أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
صحة

كيف يمكن لإتقان فن الوحدة أن يعزز صحتك العقلية

بدأنا أخيراً بفهم سبب أهمية الخلوة. إليك كيفية استخدام وقتك الذي تقضيه بمفردك للحصول على أكبر دفعة لصحتك وعلاقاتك الاجتماعية

بقلم هيذر هانسن 

في الآونة الأخيرة، كنت أمشي وحدي على درب هادئ متعرج. كان المسار صعب الاتباع وكان زلقاً بسبب بالثلج. شعرت بدفء الشمس على وجهي. بينما كنت أتثاقل في السير صعوداً، افتقدت شريك حياتي، لكنني شعرت بالامتنان لزيارتي لأختي التي لا أزورها كثيراً.

كنت بمفردي لبضع ساعات في ذلك اليوم. خلال ذلك الوقت، شعرت بمشاعر كثيرة، بما في ذلك الفضول والقلق والفرح. كانت تلك فترة مرحباً بها من الخلوة، وعدت إلى المدينة وأنا أشعر بالهدوء والصفاء أكثر مما كنت عليه عندما انطلقت.

فكِّر في آخر مرة كنتَ فيها بمفردك. ربما كنتَ تنتقل إلى العمل أو استيقظتَ قبل بقية أسرتك. ربما كنت تعيش بمفردك. هل استمتعت بهذه الفترة من الخلوة، أو اشتقت للتواصل مع شخص آخر، أو هل تركتها تمر دون أن توليها كثيراً من التفكير؟

يقضي البالغون في المملكة المتحدة والولايات المتحدة نحو ثلث حياتهم المستيقظة بمفردهم وهذا يزيد مع تقدمنا في السن

الخلوة Solitude أمر لا مفر منه. يقضي البالغون في المملكة المتحدة والولايات المتحدة نحو ثلث حياتهم المستيقظة بمفردهم وهذا يزيد مع تقدمنا في السن. في العديد من الأماكن، نعيش بمفردنا بنسب أكبر من أي وقت مضى. أظهر استطلاع حديث شمل 75 دولة أن 17 منها تشتمل على أكثر من 25% من الأسر التي تتكون من شخص واحد.

ككائنات اجتماعية، أبعدنا البحث تاريخياً عن قضاء أوقاتنا بمفردنا. ولكن في الآونة الأخيرة، يقضي المزيد من الناس وقتاً بعيداً عن غيرهم، وحتى يبدو أنهم يتوقون لذلك. والآن، لدينا دليل على أن الوقت الذي تقضيه بمفردك يمكن أن يكون جيداً جداً وقد يكون في الواقع مهماً لصحتك ورفاهيتك. وفوق ذلك، اكتشفنا أفضل الطرق لتكون بمفردك – تعلم هذه الأسرار، لتفهم القوة الحقيقية للخلوة.

العزلة تختلف عن الخلوة
فهرس الباحثون الجوانبَ السلبية لشعور المرء بأنه وحيد Feeling alone، بما في ذلك الوحدة Loneliness والعزلة الاجتماعية Social isolation والقلق Anxiety والنبذ الاجتماعي Ostracism، لأكثر من قرن من الزمن. ونتيجة لهذه الفهرسة، نعلم أن العزلة – التي غالباً ما تُخلَط خطأً بالخلوة – أمر ضار. نرى ذلك بوضوح في دراسات الحبس الانفرادي للسجناء، والتي تظهر أن كون المرء بمفرده في هذه الظروف يزيد من خطر الأمراض القلبية الوعائية ومشكلات الصحة النفسية على المدى الطويل.

ولكن، في الآونة الأخيرة، بدأ الباحثون بإعادة النظر في الوقت الذي يقضيه المرء بمفرده في ظروف أقل تطرفاً. كتاب «في الخلوة: علم وقوة أن تكون وحدك» (In Solitude: The science and power of being alone) هو كتاب شاركت في كتابته مع الباحثَتيْن نيتا واينستين Netta Weinstein من جامعة ريدينغ University of Reading وثوي-ڤاي نويين Thuy-vy Nguyen من جامعة دورهام Durham University، كلتيهما في المملكة المتحدة. شرعنا فيه في فهم كيفية تأثير الخلوة اليومية في حياة الناس. أردنا معاً أن نعرف إنْ كانت هذه اللحظات مفيدة، وربما ضرورية لعيش حياة متوازنة وسعيدة.

ما الخلوة؟
في أكبر دراسة من نوعها، أخبَرَنا آلافُ المشاركين من المملكة المتحدة الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و85 عاماً، بقصصهم مع الخلوة من خلال الاستطلاعات عبر الإنترنت. من تلك البيانات، تمكنا من تحديد الخلوة ومتطلباتها بشكل أكثر وضوحاً، ثم بدأنا بفرز من يشعر بالرضا خلال الخلوة ولماذا.

في تلك الدراسة وغيرها من الدراسات التي أجريناها، تعلمنا أن كل شخص لديه تعريف فريد لما تبدو عليه الخلوة في حياته، ولكن هناك قواسم مشتركة تختلف باختلاف العمر والعرق والجنس.

ما الخلوة؟ بالنسبة إلى بعض المشاركين، استحضرت كلمة «الخلوة» رؤًى لراهب في دير على قمة جبل أو شخص متجول ثابت العزم يعيش بمفرده في البرية. وصف معظم الناس تجارب أقل سمواً ولكنها لا تقل أهمية عن الخلوة التي تحققت، مثلا، أثناء طهي وجبة أو المشي في حديقة أو الكتابة لمجلة.

والمثير للدهشة أن المشاركين وصفوا الخلوة بأنها وجود مسافة نفسية عن الآخرين، ولكن ليس بالضرورة أن تكون مسافة جسدية. هذا يعني أنهم يمكن أن يكونوا جالسين في غرفة مع شخص عزيز موثوق به أو حتى في الحافلة، وفي الوقت نفسه يجنون في بعض فوائد الوقت المقضي بمفردهم – طالما أن بإمكانهم امتلاك أفكار مستقلة حقاً. يعد التحرر من توقعات الآخرين وآرائهم أحد جوانب الخلوة التي تجعلها مريحة جداً لكثير من الناس.

الانسحاب إلى خلوة مختارة يمكن أن يساعدك على تنظيم عواطفك. رسوم: Jorm Sangsorn / Shutterstock

آثار قضاء المرء وقتاً منفرداً في التخلص من الإجهاد
في عدة تجارب منفصلة، ركزت نويين وزملاؤها على بعض هذه التأثيرات الظاهرية للخلوة التي تقلل الإجهاد. ووجدوا أنه عندما يقضي الناس 15 دقيقة بمفردهم، يحصل لديهم «تأثير التعطيل» Deactivation effect، وهو مصطلح يشير إلى انخفاض مشاعر «الإثارة العالية» High arousal (الإيجابية والسلبية على حد سواء) مثل الحماس والقلق، في حين تزداد مشاعر «الإثارة المنخفضة» Low arousal الإيجابية مثل الهدوء. ولكن عندما قضى الناس 15 دقيقة مع شخص آخر، لم يظهر مثل هذا الأثر.

إحدى النتائج الجانبية السلبية هو أن الخلوة تزيد في بعض الأحيان من الشعور السلبي منخفض الإثارة، وهو الشعور بالوحدة. ومع ذلك، أظهرت تجربة أخرى أن هذه الزيادة في الشعور بالوحدة يمكن أن تتضاءل عندما يختار الأفراد التفكير في الأفكار الإيجابية أو عندما يُمنحون خياراً لقضاء بعض الوقت بمفردهم. وجد الباحثون أيضاً أنه عندما شارك المشاركون في 15 دقيقة من الخلوة كل يوم لمدة أسبوع، امتدت الآثار المفيدة على الإجهاد إلى الأسبوع التالي.

أظهرت لنا هذه الدراسات مجتمعة أنه إذا مارس الإنسان الخلوة بشكل صحيح، يمكن لهم استخدامها لتنظيم عواطفهم الكامنة. سمحت نسبةٌ صغيرةٌ من الخلوة للناس أن يصيروا هادئين بعد الإثارة، أو ساكنين بعد الغضب، أو مسالمين عندما يرغبون في ذلك.

أفضل طريقة لتجربة الخلوة
ومع ذلك، هناك فوائد أخرى. من خلال أعمالنا وأعمال الآخرين، لاحظنا أنا ووينستين ونويين أن الوقت الذي يقضيه المرء وحده يمكن أن يعزز الرفاهية من خلال اكتشاف الذات، ومشاعر السلام الداخلي، والكفاءة، والاعتماد على الذات. تشير الأبحاث المبكرة إلى أنه قد يعزز الإبداع – على الرغم من أن هذا يعتمد بالضبط على سبب انسحاب الشخص من المجتمع. تربط العديد من الدراسات بين الوقت الذي يقضيه المرء منفرداً ونسبة الإبداع، ولكن فقط عندما يتجنب الناس التفاعلات الاجتماعية باختيارهم، بسبب ما يعرف بالتفضيل «غير الناتج من الخوف» Non-fearful preference للخلوة. يُعتقد أن الوقت الخالي من القلق الذي يقضيه المرء في الخلوة قد يسمح بالتفكير الإبداعي ويعززه. من ناحية أخرى، لم يوجد مثل هذا الارتباط لدى أولئك الذين انسحبوا بسبب الخجل، حيث منعهم الخوف أو القلق من التفاعل مع الآخرين، أو بسبب التجنب، حيث كان الناس يكرهون التفاعلات الاجتماعية.

تشير تجاربنا الخاصة إلى أن الخلوة الاختيارية قد تلبي بعض الاحتياجات نفسها التي تلبيها علاقاتنا الاجتماعية. وهذا يتوافق مع بعض أحدث أبحاث واينستين، التي أجرتها مع مارك آدمزMark Adams، أيضاً من جامعة ريدينغ، والتي تدل على أن الخلوة تساهم في الشعور بالرفاهية العاطفية من خلال تنمية ثلاثة احتياجات أساسية: الشعور بالارتباط بالآخرين، والشعور بالكفاءة، والشعور بأن لديك استقلالية. في حين أن الناس يختبرون هذه الاحتياجات عموماً أثناء التفاعلات الاجتماعية، إلا عمل واينستين وآدامز يشير إلى أن الخلوة يمكن أن تساعد أيضاً على تحقيق شيء مماثل.

تقول واينستين: «رأينا أنه في الأيام التي يقضي فيها الناس المزيد من الوقت بمفردهم، يشعرون أكثر بهذا الشعور الذي يمكن وصفه بـ’نعم‘، يمكنني أن أكون نفسي حالياً، وأستطيع تقرير ما سيحدث، يمكنني أن أفعل الأشياء التي تهمني والتي أختارها، وأشعر بضغط أقل». ومن الملاحظ أن الباحثين وجدوا أيضاً أنه حتى في غياب التفاعل الاجتماعي، اختبر الأفراد إحساساً ذا معنى بالاتصال بالآخرين.

وباء الوحدة
بالطبع، يمكن لبعض الناس أن يشعروا بالوحدة نتيجة لكونهم بمفردهم. ألقِ نظرةً على الأخبار هذه الأيام وسترى عناوين إخبارية حول «وباء الوحدة» Loneliness epidemic. ومع ذلك، في معظم الأحيان، يربط الناس الخلوة Solitude بالوحدة عن طريق الخطأ. من السهل فهم سبب هذا الخلط، ⁠بحسب واينستين. في النهاية، تقول إن ⁠«كلمتي الوحدة والخلوة تتشاركان المعنى نفسه في أغلب لغات العالم، ⁠ومن ثم في هذه الحالات،⁠ لا يمكننا الحديث عنهما باعتبارهما منفصلتين».⁠ ولكننا عندما نخلط بين الكلمتين، فإننا لا نظلم الخلوة فحسب، بل نظلم الوحدة أيضاً.

يميل العلماء إلى تعريف الوحدة على أنها تناقض مؤلم بين ما نريده من العلاقات الاجتماعية وما نحصل عليه بالفعل. وهذا يعني أننا يمكن أن نكون وحيدين في ملعب ممتلئ بالناس أو أثناء الجلوس بجانب شريكنا إذا لم نشعر بالارتباط بهم. كما أنه يعتبر أمراً شائعاً.⁠ يقول إيريك كلاينينبيرغ Erik Klinenberg من جامعة نيويورك New York University، والذي يبحث في العيش الانفرادي والعزلة الاجتماعية: «أن تكون إنساناً في العالم الحديث يعني أن تشعر أحياناً بفترات من الوحدة».

الشعور بالوحدة من وقت إلى آخر أمر تطوري Evolutionary وتكيفي Adaptive. وهو إنذار معرفي Cognitive alarm يذكرنا بالتواصل مع الآخرين من أجل البقاء على قيد الحياة. في الوقت الحاضر، لا نحتاج إلى مساعدة جارنا لتناول العشاء أو تجنب حيوان مفترس، ومع ذلك لا يزال دماغنا يشير إلى أننا بحاجة إلى ذلك. هذا النوع من الوحدة العابرة يعتبر حميداً، ولكنها إذا صارت مزمنة، فقد تكون لها عواقب وخيمة. وجد تحليل تلوي حديث أجري على 90 دراسة تبحث في أكثر من مليوني بالغ تبلغ أعمارهم 18 عاماً أو أكثر علاقة بين الوحدة المزمنة وزيادة خطر الوفاة المبكرة بنسبة 14%،⁠ وكذلك بين العزلة الاجتماعية وزيادة الوفاة المبكرة بنسبة 32%.

