أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
غير مصنف

كيف يمكن أن تساعد الإنتروبية والتوازن على تفسير الوعي

قد يكون التفكير في الوعي من منظور عالم فيزياء هو المفتاح لمعرفة ما إذا كان الوعي ظاهرة واحدة أو مجموعة من الحالات المنفصلة

بقلم كاراميلا بادافيك-كالاهان

ما Consciousness؟ يمكن القول إن هذا هو أكبر لغز متبقٍّ في الدماغ البشري. لا عجب أنها تُعرف بــ«المعضلة الصعبة» Hard problem. لا يمكننا حتى الاتفاق على ما إذا كان الوعي شيئاً واحداً أم مجموعة متنوعة من الحالات المختلفة. ومع ذلك، فإن الطرق الجديدة لاستكشاف هذا السؤال تلقي بعض الضوء المثير للاهتمام على هذه المفاهيم الأكثر تحييراً.

على الرغم من أننا نستخدم مصطلحات من مثل «فقدان الوعي» Losing consciousness لوصف الإغماء أو النوم، فقد فهم الباحثون منذ فترة طويلة أن الوعي أكثر تعقيداً من مجرد فتح مفتاح مجازي من «تشغيل» إلى «إيقاف». ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الجدل حول ما إذا كان الوعي ظاهرة واحدة لها العديد من الدرجات، والتي قد تتخيلها كمفتاح لتغيير درجة الإضاءة، أو مجموعةً من الحالات المنفصلة، مثل محطات تلفزيونية منفصلة.

قد يساعد التفكير في الوعي من وجهة نظر عالم الفيزياء على حل السؤال. وذلك لأن الدماغ ينتقل باستمرار بين الحالات التي تحددها أنماط الإشارات الكهربائية، ولدى الفيزيائيين مقاييس لفحص مثل هذه الأنظمة المشغولة والمتغيرة باستمرار. في عام 2014، افترض روبن كارهارت-هاريس -Robin Carhart-Harris في جامعة كاليفورنيا University of California، سان فرانسيسكو، هو وزملاؤه أن الإنتروبية Entropy قد تكون مفيدة بشكل خاص.

تصف الإنتروبية مدى اضطراب نظام ما. أحد مقاييس الإنتروبية هو عدد التشكيلات المجهرية Microscopic configurations المختلفة (مثل ترتيبات جزيئات الماء في كوب) الموجودة في خاصية كبيرة Macroscopic property معينة (مثل حجم ذلك الكوب). اقترح الباحثون أن حالات الدماغ ذات الإنتروبية الأكبر، والتي تُقاس بتنوع وعدد الإشارات الكهربائية والروابط بين الأجزاء المختلفة من الدماغ، تكون المعلومات فيها أكثر. ويشير هذا إلى وجود طيف (درجات مختلفة) من الوعي، وهناك حد أدنى من إنتروبية الدماغ اللازمة لوجود أي وعي على الإطلاق.

حساب الإنتروبية في الدماغ
اختُبِرت بعض جوانب هذه الفرضية عن طريق حساب إنتروبية الدماغ من مسوحات الدماغ. مثلا، تشير العديد من الدراسات إلى أن استخدام العقاقير المخلة بالنفس (المؤثرات النفسية) Psychedelics يمكن أن يزيد من إنتروبية الدماغ كما أظهر آخرون أن أدمغة الناس لديها إنتروبية أقل أثناء النوم العميق مقارنة بالإنتروبية لديهم خلال الاستيقاظ. 

استخدم غوستافو ديكو Gustavo Deco في جامعة بومبيو فابرا Pompeu Fabra University في إسبانيا وزملاؤه فكرة أخرى من الفيزياء، وهي التوازن Equilibrium، لاستكشاف الوعي. ويكون النظام الفيزيائي في حالة توازن عندما يكون في حالته الأكثر استقراراً. وأراد الباحثون معرفة مدى قرب الحالات الكهربائية للدماغ من التوازن أثناء أداء الناس لمهام مختلفة. باستخدام نظرية رياضياتية ابتكرها ألبرت أينشتاين Albert Einstein، جنبا إلى جنب مع معلومات من التصوير العصبي، وجدوا أن الدماغ يكون أقرب إلى حالة من التوازن عندما يكون الناس يقامرون مقارنة بهم عندما يتعاونون. مرة أخرى، يبدو أن نهج التوازن يشير إلى أن هناك العديد من درجات الوعي.

حالات متعددة الأبعاد
ربما ليس من المستغرب ألاّ يتفق الجميع على ذلك. يقول دان لويد Dan Lloyd في كلية ترينيتي Trinity College في كونيتيكت: «إن فكرة وجود مقياس واحد لقياس الوعي، فكرة مفتاح تغيير درجة الضوء، فكرة مبسطة جداً». كما يجادل بالقول إن الحالات الواعية من المرجح أن تتوافق مع مقياس متعدد الأبعاد لأن الوعي يرتبط بشكل أساسي بالتجربة الذاتية، وتجربة الفرد لها العديد من الجوانب المختلفة اعتماداً على حواسه وبيئته. يعطي مثالاً على ذلك العقاقير المخلة بالنفس؛ حيث يقول: «ستغير العقاقير المخلة بالنفس من إحساسك، لكن الأمر ليس كما لو أنني الآن أكثر وعياً أو أقل وعياً مما كنت عليه من قبل، أنا واعٍ بشكل مختلف». كما يقول إن زيادة إنتروبية الدماغِ الموجودِ تحت تأثير العقاقير المخلة بالنفس تعكس جزءاً من هذا الاختلاف، لكنه ليست لدينا حتى الآن نظرية وعي جيدة بما يكفي لتأهيلها بشكل أكبر.

يشير ديفيد بابو David Papo في المعهد الإيطالي للتكنولوجيا Italian Institute of Technology إلى أنه حتى العلماء من مختلف المجالات لديهم مفاهيم مختلفة عن ماهية الوعي. ويقول: «كيف يمكن للمرء أن يجد تحديداً كمياً مناسباً لبعض المفاهيم ذات التحديد الغامض؟».

يعترف ديكو بأن أياً من تجاربه لم تختبر فكرة مفتاح تغيير درجة الإضاءة تماماً لأنها مصممة لمراقبة حالة واحدة في كل مرة لجعل النتائج لا لبس فيها. وأما عن كيفية تنقل الدماغ بين الحالات فهي غير واضحة. ومع ذلك، يعتقد أن الطرق المستوحاة من المفاهيم الفيزيائية مثل التوازن والإنتروبية لديها القدرة على تحديد خصائص الوعي هذه وستكون حاسمة لتحديد ما إذا كان الوعي سلسلة متصلة أو مجموعة من القنوات المنفصلة.

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى