هل ستشعل ثورة أمازون الروبوتية موجة جديدة من فقدان الوظائف؟
تقول أمازون إنها ستخلق وظائف جديدة لتحل محل الأدوار التي تتولاها الآلات، لكن ليس من الواضح ما إذا كان هذا سيحدث بالسرعة الكافية
بقلم أليكس ويلكينز
ربما تكون أكبر شركة مصنعة للروبوتات في العالم قد سمعت عنها. وحتى العام الماضي (2023)، ركّبت أمازون أكثر من 750 ألف روبوت في مستودعاتها، وهي تستثمر مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية بتطوير وبناء المزيد. وتؤدي العديد من هذه الروبوتات المهام التي كان يؤديها البشر في السابق، مثل التعبئة والفرز ووضع العلامات. هل نشهد بداية موجة جديدة من الأتمتة التي تحل محل العمال البشريين في العديد من الصناعات؟
لمعرفة ذلك، قمت بزيارة مختبر ابتكار العمليات Operations Innovation Lab التابع لشركة أمازون، حيث يعمل على تطوير واختبار الروبوتات الجديدة. يقع المختبر الآلي على مرمى حجر من جبال الألب الإيطالية في بلدة فرشيلي، وافتُتح أمام الصحافة والجمهور لأول مرة في محاولة لتهدئة المخاوف بشأن فقدان الوظائف.
لقد رأيت بعض الروبوتات التي تشكل خط التعبئة والتغليف لشركة أمازون في مقاطع الفيديو، ولكن رؤية سرعتها وتعقيدها عن قرب كان أمراً مذهلاً. كانوا يلتفون حول مستودع واسع أُعِد كمساحة عرض، وكانوا يلتفون ويلتوون في حركة مستمرة.
فهناك أكواب الشفط المطاطية الموجهة بالرؤية الحاسوبية، والذكاء الاصطناعي، والطرود الموضوعة على أحزمة ناقلة، في حين قامت ذراع آلية بحجم حافلة ذات طابقين بتثبيت الصناديق على المنصات. احتل موقعاً مركزياً روبوت أمازون الجديد اللامع الذي يطلق عليه اسم الواسم الروبوتي العام Universal Robotic Labeller (اختصاراً: الروبوت URL)، وهو جهاز يشبه العنكبوت يمكنه طباعة الملصق ولصقه على أي طرد، بغض النظر عن الشكل أو الحجم.يقول ستيفانو لاروفير Stefano La Rovere، مدير الروبوتات العالمية في أمازون، إن الروبوت URL سيعني أن عمال المستودعات لن يضطروا بعد الآن إلى أداء الحركات المتكررة لتثبيت الملصقات على الحزم ذات الشكل غير المعتاد، مما يحررهم للعمل في مهام أخرى مثل تشغيل أو صيانة جهاز الروبوت URL.
يقول لاروفير: «الشيء المهم هو أنه في كل مرة نطوِّر التكنولوجيا، نُنشئ أيضاً حزمة تدريب جديدة للموظفين لتعلم مهارات جديدة».
لكن من غير الواضح ما إذا كان خلْق وظائف جديدة وإعادة تدريب الموظفين يمكن أن يحدث بسرعة كافية لمنع خسارة الوظائف، كما يقول كارل بينيديكت فراي Carl-Benedikt Frey من جامعة أكسفورد University of Oxford. في حين أُنشئت بالفعل وظائف جديدة، مثل فنيي الروبوتات ومهندسي البرمجيات، عندما أُتمتت الأدوار في الصناعة التحويلية، إلا أنه ليس هناك ما يضمن أن هذا سيحدث بوتيرة كافية في المستقبل، كما يقول. يقول فراي: «لا يوجد قانون اقتصادي يشير إلى أن فرص العمل هذه يجب أن توازن تلك الوظائف التي يتم إزاحتها».
سمعت من العديد من موظفي أمازون في الحدث أن الهدف هو أن تعمل الآلات جنباً إلى جنب مع البشر. ووفقاً لاروفير، «عُزز أكثر من 50 ألف وظيفة من خلال استخدام الروبوتات والتكنولوجيا»، إلا أنه لم يخض في التفاصيل.
لدى أمازون أكثر من 1.5 مليون موظف بدوام كامل وبدوام جزئي، وكثير منهم ينفذون المهام التي رأيتها تؤديها الروبوتات. وإذا لم يكن استثمارها الذي تبلغ قيمته 600 مليون جنيه إسترليني في المعدات الآلية قد أدى إلى توقف بعض الأشخاص عن العمل، فستحتاج إلى برنامج واسع لإعادة التدريب وجحافل من الوظائف الجديدة.
يقول فراي: «إن الأتمتة أمر جيد، ولكن من الوهم الاعتقاد بأن الأتمتة تعني تلقائياً المزيد من فرص العمل والمزيد من العمل المثير للاهتمام للأشخاص المتأثرين بها… هذه بالتأكيد لم تكن ما حدث على مر التاريخ».
من الصعب أيضاً التوفيق بين رؤية أمازون للمحبة بين الإنسان والروبوت وبين الاختبار الأخير الذي أجرته الشركة للروبوتات البشرية في مستودعاتها. وفي عام 2023، بدأت باختبار الروبوت ديجيت Digit، الذي أنشأته شركة أجيليتي روبوتكس Agility Robotics، في أحد مستودعاتها في سياتل. فعندما سألت سارة رودز Sarah Rhoads، التي تشرف على السلامة العالمية في مكان العمل في أمازون، عن الدور الذي قد تؤديه هذه الروبوتات في المستقبل القريب، قالت إنها «جديدة جداً وناشئة ومن السابق لأوانه التكهن بها».
وحتى لو لم تضع أمازون الروبوتات البشرية في قلب رؤيتها الآلية، فهناك اهتمام كبير بها، وخاصة من جانب الرئيس التنفيذي السابق لشركة أمازون جيف بيزوس Jeff Bezos. استثمر بيزوس 100 مليون دولار في شركة فيغر أي آي Figure AI، وهي شركة هدفها المعلن هو جلب «روبوت شبه بشرية Humanoid للأغراض العامة إلى الحياة».
وفي الأسبوع الماضي، كشفت شركة الروبوتات بوسطن ديناميكس Boston Dynamics أيضاً عن روبوت أطلس Atlas الأنيق والذكي والكهربائي بالكامل، وهو بديل للنموذج الهيدروليكي السابق. وتقول الشركة إن هذا الروبوت «مصمم لتطبيقات العالم الحقيقي»، وسيختبر لأول مرة في مصانع السيارات التابعة لشركة هيونداي Hyundai.
يقول ليزلي ويلكوكس Leslie Willcocks من كلية لندن للاقتصاد London School of Economics إن مدى تأثير تكنولوجيا الروبوتات في الوظائف البشرية غير مؤكد إلى حد كبير، وسيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتحقق الأتمتة الكاملة.
ومع ذلك، فقد قدرت الدراسات الحديثة أن الأعمال المتكررة منخفضة المهارات، وكذلك مهام جمع البيانات ومعالجتها، ستنخفض بنسبة 12% كحصة من جميع الأعمال بحلول عام 2030 بفعل الأتمتة.
© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.