لإنقاذ التنوع البيولوجي، نحتاج إلى طريقة أفضل لقياسه
هناك كل أنواع الطرق المختلفة لقياس التنوع البيولوجي. ولكن إذا أردنا إيقاف تراجعه المثير للقلق، فيجب على علماء الأحياء الاتفاق على طريقة تلتقط بشكل أفضل كيفية تغيره بمرور الوقت
بقلم غراهام لوتون
للوهلة الأولى، تبدو فكرة التنوع البيولوجي Biodiversity بسيطة بما فيه الكفاية. إنه في الأساس تنوع جميع أشكال الحياة على الأرض. ولكن فهم التنوع البيولوجي بطريقة يمكن أن تساعدنا على وقف أو حتى عكس اتجاه تدهوره ليس بالأمر السهل على الإطلاق.
يقول مارك فيليند Mark Vellend، عالم الأحياء من جامعة شيربروك University of Sherbrooke في كيبيك، كندا: «غالباً ما يستخدم الناس كلمة التنوع البيولوجي فقط للإشارة إلى أي سمة من سمات الحياة التي قد نهتم بحمايتها… هذا ليس تعريفاً أجده مفيداً في العلم، لأنه إذا كان كل شيء، فهو لا شيء».
يقول إنه لكي يصبح التنوع البيولوجي مفهوما قيما، فإنه يحتاج إلى أن يكون مقياساً للتنوع البيولوجي. وبهذه الطريقة، لا يمكننا تقييم أين نحن الآن وإلى أين نتجه فحسب، بل يمكننا أيضاً تقييم أفضل السبل للحفاظ على التنوع البيولوجي المتبقي لدينا.
المشكلة هي أن التنوع نفسه يأتي في أشكال عديدة، وخاصة في البيولوجيا. يقول آندي هيكتور Andy Hector من جامعة أكسفورد University of Oxford: «لا يمكنك التوصل إلى رقم واحد للتنوع البيولوجي بالطريقة نفسها التي يمكنك بها التوصل إلى رقم الكربون… إنها طريقة أكثر تعقيداً».
لدينا بالفعل طرق لقياس التنوع البيولوجي. وهكذا نعرف أنه في تراجع حاد. إنها تتلخص فيما يعتبره علماء الأحياء أبعاداً للتنوع البيولوجي. أحد أبسط هذه العوامل هو ثراء الأنواع، وهو ببساطة عدد الأنواع الموجودة في مكان معين في وقت معين. يقول هيكتور: لقد تمّ استخدام هذا على نطاق واسع، ويمكن أن يكون في بعض الأحيان بديلاً مفيداً لأبعاد أخرى للتنوع البيولوجي.
قياس التنوع البيولوجي
واحدة من هذه هي الوفرة النسبية للأنواع المختلفة. يمكن أن يكون هناك نظامان إيكولوجيان Ecosystems متساويان في ثراء الأنواع، ولكن ليس في التنوع. «الطريقة التي أحب أن أشرحها هي أنك إذا مشيت عبر غابة أو سبحت عبر شعاب مرجانية ورأيت كائنين حيين بالتسلسل، فما احتمالات أن يكونا شيئان مختلفان؟» يقول فيليند. «يمكن أن يكون لديك ألف نوع من الأشياء هناك، ولكن إذا كان %99 منها من نوع واحد، فإن الاحتمالات هي أنه عندما ترى اثنين على التوالي، فإنهما سيكونان من النوع نفسه».
البعد الثالث هو مدى اختلاف الأنواع عن بعضها بعضا في بعض الجوانب المهمة. مثلا، ينظر «التنوع الوظيفي» Functional diversity إلى مجموعة الأدوار المختلفة التي تؤديها الأنواع في النظام الإيكولوجي، مثل عملية البناء (التمثيل) الضوئي Photosynthesis، أو إعادة تدوير المغذيات Nutrient recycling، أو الافتراس Predation، أو التلقيح Pollination.
ولكن هناك أيضاً بُعداً رابعاً، يتتبع كيفية تغير الأبعاد الثلاثة الأخرى بمرور الوقت. كل مقياس للتنوع البيولوجي يستحق اهتمامه يلتقط واحداً أو أكثر من هذه الجوانب، مرجحاً وفقاً للبيانات المتاحة وأهداف المشروع. يقول هيكتور: «كل هذا يتوقف على ما تريد… هل تحاول الحفاظ على التنوع البيولوجي من أجل التنوع البيولوجي أم أن الأمر أكثر تركيزاً على الإنسان؟».
وهنا تتعقد الأمور، لأن هناك طرقاً لا تعد ولا تحصى لقياس كل بُعد. وهذا يعني أن الأمر برمته يخاطر بالتشظي ويتحول إلى كسور منقسمة بالفعل. عندما بدأت المناقشات حول كيفية تحديد أهداف التنوع البيولوجي العالمية لعام 2020، كان هناك ما يقرب من 100 اقتراحٍ مطروحٍ على الطاولة، وفقاً لهنريكي بيريرا Henrique Pereira من جامعة هالي فيتنبرغ University of Halle-Wittenberg في ألمانيا.
في عام 2013، بدأ الباحثون بقيادة بيريرا بمحاولة توحيد طريقة قياس التنوع البيولوجي. فقسّموا التنوع البيولوجي إلى ستة أبعاد رئيسية: التركيب الجيني Genetic composition، وتوزيع الأنواع ووفرتها Species distribution and abundance، وسمات الأنواع Species traits، وتكوين المجتمع Community composition، وعمل النظام الإيكولوجي Ecosystem functioning، وبنية النظام الإيكولوجي Ecosystem structure. يقول بيريرا إن هذه الصور توضح جوهر التنوع البيولوجي وكيف يتغير في صيغة يمكن لعلماء الأحياء قياسها ومشاركتها.
ليس الجميع متفق. ولكن هناك على الأقل إدراكاً متزايداً بأن وقت مثل هذه المراوغة قد ولى منذ زمن طويل. يقول هيكتور إنه لا يوجد، وربما لن يكون هناك أبداً، مقياس شامل للتنوع البيولوجي. وفي نهاية المطاف، يقول: «ليس لدينا ترف الانتظار حتى تتوثق كل أشكال الحياة».
© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.