أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
غير مصنف

دليل جديد يكشف أخيراً كيفية الاختلاف بين أدمغة الذكور والإناث

البحث العلمي يمحِّص التمييز التاريخي والسياسي الجنوسي للوصول إلى الحقيقة حول الاختلافات بين أدمغة الرجال والنساء

بقلم كلير ويلسون 

خلال معظم التاريخ المكتوب، كان الرجال والنساء يميلون إلى القيام بأدوار ومصالح ومهن مجتمعية مختلفة. ربما كان من الطبيعي أن نفترض أن هذه الأدوار تنبع من الاختلافات الفطرية في أدمغتهم، وكذلك الاختلافات الأكثر وضوحاً في أجسادهم. كانت هذه الفكرة مثيرة للجدل منذ فترة طويلة، ولكن الآن، مع تغير الأفكار حول الجنوسة (النوع الاجتماعي) Gender بشكل أسرع من أي وقت مضى، صارت مسألة ما إذا كانت هناك اختلافات بين أدمغة الرجال والنساء أكثر حدة. كما أنها لا تزال قضية خلافية، حتى بين علماء الأعصاب. ومع ذلك، فإنهم يُمحِّصون الأدلة عبر التمييز التاريخي والسياسي الجنوسي للوصول إلى الحقيقة.

أظهرت القياسات المبكرة لسعة الجمجمة أن أدمغة الرجال، في المتوسط، أكبر وأثقل إلى حد ما من أدمغة النساء. افترض بعض المعلقين أن هذه «الأونصات الـ 5 المفقودة» كانت المفتاح لقدرات الرجال المتفوقة المفترضة. في الواقع، التفسير البسيط هو أن الأجسام الأكبر تتطلب المزيد من أنسجة الدماغ لتشغيلها – وهي علاقة شوهدت عبر الأنواع الحيوانية.

صارت الأمور أكثر تعقيداً مع ظهور تقنية مسح الدماغ في التسعينات القرن العشرين، مما يشير إلى الاختلافات بين الجنسين في حجم مناطقَ وتراكيبَ معينةٍ في الدماغ. غالباً ما تحولت هذه النتائج إلى حكايات مقنعة حول سبب كون النساء، مثلا، أكثر تعاطفاً في المتوسط، أو لماذا من المرجح أن يكون الرجال مهندسين. ومع ذلك، فإن الدراسات من العقود الأولى من أبحاث مسح الدماغ يجب أن لا نثق فيها تمام الثقة، وفقا لما تقوله ليز إليوت Lise Eliot من جامعة روزاليند فرانكلين Rosalind Franklin University في إلينوي. وتقول: «عندما تأخذ بالاعتبار الحجم الكلي للدماغ، فإن جميع الادعاءات حول الاختلافات في حجم التراكيب الفردية بين الرجال والنساء إما تختفي أو تكون صغيرة جداً».

في الواقع، شهدت أبحاث مسح الدماغ مؤخراً ما يشبه الأزمة الوجودية؛ إذ وجد تحليل رئيسي نشر عام 2022 أن الدراسات لكي تكون جديرة بالثقة، فإنها تحتاج إلى مسح بضعة آلاف من الأشخاص، في حين أن أبحاث الاختلاف بين الجنسين تميل إلى فحص بضع عشرات فقط. كما كانت أعداد المشاركين منخفضة جداً. للحد من كل ذلك، في مراجعة نُشرت في العام 2021 نظرت في جميع الدراسات السابقة التي فحصت الاختلافات بين الجنسين، وجد فريق إليوت علامات واضحة على التحيز في النشر: كان العلماء الذين وجدوا اختلافات بين الجنسين أكثر عرضة لنشر أعمالهم من أولئك الذين لم يجدوا شيئاً.

فهل يجب أن نتخلى عن الإجابة عن هذا السؤال؟ ربما لا. في السنوات القليلة الماضية، تحسنت دراسات مسح الدماغ. وبعد فترة وجيزة من مراجعة إليوت التي أدانت الدراسات الأخرى، ظهرت مجموعة البيانات الأكثر دقة حتى الآن للاختلافات بين الجنسين من مشروع بحثي ضخم يسمى البنك الحيوي في المملكة المتحدة UK Biobank، والذي مسح أدمغة 40 ألف شخص في المملكة المتحدة. وقد كشفت بالفعل عن اختلافات بين الجنسين في حجم بعض التراكيب الدماغية المحددة، حتى عند أخذ الحجم الكلي للدماغ بالاعتبار: كان نحو ثلث المناطق أكبر لدى الرجال ونحو الثلث أكبر لدى النساء. ولكن هذه الاختلافات كانت صغيرة – عموماً بضعة أجزاء في المئة فقط. تقول كاميل ويليامز من جامعة تكساس The University of Texas في أوستن، والتي شاركت في الدراسة: «ولم تبرز منطقة واحدة عن البقية بحيث نتوصل إلى فرضية ما».

وفوق ذلك، فإن هذه الاختلافات الصغيرة ربما لا تكون فطرية ولكن يمكن أن تكون ناجمة عن استجابة الدماغ لتجارب الحياة، وهي ظاهرة تعرف بالمرونة العصبية Neuroplasticity. فنحن نعلم أن هذا يحدث في مجالات أخرى. مثلا، إذا أُصيب شخص بالعمى في مرحلة البلوغ، فإن بعض أجزاء الدماغ التي تتعامل مع الرؤية تتحول إلى معالجة الأصوات. لذلك، حتى ولو كان الرجال يميلون إلى أن يكون لديهم جزء أكبر قليلاً من الدماغ مسؤولاً، مثلا، عن المهارات المكانية، فقد يكون ذلك لأنهم أكثر عرضة لتولي وظائف تنطوي على تلك الأنشطة. وبعبارة أخرى، يمكن أن تكون أي اختلافات في الدماغ بين الجنسين نتيجة لأدوار الجنسين المختلفة، وليس سببها.

لا يزال علماء الأعصاب في بداية رحلتهم لفهم الاختلافات بين الجنسين في الدماغ. تقول ويليامز: «هناك اختلافات صغيرة، لكننا لا نعرف ما إذا كانت ذات مغزى أم لا. هذا هو المجال الذي يجب أن يتجه إليه البحث بعد ذلك – أن يحاول فهم: “ماذا تعني هذه الاختلافات؟”».

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى