يمكن لبوتات الدردشة إقناع أصحاب نظريات المؤامرة بأن وجهة نظرهم قد تكون خاطئة
بعد محادثة قصيرة مع الذكاء الاصطناعي، انخفض إيمان الناس بنظرية المؤامرة بنحو 20 %
بقلم كريس ستوكل- ووكر
يمكن لبوتات الدردشة القائمة على النمذجات اللغوية الكبيرة Large language model chatbots، مثل تلك التي تدعم ChatGPT، أن تقلل من معتقدات الناس في نظريات المؤامرة من خلال النقاش معهم. ويمكن للنهج الذي يستخدمونه أن يعلم الناس طُرقاً أفضل للتفاعل مع منظري المؤامرة.
على الرغم من أن الأبحاث السابقة تشير إلى أن مستوى المعتقدات في نظريات المؤامرة بين السكان لم يتغير بشكل كبير في الولايات المتحدة أو في ست دول أوروبية شملها الاستطلاع على مدى عقد من الزمن تقريبا، فإن أولئك الذين يشتركون في مثل هذه الأفكار لديهم إيمان مستمر وعنيد بهذه المعتقدات.
يحاول العديد من الأشخاص دحض هذه المعتقدات أو مواجهتها، ولكن ليس دائماً بنجاح. يقول توماس كوستيلو Thomas Costello من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology: «إن محاولات إقناع منظري المؤامرة بأنهم مخطئون لم تنجح تاريخيا».
ومع ذلك، فقد توصل كوستيلو وزملاؤه إلى نهج أثبت نجاحه. فقد أجروا تجربة مع 2190 من المؤمنين بنظريات المؤامرة. وقدَّم المشاركون الخطوط العريضة لنظرية المؤامرة التي اشتركوا فيها، بعد ذلك وضعوا في محادثة مع الذكاء الاصطناعي ذات النمذجات اللغوية الكبيرة GPT-4 Turbo (اختصارا: النمذجات LLM).
عُرض على كل شخص ملخص أُنشئ بواسطة الذكاء الاصطناعي لنظرية المؤامرة الخاصة به، وطُلب إليه تقييم مستوى ثقته في صحة النظرية. بعد ذلك بدأت النمذجات LLM بمحادثة قدّضم فيها كل جانب ثلاث مساهمات في المحادثة. بعد ذلك، طُلب إلى الأشخاص طرح قضيتهم مرة أخرى، وطُلب إليهم مرة أخرى تقييم مستوى ثقتهم في نظرية المؤامرة.
وبشكل عام، انخفض الإيمان بالنظرية المحددة التي ذكروها بين المشاركين بنحو 20%، في حين وجد الباحثون أيضاً انخفاضاً عاماً في الإيمان بنظريات المؤامرة الأخرى. واستمر التأثير لمدة شهرين على الأقل، مما يشير إلى أن الأشخاص غيروا وجهات نظرهم بشكل دائم بعد التحدث إلى برنامج الدردشة الآلي.
يقول كوستيلو: «حدْسي هو أن المحاولات السابقة لدحض نظريات المؤامرة كانت محدودة بمدى تعميمها». ويقول إن التعامل الضحل والواسع مع الحقائق في كثير من الأحيان لا ينجح في إقناع منظري المؤامرة، الذين يميلون إلى القراءة بعمق في موضوع ما، حتى ولو كان فهمهم له قد يكون خاطئاً.
اتخذ نمذجات الذكاء الاصطناعي نهجاً أكثر مباشرة وقائماً على الحقائق: ففي 83% من المحادثات، استخدم الذكاء الاصطناعي حججاً قائمة على الأدلة لوجهات نظر بديلة.
يبدو أن قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على تجميع كميات كبيرة من المعلومات قد ساعدت روبوت الدردشة على إقناع أولئك الذين لا يريدون أن يقتنعوا بتغيير رأيهم.
ونادراً ما يستخدم الذكاء الاصطناعي المناشدات العاطفية، والتي يمكن أن يستخدمها البشر. وهذا يعني أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تجنب إثارة الاستجابات العاطفية التي يمكن أن تعيق أي قوة مقنعة. يقول كوستيلو: «قد يكون جزء من فعالية التدخل هو أنهم لا يصدرون أحكاماً شديدة». «إنهم صبورون». إنها تخاطب الناس فعلياً أينما كانت وجهات نظرهم.
يعتقد كوستيلو أن هذه الطريقة يمكن أن توفر نموذجاً للنشر على نطاق أوسع، إما عن طريق استخدام بوتات الدردشة، أو من خلال جعل الأشخاص يحاكون نهج بوتات الدردشة. «فيما يتعلق بأساليب الإقناع، والتوافق، وعدم إصدار الأحكام، والتركيز على الحقائق، أعتقد أن هذه كلها أشياء يمكن للبشر القيام بها من الناحية النظرية».
يقول جون سينوت John Synnott at the من جامعة هيدرسفيلد University of Huddersfield بالمملكة المتحدة: «إن نتائج هذه الدراسة، على الرغم من أنها لم تخضع لصرامة عملية مراجعة الأقران Peer review، إلا أنها بالتأكيد مثيرة للاهتمام». ويقول: «إن وجود طريق لإشراك الأفراد الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة هذه والتأثير فيهم بشكل إيجابي، مع الحقائق والأدلة، وحملهم على إعادة تقييم وجهات نظرهم، سيكون له تأثير كبير».
© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC