه ينتج الأدينوسين ويشير حرفياً إلى نفسه: “أنا متعب الآن”». كما كشفت أبحاث نشرت عام 2022 أن التفكير الجاد لعدة ساعات يؤدي إلى بناء مركب يسمى الغلوتامات Glutamate – وهو الجزيء الرئيسي الذي تستخدمه العصبونات لإرسال الإشارات – في مقدمة الدماغ. من المحتمل أن تكون المستويات الزائدة من الغلوتامات ضارة، ويبدو أن الدماغ يحمي نفسه من خلال تجنب المزيد من التمارين العقلية، ومن هنا يأتي الشعور بالتعب العقلي.

لذلك، بعد اختبار صعب، يكون إحساسك أنك استهلكت طاقة تكفي لتشغيل حاسوب فائق إحساساً حقيقياً، على الرغم من أن دماغك استخدم القليل من السعرات الحرارية الإضافية أو لم يستخدمها على الإطلاق. تقول لافي: «هناك معدل ثابت للطاقة العصبية في الدماغ. لا يهم إن كانت تُتفَقُ على مهمة تتطلب التركيز أو على تشتيت الانتباه».

هذه المقالة جزء من سلسلة خاصة عن الدماغ، نستكشف فيها:

  • الحقيقة الغريبة حول سبب الإرهاق بعد التفكير الجاد
  • دليل جديد يكشف أخيراً كيفية اختلاف أدمغة الذكور والإناث حقاً
  • لماذا يمكن لميكروبيوم الدماغ أن يحمل مفتاح علاج داء ألزهايمر
  • كيف جعلتنا خلايا الدماغ المكتشفة حديثاً نعيد التفكير في العقل البشري
  • كيفية التأكد من أن دماغك في أفضل حالات أدائه المزايا التطورية الخفية لدماغ المراهق
  • لماذا يعد نسيان الأشياء جزءاً أساسياً من طريقة عمل دماغك
  • كيف يمكن للإنتروبية والتوازن أن يساعدا على تفسير الوعي
  • فحوصات الشبكة العصبية للدماغ تكشف لك كيف تعزز إبداعك
  • هل الدماغ البشري هو الشيء الأكثر تعقيداً في الكون حقاً؟

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى