أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
غير مصنف

لماذا يمكن لميكروبيوم الدماغ أن يحمل مفتاح علاج داء ألزهايمر

الاكتشاف المدهش القائل إن دماغك لديه ميكروبيوم خاص به يثير احتمالاً مثيراً للاهتمام: وهو أن بعض حالات الخرف قد تكون قابلة للعكس

بقلم ديفيد روبسون

بدت الحالة وكأنها حالة كلاسيكية من داء ألزهايمر (تُنطق آلزايمرز) Alzheimer’s. لمدة ثلاث سنوات، عانى رجل في السبعينات من عمره تدهور اً معرفياً Cognitive decline خطير؛ فقد كان ينسى في كثير من الأحيان أسماء أفراد الأسرة ولم يعد قادراً على القيادة أو مغادرة المنزل بمفرده. وبدا أن المزيد من التدهور أمر لا مفر منه. ولكن بعد ذلك، فحص أطباؤه عيِّنة من سائله النخاعي، ولاحظوا وجود فطريات تسمى كريبتوكوكوس نيوفورمانس (المستخفية المورمة) Cryptococcus neoformans. عندما طلبوا منه تناول أدوية مضادة للفطريات، كانت النتائج مذهلة. في غضون عامين، استعاد رخصة قيادته وعاد إلى العمل كبستاني.

لطالما اشتبه علماء الأعصاب في أن بعض الالتهابات يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالخرف. على سبيل المثال، وجدت علاقة بين كل من وحيدات الخلية بروفيروموناس جينجيفاليس (البورفيرينية اللثوية) Porphyromonas gingivalis، التي تسبب مرض اللثة، وفيروس الهربس البسيط Herpes simplex، الذي يسبب القروح، مع داء ألزهايمر. لكن حالات «الخرف القابل للعكس» بدأت تثير اهتماماً كبيراً بفكرة أن أدمغتنا تعج بالكائنات الحية الدقيقة – وأن عدم التوازن في «ميكروبيوم الدماغ» Brain microbiome هذا قد يهيئ الناس للإصابة بأمراض تنكسية عصبية Neurodegenerative disease.

حتى وقت قريب، كان يُعتقد أن الدماغ خالٍ من الميكروبات، خاصةً بسبب وجود الحاجز (الحائل) الدموي Blood-brain barrier، وهو غشاء متخصص يبقي مسببات الأمراض والسموم الموجودة في الدم خارج الدماغ. لذلك كانت فكرة ميكروبيوم الدماغ مثيرة للجدل.

ومع ذلك، يبدو أن دراسة جديدة حسمت القضية. قام ريتشارد ليذ Richard Lathe من جامعة أدنبرة University of Edinburgh، في المملكة المتحدة، وزملاؤه بتحليل بيانات استخرجت بعد الوفاة من أدمغة مخزنة في أربعة بنوك دماغية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة. ووجدوا مجموعة واسعة من الميكروبات، ذات أنواع وكميات مختلفة في مناطق مختلفة من الدماغ. يقدر ليذ أن هذا الميكروبيوم الدماغي يحتوي على نحو 100,000 نوع حي، تضم مجموعة فرعية من نحو خُمس ميكروبيوم الأمعاء. ويشكل ما يقرب من 1,000 نوع حي «أساسي» 90% من الأنواع الموجودة.

كما وجد الباحثون أن تمثيل بعض الميكروبات كان زائداً لدى الأشخاص المصابين بداء ألزهايمر. وشملت هذه الأنواع فطريات الكريبتوكوكوس Cryptococcus وكانديدا (المبيضة) Candida، وبكتيريا ستربتوكوكوس (المكورات العقدية) Streptococcus وباسيلوس (العصوية) Bacillus، وكذلك طحالب Algae غير معروفة حالياً. ومع أن الدراسة لم تنشر بعد في مجلة مُحَكّمة، إلا أنها تتوافق مع بحث أجراه جيفري لابيدس Jeffrey Lapides وزملاؤه في كلية الطب بجامعة دريكسل Drexel University في بنسلفانيا. حيث فحصوا أنسجة دماغية بعد الوفاة من 32 فرداً ووجدوا ثلاثة أنواع ميكروبية مميزة مرتبطة بتطور مرض ألزهايمر.

هذه النتائج مثيرة للاهتمام، ولكن هناك العديد من الأسئلة التي بقيت من دون إجابة: هل الميكروبيوم السليم ضروري للدماغ السليم، كما هي الحال في الأمعاء؟ هل تسبب ميكروبات معينة التنكس العصبي أم أنها ناتجة منه؟ وإذا كانت هي السبب، فكيف تسبب أنواع معينة الضرر، هل التوازن العام للأنواع الحية هو الذي يدفع شخصاً ما ليصير مريضاً، أو هل تعاني أدمغتنا نتائجَ صراع نوعين متنافسين، كما يشك لابيدس؟ ويقول: «قد تكون النتائج الكيميائية لتلك المعركة سامة». نحن لا نعرف حتى كيف تدخل الميكروبات إلى النسيج العصبي، بالنظر إلى وجود الحاجز الدموي الدماغي.

ومع ذلك، بدأت الأدلة بالظهور. خذ مثلا فطريات كانديدا ألبيكانس (المبيضات البيضاء) Candida albicans (واختصاراً: الفطريات C. albicans)، وهي فطريات توجد عادة في أمعائنا حيث تضبط وجودَها البكتيريا «الصديقة» في أمعائنا. واكتشفت إيمي باركر Aimée Parker من معهد كوادرام Quadram Institute في نورويتش، المملكة المتحدة، وزملاؤها أن الفئران ذات الميكروبيوم المعوي المُضعَف كانت أكثر عرضة لأن تكون لديها فطريات C. albicans في أدمغتها.

في البشر، من الممكن أن يؤدي العلاج طويل الأمد بالمضادات الحيوية إلى تحفيز حدوث ذلك عن طريق إزعاج ميكروبيوم الأمعاء.

ومن ثم، عندما تصل الفطريات إلى الحاجز الدموي الدماغي، تظهر الأبحاث أنها يمكن أن تقذف مواد كيميائية تخفف غشاء الحاجز، مما يسمح للفطريات بالدخول إلى النسيج العصبي. يبدو أن هذا يحفز إنتاج مادة كيميائية تسمى الأميلويد بيتا Amyloid beta، والتي تحفز الخلايا المناعية في الدماغ، والمعروفة باسم ميكروجليا (الدُّبيقيات/الدبقيات الدقيقة) Microglia، لمكافحة نمو الفطريات. إذا حدث خطأ في هذه العملية، قد تتراكم الأميلويد بيتا في اللويحات المرتبطة بداء ألزهايمر، كما تقترح باركر.

حتى الآن، لا تزال معرفتنا سطحية جداً لميكروبيوم الدماغ. فلا يزال هناك الكثير مما يجب اكتشافه – بما في ذلك العلاجات التي تستهدف، على وجه التحديد، الميكروبيومات غير المتوازنة. بعد ذلك، قد تصير العديد من حالات الخرف الأخرى قابلة للعكس.

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى