لقد أخطأنا في فهم الكون
يؤكد التلسكوب جيمس ويب الفضائي لنا أن ”توتر هابل“ لا يرجع إلى خطأ رصدي
هناك أمر خاطئ في فَهمنا للكون. وكما بيّن التلسكوب جيمس ويب الفضائي (اختصاراً: التلسكوب JWST)، فهذا لا يبدو أنه خطأ رصدي.
أحد أكبر الألغاز في علم الكونيات هو ما يُعرَف بـ”توتر هابل“ Hubble tension، وهو ذلك اللغز المتمثل في أن توسع Expansion الكون الذي نراه حالياً لا يتطابق مع ما نعتقد أنه يجب أن يكون عندما ننظر إلى الكون المبكر. فباستخدام أرصاد للكون المبكر وتطبيق فَهمنا لكيفية سلوك الفضاء، يستطيع علماء الفلك حساب قيمة عامل التوسع التي نتوقع حسابَها في الزمن الحديث.
كما يمكنهم أيضاً قياس التوسع الحالي مباشرةً باستخدام ”الشموع القياسية“ Standard candles، وهي أجرام يسمح لنا سطوعها الأساسي المعروف بحساب المسافات إليها. ومع ذلك فعند مقارنة قيمتي التوسع في الكون المبكر والكون الحالي، نرى اختلافاً صارخاً بين القيمتين.
وقد اعتقد العلماء أن خطأ رصدياً ربما أدى إلى حَرْف النتائج. أمضى التلسكوب هابل الفضائي مدة 30 عاماً في رصد الشموع القياسية، لكن دقة رؤيته للأجرام تعني أن النجوم القريبة غالباً ما تتداخل في أرصاده، في حين يؤدي الغبار الكوني إلى تشويش نتائج الرصد. غيرَ أن عيون التلسكوب ويب JWST، التي تَرصد بالأشعة تحت الحمراء، يمكنها أن ترى عبْرَ هذا الغبار، كما تعني دقته العالية أن تلك الشموع هي أوضح بكثير.
أكدت دراسة سابقة نفذها التلسكوب ويب في العام 2023 أن قياسات هابل لشموع قياسية تعرف باسم انفجارات السوبرنوفا من النمط Ia كانت صحيحة. ثم أثبتت الآن هذه الدراسة الجديدة نتائجَ هابل السابقة، وقد استَخدمت لذلك النجوم المتغيرة القيفاوية Cepheid variables (مثل تلك الموجودة في المجرّة NGC 5468، الصورة في أعلى الصفحة)، وهي شموع قياسية تُستخدَم لأخذ قياسات أقرب مسافة إلى الأرض.
قاد الدراسةَ العالِمُ آدم ريس Adam Riess، من جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins University في بالتيمور، ويقول عنها: ”لقد غطينا الآن كامل المجال الذي رصده التلسكوب هابل، ولذا نستطيع الآن، وبثقة عالية جداً، استبعاد وجود خطأ في القياس كسبب لتوتر هابل“.
”وما تبقى هو الاحتمال الحقيقي والمثير بأننا قد أخطأنا في فهم الكون. نحن في حاجة إلى معرفة ما إذا كنا لا نفهم شيئاً ما يتعلق بكيفية ربط بَدء نشأة الكون مع يومنا الحالي“.
www.webbtelescope.org
بقلم: كريس لينتوت Chris Lintott
بعيداً عن حقيقة تسبُّبِه في صداع لنا، يبدو عامل توتر هابل كأمر مثير. إذ يوفر الخلاف حول شيء أساسي مثل سرعة توسُّع الكون أملاً في التوصل إلى إنجاز خارق وشيك لحل هذه المشكلة.
ربما يكون الأمر هكذا. لكن حقيقة أننا نسميه ”توتراً“ وليس جدلاً، أو مشكلة كبيرة، أو إرباكاً إنما تعكس أن مقارنة القياسات الموضعية مع الكون المبكر هي أمر صعب. يُظهِر التاريخ أن علماء الفلك الذين يقيسون التوسع قد بالغوا في الثقة. وإذا حدث ذلك مرة أخرى، فقد لا يكون هناك توتر على الإطلاق.
وإلى أن يجد أحدهم خطاً ما في أخطائنا، يمكننا متابعة حُلمنا بفيزياء جديدة.
كريس لينتوت Chris Lintott: يشارك في تقديم برنامج سماء الليل The Sky at Night.