أطلقت منظمة الصحة العالمية ًWHO في أواخر العام الماضي لجنة التواصل الاجتماعي Commission on Social Connection من أجل «مواجهة الشعور بالوحدة باعتبارها تهديداً صحيّاً ملحّاً». جاء ذلك في أعقاب تحذير أصدره الجراح العام للولايات المتحدة US surgeon general، ڤيڤيك مورثي Vivek Murthy. وتلفت الوثيقة – المؤلفة من 82 صفحة والمعنونة بـ«وباء الوحدة والعزلة لدينا» Our Epidemic of Loneliness and Isolation – الانتباه إلى «أزمة الصحة العامة المتمثلة في الوحدة والعزلة وانعدام الاتصال Lack of connection» في الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن المشكلة الرئيسية في مثل هذه الإرشادات هي أن معظم قاعدة الأدلة الحالية لدينا منحازة بسبب الدراسات التي تخلط بين الوحدة الشخصانية (التي يشعر بها المرء) والمقاييس الموضوعية مثل عيش المرء بمفرده. تقول واينستين: «عندما [نخلط بين الخلوة والوحدة]، ما الذي فاتتنا رؤيته وما أنواع الفرص التي نفقدها؟ هذه هي الأسئلة التي لو أجابت عنها أبحاث الخلوة ستكون مفيدة حقاً». في الوضع المثالي، ستكون هناك معادلة لوصف مقدار الوقت الذي يحتاج إليه البشر لقضائه مع الآخرين أو من دونهم لزيادة فرصنا في الصحة والسعادة. لكن الأبحاث الناشئة تشير إلى أنه ربما لا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع.

كم من الوقت يجب أن تقضي بمفردك؟
استكشفت دراسة حديثة أجرتها واينستين ونويين وزملاؤهما العلاقة بين الخلوة اليومية والوقت الاجتماعي، ولم يجدوا العلاقة ذات التوازن الأمثل. كان الناس أكثر وحدة وأقل رضا في الأيام التي قضوا فيها المزيد من الساعات في الخلوة، لكنها لم تتراكم مع الأيام: أي أن الذين قضوا وقتاً أكثر بمفردهم بشكل عام لم يكونوا، في المتوسط، أكثر وحدة. وقد انخفض هذا الرابط أو اختفى تماماً عندما اختار المشاركون أن يكونوا في الخلوة. في الأيام التي اختار فيها الناس قضاء المزيد من الوقت بمفردهم، شعروا أيضاً بتوتر أقل وكان لديهم قدر أكبر من الاستقلالية. كانت هذه الفوائد تراكمية: بمعنى أن الأفراد الذين أمضوا وقتاً أطول بمفردهم خلال الأسابيع الثلاثة التي أجريت عليها الدراسة كانوا أقل توتراً وأكثر رضا بشكل عام. تقول واينستين: «لا توجد إجابة واحدة عمَّا هو المقدار «الصحيح» من الاتصال الاجتماعي أو الخلوة، سيكون الأمر مختلفاً لكل واحد منا».

ومع ذلك، على الرغم من أنه ربما لا يكون هناك رقم سحري، إلا أن إحدى الدراسات الحديثة التي أجريت على 438 بالغاً تتراوح أعمارهم بين 24 و90 عاماً تشير إلى أنه قد تكون هناك نقطة تحول ينقلب حولها الوقت الذي يقضيه المرء بمفرده إلى وحدة. قضاء أكثر من 75% من وقتك بمفردك مرتبط بوحدة أكبر.

على الطرف الآخر من الطيف هناك «اللاوحدة» Alonliness، وهو مصطلح صاغه روبرت كوبلان Robert Coplan من جامعة كارلتون Carleton University في أوتاوا، كندا، وزملاؤه لوصف الشعور الذي يشعر به الراغبون بالخلوة عندما يفشلون في قضاء أوقات بمفردهم. ويقول: «كنت متفاجئاً جداً أنه لم تكن هناك كلمة تعبر عن تجربة الشعور بالنكد أو تعكر المزاج أو الانزعاج أو وجود مشاعر سلبية أخرى نتيجة لشعورك أنك لا تحصل على ما يكفي من الوقت بمفردك». (يطرح كوبلان حالياً مصطلحات على أقرانه لوصف الشخص الذي يستمتع بالوحدة – حتى الآن، مصطلح «المختلي» Soloist في الصدارة).

