أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
ملف خاص

بيولوجيا الكم: أدلة جديدة حول كيفية استفادة الحياة من الفيزياء الغريبة

مع وجود أدلة مبدئية على ظواهر كمية طويلة الأمد داخل الخلايا، بدأ الباحثون بإعادة التفكير فيما نحتاج إلى البحث عنه للعثور على دليل قاطع على بيولوجيا الكم

بقلم توماس لوتون

يقول كريستوف سيمون Christoph Simon، عالم الفيزياء بجامعة كالغاري University of Calgary في كندا: «لا أقول إن كل هذا صحيح… أنا فقط أقول إنه ليس من الجنون البحث عنه». إنه يتحدث عن احتمال أن تكون الحياة قد وجدت طرقاً للاستفادة من التأثيرات الكمية في مجموعة من الظواهر الأساسية، بدءاً من عملية البناء (التمثيل) الضوئي Photosynthesis والقدرات الملاحية Navigational abilities للطيور وحتى Consciousness.

لطالما كان يُنظر إلى هذه الفكرة على أنها هامشية بعض الشيء، على افتراض أن مثل هذه التأثيرات الهشة يجب أن تختفي بسرعة في بيئة الخلايا الدافئة والرطبة. تميل السمات الكمّيّة Quantumness إلى الازدهار في الأنظمة شديدة البرودة والتي تُعزل بعناية بدلاً من أن تكون جزءاً من حساء فاتر مغمور بأنشطة أخرى.

لكن هذا آخذ بالتغير، مع أدلة مُحتملة على السلوك الكمّيّ في ميكانيكيات الخلية، وإشارات إلى أن البيولوجيا الكمّيّة Quantum biology ربما لا تؤدي دورها وفقاً للقواعد التقليدية التي تحكم العالم تحت (دون) الذري Subatomic world، مما يثير أسئلة جديدة حول الحدود بين العالمين الكلاسيكي والكمي.

يقول غريغ سكولز Greg Scholes الكيميائي من جامعة برنستون Princeton University: «يمكنك أن تقول: حسناً، كل الجزيئات لها خصائص ميكانيكا كمّيّة، لذا فإن كل شيء في البيولوجيا هو ميكانيكا كمية». ويقول إن فكرة البيولوجيا الكمّية تصبح مثيرة للاهتمام حقاً، نظرا لاحتمال قدرتها على تفسير السلوك العياني الناشئ الذي لا يمكن التنبؤ به باستخدام القوانين الكلاسيكية.

إن العثور على مثل هذا السلوك يعني عادةً البحث عن دليل على السمات الكمومية النموذجية Archetypal quantum traits مثل التراكب Superposition، حيث يبدو النظام موجوداً في حالات متعددة في وقت واحد قبل أن يفقد هذا.

التأثيرات الكمية في الخلايا
لقد لوحظت تلميحات للتراكب في بروتينات تسمى الأنابيب الدقيقة Microtubules في الخلايا وذلك في المختبر، مثلا، ولكن حتى الآن كل هذه النتائج هي مجرد ارتباطات Correlation، كما تقول كلاريس أييلو Clarice Aiello، التي تقود مختبر تكنولوجيا الأحياء الكمية Quantum Biology Tech Lab (اختصاراً: المختبر QuBiT) في جامعة كاليفورنيا University of California بلوس أنجلوس. وذلك لأننا لم نحدد كيف يمكن للسلوك الكمي المجهري أن يؤدي إلى نتائج مجهرية. تقول أيلو: «لم يثبت أو يدحض أحد بشكل لا لبس فيه ما إذا كانت السمات الكميّة توجد داخل الخلايا لفترة كافية حتى تصبح ذات أهمية».

ومع ذلك، لديها بعض الأفكار حول كيفية حدوث ذلك. تركز أبحاثها على التأثير المفاجئ للمجالات المغناطيسية على مجموعة من العمليات البيولوجية، بدءاً من استقلاب الخلايا Cell metabolism وحتى إصلاح الحمض النووي DNA repair. وتقول: «ربما تستجيب آلية الخلايا بكاملها للمجالات المغناطيسية الضعيفة». والفكرة هي أن هذه المجالات تؤثر في خاصية كمية للإلكترونات تُسمى الدوران Spin، وهي خاصية مرنة نسبياً تقاوم فقدان السمات الكمية، مع تأثيرات غير مباشرة في المنتجات الكيميائية Chemical products التي تتشكل في نهاية العمليات الكيميائية الحيوية. تقول أيلو: «سوف نشعر بالعواقب Macroscopic consequences لفترة أطول بكثير من الشعور بالسمات الكمية».

وفي الوقت نفسه، يضع سكولز إطارا نظريا جديدا ليخبرنا أين وكيف نبحث عن التأثيرات الكمية في البيولوجيا. رسالته الرئيسية هي أن كتاب القواعد الكمية المعتاد، المبني على التفاعلات بين أعداد صغيرة من الجسيمات، لا ينطبق. يقول: «نحن بحاجة إلى احتضان التعقيد في البيولوجيا الكمية… بطريقة ما، نحن بحاجة إلى تطوير نوع جديد من اللغة».

بشكل عام، يتميز التماسك بمدى توافق الموجات المختلفة مع بعضها بعضا، وهو ما يُعرف بمرحلتها Phase، لذلك بدأ سكولز في البحث عما يعادله في البيولوجيا. فهو يستعير رياضيات نظرية الرسم البياني Graph theory، التي تصف العلاقات بين أعداد كبيرة من الأشياء، مضيفاً التذبذبات البيولوجية Biological oscillations لتحديد شكل نمط ناشئ من المراحل.

يقول سكولز إن التذبذبات تحدث في الكائنات الحية، بما في ذلك في العمليات البيوكيميائية داخل الخلايا وعبر شبكات الخلايا العصبية في الدماغ. ويشير إلى أنها قد تكون وراء بعض تلميحات التأثيرات الكمية التي شوهدت في التجارب.

بدأت أفكار سكولز أيضاً فبطمس الحدود بين ما نعتبره كمياً وكلاسيكياً. فعلى الرغم من أن هذه الحالات البيولوجية تشبه التراكب الكمي Quantum superposition، إلا أن جميع حساباته تمت باستخدام قوانين الفيزياء الكلاسيكية. ولهذا السبب، يطلق عليها سكولز اسم «الحالات الشبيهة بالكم» Quantum-like states. حتى أنه بدأ بالتكهن بما قد تفعله هذه الحالات الشبيهة بالكم داخل الأدمغة: «يمكنها جمع المعلومات من مناطق مختلفة معاً بسرعة وكفاءة، لإعطاء قفزة من الحدس، أو لحظة من التعرف».

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى