في سماء الليل
في الحلقة الأولى من سلسلة جديدة، في شهر إبريل 2024، تقابل مقدمو برنامج سماء الليل The Sky at Night مع آشلي كينغ Ashley King، العالم البريطاني الوحيد الذي ألقى نظرة أولى على عينة من كويكب أعادتها بعثة أوزايرس ريكس التابعة للوكالة ناسا
كانت عملية تشكُّل المجموعة الشمسية أشبهَ بصنع قالب حلوى. خُلطت مجموعة من المكونات في هذه الحالة، سحابة ضخمة من غاز وغبار بين النجوم معاً على مدى 4.5 بليون سنة لبناء الشمس والكواكب والأقمار التي نراها حالياً. يهدف علماء الكواكب مثلي إلى إعادة تكوين تلك الوصفة، بدءاً من مكونات المواد الصلبة الأولى في قرص الكواكب الأولي، وصولاً إلى تطوُّر وظهور البيئات الصالحة للحياة، مثل التي نجدها على الأرض.
أبحث – أنا – في أصل المجموعة الشمسية باستخدام الكويكبات، التي هي الوحدات البنائية الصخرية والمعدنية المتبقية من عمليات تشكُّل الكواكب. وأَهتم بنحو خاص بالكويكبات التي تشكلت في الجزء الخارجي، البارد، من القرص، وذلك لأنها تحتفظ بالتركيبة البدائية (الأصل) للمجموعة الشمسية، وبلورات الجليد المعقد والمتراكم الذي تفاعل مع المواد الصخرية الموجودة فيها. أحد هذه الكويكبات، وهو 101955 بينو (101955 Bennu)، يوجد الآن في مدار قريب من كوكب الأرض، وقد زارته أخيراً بعثة أوزايريس ريكس OSIRIS-REx التابعة للوكالة ناسا. اختير بينو كهدف للمهمة لأنه يحمل أدلة حيوية عن ماضينا، إذ يشير سطحُه المعتم إلى تركيبة غنية بالكربون والمعادن المائية، بما في ذلك الجزيئات العضوية المحتملة التي ربما كانت طلائعَ الحياة على الأرض.
كان الهدف الأساسي لبعثة أوزايريس ريكس هو جمع عينة من بينو وإعادتها إلى الأرض. حبست أنفاسي عندما التقطت المركبة الفضائية عينتها بجرأة باستخدام أداة الالتقاط TAGSAM على متنها، في شهر أكتوبر 2020. تُعدّ العينات المُعادة من الأجرام الكوكبية المعروفة أداةً حاسمة في جهودنا لفَهم المجموعة الشمسية. وخلافاً لمعظم العينات النيزكية التي يبلغ عددها 70,000 تقريباً، في مجموعات عيناتنا، فإن العينات المعادة لها سياق جيولوجي فنحن نعرف من أي جِرم أتت، وأين ومتى التُقطت. كما أنها قد حُفظت بحالتها الأصلية، من دون أن تتغير بفعل عوامل وظروف بيئة الأرض. تقدم مختبراتنا الأرضية مستوى من عمليات الدراسة والتحليل لا يمكن في كثير من الأحيان مطابقتُه بعمل أي أداة على متن مركبة فضائية، في حين تتيح العناية المتطورة تحليل العينات لعدة عقود لاحقة بعد انتهاء المهمة.
أنزلت المركبة أوزايريس ريكس حمولتَها الثمينة في صحراء يوتا في يوم 24 سبتمبر 2023. ثم أُخذت كبسولة إعادة العينة Sample Return Capsule (اختصاراً: الكبسولة SRC) من الصحراء ونُقلت بسرعة إلى منشأة معالجة صُممت بصورة خاصة في مركز جونسون للفضاء Johnson Space Center (اختصاراً: المركز JSC) في هيوستن، تكساس. ولكوني عضواً في فريق علماء كويك لوك (النظرة السريعة) Quick Look الصغير المكلف بتنفيذ عمليات التحليل الأولى للعينات، فقد كنت محظوظاً جداً لوجودي في مركز جونسون الفضائي، واحتفلت مع بقية الفريق الذين انتظر كثير منهم هذه اللحظة طَوال 20 عاماً تقريباً عندما رُفع غطاء كبسولة الإعادة ليكشف عن طبقة غبار أسود ناعم على الجزء الخارجي من أداة الالتقاط TAGSAM. سُلِّمَت كمية تبلغ مقدار ملعقة صغيرة تقريباً من الغبار، كانت متوقعة بعد اضطراب سطح بينو في أثناء جمع العينات منه، إلى فريق Quick Look العلمي، الذي بدأ العمل على توصيف تركيبتها باستخدام حزم أشعة الإلكترونات، وأشعة X، المفضلة لدي.
باحث زميل في متحف التاريخ الطبيعي في لندن،
يبحث في أصل المجموعة الشمسية
عودة بالذاكرة: سماء الليل
15 مايو 1974
في حلقة 15 مايو 1974، تحدث باتريك مور Patrick Moore مع عالم الفلك الأمريكي كارل سيغان Carl Sagan عن عديد من التوجُّهات الاستقصائية في أبحاث الحياة الفضائية.
قال سيغان: ”أحد هذه الجوانب هو العمل المخبري على مسألة أصل الحياة، وصنع الجزيئات التي [ربما]… تؤدي إلى نشوئنا في النهاية“. وحالياً تبحث التجارب العلمية المخبرية في كيفية تطور الجزيئات التي كانت موجودة في زمن تشكُّل كوكبنا إلى الكيمياء المعقدة التي نراها الآن.
وقال سيغان: ”الجانب الثاني هو دراسة الكيمياء العضوية في أماكن مثل كوكب المشتري والمذنّبات والوسط بين النجوم. من اللافت للنظر أن جزيئات الحياة تتناثر عبر أنحاء الكون“. لقد عُثر على مواد عضوية على المريخ، والأقمار والكويكبات والمذنّبات، بل وحتى على بلوتو، إضافةً إلى الأقراص المكونة للكواكب Planet-forming discs حول النجوم الفتية.
وقال سيغان: ”جانبٌ ثالث، هو استكشاف الكواكب المجاورة، وخاصةً بالبحث عن المركبات المرتبطة بالحياة“. ركزت كثير من الأبحاث في هذا المجال على المريخ، وبلغت ذروتَها مع الجوالة المريخية بيرسيفيرانس Perseverance التي ستُعيد عينات إلى الأرض في ثلاثينات القرن الحالي. كما يتجه الاهتمام الآن إلى الأقمار الجليدية، مع إعداد خطط لإرسال مهمات إلى القمرَين يوروبا وتايتان.
”بعد ذلك هناك العمل الجاد: الطويل الأمد، والصبور، والحذر لاستكشاف نجوم أخرى بحثاً عن إشارات محتملة تُرسَل إلينا“، كما يقول سيغان، الذي أسس معهد البحث عن حياة عاقلة خارج كوكب الأرض (اختصاراً SETI)، ويبحث عن إشارات لاسلكية فضائية، على الرغم من عدم اكتشاف أي منها بعد.
أحد الجوانب التي لم يأخذها سيغان في الاعتبار هي دراسة الكواكب النجمية Exoplanets، التي اكتشف أولها بعد مضي 15 عاماً أخرى من ذلك التاريخ؛ لكنها الآن تمثل جانباً رئيساً في الأبحاث. انتقل إلى الصفحة ب،ت لتعرف مزيداً عن كيفية اكتشاف حياة فضائية.