صفارة إنذار اللاوحدة
قد يسمع بعض الناس بمصطلح صفارة إنذار اللاوحدة Aloneliness siren على غرار إنذار الوحدة Loneliness alarm ذي الفوائد التطورية، لكنهم ربما لا يعرفون معنى هذا المصطلح، كما تقول فيرجينيا توماس Virginia Thomas، عالمة النفس من كلية ميدلبري Middlebury College في فيرمونت. وتقول: «إحدى المهارات التي أُدَرِّسها هي الاستماع إلى إشاراتك الداخلية التي تقول إنك بحاجة إلى أن تكون بمفردك». وعندما لا تستطيع التفكير بشكل سليم أو تشعر أنك مُستَنْزَف، فهذه علامات على المبالغة في التحفيز. وتقول توماس: «الترياق لهذا هو الانسحاب إلى الخلوة كوسيلة للتنظيم مرة أخرى». بمجرد أن يعرف الشخص المقدار المناسب له لكل منها، «يتعين عليه العمل بشكل استراتيجي لتحقيق هذا التوازن»، كما تقول.

لقد تعلمنا حتى الآن أن كونك وحيداً يميل إلى أن يكون إيجابياً، طالما أنك اخترت القيام بذلك، ولديك الدافع لتكون بمفردك وتوازن ذلك الوقت مع العلاقات الاجتماعية. ولكن عندما تخصص بعض الوقت للخلوة، ما الذي يجب عليك فعله أثناءها؟ هل تحتاج إلى الانعزال ومشاهدة نتفليكس أو الذهاب في نزهة على الأقدام؟

ما يجب القيام به بمفردك
الإجابة البسيطة هو أنه لا يهم ما تفعله بقدر ما يهم كيف ولماذا تفعل ذلك. في الدراسات، عانى الناس «تأثيرَ التعطيل» حتى أثناء قراءة كتاب بمفردهم. شوهدت نتائج مماثلة في تجربة أجراها دوايت تسي Dwight Tse من جامعة ستراثكلايد University of Strathclyde في غلاسكو، المملكة المتحدة، وزملاؤه. في دراستهم، أرسلو تنبيهات لـ283 مشاركاً بشكل عشوائي عبر أحد التطبيقات 

ست أو سبع مرات في اليوم، وعند هذه النقطة أجابوا على استطلاع قصير حول أفكارهم ومشاعرهم وسلوكهم في تلك اللحظة. وجد فريق تسي أن ما تفعله في لحظات الخلوة لا يهم بقدر ما يهم أن يكون لديك خيار بشأن النشاط. كان للأنشطة المختارة تأثير ضئيل في فوائد الخلوة، في حين بدت الأنشطة الانفرادية غير المختارة ضارة نسبياً برفاهية الشخص.

إذا لم تكن متأكداً مما يناسبك، فيمكنك تجربة استخدام طريقة تسميها واينستين «صياغة الخلوة» Crafting solitude. وهي عبارة عن تدخل صاغته هي وآدامز في ورقة بحثية حديثة. وهو مصمم بحيث يشكل علاقة الفرد بالخلوة من خلال تحدي الافتراضات السلبية وتوجيهها من خلال الأنشطة الانفرادية الهادفة. عبر دراستين أجريت فيهما هذه الخلوة الموجهة، أدت إلى نسبة أقل من الإجهاد والقلق لدى المشاركين والمزيد من الاسترخاء مقارنة بالمجموعة التي لم تستخدم هذه الطريقة. تقول واينستين: «إن الانخراط في الخلوة باعتباره نشاطاً يمكن لهم فيه السعي وراء الفرص أفاد شعورهم بالرفاهية».

في نهاية المطاف، على الرغم من ذلك، ربما لا تزال تكره أن تكون وحيداً. ولكن إذا لم تكن «مولوداً للخلوة»، فلدينا سلاح سري لك: الفضول. لقد وجدنا من بحثنا أن الأفراد الذين يجربون الخلوة من باب الفضول حول ما يمكن تحقيقه إن قضى المرء وقتاً بمفرده، تمكنوا من تخفيف أي إزعاج شعروا به خلال لحظات الخلوة الصعبة.

فكر الآن في المرة القادمة التي ستكون فيها بمفردك. هل ستسعد بالخلوة أم ستعاني أم ستفشل في ملاحظة الفوائد؟ مع تزايد الأدلة على كيف يمكن أن يكون الوقت الذي يقضيه المرء منفرداً قوة إيجابية في تشكيل حياتنا، أوصي أنا وزملائي بالتخطيط له – وحمايته.

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى